ملتقى طالبات العلم

ملتقى طالبات العلم (https://www.t-elm.net/moltaqa/index.php)
-   خواطر دعوية (https://www.t-elm.net/moltaqa/forumdisplay.php?f=758)
-   -   يوم فقدتُ روحي! [ من دفاتر الداعيات /1] (https://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=65457)

أروى آل قشلان 01-09-14 03:00 PM

يوم فقدتُ روحي! [ من دفاتر الداعيات /1]
 
[ منقول]
يوم فقدتُ روحي!
كتبته / ريهام سامح

يمر الإنسان منّا بمراحل إيمانية مختلفة ويستشعر أشياء في وقت لا يستشعرها في وقت آخر،
أتذكر منذ بداية التزامي عندها أخذت على نفسي عهدا ألاّ أعصي الله،
ووقتها كنت أظن أنّني مادمت لا أعصي الله وما دمت أحبه وأحب ديني وأحرص على رضا ربي فأنا على خير عظيم ولا داعي للخوف من النّار،
وكنت وقتها أستعيذ من سوء الخاتمة بلساني ولا أستشعر بقلبي خطورة الأمر،
وكنت أتعجب كثيرا عندما أسمع من يقول بوجوب عدم الأمن من مكر الله.

ومرت الأيّام وأنا أشعر بهذا الرضا عن نفسي، وكلما مر الوقت زاد عندي العجب بهذه النفس التي لا تستطيع أي معصية الوقوف أمامها ولا تملُّ أبدا من الطاعة،
وشاء الله أن حدثت لي مشكلة كبيرة شغلتني كثيرا واستمرت هذه المشكلة شهورا،
وبعدها إذا بي أجد نفسي قد انشغلت بها عن طاعة الله وغفلت كثيرا، لم أعد أجد تلك اللذة التي أجدها رغم أنّني لم أفرط في الطاعة ولم أرتكب معصية،
وجدت علاقتي بربي قد أصابها شيء، لم تعد كسابق عهدها،
ومن استشعر حلاوة الإيمان ولذة العبادة يستطيع أن يفرق بينها وبين الإبعاد والطرد،
لقد انقلبت حياتي عذاب، وقتها شعرت أنّني فقدت روحي، بل فقدت كل حياتي كلها ولم تعد لها أي لذة أو طعم بل شقاء وعذاب وضنك ليس له نهاية،
لم يكن يخطر ببالي أنّني سيحدث لي هذا أبدا،
وقتها بكيت وصرخت .. ماذا دهاني؟
لماذا استبدلت القرب بالبعد، والوصل بالجفاء؟ وكيف استمرئت الانشغال عن الله؟
وهل مثل ربّي يغفل عنه؟
جلست أبكي؟
ماذا حدث؟ أين الخلل؟ هل هذا غضب حلّ بي أم عقاب؟
وأحضرت كتاب عن الانتكاسة وأخذت أقرأه ...

فاحترق قلبي وأخذت أدعو: ربّاه أنت من مننت علي بالهدى والإلتزام ولذة الإيمان من غير ابتداء مني ولا فضل، فلم سلبتني إيّاه يا كريم،
هل ستجعلني من القوم الخاسرين؟
أخذت استرجع ما حدث وأبكي، أين الخلل؟
أين هو؟
لقد منّ الله علي فهو اللطيف الجواد أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين،
أدركت بتوفيق الكريم أن الخلل كان في العجب بالنفس ورؤية العمل، أصابني غرور الطاعة وأنساني أنّ ما أنا فيه ليس مني،
بل الفضل والمنة لله وحده وهو فضل منه جل وعلا، ولو وكلني ربّي لنفسي لوكلني إلى نفس أمارة وضيعة حقيرة فضعت وهلكت،
وتعلمت أن أظل أخاف من تقلب القلوب فهي سريعة في التقلب، وأظل على وجل من سوء الخاتمة، وأن أظل أعرف نفسي بالفقر والضعف والذل والجهل والضعة
وأن أعرف ربي بالغنى والقوة والعلم والعظمة والإجلال، وأنّ ما أنا فيه ليس لشرف ذاتي داخلي بل هي هبة مكتسبة من رب البرية،
عرفت أن ذنوب القلوب التي لا نستشعرها أخطر بكثير من ذنوب الجوارح، تعلمت أن أحذر هذه الذئاب الجائعة التي تأكل الإيمان وتخسف بالقلب،
كما مثلها لنا رسولنا فقال:
«ما ذئبان جائعان، أرسلا في غنم، بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه» [صحيح الجامع: 5620]
ماذا يترك الذئبان الجائعان من الغنم؟
هو نفسه ما يتركه الشرف والمال لدين صاحبه أو ربما أكثر،
يا الله كم هي الذئاب الجائعة، العجب والفخر والرياء وحب المال والدنيا والشهرة والرئاسة والسلطة والحقد والحسد والغيرة و...
لا أدري على ماذا أشكر الله على هدايته لي الأولى أم على غفلتي التي أيقظتني أم على هدايته الثانية أم على ماذا؟
يا الله ما أرحمك وما أكرمك وما ألطفك وما أجودك على أمتك الحقيرة الضعيفة الوضيعة،
لقد كان الذئب الذي سلبني حلاوة الإيمان ولذة الطاعة هو رؤية العمل والعجب به،
فقد كنت جاهلة أظن أن الإخلاص هو نقيض الرياء فحسب، لم أكن أعلم أن العجب بالنفس الذي أدى إلى الأمن مكر الله من قوادح الإخلاص،
وكذلك الرياء والسمعة حب الدنيا والشهرة والشرف من قوادح الإخلاص،
لقد صيرت نفسي العمل الصالح جندا من جنودها فصالت به وجالت فكان البعد جزاؤها، الله الله في القلوب يا عباد الله.


يتبعـــــــــــــــــ ...

أروى آل قشلان 01-09-14 03:06 PM

وهنا أدركت كلام العلماء وأقوالهم التي كنت أظن أنّها تخرج من ألسنتهم فقط تواضعا،
ولم أكن أعلم أنّ قلوبهم كانت خائفة وجلة رغم إخلاصهم وصلاحهم بخلاف حالنا،
وتدبروا معي قول سفيان الثوري: "ما عالجت شيئا أشد علي من نيتي لأنها تتقلب علي".
وقال سهل: "ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنها ليس لها فيه نصيب".
وهذا محمد بن المنكدر يقول: "كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت".
وقال يوسف بن الحسين: "كم اجتهد في إسقاط الرياء فينبت على لون آخر".
حقا إن الإخلاص عزيز ولكن قليل من يعرفه
وكما قيل: "من شهد إخلاصه الإخلاص، احتاج إخلاصه إلى إخلاص".
قال هشام الدستوائي: "والله ما أستطيع أن أقول إنّي ذهبت يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل".
وخلاصة تعريف الإخلاص كما قال سهل: "نظر الأكياس في تعريف الإخلاص فلم يجدوا غير هذا: أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله وحده
لا يمازجه شيء لا نفس ولا هوى ولا دنيا. فلا يعمل لاكتساب محمدة ولا لتصنع لمخلوق ويستوي عنده المدح والذم".
يا الله كيف الوصول إلى هذا؟
إنّ ممّا يساعد على الإخلاص حب الله وتعظيمه ومعرفته حق المعرفة ومعرفة النفس،
فمن عرف أنّ الله هو الغني المطاع ذو العزة والعظمة والجبروت.
وعرف نفسه بأنه العبد الذليل الضعيف الحقير لاستحى من الله أن يرى في قلبه شريك من حظ نفس أو طلب ما عند العبيد،
إنّ من عرف قدر نفسه وقدر النّاس لأنزلهم منازلهم ولم يتخذهم شركاء مع رب الأرباب،
ويجب على كل منا أن يجاهد نفسه، ولا يترك لها الحبل على الغارب، بل يؤدبها ويزكها ويكثر من الأعمال الخفية التي لا يطلع عليها إلاّ الله،
ولا يترك العمل خوفا من الرياء، فإنّ هذا الذي يريده الشيطان،
وليذكر نفسه دائما هل سيسرها أن تكون من أول من يسعر بهم النّار يوم القيامة؟
ماذا ستفعل لك نفسك وقتها وماذا سوف يفعل لك هؤلاء النّاس؟
إنّ القلوب بيد الله وحده يقلبها كيف يشاء، فلندعو الله ونستعين به ونتوكل عليه ونسأله سؤال مضطر ونلح في السؤال
ونختار أوقات الإجابة أن يطهر نفوسنا ويصلح قلوبنا، يا الله لقد تعلمنا الكثير ودرسنا الكثير
ولكن أهملنا علم القلوب واهتممنا بعلم الجوارح رغم أنّ تزكية القلوب أهم وأولى،
قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)}
[سورة الشمس: 7-10].
وقال رسولنا صلى الله عليه وسلم «ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» [صحيح البخاري: 52].
ورغم أن قصتي قد مر عليها زمان إلاّ أنّني أذكرها وستظل بصمة أذكرها ما حييت.
الله الله في القلب يا عباد الله، فإنّ القلب هو الملك والجوارح له خدام ورعية، فإذا فسد فسدوا، رابطوا على ثغور القلب واحترسوا أن تلتهمه الذئاب الجائعة.
هذه هي قصتي لكم عبرة فاعتبروا يا أولي الألباب
كتبته / ريهام سامح

إيمان أم نور 01-09-14 04:33 PM


[ كلمات في الصميم ]
جزاكـــــم الله خيرا
:: اللهم ارزقنا الإخلاص في القول و العمل ::

p1s3
و0ر0د

رقية مبارك بوداني 01-09-14 06:01 PM


ايان محمد حسين 01-09-14 09:17 PM

1 مرفق
ملف مرفق 8728 ملف مرفق 8728 ملف مرفق 8728
جزاك الله خيراً اختناالكريمة..
نسأل الله الستر والعافية ماذا نقول عن حالنا ...
كلماتك ابكتني واوجعت قلبي المريض نسال الله السلامة والعافية
ان كان خليل الرحمن يقول ولاتخزني يوم يبعثون يوم يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم
فأين نحن؟؟؟؟؟؟؟؟؟

طالبة علم مصرية 02-09-14 02:43 AM

تذكرة طيبة
جزى الله الكاتبة والناقلة خيرا
بارك الله فيك الفاضلة أوبة
اختيارك رائع اللهم بارك

دعاء بنت وفقي 02-09-14 03:26 PM

جزاك الله خيرا أختي الكريمة نسأله تعالي أن يصلح فساد قلوبنا

فاطمة سالم 04-09-14 03:02 PM

جزاكِ الله خيرا غاليتي ( أوبة)
نقل موفق وفقكِ الله وبارك فيك

طغيان المعاصي أسلم من طغيان الطاعات ؛فإذا رأيت من نفسك إقبالا على الطاعات فهو من توفيق الله تعالى وفضله ورحمته وليس استحقاقا منا ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم)
فنحمد الله تعالى. على نعمة الهداية والالتزام ونشكره وندعوه أن يثبتنا وأن يزيدنا من فضله
فهو جواد كريم

بشرى ماطر 04-09-14 07:33 PM

جزاك الله أختي خيراً

نسأل الله أن يصلح قلوبنا ويثبتنا على طاعته حتى نلقاه راضي عنا فلا حول ولاقوة لنا الا به .

أروى آل قشلان 17-10-16 05:00 PM

اللهم آمين
وإياكن أخواتي الكريمات


الساعة الآن 09:01 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .