السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فإن من نعم الله على العبد أن يجعله حي القلب، حاضر الضمير، يتحرك إحساسه تجاه أقاربه وأرحامه بما يتوجب عليه لهم من الحقوق والواجبات.
وقد من الله عليك بهذا كله، وهو ما حملك على الكتابة والاستشارة لتقفي على أحسن الوسائل للتعامل مع هذا الأخ.
واعلمي أن الله تعالى يبتلي عباده بما شاء، ليظهر صبرهم وثباتهم وليرفع درجتهم ويعلي درجتهم.
وأمك قد ابتلاها الله تبارك وتعالى بذلك، فعليها أن يصبر، وأن تعلم أن الله يحبها، ولكنه يبتليها بالسراء ليرفع درجتها، وليظهر عند الناس فضلها وصبرها وحلمها.
وأما خالك هذا، فإني أوجه له هذه الكلمة:
اعلم بارك الله فيك أن الدنيا دار عمل وابتلاء، وقد أخرجك الله من بطن أمك لا تعلم شيئا، ووهب لك السمع والبصر والعقل لتعرف حقيقة وجودك على هذا الكون، وأنك خلقت لعبادة الله وحده لا شريك له، وأن هذه الدنيا ليست دار قرار، ولكنها مرحلة من مراحل الحياة التي خلقنا لها، وسوف ننتقل عنها إلى مرحلة أخرى هي البرزخ، وهو عالم الأموات، ثم ننتقل بعد ذلك إلى الدار الآخرة، وهذه هي الحياة الحقيقية الدائمة، وهناك ينقسم الناس إلى فريقين بحسب أعمالهم، فمن عمل في الدنيا صالحًا وهو مؤمن بالله فإنه من أهل السعادة والفلاح والفوز بالجنة، ومن عمل في الدنيا بالفساد وكفر بالله وآذى خلق الله وظلمهم وطغى وبغى وآثر الحياة الدنيا فإنه من أهل الشقاء والعذاب والنكال.
ويوم القيامة لا ينفع مال ولا بنون، ولا يغني عن العبد جاه ولا سلطان، وإنما الذي ينفعه أو يضره عمله.
فتذكر وقوفك بين يدي الله تعالى في هذا اليوم العصيب.
واعلم أن من أعظم الواجبات صلة الرحم، والرحم مشتقة من اسم الله الرحيم أو الرحمن، وقد استجارة الرحم بالله تعالى من القطيعة، فوعدها الرب جل وعلا أن يصل من وصلها، ويقطع من قطعها، وقد أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن الجنة لا يدخلها قاطع رحم، وأخواتك وإخوانك من أعظم القرابات التي يجب وصلها والإحسان إليها، وظلمها من أعظم الذنوب والآثام، وإن من أسرع الذنوب عقوبة في الدنيا قطيعة الرحم، فما يدربك لعلك أن تبتلى في أولادك فيعقونك، أو يقع بينهم شر وخصام وبلاء، أو تبتلى في زوجتك، أو في مالك، أو تبتلى في بدنك بدعوة من أختك الضعيفة المستضعفة، والله لا يرد دعوة المظلوم، فإنه يقسم بعزته وجلاله أن ينصرنها ولو بعد حين، فلا يغرنك شبابك وقوتك ونشاطك، فلست تدري ما تدخره لك الأيام، وما تخفيه لك الأقدار من مصائب وآلام بسبب عقوقك وعصيانك وانتهاكك لحرمات الله تعالى.
فاعمل في هذه الدنيا صالحا تحيى حياة طيبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
أصلحك الله وبارك فيك، وفتح قلبك للخير والبر والإحسان.
حفظ الله أمك من مكروه، وبارك لك في عملك ووقتك ورزقك الزوج الصالح والذرية الطيبة، وأصلح أخالك وجميع أهلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .