12-03-08, 02:54 AM
|
#8
|
جُهدٌ لا يُنسى
|
الشريط الخامس ..
أمابعد فالرابع عشر وهو ما نذكر فيه بعض القواعد والضوابط المتصلة بأسماء الله وصفاته ومن هذه القواعد والضوابط ما مر معنا في ثنايا الشرح و التوضيح للقضايا السابقةولكن ذكرها مسرودةً يسهل حفظها وفهمها بإذن الله تبارك وتعالى ..
القاعدة الأولى ..
فأول ذلك أهل السنة يثبتون ما أثبت الله لنفسه في كتابه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل .
من غيرتحريف أي أنهم لا يحرفون معانيها فيحملونها على معاني غير مراده لله تبارك وتعالى وذلك تحت دعاوى التنزيه أو غير ذلك مما سموه تأويلا ليقبل فيقولون مثلا :
الرحيم لا يتضمن صفة الرحمة ويفسرون صفة الرحمة بإرادة الإحسان .
ويقولون مثلا : في صفة الاستواء بأن معنى ذلك الاستيلاء استولى على العرش فهذا هو التحريف.
وأما التعطيل فهو تعطيله تبارك وتعالى من أسماءه الحسنى أو من صفاته الكاملة فيقولون الله تبارك وتعالى ليس له أسماء مثلا أو يقولون ليس له أوصاف أو أنهم يعطلونه من بعض أوصاف الكمال ويثبتون بعضا مما يدعون أن العقل أثبته فيقولون مثلا كالمعتزلة يقولون الله تبارك وتعالى لا يتصف بصفة إطلاقا وطوائف من أهل الكلام أثبتوا له بعض الصفات كالأشاعره أثبتوا سبعا و منهم أثبت أكثر من ذلك على تفاوت فيما بينهم .
وكل أولئك الذين حرفوا فقد وقعوا في التعطيل لأنه حينما يحرف الصفة عن معناها الذي دلت عليه فهو عطل أولا ثم حرف ثانيا .
من غير تكييف ولا تمثيل .
من غير تكييف أي لا نكيف الصفة لا نقول كيف يد الله كيف وجه الله كيف ينزلربنا الى السماء الدنيا وكيف استوى على العرش ، فالكيف ممنوع لأن ذلك من أمور الغيب ولا نحيط بالله تبارك وتعالى علما ولكننا نثبت المعاني على وجه اللائق بجلاله وعظمته من غير تكييف ولا تمثيل .
يعني أننا لا نمثل صفات الله تبارك وتعالى بصفة المخلوقين فلا نقول سمعه كسمعنا وبصره كبصرنا واستواءه كاستواء المخلوق ونحو ذلك فهذا لا يجوز ومن سلم مما هذا فقد سلم من العلل والآفات التي أوقعت طوائف من أهل الضلال والبدع فيما وقعوا فيه من الانحرافات .
القاعدة الثانية ..
أن ننفي ما نفاه لله عن نفسه في كتابه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم مع اعتقادثبوت كمال ضده لله جل وعلا .
فالله نفى عن نفسه مثلا السنة والنوم (( لا تأخذه سنة ولا نوم )) فنحن ننفي عنه السنة والنوم ونفى عن نفسه الظلم فالله لا يظلم الناس شيئا ونفى عن نفسه تبارك وتعالى التعب واللغوب (( وما مسنا من لغوب )) فننفي كل ذلك وهذا النفي يتضمن ثبوت كمال عنده .
المخلوق قد ينفي عنه بعض النقائص ولكن هذا لايعني أن نثبت له كمال الضد ، فتقول فلان مثلا أو تقول هذه السارية مثلا لا تجهل لكن هل هذا فيه إثبات للعلم لها ؟ الجواب لا تقول هذه السارية لا تنام هل في هذه أثبات كمال اليقظة لها ؟ الجواب لا تقول هذه سارية لا تظلم هل في هذا إثبات كمال العدل لها ؟ الجواب لا .
أما الله تبارك و تعالى فإنه إذا نُفى عنه النقص فإن ذلك يستلزم أو يتضمن ثبوت كمال ضده .
تقول فلان لا يظلم الناس هل معنى هذا لكمال عدله ؟ قدلا يظلم لأنه يخاف أو لأنه عاجز كما قال الشاعر ..
قبيلة لا يغدرون بذمة ...... ولا يظلمون الناس حبة خردل
هو يهجو قبيلته أنهم ضعفاء لا يستطيعون الظلم عجزاوضعفا ولوا قدروا فإنهم يظلمون كغيرهم ، أما الله تبارك وتعالى فحينما ينفى عنه شيءمن هذه النقائص فحينما تقول :
((لا تأخذه سنة ولا نوم)) فإن ذلك فيه نفي السنة والنوم وهو يتضمن ثبوت كمال حياته وقيوميته .
وحينما تقول لا يظلم الله الناس شيئا فإن هذا يتضمن ثبوت كمال عدله مع إنه نفي للظلم عنه وحينما يقول ((ومامسنا من لغوب)) فإن ذلك يتضمن ثبوت كمال قوته وقدرته سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض وهذه الأفلاك العظيمة وما مسه تعب هذا لكمال قوته وقدرته فالمقصود أيهاالأحبة أن هذه الأمور المنفية عن الله عز وجل أو عن كتابة أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك يتضمن ثبوت كمال أضدادها .
فإذا قال الله سبحانه وتعالى عن القرآن مثلا ((ذلك الكتاب لا ريب فيه)) فهذا يتضمن كما إنه صريح في نفي الريب عنه فهو يتضمن انه متضمن لكمال اليقين فمن أراد اليقين فعليه بهذا القرآن ، ليس فيه مايوجب الريب وليس فيه تناقض ولا تعارض وليس فيه أمور واهنة إذا نظر إليها الإنسانارتاب وإنما فيه البراهين الساطعة والواضحة والأدلة القوية الدالة على وحدانية الله عز وجل وكماله وصدق ما جاء به رسله عليهم الصلاة والسلام وما إلى ذلك من الحقائق الكبرى وهكذا .
القاعدة الثالثة ..
وهي أن ما يطلق على الله عز وجل في باب الأسماء و الصفات توقيفي وما يطلق عليه في باب الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا كما سبق ومعنى توقيفي كما بينا أن ذلك يتلقى من الوحي لا مجال للإجتهاد ولاللعقول في إثباته استقلالا مع أن العقل قد يدرك إثبات بعض أوصاف الكمال ، فالعقل يدرك أن الله تبارك وتعالى حي وأنه عليم وأنه قدير وأن له المشيئة الكاملة وما إلى ذلك من أوصاف الكمال التي للعقل فيها مدخل .
فهذا الكون بأتساعه ودقته وما يحصل فيه من تكوير الليل على النهار والنهار على الليل كل ذلك على نسق عجيب دقيق يدل على خالق قدير عليم حي يفعل ما يشاء ونحو ذلك من الأوصاف التي تدركها العقول .
ولكن هناك أشياء كما سيأتي لا تدركها العقول.. المقصود أن نفهم في هذه القاعدة أن باب الأسماءوالصفات مبني على التوقيف لا نثبت لله لا اسما ولا وصفا بالعقل على سبيل الاستقلال,لكن يمكن أن نتحدث عن بعض الصفات ونقول هذه ثابتة بالنقل والعقل والفطرة .
نتحدث عن العلو مثلا : عن علو الله عز وجل ونقول هذا ثابت بالنقل (( يخافون ربهم من فوقهم)) - ((الرحمن على العرش استوى )) أنواع الأدلة الموجودة في القرآن والسنة تدل على علو الله عز وجل على خلقه (( وهو العلي العظيم )) ونثبت ذلك أيضا بالعقل ،فالعقل له مدخل في هذا وكذلك الفطرة مادعى داعِ فقال يا الله إلا وجد في نفسهضرورة لطلب العلو ، فالفطر تدرك ذلك .
إذا أسماءه وصفاته توقيفية كما قال السفاريني رحمة الله في منظومته المعروفة
لكنها في الحق توقيفية *** لنا بذا أدلة وفية
القاعدة الرابعة ..
منهج السلف _ أعني أهل السنة والجماعة رضي الله عنهم _
هو التوقف في الألفاظ المجملة التي لم يرد إثباتها ولا نفيها ، فلايطلقونها ابتداءً ولا يقبلونها ممن أطلقها بإطلاق يعني ما يقبلونها قبولا مطلقاولا يردونها بإطلاق ، وإنما يستفصلون من القائل
هم لا يستعملونها ولا يطلقونهاولا يعبرون بها ، وإنما يعبرون بالألفاظ الشرعية الواردة في الكتاب والسنة ، لكن إذا أطلقها غيرهم كما يفعل طوائف من أهل الكلام فان أهل السنة لا يردونها بإطلاق ولا يقبلونها بإطلاق وإنما يستفصلون من القائل,هذا اللفظ المجمل يحتمل أن يراد به معنى صحيح ويحتمل أن يراد به معنى باطل ، فهم لا يستعملون هذا اللفظ ولكنهم لا يبادرون في قبوله ولا رده فيستفصلون ممن أطلقه فينظرون ، فإن أريد به باطل ينزه ربنا تبارك وتعالى عنه رُد ، وان أريد به حق لا يمتنع عن الله سبحانه وتعالى قُبل، مع بيان ما يدل على المعنى الصواب من الألفاظ الشرعية والدعوة إلى استعماله مكان هذا اللفظ المجمل الحادث .
مثال ذلك :
لفظ ( الجهة ) تجد كثير من المتكلمين يقولون الله ليس في جهه يقولون نحن ننفي الجهه عن الله سبحانه وتعالى ،أهل السنة لا يقولون نحن نثبت الجهه لكن حينما يقول قائل نحن ننفي الجهه يقولون : ماذا تقصد ؟ إن كنت تقصد بالجهة أي العلو فهذا باطل ومردود لأن الله متصف بالعلو ولكن هذه اللفظة التي استعملتها لفظة محدثة تحتمل الحق وتحتمل الباطل ، وإن قصدت بالجهة جهة مخلوقة تحصره فالله اجل وأعظم من أن يحيط به شيء من خلقه ، فالجهة أهل السنة والجماعة إذا قبلوها من قائلها _ ممن أطلقا _ إذا قصد بها ما فوق العالم أن الله فوق خلقه بائن منهم لا يحيط به شيء من المخلوقات فهذا معنى صحيح ، لكن يقولونله هذا اللفظ لا يستعمل ، هذا اللفظ لم يرد ، هذا اللفظ يحتمل الحق والباطل ،ويرشدونه إلى الألفاظ الشرعية ،كأن يقول بأن الله متصف بالعلو والفوقية .
القاعدة الخامسة ..
أن الإثبات فيما يتعلق بالصفات يكون على سبيل التفصيل ، وأما النفي فيكون على سبيل الإجمال .
إثبات مفصل ونفي مجمل وهذا هوغاية الكمال والمدح ، وذلك أن التفصيل في الإثبات تقول إن الله سميع عليم حكيم رحيم قدير .....إلى آخر أوصاف الكمال ، فهذه كمالات كثيرة جدا ، والمخلوق لا يحصي ثناءا على الله لكثرة أوصاف الكمال, منها ما نطلع عليه ومنها ما لم نطلع عليه .
أما في النفي فإنهم ينفون نفيا مجملا (( ليس كمثله شيء))وأما الإثبات ((وهو السميع البصير)) ...فيه تفصيل ، يذكرونها مفصلة يعددون أوصاف الكمالولكن في النقص لايحتاج أن ينفي عنه, يقول بأن الله عز وجل ليس بظالم _ ولاكذا ، ولاكذا ..............ولا أحب أن أعبر بهذا فمثل هذا لا يكون مدحا.
والعلماء رحمهم الله قالوا لو جاء رجل إلى عظيم من العظماء إلى ملك من الملوك وأراد أن يمدحه بالنفي على سبيل التفصيل فقال له : لست بزبال ولا كناس ولا ظالم ولا جبار ولا مريض ولا دنيءولا سيء ، هل يقبل منه مثل هذا المدح ؟ لا هذا غير مقبول ، هذا إزراء به وإساءة إليه . لكن يقول له ليس في الملوك مثلك ، ليس في الناس مثلك ، أو نحو ذلك من النفي المجمل ليس فيك وصف يعاب مثلا من أوصاف الناس ، طبعا فيه مبالغات في هذا الكلام لكن اقصد لو أراد أحد أن يمدح فانه يتكلم بهذه الطريقة .
لكن أن يأتي إليه وينفي عنه أوصاف النقائص بهذا التفصيل الذي ذكرته آنفا ، فهذا ذم ،وإن ظن و توهم بجهله أنه مدح . كالذي جاء من الصحراء إلى الخليفة وقال له :
أنت كالكلب في وفائك للود ...... وكالسيف في قِراعِ الخطوب
يمدح الخليفة بهذا ، طبعا هذا ليس بنفي لكنه يثبت له أوصاف كمال بحسب ظنه فهكذا لو جاءجاهل مثل هذا وأراد أن يمدح الملك بأوصاف هي من قبيل السلوب يعني النفي ويقول له أنت لست بكذا ولا كذا سيسكته ويأمر بإخراجه عنه يقول لا تمدحني أنت لا تحسن الكلام حقك السكوت .
فأهل السنة في هذا الباب منهجهم هو الإثبات المفصل والنفي المجمل ،وما ورد في الكتاب والسنة من النفي المفصل فهو قليل مثال (( لا تأخذه سنة ولا نوم)) ومبناه كما ذكرت على قاعدة ( أن كل نفي في هذا الباب فهو متضمن لثبوت كمال ضده)
القاعدة السادسة..
كل اسم ثبت لله عز وجل فهو متضمن لصفة, دون العكس .
عرفنا أن جميع الأسماء مشتقه وقلنا معنى كون الأسماء مشتقة أنها تتضمن أوصافا كاملة إذا قال الرحمن الرحيم يتضمن صفة الرحمة ، العزيزيتضمن صفة العزة ، المتكبر يتضمن صفة الكبرياء ، كل اسم فهو متضمن لصفة كمال لكن دون العكس هل كل صفة يؤخذ منها اسم ؟ الجواب لا ، فالله تبارك وتعالى من صفاته مثلاأنه استوى على العرش (( استوى على العرش )) الاستواء هل نقول : من أسماءه المستوي ؟ الجواب لامن صفاته الإرادة (( يريد الله بكم اليسر )) هل نأخذ منها اسما فنقول : من أسمائه المريد ؟ الجواب لا .
يقول الله عز وجل مثلا في المشيئة((وما تشاؤن إلا أن يشاء الله)) فهل من أسمائه تقول مثلا الشائي ؟ الجواب لا,وهكذاوذكرنا من قبل أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء
القاعدةالسابعة..
دلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة إما تصريحاً – التصريح بها – أو بتضمن الاسم لها ، أو التصريح بفعل أو وصف يدل عليها مثال :
التصريح ((الرحمة ، العزة ، القوة , الوجه ، الأصابع )) ونحو ذلك من أوصافه تبارك وتعالى..فهذه دلت عليه النصوص على إثباتها صراحة لله عز وجل أو بتضمن الاسم لها مثال: ((البصير متضمن لصفة البصر )) و(( السميع متضمن لصفة السمع )) وهكذا .
أو التصريح بفعل أو وصف دال عليها مثال :
((الرحمن على العرش استوى )) استوى هذا فعل ،فهذا الفعل يدل على صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى وهي صفة الاستواء((إنا من المجرمين منتقمون )) فهذا يدل على إثبات صفة الانتقام لله تبارك وتعالى وهكذا .
القاعدة الثامنة..
أن صفات الله عز وجل يستعاذ بها ويحلف بها وقدمضى في الفروقات بين الأسماء والصفات .
والبخاري رحمه الله عقد باب في الصحيح في كتاب الأيمان والنذور قال (( باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته )) وقد مضى الكلام على هذا تقول (( أعوذ بعزة الله وقدرته )) وتقول (( أعوذ بوجه الله ))تحلف وتقول (( وكلام ربي )) وتقول (( وعزة الله )) ، (( وقدرة الله )) فالصفات يحلف بها، لكنها لا يدعى بها لا تقول (( ياعزة الله )) ، (( ياكلام الله )) ، (( يارحمة الله )) وإنما تقول : (( يا لله ))(( يا رحيم)
)القاعدة التاسعة .
.أن الكلام في الصفات كالكلام في الذات فذات الله عز وجل ثابتة ، وصفاته ثابتة فكما أننا لا نعرف كنه الذات ولا كيفيتها فكذلك لا نعرف كنه الصفات ولاكيفياتها .
نحن نعلم معاني الصفات ومعاني الأسماء لكن الكيفية - الكنه - الحقيقة - هذاإلى لله تبارك وتعالى فهو من أمر الغيب .
فمن تلكأ في شيئا من صفات الله عز وجل وتردد في إثباته أو اشتبه عليه فإنه يحتج عليه بهذه القاعدة , الذي ينفي الصفات نقول له : تثبت الذات أو لا ثبت الذات ؟ يقول : أثبت الذات نقول المخلوق له ذات فسيقول ذات الله تعالى ليست كذات المخلوق ، نقول فصفات الله تعالى ليست كصفات المخلوق . فالقول في الصفات كالقول في الذات .
القاعدة العاشرة..
أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخروهذا نحتاج إليه حينما يأتي إنسان يؤمن ببعض ويكفر ببعض يؤمن ببعض الصفات وينكر البعض الآخر
التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 17-04-08 الساعة 07:59 PM
|
|
|