والدي لا يعدل بيننا

إن العدل قيمة مطلقة تألفها النفوس وتحبها ، وتحمد آثارها ، والظلم بضده ، وأشنع الظلم حين يقع على الأقرباء ، الذين هم أولى الناس بالعدل والرحمة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) ، ولما كان ظلم ذوي القرابة يمكن أن يكون مستورًا في الدنيا - لأن الناس لا يحبون أن يشتهر أمرهم بين أفراد مجتمعهم - ؛ أظهر الله ظلم الظالم يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ، فقال صلى الله عليه وسلم: ( من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما في القسم جاء يوم القيامة وشقه مائل ) ( رواه أصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة ) .

وظلم الأب هنا مؤاخذ به ولا شك ، وهو منه على خطر ، فسل الله له الهداية ، وعظه بالحسنى ، ونبهه إلى أثر الظلم على نفسه أولا ، ثم على أهله ، وأنه ربما أورث الحقد والظغائن وقطيعة الرحم .

أما بالنسبة لك فلا أرى أن تسيء معاملته ، ولا أن تمنعه من أخذ المال الذي لا يشق عليك دفعه ، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أنت ومالك لأبيك ) ، ولكن إن كان يشق عليك دفع هذ المال ، أو يترتب عليه ضرر عليك وعلى أمك ، فأمك أولى به منه ، إن كان مستغنيًا مكتفيًا بنفسه ، وأما إن كان محتاجًا ، يقع له النقص في النفقة ، فالواجب عليك أن تعينه ، ولو كان ظالمًا ، فظلمه على نفسه ، وأنت مأمور بما يجب عليك من أداء الحق الذي عليك .

أسأل الله أن يوفق أباك لما يحب ويرضى ، وأن يدلك على خير ما فيه مصلحتكم ، ويجمع قلوبكم على الخير والهدى .
: 07/01/2008
طباعة