المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لمحات من الكتاب الرائع" التعالم "(الحلقة الأولى)نستفيد جميعا بإذن الله


أم عبد البر ومصعب
13-10-09, 03:16 PM
الحلقة الأولى

حياكن الله حبيباتي هنا إن شاء الله أضع لمحات من الكتاب الرائع " التعالم "للشيخ أبو زيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته إن شاء الله تكون حلقات نستفيد منها جميعا :)

"العلم النافع هو ما باشر القلب فأوقر فيه معرفة الله وعظمته وخشيته، وإجلاله وتعظيمه ومحبته، ومتى سكنت هذه الأشياء في القلب خشع فخشعت الجوارح تبعا له"، فالعلم الذي لايوجب الخشوع في القلب علم غير نافع.
ولا تتحقق الخشية إلا بضوابط تعصم طالب العلم الشرعي من الوقوع في الزلات والمخالفات، وأعظمها طلب العلم رياء وسمعة، وقد ورد في الصحيح أن أصحاب هذه النية هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة والعياذ بالله.
ولما شاع في هذا الزمن -للأسف الشديد- تصدر أشباه العلماء مجالس العلم، وانتصابهم للفتوى دون تأهل علمي، ولما تكدرت نية طلب علوم الشريعة بحب الظهور والرياء والسمعة، وقف العلماء بالمرصاد في وجه من هذا حاله، فصنفوا المؤلفات والرسائل والكتب للتحذير من هذا الداء العضال: داء التعالم.
ومن تلكم الكتب النافعة كتاب "التعالم" للعلامة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد، وهو كتاب قيم في الباب، جدير بكل طالب علم أن يدرسه دراسة دقيقة، وأن يوليه عناية فائقة، وقد أحببنا أن نتوقف في هذا الركن مع بعض فصوله.

لمحات من كتاب التعالم
للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته


قال الدكتور بكر أبو زيد رحمه الله: أما بعد فكم رأينا من نِزالا1 في حلائب العلم، ومن رائم للبروز قبل أن ينضج، فراش2 قبل أن يبري3، وتزبَّب4 قبل أن يَتَحصرم5 وقيل "من البلية تشيخ الصحفية".
وهي بمعنى قول الغزالي: "لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف".
وما يراد بهم هنا إلا "المتعالمون"6 الذين ناموا7 عن العلم فما استيقظوا، وبالغوا قبل أن يبلغوا، فركبوا مطايا الخير للشر.
وفي هؤلاء يقول ابن القيم:
هذا وإني بعد ممتحن بأر:icon57::icon57::icon57::icon57: بعة وكلهم ذوو أضغان8

فظ، غليظ، جاهل، متمعلم :icon57::icon57::icon57::icon57: ضخم العمامة واسع الأردان9

متفيهق10، متضلع بالجهل، ذو:icon57::icon57::icon57::icon57: ضلع11 وذو جلح12 من العرفان مزجي البضاعة في العلوم وإنه :icon57::icon57::icon57::icon57: زاج13 من الإيهام والهذيان

يشكوا إلى الله الحقوق تظلما :icon57::icon57::icon57::icon57: من جهلة كشكاية الأبدان

من جاهل متطبب يفني الورى :icon57::icon57::icon57::icon57: ويحيل ذاك على قضا الرحمن

وقيل لسفيان الثوري رحمه الله فيمن تكلم قبل أن يتأهل فقال: "إذا كثر الملاحون غرقت السفينة".
قال الحافظ ابن حجر:" إذا تكلم المرء في غير فنه أتى بهذه العجائب".
وقال ابن حزم رحمه الله تعالى :"لا آفة على العلوم وأهلها، أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون".
قال الشيخ بكر رحمه الله: والمتعالم فج الدعوى 14..
لكن المسلم يقهرها بإسلامه وعلى هذا سار السلف في هجر الدعوى وهضم النفس.
ومنه قول أبو عمر بن العلاء البصري أحد القراء السبعة: "وما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال".
وكانت عائشة رضي الله عنها تنشد بيتا للبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب

فتقول رضي الله عنها: "رحم الله لبيدا فكيف لو أدرك من نحن بين ظهرانيهم".
وهكذا يقول كل واحد من رجال الإسناد حتى قال أبو الفرج: "ونقول نحن والله المستعان فالقضية أعظم من أن توصف بحال".
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: وأقول: كيف لو رأوا في زماننا تكاثرهم حتى ساموا باعة البقول عددا ولم يبق منهم من يحسن الجمع بين كلمتين إلا استطال على منازل العلماء؟
فهؤلاء المنازلون في ساحة العلم، وليس لهم من عدة فيه سوى (القلم والدواة) هم: الصحفية المتعالمون، من كل من يدعي العلم وليس بعالم، شخصية مؤذية، تتابعت الشكوى منهم على مدى العصور وتوالي النذر سلفا وخلفا.
فهذا القطيع حقا هم غول العلم بل دودةٌ لزجة، متلبدة أسرابها في سماء العلم، قاصرة من سمو أهله، وامتداد ظله، مُعَثــِّرَةً دواليب حركته، حتى ينطوي الحق ويمتد ظل الباطل وضلاله، فما هو إلا فجر كاذب، وسهم كاب حسير..
إنه لزادهم الهابط التعالم، عتبة الدخول الفاجرة إلى خطة السوء الجائرة "القول على الله بلا علم".

---------------------
1-نزلا :يقال تنازل القوم أي نزل كل فريق أمام فريق وتضاربوا ونازله في الحرب قابله وجها لوجه ليقاتله
2-راش يقال راش السهم ركب عليه الريش فهو مريش
3-برى العود بريا نحته فهو بار ومنه المثل أعط القوس باريها
ومعنى قوله راش قبل أن يبري أي تعجل الأمر قبل أن يستعد له أو استعجل الأمر قبل أوانه
4-تزبب :تزبب العنب صار زبيبا
5-يتحصرم : الحصرم هو التمر قبل أن ينضج وقوله تزبب قبل أن يتحصرم هذا مثل يضرب لمن ادعى حالة أو صفة قبل أن يتهيأ لها
6-المتعالمون : يقال تعالم فلان أي أظهر العلم والمراد هنا ادعى العلم وليس عالما

7-نامو عن العلم: غفوا عنه ولم يهتموا به

8-أضغان : الحقد الشديد
9-الأردان : جمع ردن وهو كم الثوب

10-متفيهق يقال تفيهق في كلامه توسع وتنطع
11-ضلع أي اعوجاج والمقصود الاعوجاج عن طريق الاستقامة
12-ذو جلح : الجلح انحسار الشعر عن جانبي الرأس
13-زاج يقال زاج بينهم أي حرش وأغرى بالعداوة
14-الدعوى: أي ادعاء أنه من العلماء.

رقية مبارك بوداني
13-10-09, 03:58 PM
الحلقة الأولى


وفي هؤلاء يقول ابن القيم:

هذا وإني بعد ممتحن بأر بعة وكلهم ذوو أضغان8





فظ، غليظ، جاهل، متمعلم ضخم العمامة واسع الأردان9





متفيهق10، متضلع بالجهل، ذو ضلع11 وذو جلح12 من العرفان





مزجي البضاعة في العلوم وإنه زاج13 من الإيهام والهذيان





يشكوا إلى الله الحقوق تظلما من جهلة كشكاية الأبدان





من جاهل متطبب يفني الورى ويحيل ذاك على قضا الرحمن





رحم الله الإمام ابن القيم رحمة واسعة ،وأسكنه فسيح جناته
كلماته تكتب بماء الذهب
ورحم الله شيخنا بكر أبو زيد على ما قدم لهذا الدين وما خلف من مؤلفات ماتعة منها حلية طالب العلم الذي تشرفنا بمدارسته في ملتقانا الحبيب
جزاك الله أختي أم عبد البر على الانتقاء الموفق والموضوع المتميز
:)

أم عبد البر ومصعب
18-10-09, 10:36 PM
بارك الله فيك ياغالية أم حاتم :icon57::icon57::icon57::icon57::icon57:

الحلقة الثانية :)


لمحات من كتاب التعالم
للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

المؤلفات في التعالم



قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :في كتب آداب المفتي وكتب آداب الحسبة بحوث حافلة، لا سيما في كتاب معيد النعم ومبيد النقم للسبكي رحمه الله، وفي هذا الكتاب شرور لا تخفى.
وانظر في كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي رحمه الله، وفي كتاب فضل علم السلف على الخلف للحافظ ابن رجب رحمه الله، أبان على مثل هذا، لاسيما كثرة التزيد في الكلام من المتأخرين, وأن الحال كما قال شيخه ابن القيم رحمه الله تعالى: "كلام المتقدمين قليل كثير البركة, وكلام المتأخرين كثير قليل البركة".
وللأديب على بن زيد البيهقي المتوفى سنة 575هـ رحمه الله رسالة باسم: تنبيه العلماء على تمويه المتشبهين بالعلماء، ومضى في المقدمة ذكر رسالتي النابلسي والجزائري وللزياني المغربي المتوفى سنة 1249هـ رسالة باسم تحفة النبهاء في التفرقة بين الفقهاء والسفهاء.
وللشوكاني رحمه الله تعالى آداب الطلب ومنتهى الأرب1.
ولابن فكون الجزائري رحمه الله تعالى رسالة باسم: منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية.
وللشيخ محمد عبده منير أغا الدمشقي كتابه الحفيل2 نموذج من الأعمال الخيرية، كشف فيه عن عبث الورَّاقين والكتبيين والمصححين, في ثروة الأمة على حساب تعالمهم.
ولمحمد بدر الدين الحلبي رحمه الله كتابه النافع: التعليم والإرشاد في مجلدين طبع عام 1324هـ بمطبعة السعادة بمصر, ولم أقف إلا على الأول منه، وهذا الكتاب مهم في بابيه, ولو كان منتشرا لكفى.
لكن لابد من هسمة في أذن المعاصرين من واقع الحياة المعاصرة, وفيها صدرت رسالة باسم: زجر السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء للأستاذ جاسم الدوسري.
وفي مجلة العرب حلقات حلقات متتابعة في أعداد منها بعنوان: الدكاترة وعبثهم في التراث للأستاذ حمد الجاسر, انظرها تجد عجبا ممن وصلوا النهاية شكليا لكنهم في الحقيقة خواء3:
في شَجَر السَّرْوِ4 لهم شَبَه ٌ له رُوَاءٌ5 ومَا لَهُ ثَمَرُ

-------------



-------------
1-الأرب: الحاجة
2-الحفيل: الحافل بالبحوث الكثيرة الجامعة.
3-خواء: فراغ.
4-السرو: جنس شجر للتزين ليس له ثمر واحدته سَروة.
الرواء: المنظر الحسن
__________________

أم عبد البر ومصعب
02-11-09, 02:49 PM
الحلقة الثالثة:)

لمحات من كتاب التعالم
للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته


-أمثلة من السير والتاريخ-


مفتي الخنفشار: في كتب المحاضرات أن رجلا كان يفتي كل سائل دون توقف فلحظ أقرانه ذلك منه، فأجمعوا أمرهم لامتحانه، بنحت (1)كلمة ليس لها أصل هي "الخنفشار" فسألوه عنها، فأجاب على البديهة: بأنه نبت طيب الرائحة ينبت بأطراف اليمن إذا أكلته الإبل عقد لبنها، قال شاعرهم اليماني(3):


لقد عقدت محبتكم فؤادي 000000000000كما عقد الحليب (2) الخنفشار


وقال دود الأنطاكي في "تذكرته" كذا، وقال فلان وفلان.... وقال النبي صلى الله عليه وسلم، فاستوقفوه وقالوا كذبت على هؤلاء، فلا تكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وتحقق لديهم ان ذلك المسكين: جراب كذاب، وعيبة(4) افتراء في سبيل تعالمه، نسأل الله الصون والسلامة.

ومن الخنفشاريين: خبير النعنع، ففي ملح(5) التاريخ كما ذكر السخاوي: ان جُهَنيا كان في ندماء المهبلي، وكان يأتي بالطامات(6) فجرى مرة حديث في النعنع فقال: في البلد الفلاني نعنع يطول حتى يصير شجرا ويعمل من خشبه سلالم، فثار منه أبو الفرج الأصبهاني صاحب (الأغاني) فقال: نعم عجائب الدنيا كثيرة ولا ينكر هذا، والقدرة صالحة، وأنا عندي ماهو أغرب من هذا: أن زوج الحمام يبيض بيضتين فآخذهما وأضع تحتهما سنجة مائة، وسنجة خمسين -السنجة كفة الميزان- فإذا فرغ زمن الحضانة انفقست السنجتان عن طست وإبريق، فضحك أهل المجلس، وفطن الجهني لما قصد به أبو الفرج من "الطنز"(7)، وانقبض عن كثير من حكاياته اهـ

ومنهم الهروي: شمس ابن عطاء الرازي المتوفي سنة 887 هـ، كان من أعوان تيمورلنك، وكان عريض الدعوى في الحفظ،فاستعظم الناس ذلك، فجعل له مجلس لإمتحانه وكان من جملة ماسئل عنه حينئد: هل ورد النص على المغرب تقصر في السفر؟ فقال نعم، جاء ذلك في كتاب "الفردوس".
لأبي الليث السمرقندي، فلما انفصلوا ورجعوا على كتاب أبي الليث لم يجدوا فيه ذلك، فقيل له في ذلك ؟ فقال: الحديث في الكبرى، ولم تدخل الكبرى في هذه البلاد، فاستُشعر كذبه من يومئذ، وقد ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في ترجمته له، هكذا فليكن كذب المتعالمين.

ومنهم الجوباري: أحمد بت عبد الله الجوباري إذ بلغ من كذبه وتغفيله أنه لما ذكر له إختلاف المحدثين في سماع الحسن البصري من أبي هريرة رضي الله عنه ساق بإسناده قوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمع الحسن من أبي هريرة !
وصدق الزهري إذ يقول: الكذب شر غوائل(8) العلم..."
ومنه: تعالم مكي بتأويل الشعر قال ذات يوم: ما سمعت بأكذب من بني تميم زعموا أن قول القائل(9):


بيت زرارة محتب (10)بفنائه00000000000 ومجاشع وأبو الفوارس نهشل

أنه في رجال منهم ، قيل له: فما تقول أنت فيهم؟ قال البيت بيت الله وزرارة الحجر ، قيل فمجاشع ؟ قال زمزم جشعت بالماء ، قيل فأبو الفوارس ؟ قال أبو قبيس ، قيل له فنهشل ؟ قال نهشل أشده ، وفكر ساعة ثم قال نهشل مصباح الكعبة لأنه طويل أسود فذلك نهشل,هكذا ذكرها العلامة البارع الشيخ محمد الخصر حسين رحمه الله ثم رأيتها في" مجلة العرب " نقلا عن " تاريخ مكة الفكاهي " في خبر مصباح زمزم.

وهذا مقاتل بن سليمان المتوفي سنة 150 هـ: فإنه من علمه ابتلي بشي من ذلك فقد قيل أنه قال:سلوني عما دون العرش فقالوا: أين أمعاء النملة ؟ فسكت، وسألوه: لما حج آدم، من حلق رأسه ؟ فقال: لاأدري. ولهذا قال الذهبي رحمه الله "أجمعوا على تركه " اهـ.

وفي "الصباحي "قال مؤلفه ابن فراس: بعد أن قرر القول بوقف لغة العرب: (ثم الأمر قراره، فلا نعلم لغة من بعده حدثت، فإن تعمل(11) اليوم متعمل، وجد من نقاد العلم من ينفيه ويرده وقد بلغنا عن أبي ولقد بلغنا عن أبي الأسود الدؤلي أن امرء كلمه ببعض ما أنكره أبو الأسود فسأله أبو الأسود عنه(12) فقال هذه لغة لم تبلغك فقال له يابن أخي إنه لا خير لك فيما لم يبلغني فعرفه بلطف أن الذي تكلم به مختلق(13) ) اهـ.

ومن قصص التعالم المشتهرة على الألسن: قصة الطالب الشافعي، الذي تفقه ولم يدرك، فاحتاج أهل بلده مفتيا لهم، ولم يجدوا سواه، فتردد، حتى استشار شيخا له فأشار عليه يجيب سائليه بوجود قولين عند الشافعي في المسألة، ليراجع بعد،ففعل، لكن أهل بلده لاحظوا إكثاره من هذا،فسأله أحدهم: أفي الله شك؟ فقال بمثل ذلك ففتضح.
وهذه القصة لم يتم الوقوف عليها في مصدر موثوق، والذي يظهر والله أعلم انها من تحطط (14)الحنفية على الشافعية, فإن بينهم من العداء المذهبي مالا يخفى. اهـ


----------------------------------------------------------------------------
1- نحت الكلمة : أخذها وركبها من كلمة أو كلمتين
2- عقد الحليب : أي جعله يغلظ
3- البيت من بحر الوافر
4- عيبة : وعاء جمعه عيب وعياب
5- مُلح :جمع ملحة وهي الشيء الحسن الظريف
6- الطامات : جمع طامة وهي الداهية ,والمقصود الأكاذيب المعتمدة
7- الطنز : السخرية
8- الغوائل جمع غائلة: المصيبة والداهية
9- البيت من بحر الكامل
10- محتب بفنائه : الإحتباء أن يجلس الرجل على إليته ويضم فخديه وساقيه إلى بطنه إما بذراعيه أو بثوب يديره على ساقيه وظهره ليستند .وفناء البيت ساحته
11- تعمل : اختلق شيئا لم يسمع من العرب
12- لعلها "عليه" لأنه يقال : أنكر عليه ولايقال أنكرعنه
13- مختلق : مكذوب مفترى
14- تحطط: ذمهم واحتقارهم والعياذ بالله

ام جويرية القصيبة
02-11-09, 05:54 PM
بارك الله فيك غاليتي
ثبت لله أجرك وجعله
في موازن حسناتك

أم الباتول
23-12-09, 04:44 PM
جزاك الله خيرا

أم عبد البر ومصعب
23-12-09, 04:50 PM
حاكن الله غاليتي عدنا والعود احمد إن شاء الله اعتذر إليكن عن تأخري في وضع الحلقات وما ذالك إلا لأن ماكتبته ضاع في جهازي فلم أعلم اين اختفى ولقد يسر الله لي أن وجدته فلنكمل انشاء الله ماكان الله قد كتب لنا بدايته
الحلقة الرابعة :)


لمحات من كتاب التعالم
للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

-إجمال الحال في الحياة المعاصر-

مضت معنا في الحلقة الماضية بعض قصص التعالم المشتهرة على الألسن، والتي دلت على جرأة وتجاسر من أصيب بلوثة التعالم على ما لم يحيطوا بعلم، وأشهر تلكم القصص قصة مفتي الخنفشار.


ثم قال الشيخ الدكتور بكر أبو زيد رحمه الله تعالى: تلكم هي قصة مفتي الخنفشار، ونحوها من المتشبعين بما لم يعطوا(1)، كنت أظنها من نسج الخيال، وضروب المحال، وواردات التاريخ التي تحكى ولا يعول عليها وأنها من باب التنكيب على قوم، والحط من آخرين، كما في كائنة(2) البغاددة مع البارودي وما بعدها.


وعلى أية حال فتلك أمة قد خلت وبأعمالها ارتهنت، لكن ونحن في الوقت الذي نعايش فيه علوم الاستمتاع بالخلاق(3) من الطبيعات، والمعدنيات والكيمياء وغيرها، وانصرف الناس إليها كالعنق الواحد، اندلعت قضية التعالم في الوجود لا سيما في صفوف المسلمين، وهي رمز للعدول عن الصراط المستقيم، وأضواء التنزيل، ووسيلة القول على الله العزيز الحكيم، فتجسدت أمامنا دولةٌ مادية قامت في ساحة المعاصرة على ما ذر قرنه(4) من الخوض في الشريعة بالباطل، وما تولد عنه من فتن تغلي مراجلها(5) على أنقاض ظهور الركالة لذهاب العلماء وقعود المتأهلين عن التحمل والبلاغ، وتولي ألسنتهم وأقلامهم يوم الزحف على كرامته.

فتبدت من وراء أولاء أمور دوابية(6)، وصدود عن منهاج النبوة الصدّيقية، إذ درجوا في الطرق الجائرة وتصيدوا من الرخص كل طريفة وتالدة(7) ونشروها بلسان الشريعة الخالدة.

وتبنى آخرون "النظرة التبريرية" لإدباب(8) ما جرى بين الأمة من فساد واختلال، وبدع وضلال، وتجاسر وفئام على الكذب الصراح، والكذب شر غوائل العلم، وحملوا الشاذ ومن حمله حمل شرا كثيرا، فربضت(9) في قلوبهم الشقوتان: شقوة الكذب، وشقوة الشذوذ. نسأل الله السلامة والعافية:

فبقى الذين إذا يقولوا يكذبوا ومضى الذين إذا يقولوا يصدقوا
فصار الناس بين علوم الاستمتاع، وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا.
وعلوم جنس الخوص بالباطل، فنتج من هذا تقلص في قائمة المتحملين لأعباء العلم الشرعي على هدى مستقيم، فلا بارك الله في هذا الطراز، وتبا لهم فما هم بعلماء، ونعوذ بالله من الفتن الصماء، وهنيئا لمن ارعوى ولازم الصدق والتقى، وليسع المرئ إلى فكاك رقبته من النار.
والمتلخص أن ظواهر الأحوال من رقة في الديانة، ووهن في الإستقامة، وضعف في التحصيل، والسعي بكل جد وراء الدنيا الزائلة، ومظاهرها الفانية، شكلت أمامنا ظاهرة التعالم أوسع من ذي قبل، لما نشاهده من واقعاتها الفجة، والدعاوى العريضة، والبراعة في الانتحال(10)، واتساع الخطوة إلى المحال.. وعندنا على هذا ألف شاهد.
--------------
1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" أخرجه البخاري (5219) ومسلم (2129).
2- كائنة: حادثة.
3- الخلاق:الحظ والنصيب من الخير.
4- ذر قرنه: انتشر جانبه وأمْرُه.
5- مراجلها: جمع مرجل وهو القدر الكبير.
6- دوابية: نسبة إلى الدواب.
7- طريفة وتالدة : جديدة وقديمة.
8- لإدباب: أي لجعله يسري وينتشر.
9- ربضت: أي أقامت وتمكنت.
10- الانتحال: هو ادعاء الشخص شيئا لنفسه وهو لغيره.

أم عبد البر ومصعب
23-12-09, 05:10 PM
لمحات من كتاب التعالم

الحلقة الخامسة :)



-إجمال الحال في الحياة المعاصر" تتمة"-




في الحلقة الماضية ذكر صاحب كتاب التعالم -رحمه الله- أن اندلاع قضية التعالم في الوجود -لا سيما في صفوف المسلمين- رمز للعدول عن الصراط المستقيم، وأضواء التنزيل، ووسيلة القول على الله العزيز الحكيم، وأن ظواهر الأحوال من رقة في الديانة، ووهن في الإستقامة، وضعف في التحصيل، والسعي بكل جد وراء الدنيا الزائلة، ومظاهرها الفانية، شكلت أمامنا ظاهرة التعالم أوسع من ذي قبل، لما نشاهده من واقعاتها الفجة، والدعاوى العريضة، والبراعة في الانتحال، واتساع الخطوة إلى المحال..
ثم قال الشيخ الدكتور: وما هذا إلا لتسنم(1) العلم أغمار(2) ركبوا له الصعب والذلول(3)، وظنوا أن العلم ينال بالراحة ولمَّا يلمؤا منه الراحة، فتهافتوا على مناصب العلم في الفتيا والتأليف والنشر والتحقيق، وصاروا كتماثيل مسدودة بأيديهم هراوي يضربون في عقول الأمة حينا، وفي ثراتها أحيانا، مكدرين -وحسابهم على الله- صفوَ الأمة في دينها وفي علمها. وهل العلم والدين إلا توأمان لا ينسلخان إلا في حساب من انسلخ منهما؟
وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)..
ومن حديث أبي أمية الجمحي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر" رواه الطبراني، أنظر الصحيحة 695.
وأيضا في أحاديث الملاحم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا، وفيه بيان "أن من أشراط الساعة أن يظهر القلم" رواه أحمد والبزار والطحاوي والطبراني وغيرهم، وليس في ذكر القلم وقد فشى القلم وانتشر، وهذا من معجزات النبوة.
وقال الشافعي رحمه الله: "إذا تصدر(4) الحدث فاته علم كثير" اهـ.
ولبعضهم:
إن الأمور إذا الأحداث دبرها دون الشيوخ ترى في بعضها الخللا

وقال القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي:
متى تصل العطاش إلى ارتواء 000000000000 إذا استقت البحـار من الركايا

ومن يثني الأصاغر عن مـراد 0000000000000 وقد جلس الأكابـر في الزوايا

وإنَّ ترفـع الوضعـاء يومـا 000000000000على الرفعاء من إحدى البلايا

إذا استوت الأسـافل والأعالي0000000000 فقد طابـت منادمـة المنايـا


من أسباب التجنس الفكري وضعف التحصيل
ومن هنا إلى نتيجة مهمة، وهي أن التجنس الفكري من انحرافات في المفاهيم والأخلاق، والتموجات(5) في الاعتقاد، إنما يبلغ مبلغها في الأمة وفي عقول نشئها بسبب تأخر العلماء عن أداء مهمة البلاغ، وتغذية العقول بالعلم النافع تحصينا لها من أي مؤثر عليها، وهذه هي الوظيفة الرئيسة لأهل العلم والإيمان، ولهذا فإن المتخلف عن أداء واجب وظيفته هذه، يحمل من الإثم بقدر تخلفه.
ويمكن إجمال الأسباب على مايلي:
1- قعود المتأهلين عن البلاغ ونزول ساحة المعاصرة.
2- ضعف الإمداد السليم.
3- ضعف الإلتفات على تلمس العلل وعلاجها.
4- استشراء داء حب الشهرة لغياب قوة الإيمان.
5- انفصام عروة الاتصال بين الطالب وكتب السلف، إذ أن التلقي صار بالمذكرات، والمؤلفات الحديثة.
6- قلب لغة العلم في المصطلحات بما لا يتواطأ مع لغة العلم لكتب السلف.
فهذه غصص(6) مولدة(7)للأوجاع المذكورة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالمرصدون للعلم عليهم للأمة حفظُ علم الدين وتبليغه، فإذا لم يبلغِّوهم علمَ الدين أو ضيَّعوا حِفظَه كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين.
ولهذا قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ}.
فإنَّ ضررَ كتمانهم تعدَّى إلى البهائم وغيرها، فلعنَهم اللاعنون حتى البهائم". اهـ
وبعد فحرام والله ثم حرام على من لا يهتدي لدلالة آي القرآن، ولا يدري السنن والآثار، أن يتسنم بجناب العلم ويحل في حرمه معول هدمٍ لحماه، وخرق لسياجه وحرمته، وهذا هو المعثر المخذول، علمه وبال، وسعيه ضلال، نعوذ بالله من الشقاء. اهـ
-------------
1-تسنم: يقال: تسنم البعير إذا علاه وركبه.
2-أغمار: جمع غمر وهو الصغير الذي لم يجرب الأمور.
3-الذلول: السهل المعبَّد.
4-تصدر الحدث: أي قعد للتدريس.
5-التموجات: الاضرابات.
6-غصص: جمع غصَّة، وغصَّ بالماء وقف في حلقه فلم يكد يسيغه.
7-مولِّدة: مثيرة.

أم عبد البر ومصعب
29-12-09, 02:00 AM
الحلقة السادسة :)

لمحات من كتاب التعالم

المؤلفات في التعالم



قال الشيخ رحمه الله:


وليعلم أن سلطان ما قيدته هنا إنما هو على حساب من انسحب واعظ الله من قلبه، متسورا(1) العلم الشرعي، وقد فاته العلم وقد فرط في العمل، وانسلخ من الزمن، فلا ماض، ولاحال، ولا مستقبل، فاته العلم بالتلقي ومثافنة(2) الشيوخ، والإمداد السليم، وكثرة الكشف، وطول البحث، وقلبٍ عقول(3)، ولسانِ سؤول، قال أبو بكر الدينوري المتوفى (532هـ) رحمه الله تعالى:
تمنيتُ أن تسمى(4)فقيها مناظرا بغير عَناء والجنونُ فنونُ

فليسَ اكتسابُ المالِ دون مشقًّة تلقَّيتَها فالعلم كيف يكونُ

فيا رُبَّة لحنَة، ولايملك في اللغة بُلغة.
لايدري الفقه فضلا أن يكون فقيها، خل(5) أن يكون فقيه النفس، وهو الذي يعلق الأحكام بمداركها الشرعية، وهو أنفس صفات علماء الشريعة.
أما الحديث فأنى له؟ وقد قال أبو سعد السمان المعتزلي المحدث: "من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام".
وأما فهم في كتاب الله تعالى فهو أعز من بيض الأُنُوق(6)، ولاتستغرب مقالي هذا، فهو امتداد لشكوى الأئمة السابقين ومنهم قول الذهبي رحمه الله: "وأما اليوم فقد اتسع الخرق، وقل تحصيل العلم من أفواه الرجال، بل ومن الكتب غير المغلوطة، وقد النقلة للمسائل وقد لا يحسن يتهجى" السير 11/377.
وقال أيضا رحمه الله تعالى في ترجمة هذبة بن خالد المتوفي سنة 235 هـ: "قال عبدان: سمعت عباس بن عبد العظيم يقول: هي كتب أمَيَّة بن خالد، يعني التي حدث بها هذبة، قلت رافق أخاه أمية في الطلب، وتشاركا في ضبط الكتب، فساغ له أن يروي من كتب أخيه، فكيف بالماضين لو رأونا اليوم نسمع من أي صحيفة مصحفة على أجهل شيخ له إجازة، ونروي من نسخة أخرى بينهما من الإختلاف والغلط ألوان، ففاضلنا يصحح ما تيسر من حفظه، وطالبنا يتشاغل بكتابه أسماء الأطفال، وعالمنا ينسخ، وشيخنا ينام، وطائفة من الشبيبة في واد آخر من المشاكلة والمحادثة، لقد اشتفى بنا كل مبتدع، ومجَّنَا(7)كل مؤمن، فهؤلاء الغثاء هم الذين يحفظون على الأمة دينها؟ كلا والله فرحم الله هدبة وأين مثل هدبة؟ نعم ما هو في الحفظ كشعبة" اهـ.
ورحم الله ابن رشد إذ قال: "كان العلم في الصدور واليوم في الثياب".
وأما التفريط في العمل: فكم رأى الراؤون وجوها يعلوها ذل المعصية والافتقار إلى السمت الصالح، والهدي الحسن، فكم من متصدر للعلم في أي من مجالاته وهو قرندل(8) متختم بالذهب، شارب للتبغ، صانع للقزع(9)بل لا يشهد صلاة الجماعة إلا لماما.
ورحم الله القاضي الفارقي الشافعي المتوفي سنة 528هـ إذ كان يرى حلق القزع من الميت، فقال: لأنه يكره تركه من الحي، فكذلك الميت.
وإذا كان فيما يقابل بها لخلق وجهاً لوجهٍ فكيف فيما سواه مما ينطوي عليه من اتجاهات ومشارب عقدية، عاقها الكدر عن اللحوق بعقيدة السلف؟
فلله الأمر من قبل ومن بعد.
ورضي الله عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إذ يروى عنه قوله: "هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل".
وقال بعضهم: "العلم دعوى، والعالم مدَّع، والعمل شاهد, فمن أتى بشهود دعواه صحت للمسلمين فتواه".
وقال الفراء النحوي رحمه الله تعالى: "أدَبُ النفس ثم أدَبُ الدرس".
وكان سفيان رحمه الله تعالى يقول: "تعوذوا بالله من فتنة العابد الجاهل ومن فتنة العالم الفاجر، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون".
فكأن الإستقامة وسيلة عزل عن نيل المآرب الدنوية والحظوظ الزائلة.
فينادي على حال بعضهم قول الدينوري رحمه الله تعالى:
من يستقمْ يُحرم مُناهُ ومن يزغ يختصُّ بالإسعافِ والتمكينِ

انظرْ إلى الألِف استقامَ فَفَاته عجمٌ وفازَ به اعوجاجُ النون

هذه شذرات فيها قوارع لخوارم المتعالمين، وسيرى الناظر إن شاء الله تعالى هذا التقييد مشوَّفا(10)معلَّما يجلوا عوارض هذه الخوارم(11)، ويفترع منها العوائر(12)لتكون عاصمة من تلك القواصم، فاضحا لكل متعالم غيرة لله ودينه وشرعه، واحتسابا في سبيل نصرته.
------------------
1-متسورا: متسلقا.
2-مثافنة: أي ملازمتهم، من الفعل: ثافن، يقال ثافن الرجل أي لازمه حتى عرف باطن امره.
3-عقول: كثير السؤال، وقد قيل مفتاح العلم السؤال.
4-تسمى: ترتفع.
5-خَلّ: اترك.
6-الأُنُوق: طائر العقاب، وقوله: "أعز من بيض الأنوق" مثل يضرب عند ندرة الشيء، لأن طائر العقاب يعيش في رؤوس الجبال والأماكن الصعبة، ولذا يعز بيضها فلا يظفر به.
7-مجَّنَا: يقال مج الماء: لفظه من فيه، والمعنى كرهنا.
8-قرندل: في لغة المصريين "حالق لحيته" كما في ضوء اللامع 10/101.
9-القزع: حلق بعض الشعر وترك بعضه.
10-مشوفا: أي بارزا ظاهرا.
11-الخوارم: جمع خارمة، وهو الفعل الذي يسقط المروءة.
12-يفترع العوائر: أي ينتزع العلل التي أصابتها.