ملتقى طالبات العلم

ملتقى طالبات العلم (https://www.t-elm.net/moltaqa/index.php)
-   دورات بين دفتي كتاب (انتهت) (https://www.t-elm.net/moltaqa/forumdisplay.php?f=108)
-   -   ::صفحة الأختين فرح مسلمة وأم أسامة (قراءة كتاب):: (https://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=7304)

أم البراء 25-08-07 04:09 PM

::صفحة الأختين فرح مسلمة وأم أسامة (قراءة كتاب)::
 
بســم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتــه ..


أخواتي الحبيبات .. هذه الصفحة ستكون خاصة بكما ..لتحرص كل واحدة فيكما على حضور أختها
وقراءتها للمقرر اليومي ..وحل الأسئلة .. وضعي هنا أيضا ما يستصعب عليك فهمه وضعي استفساراتك .. سأتابعكن وأكون معكم وكذا مشرفات الملتقى ..



هذا الكتاب



· يتناول أهم قضية تشغل السالكين فى طريق الآخرة مما يتعلق بعبادتهم وأسرار طاعتهم وهو إحسان العبادة.

· يعرض بطريقة عملية الوسائل التى بها يتمكن العباد من الانتفاع بشهر رمضان.

· يساعد على تحصيل لذة العبادة.

· يكشف المشكلات التى تواجه السائرين إلى الله فى طاعاتهم بما يساعدهم على تلافيها وعلاجها.

· منهج عملى سلفى فى تزكية النفس.

أم البراء 25-08-07 04:15 PM

القاعدة الأولى



بعث واستثارة الشوق إلى الله



على مر الأيام والليالي يُخْلَقُ الإيمان في القلب([1]) وتصدأ أركان المحبة فتحتاج إلى من يهبك سربالاً إيمانًا جديدًا تستقبل به شهر رمضان، واصل القدرة على فعل الشيء معونة الله ثم مؤونة العبد، ونعني بالمؤونة رغَبته وإرادته، فعلى قدر المؤونة تأتي المعونة.

وفي الحديث القدسي: "إذا تقرب العبد إليّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إليّ ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي يمشي أتيته هرولة" رواه البخاري.

فالبداءة من العبد ثم الإجابة حتمًا من الرب: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }.

فلابد من إثارة كوامن شوقك إلى الله عز وجل حتى تلين لك الطاعات فتؤديها ذائقًا حلاوتها ولذتها، وأية لذة يمكن أن تحصلها من قيام الليل ومكابدة السهر ومراوحة الأقدام المتعبة أو ظمأ الهواجر أو ألم جوع البطون إذا لم يكن كل ذلك مبنيًا على معنى: { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى }([2]) ؟! ومن لبى نداء حبيبه بدون شوق يحدوه فهو بارد سمج، دعوى محبته لا طعم لها.

لا جرم كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته: "وأسألك الرضا بالقضاء وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك…" رواه النسائي بسند صحيح.

وشوقك لربك ولإرضائه أفناه رَين الشبهات والشهوات وأهلكته جوائح المعاصي ومرور الأزمنة دون كدح إلى الله، فتحتاج يا باغي الخير إلى بعث هذا الشوق من جديد لو كان ميتًا، أو استثارته إن كان موجودًا كامنًا.



عوامل بعث الشوق إلى الله



1- مطالعة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وتدر كلامه وفهم خطابه فإن من شأن هذه المطالعة والفهم والتدبر فيها أن يشحذ من القلب همة للوصول إلى تجليات هذه الأسماء والصفات والمعاني، فتتحرك كوامن المعرفة في القلب والعقل ويأتي عندئذٍ المدد([3])



وتأمل قصة أبي الدحداح في فهمه كلام ربه كيف حرك أريحيَّتُه وألبسه حب البذل.

فعن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية: { مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } قال أبو الدحداح الأنصاري: وإن الله يريد منا القرض؟ قال: نعم يا أبا الدحداح، قال: أرني يدك يا رسول الله، قال فناوله رسول الله يده، قال فإني أقرضت ربي حائطي، قال: حائطه له ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها. قال فجاء أبو الدحداح فنادي يا أم الدحداح! قالت: لبيك، قال: أخرجي من الحائط فإني أقرضته ربي عز وجل، وفي رواية أخرى أنها لما سمعته يقول ذلك عمدت إلى صبيانها تُخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم "كم من عِذْقٍ رَدَاح في الجنة لأبي الدحداح"([4]).
وتأمل رعاك الله من عَطَنِ الشبهات كيف فهم الصحابي من كلام الله عز وجل المعنى الظاهر بدون أن يكون في قلبه تردد أو تهيب لأن شجرة إيمانه قامت على ساق التنزيه([5]).



2- مطالعة منن الله العظيمة وآلائه الجسيمة فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها ولذلك كثر في القرآن سوقُ آيات النعم الخلق والفضل تنبيهًا لهذا المعنى، وكلما ازددت علمًا بنعم الله عليك كلما ازددت شوقًا لشكره على نعمائه.

3- التحسر على فوت الأزمنة في غير طاعة الله، بل قضاؤها في عبادة الهوى. قال ابن القيم: وهذا اللحظ يؤدي به إلى مطالعة الجناية، والوقوف على الخطر فيها، والتشمير لتداركها والتخلص من رقها وطلب النجاة بتمحيصها. أهـ.

4- تذكر سبق السابقين مع تخلفك مع القاعدين يورثك هذا تحرقًا للمسابقة والمسارعة والمنافسة، وكل ذلك أمر الله به، قال تعالى: { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } وقال: { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } وقال: { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }.



واعلم- يا مريد الخير- أن بعث الشوق وظيفة لا ينفك عنها السائر إلى الله عز وجل، ولكن ينبغي مضاعفة هذا الشوق قبل شهر رمضان لتُضاعف الجهد فيه، وهذا الشوق نوع من أنواع الوقود الإيماني الذي يُحفّز على الطاعة، ثم به يذوق المتعبد طعم عبادته ومناجاته.

ومجالات الشوق عندك كثيرة أعظمها وأخطرها الشوق إلى رؤية وجه الله عز وجل، ويمكنك أن تتمرن على قراءة هذا الحديث مع تحديث نفسك بمنزلتها عند الله، وهل ستنال شرف رؤيته أم لا؟ قال صلى الله عليه وسلم : "إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيّض وجوهنا؟ ألم تُدخلنا الجنة وتنجّنا من النار؟ فيُكشفُ الحجاب، فما أُعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم". رواه مسلم.

وفي مجالات الشوق: الشوق إلى لقاء الله وإلى جنته ورحمته ورؤية أوليائه في الجنة وخاصة الشوق للقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى.

واعلم أن لهذا الشوق لصوصًا وقطاعًا يتعرضون لك، فاحذر الترفه (وخاصة في شهر رمضان) واحذر فتنة الأموال، والأولاد والأزواج، خلفهم وراءك ولا تلتفت وامض حيث تؤمر، واجعل شعارك في شهر رمضان: { قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْك رَبِّ لِتَرْضَى }.



فحيَّهلا إن كنت ذا همةٍ فقدْ حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا

ولا تنتظر بالسير رفقة قاعدٍ ودعُه فإن العزم يكفـيك حاملـــاً




--------------------------------------------------------------------------------





( [1] ) عن عبد الله بن عمر قال: قال r: "إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثواب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم" رواه الطبراني والحاكم (صحيح الجامع).

( [2] ) قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله: (لما نهض موسىu ببني إسرائيل إلى جانب الطور الأيمن حيث كان الموعد أن يكلم الله موسى بما فيه شرف العاجل والآجل، رأى على وجه الاجتهاد أن يتقدم وحده مبادرًا إلى أمر الله وحرصًا على القرب منه وشوقًا إلى مناجاته) أهـ: البحر المحيط (6/266).

( [3] ) راجع لزامًا كلام ابن القيم في الفائدة السادسة والثلاثين من فوائد الذكر من كتابه الطيب "الوابل الصيب".

( [4] ) العذق من النخل كالعنقود من العنب، رداح: ثقيل لكثرة ما فيه من التمر، انظر "الإصابة" في (7/57) و"صفة الصفوة" (1/617).

( [5] ) لابن القيم رحمه الله مقالات رائقة حول كثير من الأسماء والصفات جمعها بعضهم في كتاب مستقل، وللغزالي رسالة اختصرها النبهاني في "مختصر المقصد الأسني" لا تخلو من هنات تظهر لممارس الكتاب والسنة.

أم أســامة 25-08-07 08:34 PM

جزاكِ الله خيراً يا أم البراء ..
لا حرمنا الله منك وجعله في موازين حسناتك .،



وأنا أقرأ هذه الجزئية تذكرت ما بدأت به الحبيبة أم اليمان ( حفظها الله ) قبل عـام مضى .،
حفظها الله من كل سوء و أرجعها إلينا سالمة غانمة .
،

.................

" فرح مسلمة "
حياكِ الله أختي الغاليـــــــة في صفحتك .،
هذا مقرر اليوم ..لنقرأه ونعلق عليه أو نضع تلخيص أو فوائد على هذا الجزء .،
بانتظارك :)

فرح مسلمة 25-08-07 08:44 PM

أنا هنا إن شاء الله سأعمل على قراءته و التعليق عليه
مع وضع المستفاد من هدا المقطع

فرح مسلمة 25-08-07 08:45 PM

في انتظار تعليقك أيضا أختي أم أسامة

فرح مسلمة 25-08-07 09:20 PM

أختي أم أسامة هده مشاركتى لمقرر اليوم أنتظرك
 
بسم الله
أما بالنسبة للقاعدة الأولى:
فهي تتلخص حول انبعاث الشوق إلى الله بل وآداء الواجبات
والطاعات مستشعرا لذتها فهي علاقة مباشرة بين العبد وربه
علاقة لا يمكن لها أن تكون فيها ثمرة الإيمان إلا بعد يبذل العبد
المجهود في الصبر بداية على الطاعة وهنا أريد أن أضيف فكرة
أن العبد قد لا يستشعر لذة الخشوع في القيام من أول ليلة ولكن
بعد توالي ليالي القيام لاشك أن الله عزوجل مقبل إليه لا
محالة ولابد من البحث في غمرات النفس لتبحث عما يرطب قلبها
ويجعله لينا قل الله تعالى في سورة البقرة[ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ] {البقرة:74}
-أما بالنسبة للقاعدة الثانية:
في القاعدة الثانية مراحل ووسائل بعث الشوق إلى عز وجل
وهي معرفة أسماء الله الحسنى وفهمها وتدبرها بالقلب حتى
يتمكن حب الله من القلب وطبعا نعم الله علينا التي لا تحصى ولا تعد ومعرفة قدرته في خلقه والألم والحسرة إن فاتتنا طاعة أو
غفلنا عنه تعالى فلا بد من النزعاج وإلا فلا قلب ولا خير
فيمن لم يحزن لنسيان الله ثم أيضا رؤية الناس المؤمنين الذين تحفزك
معرفتهم لأفضليتهم عليك في العلم والإلتزام وهنا أستحضر
قول للشيخ محمد حسين يعقوب وهو يتحدث عن الشيخ العثيمين
وقال إن الدي ينظر إلى حرص العثيمين على تعليم الطلبة
ليخجل من نفسه لكأننا لا نفعل شيئا

ختاما أخواتي عندي استفسار عن أبي الدحداح فهده القصة
سبق لي أن قرأتها لابن الدرداء فما الصواب في دلك

أنا في انتظارك أختي أم أسامة
وفي انتظار الجميع

أم البراء 25-08-07 09:34 PM

ما شاء الله يا فرح مسلمة ..
بورك فيك وفي اجتهادك ..

افتقدتك في المحاضرة :)

أم أسامة هنيئا لك صحبتها ..

فرح مسلمة 25-08-07 09:39 PM

السلام عليكم عدرا لقد أردت أن أحضر المحاضرة ولكن كان
مشكل في الصوت

أم أســامة 25-08-07 10:29 PM

ما شاء الله تبارك الله ..
بوركتِ أختي " فرح مسلمة " ..

نفع الله بكِ ..

لي عودة بإذن الله ..

.............

أم البراء ..
إذا كانت هناك أسئلة على مادة الكتاب لمن توجه ؟
حتى يجيب عليها ..

بارك الله فيك .،

..

أم البراء 26-08-07 07:37 AM

حياكما الله أخواتي الحبيبات ..

سأضع لكما هنا أسئلة ..انتظر إجابتكما عليها ..


1 - ما أصل القدرة على فعل الشيء ؟
2 - من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته : " واسألك الرضا ... " أكملي الدعاء .
3 - اذكري عوامل بعث الشوق إلى الله .
4 - ما مجالات بعث الشوق ؟
5 - للشوق إلى الله لصوص وقطاع طرق . من هم الذين ذكرهم الكاتب ؟
6-اكملي : على قدر ......... تأتي ........... .
7- في رأيك .. ما العوامل الأخرى الباعثة للشوق إلى الله في نفسك وفي نفوس الآخرين؟


في انتظاركما لأنزل لكم المقرر الثاني بارك الرحمن فيكم

أم البراء 26-08-07 07:37 AM

سنوجهها إلى أحد مشايخنا لو أحببتم يا أم أسامة ..
سأفتح صفحة خاصة لما استصعب عليكم فهمه ..

فرح مسلمة 26-08-07 12:37 PM

إجابتي على الأسئلة
 
السلام عليكم مشرفتي الغالية أم البراء
سأجيب عن الأسئلة إن شاء الله:
1- أصل القدرة على فعل الشيء أولا إعانة الله وتوفيقه لعبه في أن
يريد ما يريده الله تعالى بعدها يأتي عمل العبد وإرادته .
2- واسألك الرضا بالقضاء وبرد العيش بعد الموت ولذة لنظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك ....
3- عوامل بعث الشوق هي:معرفة و إحصاء أسماء الله الحسنى و النظر في
نعمه علينا عز وجل وشكره عليها والتحسر على ما فات من
الأوقات دون أن ندكره فيها والنظر في سير الصالحين ممن تعايش وممن لم
تعايش من هم أحسن منك في العمل و البذل وفي ذلك أعظم ذكرى
4-أما مجالات الشوق فهي رؤية وجه الله تعالى ولقائه والشوق
إلى جنته ورحمته ولقاء المؤمنين الصالحين ولقاء النبي صلى الله عليه
وسلم
5-دكر الكاتب الأموال والأولاد والأزواج قطاعا للطرق وخاصة
في رمضان.
6- على قدر المؤونة تأتي المعونة
7- بالنسبة لي فإن عامل الصحبة الصالحة تلعب دورا هاما
في التدكير والتفكر في الله ما أحوجني لأخوات كن نعمة الأخوات
بالنسبة لي والله إن الأخوة الصافية هي طريق سريع إلى الله
أخواتي قبل أن آتي لأعيش في إسبانيا كنت طالبة في دار
القرآن وكانت كل أخواتي قريبا تحفظن القرآن معرفتهن شدتني
كثيرا
أتمنى أن أكون قد أجبت وأتمنى أن لا أكون قد خرجت على الموضوع

فرح مسلمة 26-08-07 12:53 PM

ألتمس من الأخت أم أسامةوأم البراء العدر
 
أخواتي الكريمات
أريد أن أعتدر لأن لم أجب أمس على الأسئلة ودلك لأنه ليس
لدي إنترنت في البيت سيكون عندي بإدن الله يوم الثلاثاء
أو الأربعاء لدلك ألتمس من الأخت أم أسامةوأم البراء العدر

أم أســامة 27-08-07 01:23 PM

مقتطفات وفوائد من الجزء الأول :


* اصل القدرة على فعل الشيء معونة الله ثم مؤونة العبد، ونعني بالمؤونة رغَبته وإرادته، فعلى قدر المؤونة تأتي المعونة.

* الشوق إلى الله ولإرضائه أفناه رَين الشبهات والشهوات وأهلكته جوائح المعاصي ومرور الأزمنة دون كدح إلى الله .

من عوامل بعث الشوق إلى الله :

1- مطالعة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وتدبر كلامه وفهم خطابه .
2- مطالعة منن الله العظيمة وآلائه الجسيمة .
3- التحسر على فوت الأزمنة في غير طاعة الله، بل قضاؤها في عبادة الهوى.
4- تذكر سبق السابقين مع تخلفك مع القاعدين يورثك هذا تحرقًا للمسابقة والمسارعة والمنافسة .

* ينبغي مضاعفة هذا الشوق قبل شهر رمضان لتُضاعف الجهد فيه، وهذا الشوق نوع من أنواع الوقود الإيماني الذي يُحفّز على الطاعة .

* أعظم وأخطر مجالات الشوق هو : الشوق إلى رؤية وجه الله عز وجل وإلى جنته ورحمته ورؤية أوليائه في الجنة وخاصة الشوق للقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى.

* الحذر من الترفه وفتنة والأموال والإزواج في الشهر الفضيل .

* فحيَّهلا إن كنت ذا همةٍ فقدْ حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا

ولا تنتظر بالسير رفقة قاعدٍ ودعُه فإن العزم يكفـيك حاملـــاً

أم أســامة 27-08-07 01:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فرح مسلمة (المشاركة 46004)
أخواتي الكريمات
أريد أن أعتدر لأن لم أجب أمس على الأسئلة ودلك لأنه ليس
لدي إنترنت في البيت سيكون عندي بإدن الله يوم الثلاثاء
أو الأربعاء لدلك ألتمس من الأخت أم أسامةوأم البراء العدر

بوركتِ أختي " فرح مسلمة "
ويسر الله أمورك ..
عذراً لتأخري في القراءة معك ..

أنا بانتظارك ..

أم البراء 27-08-07 01:44 PM

بارك الله فيكن وجزاكن الله خيرا

هنا رابط أرجو الإطلاع عليه ..

http://www.t-elm.net/moltaqa/showthr...6128#post46128

وسأكمل لكم المقرر لليوم الثاني الذي يحتوي على القاعة الثانية والثالثة..

أم البراء 27-08-07 01:44 PM

القاعدة الثانية


معرفة فضل المواسم ومنة الله فيها
وفرصة العبد منها


قال ابن رجب رحمه الله : وجعل الله سبحانه وتعالى لبعض الشهور فضلاً على بعض، كما قال تعالى: { مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } وقال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} وقال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} كما جعل بعض الأيام والليالي أفضل من بعض، وجعل ليلة القدر خيرًا من ألف شهر، وأقسم بالعشر وهي عشر ذي الحجة على الصحيح (وما في هذه المواسم الفاضلة موسمٌ إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته، يُترَّب بها إليه، ولله فيه لطيفة من لطائف نفحاته، يصيب بها من يعود بفضله ورحمته عليه، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات، وقد خرج ابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات ربكم فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤُمن روعاتكم" (ضعيف الجامع).


وفي الطبراني من حديث محمد بن مسلمة مرفوعًا: "إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا" (صحيح الجامع).


وفي مسند الإمام أحمد عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس من عمل يوم إلا يُختم عليه" (صحيح الجامع).


روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن مجاهد قال: ما من يوم إلا يقول: ابن آدم قد دخلت عليك اليوم ولن أرجع إليك بعد اليوم فانظر ماذا تعمل فيّ، فإذا انقضى طواه، ثم يختم عليه فلا يفك حتى يكون الله هو الذي يَفُضُّ ذلك الخاتم يوم القيامة، ويقول اليوم حين ينقضي: الحمد لله الذي أراحني من الدنيا وأهلها، ولا ليلةٍ تدخل على الناس إلا قالت كذلك، وبإسناده (أي ابن أبي الدنيا) عن مالك بن دينار.
وعن الحسن قال: ليس يوم يأتي من أيام الدنيا إلا يتكلم، يقول: يا أيهال الناس: إني يوم جديد وإني على ما يُعمل فيّ شهيد، وإني لو قد غربت الشمس لم أرجع إليكم إلى يوم القيامة. وعنه أنه كان يقول: يا ابن آدم اليوم ضيفك، والضيف مرتحل يحمدك أو يذمُّك، وكذلك ليلتك، وبإسناده عن بكر المُزني أنه قال: ما من يوم أخرجه الله إلى أهل الدنيا إلا ينادي: ابن آدم اغتنمني، لعله لا يوم لك بعدي، ولا ليلةٍ إلا تنادي: ابن آدم اغتنمني، لعله لا ليلة لك بعدي.


وعن عمر بن ذر أنه كان يقول: اعملوا لأنفسكم رحمكم الله في هذا الليل وسواده، فإن المغبون من غبن خير الليل والنهار، والمحروم من حرم خيرهما، وإنما جُعلا سبيلاً للمؤمنين إلى طاعة ربهم ووبالاً على الآخرين للغفلة عن أنفسهم، فأحيوا لله أنفسكم بذكره، فإنما تحيا القلوب بذكر الله. أهـ( ).


واعلم- رحمني الله وإياك- أن معرفة فضل المواسم يكون بمطالعة ما ورد فيها من فضل وبما يحصل للعبد من الجزاء إذا اجتهد.


ويمكنك مطالعة هذه النصوص والآثار في الكتب المعنية بالفضائل كرياض الصالحين للنووي والترغيب والترهيب للمنذري ولطائف المعارف لابن رجب.

***



--------------------------------------------------------------------------------

( [1] ) "لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف" (ص40) فما بعدها بتصرف يسير.

أم البراء 27-08-07 01:45 PM

القاعدة الثالثة



تمارين العزيمة والهمة



إذا كان الأصوليون يعرّفون العزيمة بأنها ما بُنيت على خلاف التيسير كالصوم في السفر لمن أطاقه، وعدم التلفظ بكلمة الكفر وإن قتل، فإن العزيمة عند أهل السلوك لها حظ من هذا المعنى فالعزيمة أو العزم عندهم هو استجماع قوى الإرادة على الفعل.


وكأن صاحب العزيمة لا رخصة له في التخلف عن القيام بالهمة، بل هو مطالب باستجماع قوته وشحذها حتى يطيق الأداء.


وغالب من تكلم في هذا الباب لم يشر إلى أهمية تمارين العزيمة أي تحفيز الهمة لتقوى على المجاهدة في الأزمنة الفاضلة، مع أن الشرع أشار إلى ذلك باستحباب صوم شعبان لتتأهب النفس وتقوى على صيام رمضان بسهولة.


وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل أن يبدأ بركعتين خفيفتين حتى تتريض نفسه ولا تضجر.


وأشار الشاطبي في الموافقات إلى أن السنن والنوافل بمثابة التوطئة وإعداد النفس للدخول في الفريضة على الوجه الأكمل.


وكثير من الناس يعقد الآمال بفعل جملة من الطاعات في شهر رمضان فإذا ما أتى الشهر (أصبح خبيث النفس كسلان) وذلك لأنه لم يحل عقدة العادة والكسل والقعود.


والعزيمة لا تكون إلا فيما لا تألفه النفوس أو لا تحبه فتحتاج النفس إلى المجاهدة في معرفة فضل ذلك العمل المكروه إليها ثم في مجاهدة وإرادات العجز والكسل، ولذلك قال الله عن الجهاد: { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ...}.

وتمارين العزيمة من صميم القيام بحق شهر رمضان وتحصيل المغفرة فيه لأنه لا قوة للنفس ما لم تُعد العدة للطاعة قال تعالى: { وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُم فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ }.

قال ابن الخراط- في كتابه الصلاة والتهجد- كتب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز- رحمهما الله- : أما بعد، فإنه من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر، ومن نظر العواقب نجا، ومن أطاع فهو أفضل، ومن حلُم غنم، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم، فإذا ندمت فأقلع، وإذا جهلت فَسَلْ، وإذا غضبت فأمسك، واعلم أن أفضل الأعمال ما أُكرهم النفسُ عليه. وقد اعترض بعض العلماء بظاهر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المُنبتَّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى"( )، وبقوله صلى الله عليه وسلم : "اكفلوا من العمل ما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا"( )، وبالحديث الآخر: "ليصلّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر أو كسل فليقعد"( )، ولم يُرد صلى الله عليه وسلم ألا تعمل حتى تنشط بحسك للعمل، وحتى تقبل عليه وتبادر إليه، فإن النفس كسلى ثقيلة عن فعل الخير، بطيئة النهوض إلى أعمال البر، فلو لم تصلّ مثلاً حتى تدعوك نفسك للصلاة وحتى تنشط إليها وتخف عليها لما صليت إلا قليلاً، وربما لم تصل معها أبدًا، ولا قامت لك عن فراشها ولا تركت راحتها ولا لذيذ نومها.


وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق وحذر من الإفراط في التعب الذي يقطع بصاحبه ويُقعده، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "اكفلوا من الأعمال ما تطيقون" ما يدل على الاجتهاد ويبيح أخذ النفس بما تكره منه، فإن الإنسان قد يكره على الضرب (النوع) من العمل ويكسل عنه، فإذا كُلِّفهُ أطاقه وقام به وتحمل المشقة فيه مع كراهيته له وكسله عنه، فلا بد من الحمل على النفس وأخذها بالجد والكد، وتخويفها بأن تُسبق إلى الله عز وجل، وتحذيرها من أن يُستأثر دونها بما عند الله، وأن يصل العمل بالعمل والاجتهاد بالاجتهاد حتى يصل إلى الحد الذي حذر منه رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يخاف معه الانقطاع والانبتات، وفي الخير: "الخير عادة والشر لحاجة"( )، وقال أبو الدرداء لرجل يقال له صبيح: "يا صبيح تعود العبادة فإن لها عادة، وإنه ليس على الأرض شيءٌ أثقل عليها من كافر". وأما قوله النبي صلى الله عليه وسلم "ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر أو كسل فليقعد" فما أراد- والله أعلم- أن تصلي ما دمت على نشاط فإذا خالطك الكسل أن تترك الصلاة، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الكسل الذي لا يقدر معه صاحبه على شيء إلا بعد جهد جهيد وحمل على النفس شديد، حتى لو قيل مثلاً صلِّ وخذ كذا وكذا- لثواب حاضر يُعرض عليه ويُرغب فيه- لم يقدر فهذا هو الكسل الذي يُنهى صاحبه عن العمل معه مخافة الانقطاع وترك العمل، هذا أو نحوه، والله أعلم، والدليل على هذا القول تكلُّفه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة حتى تشققت قدماه، وهذا إنما هو في النافلة وأما الفريضة فتُصلى على كل حال، في الصحة والمرض يصليهما قائمًا أو قاعدًا أو مضطجعًا أو مكتوفًا أو كيف كان وكيفما أمكن أهـ. من كتاب الصلاة والتهجد لابن الخراط( ).


ولعل هذا التحقيق النفيس قد جلّى لك كوامن أسرار، فكن منها على ذُكر فإن هذا المقام من أنفس ما تجده في كتب الزهد والرقائق والسلوك.

(لقد فقه سلفنا الصالحون عن الله أمره، وتدبروا في حقيقة الدنيا، ومصيرها إلى الآخرة، فاستوحشوا من فتنتها، وتجافت جنوبهم عن مضاجعها، وتناءت قلوبهم من مطامعها، وارتفعت همتهم على السفاسف فلا تراهم إلا صوامين قوامين، باكين والهين، ولقد حفلت تراجمهم بأخبار زاخرة تشي بعلو همتهم في التوبة والاستقامة، وقوة عزيمتهم في العبادة والإخبات، وهاك طرفًا من عباراتهم وعباداتهم التي تدل على تشميرهم وعزيمتهم وهمتهم:

قال الحسن: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره.

وقال وهيب بن الورد: إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل، وقال الشيخ شمس الدين محمد بن عثمان التركستاني: ما بلغني عن أحد من الناس أنه تعبد عبادة إلا تعبدت نظيرها وزدت عليه.

وقال أحد العباد: لو أن رجلاً سمع برجل هو أطوع لله منه فمات ذلك الرجل غمًا ما كان ذلك بكثير.
وقيل لنافع: ما كان ابن عمر يفعل في منزله؟ قال: الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما.
وكان ابن عمر إذا فاتته صلاة الجماعة صام يومًا، وأحيا ليلة، وأعتق رقبة.

واجتهد أبو موسى الأشعري النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته اجتهادًا شديدًا، فقيل له: لو أمسكت أو رفقت بنفسك بعض الرفق؟ فقال: عن الخيل إذا أُرسلت فقاربت رأسَ مجراها أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من أجلها أقلُّ من ذلك، قال: فلم يزل على ذلك حتى مات.

وعن قتادة قال: قال مورق العجلي: ما وجدت للمؤمن في الدنيا مثلاً إلا مثل رجلٍ على خشبة في البحر، وهو يقول: "يا رب يا رب" لعل الله أن ينجيه.

وعن أسامة قال: كان من يرى سفيان الثوري يراه كأنه في سفينة يخاف الغرق، أكثر ما تسمعه يقول: "يا رب سلّم سلّم".

وعن جعفر: دخلنا على أبي التياح نعوده، فقال: والله إنه لينبغي للرجل المسلم أن يزيده ما يرى في الناس من التهاون بأمر الله أن يزيده ذلك جدًا واجتهادًا، ثم بكى.


وعن فاطمة بنت عبد الملك زوج أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله قال: ما رأيت أحدًا أكثر صلاة ولا صيامًا منه ولا أحدًا أشد فرقًا من ربه منه، كان يصلي العشاء ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينتبه فلا يزال يبكي تغلبه عيناه، ولقد كان يكون معي في الفراش فيذكر الشيء من أمر الآخرة فينتفض كما ينفض العصفور من الماء ويجلس يبكي فأطرح عليه اللحاف.


وعن المغيرة بن حكيم قال: قالت فاطمة بنت الملك: يا مغيرة، قد يكون من الرجال من هو أكثر صلاة وصيامًا من عمر ابن عبد العزيز ولكني لم أر من الناس أحد قط كان أشد خوفًا من ربه من عمر، كان إذا دخل البيت ألقى نفسه في مسجده، فلا يزال يبكي ويدعو حتى تغلبه عيناه، ثم يستيقظ فيفعل مثل ذلك ليلته جمعاء.


وعن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع أنه دخل على فاطمة بنت عبد الملك فقال: ألا تخبريني عن عمر؟ قالت: ما أعلم أنه اغتسل من جنابة ولا احتلام منذ استُخلِف.

وكان الأسود بن يزيد يجتهد في العبادة، ويصوم في الحر حتى يخضر جسده ويصفر، فكان علقمة بن قيس يقول له: لِمَ تعذب نفسك؟ فيقول: كرامتها أريد، وكان يصوم حتى يخضر جسده ويصلي حتى يسقط، فدخل عليه أنس بن مالك والحسن فقالا له: إن الله عز وجل لم يأمرك بكل هذا، فقال: إنما أنا عبد مملوك لا أدع من الاستكانة شيئًا إلا جئت به.

وقيل لعامر بن عبد الله: كيف صبرك على سهر الليل وظمأ الهواجر؟ فقال: هل هو إلا أني صرفت طعام النهار إلى الليل ونوم الليل إلى النهار؟ وليس في ذلك خطير أمر، وكان إذا جاء الليل قال: أذهب حرُ النار النوم، فما ينام حتى يصبح.

وعن الحسن قال: قال عامر بن قيس لقوم ذكروا الدنيا: وإنكم لتهتمون؟ أما والله لئن استطعت لأجعلنهما همًا وا حدًا، قال: ففعل والله ذلك حتى لحق بالله.
وعن أحمد بن حرب قال: يا عجبًا لمن يعرف أن الجنة تُزيَّن فوقه والنار تُسَعَّرُ تحته كيف ينام بينهما؟

وكان أبو مسلم الخولاني قد علق سوطًا في مسجد بيته يخوّف به نفسه، وكان يقول لنفسه: قومي فوالله لأزحفن بك زحفًا، حتى يكون الكلل منك لا مني، فإذا دخلت الفترة (الفتور) تناول سوطه وضرب به ساقه، وقال: أنت أولى بالضرب من دابتي، وكان يقول: أيظن أصحاب محمد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستأثروا به دوننا؟ كلا والله لُتُزاحمَنَّهم عليه زحامًا حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالاً.

وكان منصور بن المعتمر إذا رأيته قلت: رجلٌ أصيب بمصيبة، منكسر الطرف، منخفض الصوت، رطْب العينين، إن حركته جاءت عيناه بأربع، ولقد قالت له أمه: ماذا الذي تصنع بنفسك؟ تبكي الليل عامته لا تسكت؟ لعلك يا بني أصبتّ نفسًا، لعلك قتلت قتيلاً، فيقول: يا أماه، أنا اعلم بما صنعت نفسي.

وقال هُشيم تلميذ منصور بن زاذان: كان لو قيل له إن ملك الموت على الباب ما عنده زيادة في العمل.

وكان صفوان بن سليم قد تعقدت ساقاه من طول القيام، وبلغ من الاجتهاد ما لو قيل له: القيامة غدًا ما وجد مزيدًا، وكان يقول: اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي.

وعن موسى بن إسماعيل قال: لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكًا قط صدقْتُكم، كان مشغولاً بنفسه، إما أن يحدث وإما أن يقرأ وإما أن يسبح وإما أن يصلي، كان قد قسم النهار على هذه الأعمال.


وعن وكيع قال: كان الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى، واختلفت إليه أكثر من ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة.


وعن حماد بن سلمة قال: ما أتينا سليمان التيمي في ساعة يطاع الله عز وجل فيها إلا وجدناه مطيعًا، إن كان في ساعة صلاة وجدناه مصليًا، وإن لم تكن ساعة صلاة وجدناه إما متوطئًا أو عائدًا أو مشيعًا لجنازة أو قاعدًا في المسجد، قال: فكنا نرى أنه لا يحسن يعصي الله عز وجل.

فهؤلاء هم أنموذج السالكين الصادقين.

فتشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح


وهذه كانت سيرتهم في مجاهدة النفس ومغالبة الهوى فاستحضرها عند هبوب ريح الكسل وسل الله حسن العمل.

***




--------------------------------------------------------------------------------

( [1] ) رواه البيهقي في السنن وفيه ضعف.

( [2] ) رواه البخاري ومسلم و أحمد.

( [3] ) رواه البخاري ومسلم وأحمد.

( [4] ) رواه ابن حبان مرفوعًا بإسناد حسن.

( [5] ) "الصلاة والتهجد" (ص305).

أم أســامة 27-08-07 01:48 PM

جزاكِ الله خيراً يا أم البراء .،
ووفقكِ الله لكل لما يحب ويرضى ..

أم البراء 27-08-07 02:21 PM

في انتظار أجوبتــــــــكم ..

1 - للطاعات مواسم متفاضلة وأيام وأوقات . اذكري بعضها .

2 - فيما تكون العزيمة ؟

3 - قال الحسن " من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره " ما الفوائد المستخرجة من هذا القول ؟

فرح مسلمة 28-08-07 04:02 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
إن ما يستفاد من هذه القاعدة أمرين مهمين:
* فضل معرفة المواسم والفرق بين الشهور والأيام لما لها من
في الأجر عند الله عزوجل إن الله قد فرق بين الأشهر :يقول عزوجل:
-منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم-
وقال تعالى:-الحج أشهر معلومات- ....إذن فاغتنام المواسم والأوقات
الباركة عند الله فيه خير كبير وفوز عند الله لا شك ولا ريب.
أما النقطة الثانية : فيها يقسم الكاتب وقت ابن آدم إلى ليل
ونهار
روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن مجاهد قال: ما من يوم يقول :ابن
آدم قد دخلت عليك اليوم ولن أرجع إليك بعد اليوم فانظر
ماذا تعمل في فإذا انقضى طواه........
وفي هذا تخويف للإنسان وتشجيع له في نفس الوقت لكي يراجع نفسه
ويراجع لحظات يومه وليله ...فلا عودة لهما بعد انقضائهما
فاللهم ثبتنا واقبل منا ووفقنا للخير.

أما القاعدة الثانية :
فيستفاد منها كيفية قيام المسلم بواجباته العبادية وطاعاته وكيف
يمكنه أن يتقرب من الله تعالى في ساعة الفتور والنشاط وهنا
لابد من الإشارة إلى ضرورة ترويض النفس وقهرها على عبادة
الله وإن أبت .....لابد من ترويضها على قراءة القرآن وإن
ملت فإنها إن اعتادت تطبعت بما اعتادت عليه وهدا طبعا
اقتداءا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبصحابته وبسيرة التابعين

إجاباتي عن الأسئلة:
-1-من بين مواسم الطاعات شهر رمضان -الحج-ليلة القدر-...
-2-تكون العزيمة في ترويض النفس وقهرها على ما تكره فتكون إرادتها
بعد ذلك موافقة لما يأمر به الشرع
-3-لعل أول ما يجب الإشارة إليه في البداية هو تفضيل الدين عن الدنيا بل يجب أن تكون هده عقيدة عند كل مسلم
فلا تفاضل بين المسلمين في المال أو المناصب ولكن في القرآن نعم
في طلب العلم نعم أما من افتخر بمنصب أو جاه فالمسلم الحق
لايهتم لهدا أبدا

أم البراء 28-08-07 05:27 PM

القاعدة الرابعة



نبذ البطالة والبطالين ومصاحبة ذوي الهمم




ليس هناك أشأم على السائر إلى الله من البطالة وصحبة البطالين، فالصاحب ساحب، والقرين بالمقارّن يقتدي.


(والبرهان الذي يعطيه السالكون علامة لصدقهم أنهم يأبون غلا الهجرة والانضمام إلى القافلة ويذرون كل رفيق يثبطهم ويزين لهم إيثار السلامة، ينتفضون ويهجرون كل قاعد، ويهاجرون مع المهاجرين إلى الله، ويطرحون أغلال الشهوات وحب الأموال عن قلوبهم)( ).


ولما أراد قاتل المائة أن يتوب حقًا قيل له: اترك أرضك فإنها أرض سوء واذهب إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم. متفق عليه. فلابد لمن أراد تحصيل المغفرة من شهر رمضان أن يترك المُخْلِدين إلى الأرض ويزامل ذوي الهمم العالية كما قال الجنيد: سيروا مع الهمم العالية.


وقد أمر الله خير الخلق صلى الله عليه وسلم بصحبة المجدّين في السير إلى الله وترك الغافلين فقال عز من قائل : { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا }، وقال عز وجل: { وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}، وقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ
الصَّادِقِينَ }.

فلو صحب الإنسان من يظنون أن قيام الساعة من الليل إنجاز باهر فهو مغبون لن يعْدُو قدره، بل سيظل راضيًا عن نفسه مانًّا على ربه بتلك الدقائق التي أجهد نفسه فيها ولكنه لو رأى الأوتاد من حوله تقف الساعات الطوال في تهجد وتبتل وبكاء (وهم مُتَقَالُّونْهَا) فأقل أحواله أن يظل حسيرًا كسيرًا على تقصيره مرددًا.


أنا العبد المخلَّفُ عن أُناسٍ حوَوْا من كل معروفٍ نصيبا


ونبذ البطالة هجيري الناسك في كل زمان، وقد قيل: الراحة للرجالة غفلة.


وقال شعبة بن الحجاج البصري أمير المؤمنين في الحديث: لا تقعدوا فُراغًا فإن الموت يطلبكم.
وقال الشافعي: طلب الراحة في الدنيا لا يصح لأهل المروءات، فإن أحدهم لم يزل تعبان في كل زمان.
وقيل لأحد الزهاد: كيف السبيل ليكون المرء من صفوة الله؟ فقال: إذا خلع الراحة وأعطى المجهود في الطاعة.


وقيل للإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة؟ فقال: عند أول قدم يضعها في الجنة.


أما البحث عن ذوي الهمم والمروءات وأصحاب السرِّ مع الله فهي بُغية كل مخلص في سيره إلى الله، قال زين العابدين: إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه.


وقال الحسن البصري: إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا، لأن أهلنا يُذّكّروننا بالدنيا وإخواننا يُذّكّروننا بالآخرة، قال شاعر:

لعمرك ما مالُ الفتى بذخيرة ولكنَّ إخوان الثقات الذخائرُ


وكان من وصايا السلف انتقاء الصحة، قال الحسن البصري: إن لك من خليلك نصيبًا، وإن لك نصيبًا من ذكر من أحببت، فاتقوا الإخوان والأصحاب والمجالس.


فاجتهد أيها الأريب باحثًا عن أعوان المسير أصحاب الهمم العالية، ابحث عنهم في المساجد بالضرورة، اسأل عنهم في مجالس التقاة، لا تستبعد المفاوز لتصل إليهم ولو اقتضى الأمر أن تعلن في الصحف السيارة.


(مطلوبٌ : معينٌ على الخير في شهر رمضان)


يا له من إعلان ..

مع هذه الصحبة تتحاثون على تدارك الثواني والدقائق، تحاسبون أنفسكم على الزفرات والأوقات الغاليات، لو فرط أحدكم في صلاة الجماعة وجد من يستحثه على عقاب نفسه كما كان يفعل ابن عمر.
ترى البطالين يصلون التراويح سويعة ثم يسهرون ويسمرون ويسمدون وتضيع عليهم صلاة الفجر { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا }.

لا أيها الرشيد، تعال أخبرْك بحال من اجتمعوا على السير إلى الله: أوقاتهم بالذكر وتلاوة القرآن معمورة، مساجدهم تهتز بضجيج البكاء من خشية الله، تراهم ذابلين من خوف الآخرة، وعند العبادة تراهم رواسي شامخات كأنهم ما خلقوا إلا للطاعة، ليس في قاموسهم: فاتتني صلاة الجماعة، دع عنك أصل الصلاة، تراهم في قيامهم وقعودهم مطأطئين على حياء من الله يقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.


ليلهم، وما أدراك ما ليلهم؟ نحيب الثكالى يتوارى عند نشيجهم { كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ } صلاتهم في ظلام تُجلِّلُ بأنوار الكرامة، فهم في حللها يتبخترون، وببهاء مناجاتهم لربهم يتيهون، محى استغفار الأسحار سخائم قلوبهم، فهم في نعيم الأنس يتقلبون، وبلذيذ الخطاب يستمتعون، وهذا (الحفظي) يخبرنا:


والجنيـد يقول طاحـتْ كل عِلْــمٍ وإشــارهْ
ورسـوماتٌ تلاشـتْ وانمحـت تلك العبـارهْ
وركيعـات توالـتْ سحـرًا فيهـا البشـارهْ
ورأينـا فـي المـآل ذلك الكنـز الدّفينـا
فـاز من قـام الليالي بصلاة الخـاشـعـينا


واعلم أيها النبيه إن من تمام سعيك لتحصيل المغفرة من شهر رمضان أن تبحث لك عن شيخ مربّ أريبٍ، قد يكون ظاهرًا أو خفيًا، قد يكون عالمًا أو طالب علم، ولكنك من لحظه ولفظه تعلم أنه صاحب سرّ مع الله، ومثل هؤلاء يشتهر أمرهم غالبًا بين الناس، وإن بالغوا في التخفي فلن تعدم من يدلك عليهم إذا أكثرت التسأل عنهم.


وشرط انتفاعك بهم أن يكونوا من أهل السنة والنسك السلفي، فهؤلاء هم أمنة الأمة وهداتها.
ومثل هؤلاء تنتفع بهديهم ودلهم وسمتهم وبفعالهم قبل أقوالهم، تراهم في الصلاة نموذجًا للرهبوت والتبتل والتنسك، تكبيرتهم في الصلاة وإن خفتت بها أصواتهم فكأنها صرخة في مجرات الكون بحقيقة أكبرية الله.


ركوعهم وسجودهم رمز السجود لكل الكائنات، إذا أبصرت عيناك عبادتهم وددت لو سبحت الخليقة كلها بتسبيحهم، ولعلها تفعل، أما قال الله عن داود: { إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ }.


اللهم إنا نسألك صحبة الصالحين وألحقنا بهم في جنات النعيم.
***

فرح مسلمة 28-08-07 06:00 PM

جوابي على القاعدة الرابعة
 
بسم الله الرحمن الرحيم
غاليتي وأختي أم البراء لكم أعجبتني وأثارت شوقي
هده القاعدةبل هي نقطة ضعفي ولكن للأسف لم يبق لي إلا
الإنترنت حلا في عدم لقاء هؤلاء التقيات نعم أختي الحبيبة
هنا في إسبانيا الأمر صعب في صفوف النساء وإن كانت هنك
نخبة من الرجال والشباب ظهروا بالمساجد مؤخرا وهدا يحيلني
إلى ما استفدت منه في هده القاعدة الرابعة:
الصحبة الصالحة ودورها في التقرب إلى الله بالعمل والعبادة

أم البراء 28-08-07 07:51 PM

فرح مسلمة .. بارك الرحمن فيك
وصدقيني لن يضيعك رب العالمين ..


أحبك في الله غاليتي ..

فرح مسلمة 29-08-07 12:34 AM

بارك الله فيك يا اختس و لا تنسيني من الدعاء

فرح مسلمة 29-08-07 12:55 PM

الى الاخت ام اسامة
 
اختي الحبيبة ام اسامة كيف حالك اتمنى ان يكون كل شيء على ما يرام
اختي الحبيبة انا انتظر اجابتك اريد ان نكون الاوائل في اتمام قراءة الكتاب

في انتظار جوابك
السلام عليكم
اختك التي تحبك في الله

أم البراء 29-08-07 04:11 PM

القاعدة الخامسة





إعداد بيان عن عيوبك وذنوبك المستعصية
وعاداتك القارة في سويداء فؤادك لتبدأ
علاجها جديا في رمضان وكذا إعداد
قائمة بالطاعات التي ستجتهد في
أدائها لتحاسب نفسك بعد ذلك عليها




قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا" رواه البخاري.


لأن همة أبناء الآخرة تأبى إلا الكمال، وأقل نقص يعدونه أعظم عيب، قال الشاعر:


ولم أر في عيوب الناس عيبًا كنقص القـادرين على التمـام


وعلى قدر نفاسة الهمة تشرئب الأعناق، وعلى قدر خساستها تثَّاقل إلى الأرض، قال الشاعر:


على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم


وهذا رد على من يقول: ومن لنا بمعصوم عن عيب غير الأنبياء ويردد:


من ذا الذي ترجى سجاياه كلها كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه


فإن هذه القاعدة في التعامل مع الناس، أما معاملة النفس (أيها الأريب) فهي مبنية على التهمة، وعلى طلب الكمال وعدم الرضا بالدون:


فإذا كانت النفوس كبارًا تعبت في مرادها الأجسامُ


فذاك السالك دومًا يستكمل عناصر الإيمان، كلما علم أن ثمة ثلمة، يعزم لذلك عزمة (تأمل) فإذا شرع في الاستكمال، أدرك ضرورة الصفاء فيه، وأن يرفأ ويرتُق بجنس ما وهبه الله من خير آنفًا لئلاً يفضحه النشاز (وجود العيب مع خصال الحُسن) فيعزم لذلك عزمة أخرى فثالثلة تستدعي رابعة في نهضات متوالية حتى يصيب مراده( ) (أي استكمال عناصر الإيمان).


هذه العزمات المتوالية تستحثها في كل زمان، ولكن قد يتسرطن عيب ويتجذر ذنب وتتأصل عادة، ولا يجدي مع مثل هذا أساليب علاج تقليدية، إنما هي عملية جراحية استئصالية تتطلب حميةً متوفرة في شهر رمضان، وهِمةً شحذتها قبيل هذا الزمان المبارك، فما بقي إلا أن تضع مبضع العزيمة الحاد وبجلد وصبر على آلام القطع تستأصل تلك الأورام الناهشة في نسيج إيمانك وتقواك، لا تستعمل أي مخدر، فإن شأن المخدر أن يسافر بك في سمادير السكارى وأوهام الحيارى، فتفيق دون أن تدري بأي الورم لم يُستأصل بكامله، بل بقيت منه مُضغةٌ متوارية ريثما تتسرطن ثانية فإذا كنت مدخنًا أو مبلتى بالنظر أو الوسوسة أ والعشق فبادر إلى تقييد كل هذا البلاء وابدأ العمليات الجراحية في شهر رمضان ولا تتذرع بالتدرج الذي سميناه مخدرًا، بل اهجر الذنب وقاطع المعصية وابتُر العادة ولا تجزع من غزارة النزيف وشدة الآلام، فإنه ثمن العلاج الناجح، وضرورة الشفاء البات الذي لا يغادر سقمًا.
ووجه كون شهر رمضان فرصة سانحة لعلاج الآفات والمعاصي والعادات، إنه شهر حمية أي امتناع عن الشهوات (طعام وجماع) والشهوات مادة النشوز والعصيان، كما أن الشياطين فيه تصفّد وهم أصل كل بلاء يصيب ابن آدم، أضف إلى ذلك: جماعية الطاعة، حيث لا يبصر الصائم في الغالب إلا أمةً تصوم وتتسابق إلى الخيرات فتضعف همته في المعصية وتقوى في الطاعة، فهذه عناصر ثلاثة مهمة تتضافر مع عزيمة النفس الصادقة للإصلاح فيتولّد طقس صحي وظروف مناسبة لاستئصال أي داء.


وقبل كل ذلك وبعده لا يجوز أن ننسى ونغفل عن ديوان العتقاء والتائبين والمقبولين الذي يفتحه الرب جل وعلا في هذا الشهر، وبنظرة عابرة إلى جمهور المتدينين تجد بداياتهم كانت بعبرات هاطلة في سكون ليلةٍ ذات نفحات من ليالي رمضان.


وما لم تتحفّز الهمم لعلاج الآفات في هذا الشهر لن تبقى فرصة لأولئك السالكين أن يبرأوا، فمن حرم بركة رمضان ولم يبرا من عيوب نفسه فيه، فأي زمان آخر يستظل ببركته.


وفي صحيح ابن خزيمة أن جبريل قال: "من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل آمين، فقلت: "أي النبي صلى الله عليه وسلم قال: آمين". الحديث صحيح.


وروى البطراني بسند ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم : "بعدًا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له، إذا لم يفغر له فمتى؟" قال: وروى الطبراني بإسناد فيه نظر عن عبادة بن الصامت مرفوعًا: "أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحُطُّ الخطايا ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرًا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله" الحديث.


أما استحضار أنواع الطاعات وتقييدها وتوطين العزيمة على أدائها في رمضان فهو من أهم ما يُستعدُّ له في هذا الشهر، وعلى هذا الأصل تحمل كل النصوص الواردة في فضل رمضان والاجتهاد فيه، فمعظمها صريح أو ظاهر في أنه قيل قبل رمضان أو في أوله.


ويمنّي بعض الخياليين نفسه بأماني العزيمة التي لا تعدو أن تكون سرابًا يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا.


فنراه يحلم أحلامًا وردية بأن يجتهد في هذا الشهر اجتهادًا عظيمًا، وتراه يرسم لنفسه صور الحلال وأُبهة الولاية، فإذا ما هجم الشهر، قال المسكين: اليوم خمر، وغدًا أمر.


ولو أن هؤلاء كانت لهم قبل شهر رمضان جولات في ميادين الاجتهاد في الطاعة لأنسوا من نفوسهم خيرًا لكنهم طمعوا في نوال القُرب ولما يستكملوا زاد المسير كمثل من ذهب إلى السوق بلا مال فلا يجهد إذا نفسه في المساومة بل يقال له: تنكب لا يقطرك الزحام.


لما قال أنس بن النضر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، ثم رووا لنا أنهم وجدوه في أحُد صريعًا به بضع وستون ما بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، علمنا ما أضمر الرجل.


ولما قال ذلك الصحابي: يا رسول الله ما بايعتك إلا على سهم يدخل ههنا فأدخل الجنة، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : "إن تصدُق الله يصدقُكُ" ثم رووا أن السهم دخل من موضع إشارته، علمنا ما عزم عليه الرجل


على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغُر في عين العظيم العظائم

فرح مسلمة 30-08-07 05:35 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
ان هذه القاعدة من اهم القواعد التي تطرق لها الكاتب اذ ان المؤمن ينظر الى ذنوبه و ان قلت كجبل سيسقط عليه عكس الغاقل اللاهي الذي لا يهمه الا امضاء الساعات الطوال في عبث
ليس به اوقات صلواة تنظم وقته و ليس له رادع شرعي يمنعه ويضع له حدودا في حياته
وهذا وبلا شك نتيجة للنفس ومن المحال ان يكون صاحب هذه السلوكات يتمتع بالتزكية النفسية.
اذن لا بد من النظر في الوسائل العلاجية و بالتالي لا بد من استغلال شهر رمضان بالطاعات و القربات و كيف لا و هو شهر حمية و امتناع عن الشهوات (طعام وجماع). فاللهم ارزقنا عودة اليك بثبات مخلصات لك و على صواب.

اختي ام البراء كيف حالك اتمنى ان تكوني بخير
السلام عليكم.

أم أســامة 30-08-07 08:20 PM

ماشاء الله يا فرح مسلمة ..
بارك الله فيك ..
همـــة رائعه ..حفظكِ الرحمن .،
ونفع بك ..

اعذريني ياغالية لانشغالي عنك ..

فرح مسلمة 30-08-07 08:47 PM

احبك في الله اختي الغالية ام اسامة

أم البراء 31-08-07 11:38 PM

هذه أسئلة القاعدة الرابعة والخامسة
- اذكري دليلا على أمر الله خير الخلق r بصحبة المجدّين في السير إلى الله وترك الغافلين .
- ما هي العناصر الثلاثة التي ذكرها الكاتب لاصلاح النفوس قبل رمضان؟
- إن تصدق الله يصدقك ..اذكري المثالين الذين ذكرهما الكاتب .
- تحدثي عن دور الصحبة في التقرب إلى الله عزوجل .
- ماذا استفدت من الخمس القواعد الأولى ..

في انتظار أجوبتكم لنبدأ بالقاعدة السادسة عزيزاتي ..

فرح مسلمة 01-09-07 02:48 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

اما بالنسبة لاجاباتي عن الاسئلة:
1-يقول الله عز و جل:...واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان امره فرطا...-
2-تمت بالنسبة للعناصر الثلاثة التي ذكرها الكاتب لاصلاح الكفوس قبل رمضان.....
ا..ان شهر رمضان فرصة سانحة لعلاج الافات و المعاصي و العادات
ب..ان الشياطين فيه تصفد و هم اصل كل بلاء
ج.. جماعية الطاعة اذ ان العبد في رؤيته للامة كاملة في عبادة تضعف رغبته في المعصية
3-لما قال أنس بن النضر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، ثم رووا لنا أنهم وجدوه في أحُد صريعًا به بضع وستون ما بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، علمنا ما أضمر الرجل.
هذا المثال الاول اما المثال الثاني...
ولما قال ذلك الصحابي: يا رسول الله ما بايعتك إلا على سهم يدخل ههنا فأدخل الجنة، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : "إن تصدُق الله يصدقُكُ" ثم رووا أن السهم دخل من موضع إشارته، علمنا ما عزم عليه الرجل
4-لعل اول ما ساستهل به كلامي كلام قراته في احد الكتب:....
يا لهف نفسي على اخ افتقدت يداي يده....
يا لهف نفسي على اخ كان ودي وده ..
كان يجمعنا رباط تناثر عقده...
كان لا يفارقني سبيلا فكيف بغول الطريق بعده.....
وكانها الدنيا تابى حبيبا تديمه فما يلوح حتى ترده ...
و كيف صفاء العيش للمرء بعدما تغيب عنه رهطه و حبه...
اما كان ربي ربه ?اما كان قصدي قصده.....اما كانت صلاتنا صلات قلوبنا ام قطع عهده....اما كنا اذا باشرنا معا امرا تدنو اقاصيه و يهون اشده....
يا قوم.. اني اريد اخي هذا فمن ذا يدلني عليه حتى ارده.
اخبروه عما لحقني منذ ابلاني فقده ...عساه يحنو لي و يصفو وجده ...قولوا له ..مازال حزينا بلقاء غيرك فطيبه فان وجهك سعده.---حسين يعقوب-----
هذا كلام للمربي حسين يعقوب و فيه قيم كثيرة اذ ان الاخ و الرفيق المؤمن عملة نادرة في هذا الزمان نعم اخواتي ان المحروم هو من حرم الاخ الذي يقاسمه همومه و يحبه في الله و يرفع همته في التقرب لله تعالى .... ان الاخ المؤمن هو الذي بمرافقته ترقى في التقرب لله تعالى
نسال الله ان يعيننا و يثبتنا و ياخي بيننا
5-
كل القواعد التي تطرقنا لها انما هي تضرب في منحى واحد و هو التقرب الى الله عز و جل فهي وسائل للتقرب منه عزوجل و عباداه حق عبادة.

أم البراء 02-09-07 05:40 PM

بارك الله فيك يا فرح مسلمة

نبدأ مع القاعدة السادسة إن شاء الله

القاعدة السادسة
الإعداد للطاعة ومحاسبة النفس عليها




واعلم أن الاستعداد للطاعة ومحاسبة النفس عليها وظيفتان متباينتان، لكنهما متداخلتان أي يتعاقبان ويتوارد أحدهما على الآخر.


أما الإعداد للعمل فهو علامة التوفيق وأمارة الصدق في القصد، قال تعالى: { وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً }، والطاعة لابد أن يُمهَّد لها بوظائف شرعية كثيرة حتى تؤتي أكلها ويُجتبني جناها، وخاصة في شهر رمضان حيث تكون الأعمال ذات فضل وثواب وشرف مضاعف لفضل الزمان.


فصلاة الجماعة لابد أن تسبق بإحسان الوضوء ونية صادقة حسنة في تحصيل الأجر وزيارة الله عز وجل في بيته وتعظيم أمره والبدار في تلبية ندائه (حي على الصلاة) والمسارعة في سماع خطابه والالتذاذ بمناجاته ولقائه.


فعن أبي هريرة عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "صلاة الرجل في جماعة تَضعُفُ صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يُخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يُحدث، تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في الصلاة ما انتظر الصلاة" متفق عليه.


ويحتفُّ بهذا الإعداد في التطهر والنيات إعدادٌ نفسي للقْيا الله عز وجل، ويكون ذلك بأمور منها: ترداد الأفكار الشرعية الواردة عند الخروج من البيت والمشي إلى المسجد فإنها مهمة في حضور القلب ومنها عدم فعل ما يتنافى مع الوقار والطمأنينة أثناء المشي إلى المسجد كتشبيك الأصابع وكثرة التلفت والتطلع إلى المارة وزخارف وزهرة الدنيا (وخاصة في هذه العصور) وعدم الإسراع والسعي، وذلك أن المشي إلى الصلاة جزء هام ممهد للخشوع في الصلاة، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة" متفق عليه، وفي رواية لمسلم: "فإن أحدكم إذا كان يعمدُ إلى الصلاة فهو في صلاة" ، ولا ينبغي أن يكثر من الضحك قبل الصلاة وبعدها فإنه يذهب لذة الخشوع ويقسي القلب ويحول بينه وبين الشعور بثمرة الطاعة.


وعند دخول المسجد لابد أن يدخله معظمًا مظهرًا الوجل من مهابة المكان وصاحبه، فإن المساجد منازل الرحمة ومهابط البركات، لذا شرع أن يقول الداخل إلى أي مسجد: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم.


فإذا دخل المسجد شرع في السنة الراتبة أو النافلة ريثما يقام للصلاة، وأهمية هذه السنة أو النافلة تكمن في تهيئتها وتمهيدها للفريضة لكمال الحضور فيها.


ثم يشرع في صلاة الفريضة مستحضرًا ما سنذكره عن وسائل تحصيل لذة الطاعة في الصلاة.
ومن جنس هذا الاستعدادُ لصلاة التراويح فإنها من أعظم العبادات في ليالي رمضان، ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وعن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئًا من الشهر حتى بقي سبعٌ فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة (أي قمت بنا الليلة كلها)، قال: فقال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له قيام الليلة" رواه أبو داود بإسناد صحيح.

ويشكو كثير من المواظبين على قيام الليل في رمضان من عدم لمسهم لثمرة هذه الصلاة مع اعتقادهم بأهميتها وسعيهم لبلوغ الغاية من أدائها.


والحق أن هذه الصلاة المهمة كغيرها تحتاج إلى إعداد وتهيئة، فيلزم الراغب في الانتفاع من صلاة التراويح إقلال الطعام للغاية، ويحبَّذ أن يأتي المسجد وفي بطنه مسُّ من جوع، فإنه مثمر جدًا في حضور القلب، وينبغي عليه أن يتطهر جيدًا ويلبس أحسن الثياب ويأتي الصلاة مبكرًا، وقبيح جدًا أن تفوته صلاة العشاء، فهذا دليل الحرمان وعدم الفقه في الدين، فإن صلاة العشاء في جماعة تعدل قيام نصف ليلة كما في الحديث، فوق كونها فريضة والله عز وجل يقول في الحديث القدسي: "وما تقرب إليّ عبدي بأحب إليّ مما افترضته عليه" رواه البخاري.

ثم يستحضر القدوم على الله والوفادة إليه وانتهاز فرصة التعرض لرحمته ومغفرته والعتق من النار، ويذهب إلى المسجد يدفعه الشوق والرغبة في الفضل، ويكدره الحياء من الله وخوف الرد والإعراض، ويطلب مساجد أهل السنة حتى يُوهَبَ للصالحين إن كان من غير المقبولين ثم يستحضر ما ذكرناه من وظائف عند الدخول في الصلاة وأثنائها.


أما محاسبة النفس على الطاعات فهذا من أنفع الوظائف التي يقوم بها العابدون في شهر رمضان، والأصل أن المحاسبة وظيفة لازمة للسالك طريق الآخرة، ولكنها تتأكد وتزداد في هذا الشهر.


والمحاسبة معناها: فحصُ الطاعة ظاهرًا وباطنًا، وأولاً وآخرًا، بحثًا عن الثمرة ليعرف مأتاها فيحفظَه، وقدرها فينميه، ووصولاً للنقص سابقًا، ليتداركه لاحقًا.


والمحاسبة تكون قبل العمل وأثناءه وبعده.

أما قبله فبالاستعداد له واستحضار ما قصّر فيه حتى يتلافاه، وأثناءه بمراقبة العمل ظاهرًا وباطنًا أوله وآخره، والمحاسبة بعد العمل بإعادة ذلك العمل.


وهذه المحاسبة إذا واظب عليها المرء صارت مسلكًا لا يحتاج إلى تكلّف ومعالجة وسيجد غِبَّ هذه المحاسبة وثمرتها تزايدًا في مقام الإحسان الذي سعى إليه كل السالكون وهي أن يعبد الله كأنه يراه.
ومثل هذه المحاسبة ينبغي أن تكون في الخفاء، يحاور نفسه وهواه ويعالج أي قصور بِلوم نفسه وتقريعها وعقابها على كسلها وخمولها.


ولا يُنصح بمداومة الاعتماد على أوراد المحاسبة الشائعة، وقد اختلف فيها الناس على طرفين، فمنهم من جعلها وسيلة دائمة للتربية، وطريقة ناجحة لتقويم النفس، ومنهم من بالغ ومنع منها مطلقًا واصفًا إياها بالبدعة، والحق التوسط، نعم هي وسلة لم ترد عن سلف هذه الأمة لكن تشهد لها نظائر في الشرع مثل عد التسبيح بالحصى ونحو ذلك مما ثبت عن الصحابة والتابعين، ثم إننا لا نقول بجواز الاعتماد على تلك الأوراد في كل الأحايين بل ننصح بها في بداية السير وأيضًا لا نُلزم بها أحدًا، ولكن من عوّل عليها في بداية سيره لكون نفسه متمردةً شمُوسًا فنرجو ألا يكون ثمة حرج، شرط عدم توالي اعتماده عليها.


والصواب تنشئة النفس على دوام المحاسبة الذاتية والمراقبة الشخصية، وتعويدها على العقاب عند الزلل، فإن هذا من شأنه أن ينقّي العبادة من أي حافز خارجي دخيل على النية الصالحة كرغبة في تسويد ورقة المحاسبة أو نحو ذلك. وقال الحفظي:


شـارط النفس وراقب لا تكـن مثل البهائـم
ثم حاسـبها وعاتـب وعلـى هـذا فـلازم
ثم جاهدها وعاقـب هكذا فعـل الأكـارم
لم يزالوا في سـجالِ للنـفـوس محاربـيـنا
فاز من قام الليـالي بصــلاة الخاشعـيـنا




***


أم البراء 04-09-07 04:18 PM

القاعدة السابعة
مطالعة أحكام الصوم وما يتعلق بشهر رمضان

وهذا من أكد الواجبات، فمفتاح السعادة ومنشور الولاية مرهون بالعلم الصحيح النافع الممهّد للعمل الصالح، وليس ثمة عمل صالح بدون علم نافع.


والعم النافع ينادي على صالح العمل فإن أجابه وإلا ارتحل، وكما وجب على المصلي تعلم ما يقيم به صلاته وعلى المزكّي ما يخرج به زكاته وهلم جرا… فيقبح قبحًا شرعًا أن يتعرض الناسك لأجل مواسم الطاعات وهو مفلس من طرائق المنافسة فقيرًا في زاد المعاملة.


ولابد من معرفة أحكام الصوم وأعذاره وأركانه ومبطلاته ومباحاته وأحكام صلاة التراويح والاعتكاف، وفي حق المرأة أن تتعلم أحكام الصوم في حق الحائض والمستحاضة والنفساء والصوم في حق الحامل والمرضع.


وننصح بالكتب الآتية في تحصيل أحكام الصيام منها مع عدم الامتناع عن سؤال أهل العلم ومراجعتهم عند المشكلات:


1- "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن القيم (باب: هديه صلى الله عليه وسلم في الصوم).

2- "صفوة الكلام في مسالك الصيام" لأبي إدريس محمد عبد الفتاح (رسالة مختصرة).

3- "فقه السنة" للشيخ سيد سابق مع تمام المنة في التعليق على فقه السنة للشيخ الألباني.
وتجنب أيها الأريب التصدر للفتيا والتبرع بالإفادات حال كونك لست من أهل هذا الشأن، فإنه مشأمة لك ومظلمة لغيرك.

ومما تتأكد مطالعته ما يتعلق بفقه المعاملة مع الرب وما ينبغي فعله في المواسم، وننصح بكتاب "لطائف المعارف" للحافظ ابن رجب رحمه الله.


***




القاعدة الثامنة

إعداد النفس لتذوق عبادة الصبر


قال تعالى: { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }.


فبعض الخليقة تجعل من مواسم الطاعة مرتعًا لنيل اللذات بكل أنواعها، وهو مرتع وخيم على صاحبه، إذ به يخرج من الشهر كما دخل بل أفسد، وتزداد المسافة بينه وبين حقيقة قصد الآخرة، وتتكاثف غيوم الشهوات حائلة بينه وبين الوصول إلى الله.


وإذا كان شهر رمضان هو شهر الصوم والصبر فما أحرانا أن نتذوق حقيقة الصبر لنتذوق حقيقة الصوم.


وأمامك أيها الساعي إلى الخيرات في هذا الشهر صبر عن المحارم، وصبر على الطاعات، ومع ذلك كله صبر على كل بلية تنالك.


وأنواع الصبر هذه هي أوسمة الولاية وقلادات الإماماة في الدين.


كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنما تُنال الإمامةُ في الدين بالصبر واليقين، واستدل بقول تعالى: { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }.


قال ابن القيم رحمه الله( ): "فإنه لا خلاف بين أهل العلم أن أظهر معاني الصبر: حبس النفس على المكرمة وأنه من أصعب المنازل على العامة وأوحشها في طريق المحبة، وإنما كان صعبًا على العامة لأن العامي مبتدئ في الطريق وليس له دربة في السلوك وليس تهذيب المرتاض بقطع المنازل، فإذا أصابته المحن أدركه الجزع وصعب عليه احتمال البلاء وعز عليه وجدان الصبر لأنه ليس في أهل الرياضة فيكون مستوطنًا للصبر، ولا من أهل المحبة فيلتذ بالبلاء في رضا محبوبه…)أهـ.


مما نقلته لك تعلم أيها الحريص على النجاة أن شهر رمضان ميدانك الرحب لتمارس رياضة الصبر وأنت مُعانٌ في كل فجِ.


فعين الله تصنعك، والأبالسة في أصفادها ترمقك، ونفسك ستراها إلى الخير وثابة وعن الشر هيّابة، فلم يبق إلا أن تعالج الخطرات والوساوس الوالجات في حنايا قلبك، ليت شعري ما أشبه قلبك بالمريض في غرفة العناية المركزة، إنه محروم من كل طعام يفسد دورة علاجه، بل محروم من مخاطبة أقرب الأقربين لتتفرغ أجهزة جسمه للانتعاش واسترداد العافية، ثم إنه يتنفس هواءً معقمًا خاليًا من كل تلوث، وتدخل في شرايينه دماء نقية لتمده بأسباب القوة، ويقاس نبضه ودرجة حرارته كل حين ليتأكد الطبيب من تحسن وظائف جسمه، فما أحرى هذا القلب السقيم الذي أوبقته أوزاره، وتعطن بالشهوات، وتلوث بالشبهات، وترهل بمرور الشهور والدهور دون تزكية وتربية، ما أحراه أن يدخل غرفة العناية المركزية في شهور رمضان، فتكون كل إمدادات قوته مادة التقوى وإكسير المحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وطاعتهما.


فلتصدر مرسومًا على نفسك أن تلزم جناب الحشمة في هذا الشهر أمام شهوة البطن وغيره، فإن أعلنت عليك التمرد فلا تتردد في فرض الأحكام الاستثنائية وأصدر قرارًا باعتقال هذه النفس الناشز وأدخلها سجن الإرادة حتى تنقاد لأوامرك إذا صدرت، فإن ازداد تمردها وتجرأت في ثورتها فألهب ظهرها بسياط العزيمة وعنفها على مخالفتها أمرك وعصيانها إرادتك، فإن أبت إلا الشرود فلوّح لها بحكم الإعدام وأنها ليست عليك بعزيزة، فإن تمنعت إدلالاً وطمعًا في عطفك فلابد من تنفيذ حكم الإعدام في ميدان العشر الأواخر بحبسها في معتكف التهذيب حتى تتلاشى تلك النفس المتمردة وتفنى، وتتولد في تلك الليالي والأيام نفس جديدة وادعة مطمئنة تلين لك عند الطاعات إذا أمرتها، وتثور عليك عند المعاصي إذا راودتها، فقد وُلدت ولادة شرعية في مكان وزمان طاهرين ونشأت وتربَّت في كنف الصالحين، فلن تراها بعد ذلك إلا على الخير.



إنها ولادةٌ لنفس ذات إمامة في الدين، تنشأت على مهد الولاية، وترفِّت في سلك الرهبوت والتبتل.


***

أم البراء 04-09-07 06:29 PM

هذه أسئلة القاعدة السادسة والسابعة والثامنة ...

- تعتبر صلاة التراويح من أعظم العبادات في ليالي رمضان . اذكري دليلا على ذلك.
- ما الأمور التي تساعد على التهيئة ولإعداد الصحيح لصلاة التراويح .
- ما معنى المحاسبة؟
- متى تكون المحاسبة وكيف؟
- اذكري أدلة على أن الصبر يعتبر من أوسمة الولاية وقلادات الدين في الإمامة ؟


بارك الله فيكن وسدد الرحمن خطاكن ..

أم البراء 06-09-07 10:08 PM


القاعدة التاسعة




كيفية تحصيل حلاوة الطاعات



أما كون الطاعة ذات حلاوة فيدل له قوله صلى الله عليه وسلم : "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً"( )، وقوله صلى الله عليه وسلم : "ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار"( )، ولما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الوصال قالوا: إنك تواصل، قال: "إني لست كهيئتكم، إني أُطعم وأُسقى"( )، وفي لفظ: "إني أظل عند ربي يُطعمني ويسقيني"( )، وفي لفظ: "إن لي مُطعمًا وساقيًا يسقيني"( )، قال ابن القيم: وقد غلُظَ حجاب من ظن أن هذا طعام وشراب حسي للفم، ثم قال: والمقصود أن ذوق حلاوة الإيمان والإحسان أمر يجده القلب تكون نسبته إليه كنسبة ذوق حلاوة الطعام إلى الفم.أهـ.


واعلم أولاً أيها السالك في مرضاة إلهك أن كلمات القوم في هذا الباب رسوم، وإرشاداتهم في هذا الباب عموم، ولا تبقى إلا الحقيقة الثابتة في نفسها، وهذه لا ينالها إلا من أناله الله إياها، ومن ذاق عرف، فكن من هذا على ذكر، لأننا سنسوق إليك كلامًا لا يفهمه غليظ الحجاب كثيف الرين، فإن استعصى عليك الفهم فلن نبادر إلى اتهام صلتك بالله، بل نقول أتمم قراءة الباب ونفذ ما سنوصيك به ثم أعد قراءة هذه السطور فإن وجدت الأمر كما وصفنا فاحمد الله الذي أذاقك طعم الإيمان وحلاوة الطاعة.
بدءًا يجب أن تعلم (أن الفكر لا يُحَدُّ واللسان لا يصمت، والجوارح لا تسكن، فإن لم تشغلها بالعظائم شُغلت بالصغائر وإن لم تُعملها في الخير عملتْ في الشر.


إن في النفوس ركونًا إلى اللذين والهين ونفورًا عن المكروه والشاق، فارفع نفسك ما استطعت إلى النافع الشاق وروّضها وسُسها على المكروه الأحسن، حتى تألف جلائل الأمور وتطمح إلى معاليها، وحتى تنفر عن كل دنية وتربأ عن كل صغيرة، علِّمها التحليق تكره الإسفاف، عرِّفها العزة تنفر من الذل، أّذِقْها اللذات الروحية العظيمة تحقر اللذات الحسية الصغيرة) ( ).


ودومًا نلح على علو الهمة باعتبارها عنصرًا جوهريًا في أي سعي عظيم، وأي سعي أعظم من سعي الآخرة، قال تعالى:
{ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا }.


ثم اعلم- علمت كل خير- أن حلاوة الطاعة ملاكها في جمع القلب والهم والسر على الله ويفسره ابن القيم قائلاً: هو عكوف القلب بكليته على الله عز وجل، لا يلتفت عنه يمنة ولا يسرة، فإذا ذاقت الهمة طعم هذا الجمع اتصل اشتياق صاحبها وتأججت نيران المحبة والطلب في قلبه.. ثم يقول: فلله همةُ نفس قطعت جميع الأكوان وسارت فما ألقت عصا السير إلا بين يدي الرحمن تبارك وتعالى فسجدت بين يديه سجدة الشكر على الوصول إليه، فلم تزل ساجدة حتى قيل لها: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي }، فسبحان من فاوت- بين الخلق في- هممهم حتى ترى بين الهمتين أبعد ما بين المشرقين والمغربين بل أبعد مما بين أسفل سافلين وأعلى عليين، وتلك مواهب العزيز الحكيم: { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } ثم يقول: وهكذا يجد لذة غامرة عند مناجاة ربه وأنسًا به وقربًا منه حتى يصير كأنه يخاطبه و يسامره، ويعتذر إليه تارة ويتملقه تارة ويثني عليه تارة حتى يبقى القلب ناطقًا بقوله: (أنت الله الذي لا إله إلا أنت) من غير تكلف له بذلك بل يبقى هذا حالاً له ومقامًا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه"( )، وهكذا مخاطبته ومناجاته له، كأنه بين يدي ربه فيسكن جأشه ويطمئن قلبه فيزداد لهجًا بالدعاء والسؤال، تذللاً لله الغني سبحانه، وإظهار لفقر العبودية بين يدي عز الربوبية، فإن الرب سبحانه يحب من عبده أن يسأله ويرغب إليه، لأن وصول بره وإحسانه إليه موقوف على سؤاله، بل هو المتفضل به ابتداءًا بلا سبب من العبد ولا توسط سؤاله، بل قدَّر له ذلك الفضل بلا سبب من العبد، ثم أمره بسؤال والطلب منه إظهارًا لمرتبة العبودية والفقر والحاجة واعترافًا بعز الربوبية وكمال غنى الرب وتفرده بالفضل والإحسان، وأن العبد لا غنى له عن فضله طرفة عين، فيأتي بالطلب والسؤال إتيان من يعلم أنه لا يستحق بطلبه وسؤال شيئًا، ولكن ربه تعالى يحب أن يُسأل ويُرغب إليه ويطلب منه.. ثم قال: فإذا تم هذا الذل للعبد: تم له العلم بأن فضل ربه سبق له ابتدءًا قبل أن يخلقه، مع علم الله سبحانه ربه وتقصيره وأن الله تعالى لم يمنعه علمه بتقصير عبده أن يقدر له الفضل والإحسان، فإذا شاهد العبد ذلك اشتد سروره بربه وبمواقع فضله وإحسانه، وهذا فرح محمود غير مذموم قال الله تعالى: { قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } أهـ( ).


وهذا كلام راقٍ يحتاج إلى تَرْدادٍ لفهمه، وتجْوالٍ في حنيا نظمه:


فأدِمْ جرَّ الحبالِ تقطع الصخر الثَّخينا




ولكننا لا ندعك للرسوم والإشارات وعموم تلك العبارات، بل نَلِجُ بك إلى واقع عملي تكابد به حقائق الخدمة، وتتجلى لك من ورائه دقائق علم السلوك، فتستغني- أيها النابه العابد- بالمثال الواحد عن ألف شاهد.


فهاك جملة من الطاعات التي يؤديها كل الناس، ولننظر كيف يجب أن تؤدي وتقام.


***

أم البراء 06-09-07 10:09 PM


ذكر الله عز وجل


قال الفيروز آبادي في القاموس: الذكر بالكسر الحفظ للشيء.. وما زال مني على ذُكر وذِكر أي تذكر.
وبهذا تعلم أن الذكر حقيقة في الحفظ والتذكر والاستحضار، واستخدم في الشرع بمعنى جريان اللسان بالثناء على الله وطلب المغفرة منه حتى صار حقيقة شرعية، غير أنه غُلب من العامة على وظيفة اللسان، فأصبح لا يطلق الذكر إلا ويتبادر معنى تحرك اللسان بالأذكار، وشطح غلاة الصوفية فصاروا لا يفهمون من الذكر إلا مجالس الرقص والدفوف، وكل ذلك يتنافى مع كثير من إطلاقات القرآن.


يقول الله تعالى:
{والذين إذا فعوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} فذِكرُ الله هنا بمعنى استحضار عظمته وحفظه مقامه وتذكّر جلاله وهيبته، يؤيده أنه عطف عليه الاستغفار وهو ذلك، فلو كان معنى {ذكروا الله} أي جري اللسان بذكره لتكرر هكذا: ذكروا الله فذكروه، ولا يقال: إن قوله: {ذكروا الله فاستغفروا}
من قبيل عطف الخاص على العام، لأن هذا من باب التأكيد، والتأسيس أولى من التأكيد، فالمتجه عندنا أن ذكر الله الزم صفة للمتقين فهم يستحضرون عظمته ويتذكرون أياديه عليهم فيكون ذلك سببًا في معرفة جرم ذنوبهم فيستغفرون.


وتأمل قول الله تعالى:
{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} تجد أن الذكر هنا أيضًا بمعنى العلم، وإذا أجريت ما ذكرناه لك عن معنى الذكر هنا فهمت ضرورة أن قوله: {فاسألوا أهل الذكر} أي أهل الخوف من الله والخاشعين له والمستحضرين لعظمته وليس هؤلاء إلا العلماء لقوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.

بل إن قوله تعالى: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}
فيه إشارة إلى ما قرر ناه، فشأن أهل الإيمان (الذين وردت الآية في سياق وصفهم) توجل قلوبهم بمجرد جريان خواطرهم به عز وجل عند سماع اسم من أسمائه أو صفة من صفاته أو أي شيء يشير إلى مقامه، ولو كان معنى الآية أن المؤمنين توجل قلوبهم بترداد ذكره وجريان اللسان لهجًا بالثناء عليه فليس في ذلك مزية، فمعظم الناس يوجلون عند ترداد الأذكار بحضور قلب، ولكن القليل هم الذين تتفاعل قلوبهم بمجرد ورود الخاطر عن الله.


إذا تقرر ذلك نعلم عندئذ أن ذكر الله عز وجل يكون باستحضار عظمته في القلب وليس نوعًا مستقلاً بذاته، لأن جريان اللسان بالذكر دون حراك القلب ليس مقصودًا من الله عز وجل وتقدس، قال تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}
وقال صلى الله عليه وسلم : "التقوى ههنا وأشار إلى صدره" رواه مسلم، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" رواه مسلم.


وبهذا البيان ندرك أن وظيفة اللسان في الذكر يجب أن تحصّل حضور القلب، بتعظيم الله واستحضار هيبته وجلاله، فما هي الوسائل التي تحقق هذه الثمرة؟


***


وسائل تحصيل حلاوة الذكر




أولاً: معرفة المقصود من الذكر وهو إجلال مقام الله والخوف منه وخشيته ومهابته وقدرُهُ حق قدره، وبهذا المعنى يكون الذكر منسحبًا على كل زمان ومكان يوجد فيه الإنسان.


ثانيًا:
أن يلحظ الذاكر نعمة الله الخليقة لنوالهم شرف ذكره وكرامة ورود كلماته على الخواطر وجريانها في الجوارح مع تلبسها بمعصيته وجحود آلائه ونعمائه.


ثالثاً: لزوم جناب الاحتشام عند ذكر الله باستحضار مراقبته وإطلاعه، وكان بعض السلف إذا ذكر الله لم يمد رجليه، وقد وصف الله المؤمنين بأنهم: {إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}
ووجل القلب خوفه من الله، قال أبو حيان في تفسيره، وقرأ ابن مسعود: فرقت، وقرأ أُبي: فزغت.


رابعًا:
أن يستشعر ويستحضر معنى حديث: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه"( ) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم والبيهقي والحاكم، ولا يحولن عطنُ الفلاسفة والمتكلمين والمعطلة والجهمية بينك وبين جمال هذا المعنى وجلاله، فما دمت بنيت في ذهنك مقام الربوبية على الإثبات والتنزيه، فأمِرَّ النصوص كما جاءت كما فعل السلف تنتفع ببركة تلك النصوص.


واعلم أن المدد من الله على قدر تقواك وصبرك، وحضور القلب على قدر استجماع الفكر في الذكر، والدليل قوله تعالى:
{بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين}.


خامسًا: عدم اليأس من تأخر الفتح، فمن أدمن قرع الباب يوشك أن يؤذن له، وملازمة الإلحاح والوقوف بالباب مع الإطراق بانكسار واختجال علامة التوفيق والقبول، تأمل قوله تعالى: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا}
تجد أن المخلّف ممتحن في حقيقة الأمر: {ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين}.


سادسًا:
يقول ابن القيم في الفوائد: من الذاكرين من يبتدئ بذكر اللسان وإن كان على غفلة ثم لا يزال فيه حتى يحضر قلبه فيتواطأ على الذكر، ومنهم من لا يرى ذلك ولا يبتدئ على غفلة بل يسكن حتى يحضر قلبه فيشرع في الذكر بقلبه فإذا قوي استتبع لسانه فتواطأ جميعًا، فالأول ينتقل الذكر من لسانه إلى قلبه والثاني ينتقل من قلبه إلى لسانه من غير أن يخلو قلبه منه بل يسكن أولاً حتى يُحسنَّ بظهور الناطق فيه، فإذا أحس بذلك نطق قلبه ثم انتقل النطق القلبي إلى الذكر اللساني ثم يستغرق في ذلك حتى يجد كل شيء منه ذاكرًا، وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلبُ اللسان وكان من الأذكار النبوية وشهد الذاكر معانيه ومقاصده. أهـ. ومثل هذا لا يحسنه إلا ابن القيم رحمه الله.

والمذهب عندنا هو الوسيلة الثانية أي عدم الابتداء على غفلة بل يسكن الذاكر حتى يحضر القلب، وسبيله أن يستحضر نفسه واقفًا بباب الرحمة مطرقًا ينتظر الإذن بالدخول ويجول بقلبه الكسير حول معاني الرحمة والود والقبول، فذلك قمين أن يحضر به القلب.

أما لزوم كون.. الذكر من الوارد في السُنَّة فهذا بَدَهي لا نطيل في تقريره، فمن سلك غير طريق محمد صلى الله عليه وسلم أنىّ له الوصول؟

أما شهود م عاني الذكر ومقاصده فهذا من أعظم أبواب حضور القلب والانتفاع بالذكر وخاصة إذا كانت من المعاني الراقية الرفيعة التي صيغت في حنايا سيد الذاكارين صلى الله عليه وسلم.

وسنضرب مثالاً في كيفية التفكر والتدبر في الذكر ليكون كالشاهد على غيره من الأذكار، فمن أذكار الصباح والمساء التي يرددها المؤمن قوله صلى الله عليه وسلم: "أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير رب أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكِبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر" رواه مسلم.

فيستحضر ما ذكرناه آنفًا ثم يتدبر الكلمات مظهرًا لفقر والاحتياج والمسكنة، ويجول بقلبه في ملك الله وملكوته، فيتحقق عنده حقائق النعم (أصبحنا)، ويبصر عظيم منة الله إذا منَّ عليه بالحياة فأصبح معافى، مع أنه كان آيسًا من إدراك الصباح، كان ابن عمر يقول:
"إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء"
رواه البخاري، وها هي رعاية الله تتداركه فيرسل لها روحها بعد توفيها، قال تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} ومع غمرة الفرحة بنعمة الله يتدارك نفسه بذكر المنعم حتى لا تضمحل رؤية المنعم في خضم الفرحة بالنعمة فينسب كل النعم بل كل هذا الملك إلى المنصرف الحقيقي فيه (وأصبح الملك لله) ومع نسبة النعمة لصاحبها والبوء لمسديها لا ينبغي أن ينسى العبد شكر ربه والثناء عليه فيحمده (والحمد لله)، ثم يشهد شهادة التوحيد (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وسر ذلك: الإقرار بالألوهية بعد الإقرار بالربوبية، فالربوبية هي التصرف والتدبير والملك وهي متضمنة في قوله: (أصبحنا وأصبح الملك لله) والألوهية هي إثبات استحقاق الله عز وجل بالألوهية أي كونه إلهًا يعبد ولا يعبد أحدٌ معه، ثم يكرر بعض معاني الربوبية الأخرى ويحوم حول بعض أسمائه عز وجل وصفاته ليصُقل قلبه بتوحيد الأسماء والصفات فهو سبحانه (له الملك) أي أنه الملك، (وله الحمد) أي المحمود الحميد.


ثم يعترف بشمول قدرة الله لكل الأشياء، والشيء أعم لفظة في اللغة لشمولها الموجود والمعدوم والكبير والصغير والعظيم والحقير، ثم يبدأ بعد جولة الثناء على الله، هذه الجولة التي لا بد أن يشعر فيها بتحليق روحه بين تلك المعاني الراقية، الذي هو مخ العبادة، فيبدأ دعاءه المتناسب مع الزمان، فيسأل ربه خير هذا اليوم وخير ما بعده وكلمة (خير) مفرد مضاف، فيفيد العموم كما قال الأصوليون، فهو سؤال لكل خير ولأي خير أن يناله بفضل من الله ورحمة، ومقتضى سؤال الخير ألا يُبتلى بالشر لأن الشر ليس بخير، ولكنه يؤكد الاستعاذة من الشر بترداد ألفاظها إمعانًا في التذلل وتأكيدًا في المسألة وإلحاحًا في الرغبة.


ولما كان الذاكر يستقبل يومًا جديدًا أو ليلة جديدة فإنه يحتاج إلى كل معونة على كل عجز يُقعده عن الانتفاع بيومه وليله، وعجز الإنسان إما أن يكون قدريًا أي لا حيلة له في دفعه، أو كسبيًا، فهو يستعيذ من العجز القدري وهو (سوء الكِبَر) وذلك بأن يبارك له ربه في جوارحه وقوته ونشاطه، ومن العجز الكسبي وهو (الكسل) وذلك بأن يُلهم النشاط وكراهية الدعة والخمول.


ولما كان الذاكر في جولة قلبية مع تلك المعاني المناسبة لزمان اليوم والليلة فإنه يفيق بعد تلك الجولة على حقيقة سيره إلى الله وأن غاية مراده من الذكر والاستعاذة من الشرور أن ينجو حقيقة بدخول الجنة والزحزحة عن النار فيتدارك لسانه هذا الذاكر الذي دندن حوله الرسول صلى الله عليه وسلم ومعاذ بن جبل فيردد صدى دندنتهما في الكون بترنيمة السالكين الأبدية (
رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر).

وفي ذكر القبر في ختام الدعاء والذكر سر عجيب، فإنه بدا ذكره بالتحليق في أرجاء ملك الله الواسع (أصبحنا وأصبح الملك لله)
ثم إنه استشعر سعة الكون بشموله قدرته عز وجل وتصرفه فيه، وهو خليق أن يجعله مبهورًا بهذه السعة، فيأتي ذكر القبر ليرده عن هذا التوسع والشعور بالرحابة، ويذكّرَ الضيق الذي ينتظره في القبر وكذا بأهواله وخطوبه.


فيا له من ذكر يصعد بالإنسان إلى أعلى عليين ثم ينزل به إلى اسفل سافلين، فإذا هو بعد الذكر قد تجلت له الحقائق ورأى الدنيا وملك الله من زاوية السعة ومن زاوية الضيق فتتضاءل نفسه أمام هذا الإعجاز وتصغر ذاته في عمق هذه المعاني، وهذه هي أحلى فوائد الذكر، أن يجد الذاكر في نفسه قدرة على إدراك حقائق الأمور، فيرى ضالة ذاته، وعظمة ربه، ويبصر تصرف المليك في الكون والخليقة.


سابعًا:
أفضل أحوال الذكر: يفضل الذكر في الخلوات عنه في الجلوات أي على مشهد من الناس، قال صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين سيظلهم الله في ظله: "ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه".

رواه البخاري، والخلوة يجب أن تكون بمنأى عن أعين الناس وعن جلبتهم وضوضائهم، لذا يفضل في الخلوة الهدوء التام والظلام وعدم الإزعاج وقطع لحظات المناجاة، ولا يشرع اتخاذ الخلوات في الجبال والفيافي بما يشبه الرهبنة كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية، بل الخلوة الشرعية تكون في المسجد بالاعتكاف أو في المنازل والبيوتات، ولا يشرع الاعتزال واتخاذ الخلوة في شعب الجبال إلا زمان الفتن التي تعصف بالإيمان والمؤمنين، أما زمن الجهاد والدعوة والإصلاح فلا تشرع العزلة بحال على قول جمهور الفقهاء والمحدثين وأهل السلوك.

وثمة آداب أخرى في حق الذاكر يستحب له إتيانها منها لبس أحسن الثياب وتجديد الوضوء والتطيب واستقبال القبلة على الدوام، ودوام الإطراق، ولزوم الأدب في الجلوس، واستصحاب السواك واستعماله.

تنبيه:
واعلم أيها النابه أن كل ما ذكرناه لك عن الذكر وفقهه وآدابه وأحكامه وأسراره يجري في قراءة القرآن الكريم وتدبره وتفهمه، فهو أعظم الذكر وأحلاه.


فاستحضر ما قررناه ونفذه عند تلاوة القرآن الكريم مع ضرورة الإلمام بجملة من فضائل تلاوة القرآن وتدبره في نصوص الكتاب والسنة فإنه خير معوان لك على حب القرآن والانتفاع منه وبه.


وسيأتي إن شاء الله فصل خاص حول تلاوة القرآن نلخص فيه كلام الغزالي رحمه الله.

فرح مسلمة 07-09-07 12:23 PM

مشرفتي الغالية ام البراء اريد ان اعتذر لتاخري في الرد و ذلك لاني مريضة قليلا في هذه الايام
ساحاول ان اجيب عن كل ما فاتنر اليوم

جزاك الله خيرا

أم البراء 08-09-07 10:15 PM

فرح حبيبتي ..

لا بأس عليك وطهور إن شاء الله


فعلا افتقدتك كثيرا غاليتي وافتقدت ردودك الطيبة ..
يا رب تكوني بخير ونراك معنا ..

أم البراء 11-09-07 11:35 PM

وسائل تحصيل لذة الصوم


وهذا من أعجب الأسرار، ولم أجد أحدًا تكلم فيها بما يشفي، والمقصود أيها السالك: إيقافك على أسرار العبادة وجمال الخدمة وشرف القيام بالأمر، فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، ومقتضى قيامك بأداء العبادة أن تجد ثمرتها، وثمرة العبادة تكليف شرعي، فمثلاً: يقول عن الصلاة: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} أي الصلاة الصحيحة الكاملة، ولكنه لم يتكلم عن لذة العبادة والمناجاة والخطاب وحلاوة القيام بتلك الصلاة وكذلك الصوم حين قال: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} فالتقوى أيضًا كالانتهاء من الفحشاء والمنكر كلاهما مأمور به.



وسر عدم التعرض للذة العبادة وجعلها مقصودًا وغاية مباشرة أن هذه اللذة والحلاوة هي من صميم مقام الإحسان "أن تعبد الله كأنك تراه" ولو جُعلت مقصودًا وغاية لعَجَزَ جمهور المكلفين عن أن يحصّلوا هذه اللذة ليتأكدوا من حصول ثمرة العبادة، وليأس كثير من السالكين حيث يجتهدون ولما يأتهم المدد، فكان تكليفهم بالقريب الملموس والسهل اليسير لأن علامات التقوى والانتهاء عن المنكر واضحة، أما باطن هذه الغايات وجوهرها فهو الالتذاذ بالخدمة والشعور بالنسبة (نسبة العبد لربه) كما قال صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الطائف وأذيه أهلها له وإهانتهم لشخصه، قال: "إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي" وهذا من أجمل الألفاظ النبوية الجامعة الخارجة من مشكاة خليل رب العالمين، ولذلك كان سيد الاستغفار سيدًا لما فيه من الشعور بالنسبة ولذة الخطاب: "أنت ربي.. خلقتني وأنا عبدك.. فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".


وممـا زادنـي شـرفًا وتيـهًا وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولـي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيًا


وكذلك الصوم تتحصل اللذة فيه من الشعور بالنسبة والالتذاذ بالخدمة قال تعالى في الحديث القدسي: "الصوم لي وأن أجزي به…" هذه هي النسبة، وقال: "ترك طعامه وشهوته من أجلي" وهذه هي حقيقة الالتذاذ بالخدمة.


ولذلك كان يبس الشفاة من العطش، وقرقرة البطون من الجوه: أهنأ ما لاقاه الصائمون وأمرأ ما ظفر به أولئك الجياع العطشى.


فبينما هو يتألم – وقد تلوى من جوع البطن- يتوارد على فؤاده خاطرة: أن هذا الألم يصبر عليه تعظيمًا لحق الله ومهابة لنظره وإطلاعه فيرضى عن حاله ويشبع من رضا الله عنه ولا يطمع في أي نعمة تحول بينه وبين لذة هذا الألم.


لكنه سرعان ما يطأطئ منكسرًا وجلاً، خائفًا لئلا يقبل الله منه فيتضافر ألم البطون مع ألم القلوب ويتعاظم هذا الألم حتى تتداركه عناية الله وإمداداته فيفيض عليه من جميل لطفه وإنعامه فيسكن هذان الألمان المتضافران وينقلبان حلاوة غامرة ولذة عامرة بل وشوقًا للقاء الله حتى تتم فرحته التي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم "وفرحة عند لقاء ربه".


وإذا تأملت هذه المعاني أدركت سر قوله صلى الله عليه وسلم : "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع" رواه ابن ماجة (صحيح الجامع)


وقوله صلى الله عليه وسلم : "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش" رواه الطبراني في الكبير وغره (صحيح الجامع)


وربما ضربت كفًا على كف من اجتماع هذه المتناقضات، ألم، ولذة، وجوع، وشبع، وعطش، وريٌّ، ولا يمنعنك هذا العجب من ولوج هذا الطريق والسير فيه، فمن سلكه رأى من آيات ربه الكبرى.


فأحسن القصد، وولّد العزم، وتسلح بالهمة، وابدأ السير، وِجدَّ في الترّحال، واطلب الراحة في العناء، وارض عن نفسك إذا كان مسعاها في المعالي، ولا تركن إلى غبن أهل الدنيا، ومنِّ نفسك بالفوز الربيح، وادخر الثمن الغالي لسلعة الله "ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة".
***


الساعة الآن 01:15 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .