ملتقى طالبات العلم

ملتقى طالبات العلم (https://www.t-elm.net/moltaqa/index.php)
-   روضة التزكية والرقائق (https://www.t-elm.net/moltaqa/forumdisplay.php?f=750)
-   -   **كن فى الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل** (https://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=736)

مسلمة لله 23-08-06 01:24 PM

**كن فى الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل**
 
** مــالي وللدنيا **



عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ : أَخَذَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَنكِبي ، فقال :
(( كُنْ فِي الدُّنيا كأَنَّكَ غَريبٌ ، أو عَابِرُ سَبيلٍ ))
وكانَ ابنُ عَمَر يَقولُ : إذا أَمسيتَ ، فَلا تَنتَطِر الصَّباح ، وإذا أَصْبَحْتَ فلا تَنتَظِرِ المساءَ ، وخُذْ مِنْ صِحَّتِك لِمَرضِكَ ، ومنْ حَياتِكَ لِمَوتِكَ . رواهُ البُخاريُّ .



هذا الحديث أصلٌ في قِصَر الأمل في الدنيا ، وأنَّ المؤمنَ لا ينبغي له أن يتَّخذ الدُّنيا وطناً ومسكناً ، فيطمئنّ فيها ، ولكن ينبغي أنْ يكونَ فيها كأنَّه على جناح سفر : يُهَيِّئُ جهازَه للرحيل .


وقد اتَّفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم ..

، قال تعالى حاكياً عن مؤمن آل فرعون أنّه قال : { يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ } .

وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( مالي ولِلدُّنيا إنَّما مَثَلي ومَثَلُ الدُّنيا كمثل راكبٍ قالَ في ظلِّ شجرةٍ ثم راحَ وتركها )) .

ومن وصايا المسيح - عليه السلام - لأصحابه أنَّه قال لهم : اعبُروها ولا تَعمُرُوها ، ورُوي عنه أنَّه قال : من ذا الذي يبني على موجِ البحر داراً ، تلكُمُ الدُّنيا ، فلا تتَّخذوها قراراً .

.
ودخل رجلٌ على أبي ذرٍّ ، فجعل يُقلِّب بصره في بيته ، فقال : يا أبا ذرٍّ ، أين متاعُكم ؟ قالَ : إنَّ لنا بيتاً نوجه إليه ، قالَ : إنَّه لابدَّ لك من مَتاع مادمت هاهنا ، قالَ : إنَّ صاحب المنْزل لا يدعُنا فيه .

.دخلوا على بعض الصالحين ، فقلبوا بصرهم في بيته ، فقالوا له : إنَّا نرى بيتَك بيتَ رجلٍ مرتحلٍ ، فقال : أمرتحلٌ ؟ لا ، ولكن أُطْرَدُ طرداً .


وكان عليُّ بنُ أبي طالب - رضي الله عنه - يقول : إنَّ الدُّنيا قدِ ارتحلت مدبرةً ، وإنَّ الآخرة قدِ ارتحلت مقبلةً ، ولكُلٍّ منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإنَّ اليومَ عملٌ ولا حساب ، وغداً حسابٌ ولا عمل .



قال بعضُ الحكماء : عجبتُ ممَّنِ الدُّنيا موليةٌ عنه ، والآخرة مقبلةٌ إليه يشغتلُ بالمدبرة ، ويُعرِض عن المقبلة .

وقال عُمرُ بنُ عبد العزيز في خطبته : إنَّ الدُّنيا ليست بدارِ قرارِكُم ، كتب الله عليها الفناء ، وكتب على أهلها منها الظَّعَن ، فكم من عامرٍ موثَّق عن قليلٍ يَخْرَبُ ، وكم من مقيمٍ مُغتَبطٍ عما قليل يَظعَنُ ، فأحسنوا - رحمكم الله - منها الرِّحلة بأحسن ما بحضرتكم مِن النقلة ، وتزوَّدوا فإنَّ خيرَ الزَّاد التقوى .


وإذا لم تكن الدنيا للمؤمن دار إقامة ، ولا وطناً ، فينبغي للمؤمن أنْ يكون حالُه فيها على أحد حالين :-

إما أنْ يكونَ كأنَّه غريب مقيمٌ في بلد غُربةٍ ، هَمُّه التزوُّد للرجوع إلى وطنه ، أو يكون كأنَّه مسافرٌ غير مقيم البتَّة ، بل هو ليله ونهارَه ، يسيرُ إلى بلدِ الإقامة ، فلهذا وصّى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ابنَ عمر أنْ يكونَ في الدُّنيا على أحد هذين الحالين

أحدها : أنْ ينْزِل المؤمن نفسه كأنَّه غريبٌ في الدنيا يتخيَّلُ الإقامةَ ، لكن في بلد غُربةٍ ، فهوَ غيرُ متعلِّقِ القلب ببلد الغربة ، بل قلبُه متعلِّقٌ بوطنه الذي يَرجِعُ إليه ، وإنّما هو مقيمٌ في الدنيا ليقضي مَرَمَّةَ جهازه إلى الرجوع إلى وطنه ، قال الفضيلُ بن عياض : المؤمن في الدنيا مهمومٌ حزين ، همُّه مَرَمَّةُ جهازه .
ومن كان في الدنيا كذلك ، فلا همَّ له إلا في التزوُّد بما ينفعُه عندَ عودِه إلى وطنه ، فلا يُنافِسُ أهلَ البلدِ الذي هو غريبٌ بينهم في عزِّهم ، ولا يَجْزَعُ من الذلِّ عندهم .


الأمر الثاني :أن يُنْزِلَ المؤمنُ نفسَه في الدنيا كأنَّه مسافرٌ غيرُ مقيم البتة ، وإنَّما هو سائرٌ في قطعِ منازل السَّفر حتّى ينتهي به السفرُ إلى آخره ، وهو الموت . ومن كانت هذه حالَه في الدنيا ، فهمَّتُه تحصيلُ الزاد للسفر ، وليس له هِمَّةٌ في الاستكثار من متاع الدنيا ، ولهذا أوصى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جماعةً من أصحابه أن يكونَ بلاغُهم من الدُّنيا كزادِ الرَّاكب .

قيل لمحمد بن واسع : كيف أصبحتَ ؟ قال : ما ظَنُّك برجل يرتَحِلُ كلَّ يومٍ مرحلةً إلى الآخرة.


فالواجبُ على المؤمن المبادرة بالأعمال الصالحة قبل أنْ لا يقدِرَ عليها ويُحال بينه وبينها ، إمَّا بمرضٍ أو موت ، أو بأنْ يُدركه بعضُ هذه الآيات التي لا يُقبل معها عمل . قال أبو حازم : إنَّ بضاعةَ الآخرة كاسدة ويوشِكُ أنْ تَنفَقَ ، فلا يُوصل منها إلى قليلٍ ولا كثيرٍ.
ومتى حِيلَ بين الإنسان والعمل لم يبق له إلا الحسرةُ والأسفُ عليه ، ويتمنى الرجوع إلى حالة يتمكن فيها من العمل ، فلا تنفعُهُ الأمنية .

قال تعالى :
{ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }



المصدر
كتاب(جامع العلوم والحكم شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم)

أم أســامة 23-08-06 07:29 PM

بوركتِ يا مسلمة لله وبورك نقلك ,,,,
نفع الله بما كتبت يا أخية ,,,

مسلمة لله 24-08-06 12:52 AM

وبارك الله فيك يا أختى الحبيبة
ونسأل الله العفو والمغفرة

الغريبة الراحلة 25-08-06 10:40 AM

يالله..

جزاك الله كل خير أختي ..بوركتي

مسلمة لله 25-08-06 12:06 PM

جزانا وإياكم أختى الحبيبة

سمية بنت إبراهيم 26-08-06 10:12 AM

اللهم أشغلنا بالباقية عن الفانية وأحسن ختامنا يا رب العالمين

حبيبتي مسلمة لله00
http://www2.0zz0.com/2006/08/24/309698210.gif

مسلمة لله 26-08-06 01:29 PM

اللهم آمين
وأحبك الله وأسعدك فى الدارين يا أم عمار

نور الهداية 27-08-06 08:19 AM

الكريمة ,, مسلمة لله

بارك الله فيكي
مشكورة على هذا الموضوع القيم
جعله الله في ميزان حسناتك

أختك في الله
نور

مسلمة لله 27-08-06 10:47 AM


وبارك فيك أختى الحبيبة
ونفعنا وإياك بما نكتب ونقرأ
أختك
مسلمة لله

ام هند السلفية 29-06-07 07:48 PM

بارك الله فيكى اختى الحبيبة وجعله فى ميزان حسناتك


الساعة الآن 07:22 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .