وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
هذا التغير الطارئ في حياة زوجك لا أظنه وليد يوم أو يومين، بل ربما كان له مبررات قديمة، وأسباب متراكمة ظهرت مرة واحدة على صورة الهم والغم وسرعة الغضب والالتجاء إلى الشيشة هربا من الواقع الذي يعيشه.
وهو في كلمته التي قالها يلخص جميع الأسباب التي أودت به لهذه الحالة، فما هي يا ترى طموحه في وظيفته وزواجه؟
هل كان في وظيفته يطمح لتحقيق مناصب عالية، أو يصل إلى درجات مرتفعة؟ كيف تعامل رؤسائه معه؟ وهل يقدرون جهوده، هل يراعون نفسيته، هل يسمحون له بإظهار مواهبه، وتحقيق ما تصبو إليه نفسه؟ هل وضعه المالي جيد، وهل كان يطمح في تحقيق أرباح عالية، والحصول على مبالغ كبيرة؟
تحتاجين لمعرفة ماذا يعاني في وظيفته، وما هي المصاعب التي تحول دون تحقيق ما يطمح إليه في عمله.
وأما في بيته؛ فلا شك أن وجود الأولاد هو أعلى طموح يسعى إليه الزوج، وتسعى إليه الزوجة، فلا أدري لم لم يحدث بينكما ولد؟
تحتاجون لمراجعة المستشفى لمعرفة السبب، فربما يكون شيئا يسيرا ويحصل بعلاجه الذرية إن شاء الله تعالى.
ثم بعد معرفة هذه الأسباب والنظر فيها لا بد من كلمة أوجهها لهذا الزوج الصالح الطيب الموهوب الأديب.
أخبرني بارك الله فيك: هل طموحك دنيوي أم ديني؟
إن كان دنيويًا: فاعلم أن الدنيا يعطيها الله من يحب ومن لا يحب، وليس تحقق طموحك فيها علامة نجاح، ولا عنوان سعادة، وليس عدم تحقيق الطموح فيها علامة فشل، ولا عنوان بؤس وشقاء، فهذه الدنيا تتقلب بأهلها بحسب المقادير التي قدرها ربها وربهم، فهم بين فقر وغنى، وسعادة وشقا، وغضب ورضا، وأنس وبلا.
ثم ماذا تغني عنك الشيشة؟
هل تريد أن تهرب من واقعك؟ هل ستحقق لك الشيشة ما عجزت عن تحقيقه؟
أم أنك وصلت إلى مرحلة اليأس والقنوط؟
فلا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون، الكافرون، ولست بحمد الله لا ضالا ولا كافرا، بل مؤمن محافظ على الصلوات وقيام الليل، ومن كان هذا شأنه لا يمكن أن يدخل إلى قلبه اليأس، ولا أن يحل في جوانب صدره القنوط، ولكنه ربما يحس بذلك إحساسا عابرًا، ثم ما يلبث أن يفارقه بقوة إيمانه وصبره وجلده.
وأما إن كان طموحك دينيًا، فقد حققت بحمد الله أعظم نعمة حرمها ملايين البشر، وهي نعمة الهداية والإيمان، والطمأنينة والرضا، فلو أنك كنت مبصرًا متسلما أعلى منصب، ولكنك كافر معرض عن الله وعن دينه، فماذا ينفعك هذا حين تفارق روحك جسدك، وتغادر هذه الدنيا القصيرة إلى غير رجعة، وتحل في مثواك الأخير، الذي ترقد فيه برهة من الزمن تصبحك النار وتمسيك، وتقف عليك ملائكة العذاب بالمرزية تضربك وتؤذيك، ثم تقوم من مرقدك، وتبعث من قبرك إلى جهنم وبئس المصير، فما أغنى عنك المال والجاه والسلطان؟
ثم إن الله وعدك الجنة على صبرك بأخذه حبيبتيك، وخلقه لك بدون بصر تنظر به إلى ظاهر الدنيا، فأي سعادة أعظم من أن تمشي على الأرض وأنت تعلم أنك من أهل الجنة؟!!!
إني أرجو أن يكون ما أصابك مرض عارض، يزول عما قليل بقوة إيمانك وصبرك، وحبك لزوجتك، وحبها لك.
حفظكما الله من كل مكروه، ورزقكما الذرية الطيبة، وحقق لكما آمالكما. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.