الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،وبعد:
فإن من دواعي سرورنا أن نشاركك في حل مشكلتك، وأن نكون عونًا لك في محاولة تجاوز هذه العقبة، وأن نقدم لك من الرأي والمشاورة ما ندين الله تعالى به.
ما رأيك لو عددنا صفات هذه المرأة التي خطبتها؟
لقد ذكرت في رسالتك ما يلي:
1- أنك تحبها.
2- أنها تستحق شيئا من السعادة، بسبب ظروفها التي مرت بها.
3- أنها تحبك.
4- المصارحة.
وأعتقد أن هناك صفات أخرى كثيرة إيجابية؛ لأنك تحبها، والحب إنما يكون بسبب وجود صفات محمودة وجميلة في المحبوب تقتضي أن يحب.
دعنا نتأمل هذه الصفات.
أول هذه الصفات: الحب المتبادل وهو عنوان السعادة، وطريق المودة والرحمة، وبه تحيا روح الحبيبين، هذا الحب هو الذي يسقي نبتة الزواج بالماء العذب الزلال لينبت أجمل الأزهار.
ثم إنها تستحق هذه السعادة التي حرمت منها في بيت أمها وأبيها، وعاشت حياة مقفرة، خالية من الود والعطف، وهذا الأمر قد يجرها إلى أمور ربما لا تحمد عقباها.
إن مثل هذه المرأة حين تجد منك الحب والعطف والرحمة والمودة ستكون طوع أمرك، ورهن إشارتك، ستحبك وتتعلق بك، وتنسى كل شيء من أجلك.
وأما المصارحة فما أجملها من صفة!
هل تعتقد أن هذه المرأة كانت ستخبرك بحبها لو أنها لا تحبك؟!!
هي حين تتحدث معك تذكر تاريخا مضى وانقضى، تاريخا توقف حين دخلت أنت في حياتها، وتقدمت لخطبتها، فرأتك مستقبلها، نظرت إليك وقد كنت حلمًا فأصبحت حقيقة تراها وتحسها، وجدت من يسمع كلامها، ويحمل همومها، ويعيش عاطفتها، وجدت رجلا تحتمي به، وتركن إليه، وتفضي إليه، وتنشر مكنون قلبها بين يديه، وتقول له: أنت كل شيء في حياتي، ويجب أن تعرف كل شيء.
إني أعتقد جازما أن هذه المرأة لو كان في قلبها شيء من حب الأول ما فاتحتك بالموضوع؛ لأن الحب نهر القلب المتدفق، وهو لا يجري إلا حين يكون المكان مهئيا لذلك، ولا يمكن أن يبوح الحبيب بحبه لشخص أمام منافسه أبدا، إلا حين يكون قد تخلص قلبه من ذلك الحب، وانتقل إلى حب هذا المنافس، فهو يحكي له كيف أن هذا الحب كان عفيفًا، وأنه حين لا يجد مكانه المناسب فإنه يجف وينتهي ويضمحل.
أخي: إن القلب حين يحب يحتاج إلى الغذاء الذي يمد هذا الحب ليبقى، وهذا الغذاء هو صفات توجد في المحبوب، ورغبات توجد في قلب المحب، وحين يفتقد القلب أحد هذين الشيئين فإن نبتة الحب تذبل وتموت.
وأنا أعتقد أن هذه المرأة قد نبتت في قلبها نبتة حبك أنت؛ لأنها رأت فيك من الصفات الحميدة ما حملها على البوح بسرها العظيم، كما أنها راغبة فيك متعلقة بك، وقد وجد الطريق الحلال المباح الذي تستطيع أن تنفذ فيه هذه الرغبة، فما أسرع ما تنمو نبتة الحب في قلبها، حتى تكون دوحة عظيمة تظلل حياتكما معا بإذن الله.
ولو أننا نظرنا في السلبيات، فلن نجد إلا شيئا واحدًا، وهي أنها أحبت يومًا من الأيام، وليس الحب عيبا، ولكن العيب أن يجر إلى الحرام، وهي إذا كانت حافظة لنفسها عفيفة مصونة، فلا تثريب عليها حين أحبت.
ثم هذا الحب تاريخ قد مضى، تتحدث عنه كما تتحدث عن تجاربها الأخرى، وحياتها التي قد امتلأت بالمواقف المحزنة.
أرجو لك التوفيق، وأن يجمعك مع هذه المرأة على الخير والتقوى.