خارج أسوار حياتي .

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، وبعد :

فإن الاستشارة طريق من طرق دفع الهموم، وكشف الغموم، والتغلب على المشكلات، وبخاصة إذا وفق العبد في استشارة مؤتمن يراقب الله جل وعلا ويتقيه في الاستشارة، ويبذل النصح للمستشير.

ونرجو أن يكون موقعنا ومركزنا ممن هذه حالة إن شاء الله.

أختي الكريمة من خلال رسالتك يمكن أن أحلل ما فيها إلى العناصر التالية:

أولا: مشكلة زوجك تتلخص فيما يلي:
1- التجاهل.
2- هجران البيت لفترة طويلة.
3- التنقل بين القنوات وكثرة اللهو.
4- عدم المشاركة في الهموم.
5- نقد الطعام، وعدم تقبله بدون إبداء أسباب.

ثانيًا: حاولت إيجاد الحل من خلال الوسائل التالية:
1- التجمل له.
2- بذل قصارى الجهد في صنع الطعام.
3- المناقشة والمحاورة، وطرح المشكلة بصراحة، لكن زادت الأمور سوءًا
4- التجاهل، فصرت تهتمين بحياتك وتنمية معارفك، وإقامة علاقات مع صديقاتك.
ثالثًا: لديك الرغبة الشديدة بوجود رجل يقدر الجهود، ويمنحك شيئًا من العطف والحنان، ويشعرنك بكيانك وأهميتك في البيت.

هذه العناصر الثلاثة هي أهم ما اشتملت عليه رسالتك. وقد أخذتها من نص رسالتك تقريبًا. لكني أريد أن أستخرج شيئا مهما من رسالتك، وهو:
رابعًا: لماذا يفعل كل ذلك؟
توجد عدد من الاحتمالات، هي:

1- انعدام شعور الإحساس في نفسه، أي أنه لا يحس بحاجة المرأة بهذه الأمور، ويراها تافهة، ويرى أن الحياة الزوجية هي ارتباط ظاهري، وجماع لأجل الإنجاب، وإنفاق، وفقط، فلا داعي للكلمات المعسولة، ولا إظهار الإعجاب، ولا حاجة لشيء من ذلك، وأن المرأة يكفيها أن يكون عندها أولاد، ولها زوج، أيا كان وضعه معها.

2- عدم الحب، فربما كان لا يحبك، ولا يشعر برغبة تدفعه ليقول لك شيئا من عبارات الحب والغرام، أو المدح والثناء.

3- اختلاف الاهتمامات، فهو إنما يهتم بأموره الخاصة، ويرى أن كل واحد له اهتماماته الخاصة، ولا علاقة لأحد به.


4- عدم القناعة، فهو غير مقتنع بك كزوجة، ولهذا يرى أن حياتك معه حياة روتينية؛ لأجل الأولاد فقط، وأنه يتطلع إلى أشياء أخرى.

5- عدم الإحساس بالمسؤولية، وهذا نابع من فقد الإيمان، وعدم تطبيق أحكام الله وسنة رسوله في واقعه، ولهذا ينعدم الإحساس في نفسه بمسؤوليته عن زوجته.

خامسًا: بالجواب على النقطة السابقة، نستطيع أن نصل إلى سؤال مهم، وهو: أين يكون النقص في حياتك، وكيف يمكن علاجه؟

هل تريدين الحقيقة؟
لقد قرأت رسالتك قبل أكثر من أسبوعين، وبقيت حائرا أفكر؛ ما هي عناصر المشكلة المؤثرة في وجودها؟ وكيف يمكن الحل؟ كيف نستطيع أن نحول حياتنا الرتيبة الجافة، إلى حياة مليئة بالعطف والحب، والرأفة والرحمة، تزدهر فيها بساتين الرياحين؟؟!! نحن لا نملك قلوب العباد، ولا نستطيع أن نصرفها إلى الوجهة التي نريد. الذي نملكه هو بذل الأسباب الظاهرة، ثم نتوكل على الله في تحقق النتائج.

وفي اعتقادي أن مشكلة زوجتك يمكن حلها بطرق كثيرة، من أهمها هذان الطريقان:

الأول: إيقاظه من غفلته عن دينه وربه، فظاهر من رسالتك أنه غارق في بحر الشهوات، وأنه مهمل للواجبات، وإذا استيقظ القلب في علاقته مع ربه استيقظ في قلبه كل شعور حسن جميل.

الثاني: إحساسه بأهمية بعض الأمور في حياة المرأة، والتي قد نراها صغيرة، أو حقيرة، أو تافهة، لكنها في الحقيقة تشكل ركنًا أساسٍيا في حياة المرأة واستقرار نفسيتها.

وهنا تحتاجين لبذل مجهود كبير، ولن تستطيعي بذل هذا المجهود إلا بشرطين:
الأول: الإخلاص لله جل وعلا، بحيث يكون مقصودك الأول رضى الله وطاعته والتقرب إليه بهداية هذا الزوج وإخراجه من بحر الظلمات الغارق فيه، وحفظ نفسك وفرجك من الحرام بالتفاته إليك.
الثاني: أن تكوني متابعة للرسول صلى الله عليه وسلم في هدية وسنته.

وبناء على ذلك أقترح ما يلي:
1- اختيار بعض الكتب الدينية المناسبة لقراءتها.
2- اختيار بعض الكتب الاجتماعية المتعلقة بحياة الزوجين لقراءتها.
3- حثه على الصلاة.
4- الإكثار من ذكر الله ودعائه والتوجه إليه.
5- بذل الحقوق الواجبة عليك تجاهه، حتى وإن قصر هو فيما يجب لك عليه.
6- البحث عن الأشخاص الثقات الذين لهم تأثير عليه، ومحاولة عرض جزء من المشكلة عليهم، وطلب المشاركة في حلها.
7-العناية بالأولاد، وتحبيب الطاعة لهم، وتعليمهم احترام أبيهم وتقديره، وهذا له أثر في جذبه إلى البيت وإبقائه فيه.

والله أعلم.

: 26/01/2008
طباعة