أريد أن أكون الزوجة والحبيبة .

السلام عليك ورحمة الله وبركاته .

الموقف الواجب اتخاذه في هذه الحالة هو: العفو والصفح، والكف عن التجسس والتحسس، والتشبث ببيتك الذي يكنك وزوجك وأولادك.
لا أجد أي حل للمشكلة إلا هذا.

لكني أعتقد أنك بحاجة إلى معرفة مسوغات اتخاذ هذا القرار، وأرجو أن يتسع صدرك للكلام الذي أقوله.

وبما أنك امرأة مثقفة، وتحملين مؤهلا عاليًا، فمن المفترض أن تمتلكي روح الاستماع لكلمة الحق وقبلوها.

أولا: لماذا العقاب؟ لماذا تريدين أن تعاقبيه على ذنب وقع وكان وتاب منه؟ لماذا تريدين أن تحسسيه بنفس الشعور الذي تحسين به؟ لا أجد ما يسوغ هذا التصرف إلا أن يكون الغيرة القاتلة.

وقد تقولين: هو غشني وخدعني، وكتم الأمر عني، وبقي على علاقته بها حتى مع بداية حياتي معه، وهذا يستوجب العقوبة.

فأقول: إن المودة والرحمة التي جعلها الله آية من آيات العلاقات الزوجية تمنع أن نتعامل مع أزواجنا بهذا المبدأ، ولهذا لما ذكر الله أن من أزواجنا وأولادنا عدوا لنا، لم يأمرنا بعقوبتهم بل أمرنا بالحذر من هذه العداوة، ثم قال: ((وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم))، ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة بعد أن مضى شهر كامل على حديث أهل الإفك، وأراد أن ينهي حالة التردد والتشكك، فلما جلس إليها قال: ((يا عائشة إن كنت ألممت ذنبًا فتوبي إلى الله واستغفري))، وهي متهمة بالزنا، وليس بالمعاكسة فقط!!!

ثانيًا: لماذا هذه الرغبة في معرفة المرأة المعشوقة؟؟

إن ديننا يدعو إلى الستر، وهذه علاقة كانت في فترة ثم انتهت، فلماذا تريدين نبش الماضي، وفضح هذه المرأة التي قد تكون تزوجت، وارتبطت بشخص آخر.
إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل عمن زنا بها ماعز، ولا سأل الغامدية عمن زنا بها.

إن الله ستير يحب الستر، وهذا الفضول الذي تجدينه في قلبك ليس له إلا مبعث واحد وهو الغيرة المذمومة، التي تجفف نهر الحب، وتحرق ورود المودة والرحمة، وتحول القلب الممتلئ بالإعجاب والحب إلى مضخة للأحقاد والظنون السيئة والأفكار الهدامة، وتحول الحسنات إلى سيئات، والإيجابيات إلى سلبيات.

ماذا عليك من هي!!! وماذا يضيرك ألا تعرفيها؟!!
فربما لو رأيتها لثارت في نفسك أمور كثيرة لا تحمد عقباها!
ما أجمل أن يكون قلبك مستودًعا للسر، ومقبرة تدفنين فيها هموم زوجك وأسراره.

ثالثًا: بيتك يحمل كل مقومات الاستمرار، والعيش برغد وسلام، فلماذا تريدين أن تقوضي أركانه لأمر مضى وانقضى.
تقولين: لماذا لم يقطع العلاقة؟ ولماذا يحتفظ بأوراقها إلى الآن؟ ولماذا غشني طول مدة الخطبة،وبعد العقد؟

فأقول: قد يكون له ما يبرره، ولست أدري بالضبط ما هو، لكني أفترض أن يكون حبًا له في قلبهأ، وقد يكون نسيانا للموضوع وعدم مبالاة به، وبخاصة أنه وجد فيك ما يعوضه عنها، أو شيئا آخر لست أدري ما هو.

وليس يلام المرء على الحب، إذا لم يتجاوز حدود الله تعالى؛ لأن الحب عمل قلبي قد لا يستطيع المرء السيطرة عليه، ولهذا عفى الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.

وهذا الحب حب طبعي، لا علاقة له بالشرع، فالمؤمن مأمور بحب الطاعة وبغض المعصية، وهو ملوم على عدم حبه للطاعة، وحبه للمعصية، لكنه لا يلام على حب امرأة أعجبه منها حديثها، أو جمالها، أو مالها، إنما يلام على حب مواقعتها بالحرام، وهذا اللوم قد لا يترتب عليه إثم ما لم يصاحبه حب للمعصية بذاتها، أو سعي لوجود بعض ما يحققها.
لكنه ملام على محادثة امرأة أجنبية عنه، ملام على كتابته لكلمات الغرام والعشق في امرأة أجنبية عنه، ملام على احتفاظه بهذه الأوراق التي تشعر برضاه عن هذه العلاقة، ورغبته في بقائها.

لكن هذا اللوم يرتفع بالتوبة والندم، والعزم على عدم الرجوع.

رابعًا: تصريح زوجك بحبك، وبرضاه عنك، وإعجابه بك دليل على تمسكه بك، وأنه يحب أن تبقى علاقتك معه جيدة ومتينة، وهذا يوجب عليك أن تقوي علاقتك بزوجك، وتزيدي ثقته بك وبنفسه، وإياك أن تنزلي من قدره بنظرة احتقار لذنب وقع منه، والله أعلم بحاله فيه.

خامسًا: معاناته في أول حياتك معه بسبب ما في قلبه من الحب، ثم تنازله عن هذا الحب لك، وإظهاره ندمه على ما حصل، يدل على أنه فعلا ترك حب هذه المرأة، وأنه كان يحاول ذلك، حتى استطاع، وهذا موقف يحمد له، إذ لو كان زوجك غشاشاً وخائنا لما حاول أن ينزع من قلبه حب امرأة تعلق قلبه بها، وربما كان يخطط للزواج بها، لكن لم يكتب له ذلك.
إن هذا التصرف منه يدل على أن حبك قد استقر في قلبه، وأنه لأجلك ولأجل العيش معك بسكينة واستقرار قرر أن يخرج هذه المرأة من قلبه، والمتوقع منك أن تقدري هذا التصرف منه، وتشكريه عليه، وتظهري له تعلقك به لأنه آثارك علي غيرك، وتشبث بك دون سواك.

سادسا: لزوجك معك مواقف إيجابيه كثيرة، فلماذا تهملينها لأجل موقف معين أظهر ندمه منه، وتوبته، وطلب منك أن تكتمي عليه أمره؟

فليس من العدل أن نلغي حياة سنوات فيها تضحية وعطاء لأجل موقف معين قد يكون له ما يبرره فعلا.

أرجو لك دوام التوفيق، وأن ينزع من قلبك همه، ويفرج عنك ضيق صدرك، ويجمعك وزوجك على الحب والخير .
: 07/01/2008
طباعة