وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم أحمد .
نحن نشكرك من الأعماق أن جعلتنا محل ثقتك، ورميت بهمومك وأحزانك ومشاكلك إلينا،
لنساعدك في إيجاد حل لهذه المشكلة التي تعاني منها، ولازمت أغلى مراحل حياتك
وأكثرها نشاطًا وحيوية.
ونسأل الله أن نكون أهلا لهذه الثقة، وأن يوقفنا الله تعالى للمشاركة في حل هذه
المشكلة، والوصول بها إلى بر الأمان، في ظل شريعتنا السمحة، وديننا الحنيف.
أخي الكريم: دائمًا ما تكون الحياة صعبة في ظل تقاطع المصالح وتباينها، فيقف الواحد
منا موقف الحيرة بين تحقيق مصالحه الذاتية، والتي يحس بشدة الحاجة إليها، وبين
تحقيق مصالح من حوله، ممن هم ألصق الناس به، وأشد الناس حاجة إليه، من أولاده
وزوجته.
ومن الملاحظ هنا أنك تقف هذا الموقف، وتقارن بين حاجتك إلى إشباع عاطفتك، وملأ
فراغك مع امرأة تواكب فكرك، وتجاري ثقافتك، ويتسع صدرها لما يجول في ذهنك، وتقدر
مشاعرك، وتعطي عواطفك شيئًا من الاهتمام، وبين حاجة بناتك إليك، ورغبتك في تربيتهن
التربية المناسبة، التي تحقق طموحك وطموحهن، وترتقي بهن فكريًا وعلميًا وأدبيًا.
وتحس أن الزواج الثاني قد يحقق لك مصلحتك، لكنه قد يبعدك عن تحقيق مصالح بناتك.
وتبقى زوجتك الأولى حجر عثرة في طريقك بإصرارها على طلب الطلاق، ورغبتها في الفراق
إذا تحقق زواجك الثاني.
ولا شك أن الزواج الثاني مباح من حيث الأصل، وليس لأحد أن يعترض على مشروعيته
وإباحته، بل إن هذا الاعتراض يوقع في الحرام، كما وقع لك تمامًا، حيث جرك الشيطان
إلى الوقوع في ذلك بسبب أنك حُرمت من التعدد، وأعتقد أنه لو كان بإمكانك أن تتزوج
الثانية لما وقع لك ما وقع.
دعنا نتصور ما الذي يحدث حين تتزوج الثانية:
إصرار الأولى على طلب الطلاق، تلبيتك لرغبتها تحت الإصرار، وجود البنات تحت
رعايتها، بعدك عن بناتك، عدم قدرتك على تربيتهن التربية التي تصبوا إليها.
تحقق رغبتك في الاقتران بامرأة تختارها بنفسك، تناسب احتياجاتك الشخصية والعاطفية
والفكرية.
وربما يقع غير هذا؛ وهو أن الأولى ترضخ بالأمر الواقع، وترى أن وجودها تحت نصف زوج
أخف وطأة من بقائها بلا زوج.
ولكن قد تحدث مشاكل من نوع آخر، بسبب وجود الغيرة المركوزة في فطر النساء، وتحس هنا
بعدم الراحة والاستقرار.
ربما تستطيع التغلب على هذه المشاكل، ويمكنك إيجاد حلول مناسبة، فتعيش في استقرار
وراحة، حتى مع وجود المشاكل لقدرتك على معالجتها أولا بأول، والصبر عليها، وقد تعجز
عن ذلك، ولا تطيق الصبر على كثرة المشاكل وتنوعها وتكررها، وتحس بالأرق وشد
الأعصاب.
كل هذه المشاهد ممكنة الحدوث.
وأقترح أن تنظر في نفسك وقدراتك على إمكانية التعدد، والعدل بين الزوجتين، وتلبية
الحقوق الواجبة لكل واحدة منهما.
وفي حالة اتخاذ قرار بالزواج الثاني فأرجو أن تكون حريصًا على دقة الاختيار، وجودة
المواصفات، حتى لا تبتعد عن بناتك مع واحدة لا تستحق مثل هذه التضحية الكبيرة.
ولكني أقترح أن تحاول في رفع مستوى زوجتك التعليمي، والفكري والثقافي، وأن ترغبها
في إكمال دراستها، وأن تساعدها على ذلك، وتحضر لها من الكتب ما يعينها، وتشرح لها
كيفية الاستفادة من النت، بحيث تكون شريكتك في الحياة، وتحظى باحترامك وتقديرك،
وتكون عونًا لك في تربية بناتك.
وأعتقد أنك ستنجح معها في ظل خوفها من الزوجة الثانية، وأنها ستبذل كل ما تستطيعه
لطلب رضاك، والحرص على تحقيق مبتغاك؛ لكي تسد باب التفكير في الزوجة الثانية.
من الممكن أن تعيش حياة جميلة وهادئة إذا استطعت أن تقنع نفسك بجمال ما حولك، وأنك
قادر على تعديل سلوكه، والارتقاء به إلى مستواك، حين تقرر النزول إليه ومد يد العون
إليه، بدلا من أن تنظر إليه من فوق وتطلب إليه أن يصعد إليك، وهو لا يملك الوسيلة
لذلك.
وفقك الله لكل خير، وحفظ لك بناتك وزوجتك، وكتب لك السعادة في دنياك وأخراك.