تلخيص الدرس الرابع لسلسلة الاسماء الحسنى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين .
أما بعد ...
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
وأسال الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا المجلس نافعا مباركا مقربا إلى وجهه الكريم ، وان يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته .
أيها الأحبة :
ذكرنا في المجالس الثلاثة السابقة خمس قضايا مما يتعلق بهذه المقدمات وفي هذه الليلة نذكر القضية السادسة وما يتيسر ذكره بعدها بإذن الله تبارك وتعالى .
فالسادس أيها الأحبة :
هو في الكلام على الحكمة على من حصر الثواب المخصوص الوارد في الحديث (( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة )).بهذا العدد المعين ؟
العلماء تكلموا في هذه المسألة وحاول بعضهم أن يستنبط توجيها لذلك . ولكن ذلك لا ينبني على دليل و مثل هذه الأمور إنما تؤخذ عن المعصوم صلى الله عليه وسلم .والله تبارك وتعالى لم يخبرنا عن شيء من هذه العلل التي ذكرها العلماء رحمهم الله .
ولهذا يقال وهو قول الأكثرين بان ذلك تعبد لا يُعْقلْ معناه كما في عدد الصلوات الخمس ، لا يُعْقلْ معناه بالنسبة إلينا وإلا فلا شك أن له معنى وان الله تبارك وتعالى يعلمه ولكن نحن لا نعقل ذلك لا تصل إليه عقولنا. والتعليلات كما هو معلوم : -
أولاً : منها ما يكون خفيا على العباد أي أن العلة يقال عنها تعبدية لا تظهر للناس فهذه الواجب فيها التسليم والانقياد والتصديق وتفويض ما خفي علينا إلى عالمه جل جلاله .
والنوع
الثاني : وهي العلل المستنبطة وهذه أيضا على مراتب :
1- - منها ما يكون ذلك ظاهرا.
2- - ومنها ما يكون ظهوره اقل كعلة مثلا تحريم الخمر .
3- .وهناك علل أبانها الشارع ونص عليها وهذه لاشك إننا نعلمها من بيان الشارع لها .
سابعاً : في ذكر الروايات التي سردت الأسماء الحسنى .
حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الذي يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم
: (( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة )) رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه.و لا نحتاج أن نذكر إسناده أو نتكلم عن طرقه أو نشرحها فهو مخرج في الصحيحين .
لكن الكلام أيها الأحبة على الروايات التي جاء فيها بعد هذا الحديث سرد للأسماء الحسنى فتلك في غير الصحيحين .
وكثير من الناس لا يميز ,فهذه الروايات حديث أبي هريرة الذي جاء فيه سرد هذه الأسماء .
جاء من ثلاثة طرق :-الأول :هو طريق عبد العزيز ابن الحصين .
الطريق الثاني :وهو طريق عبد الملك ابن محمد الصنعاني .
الطريق الثالث : وهو المشهور جدا وهو طريق الوليد ابن مسلم .
فهذه الطرق الثلاثة أيها الأحبة ليس شيء منها في الصحيحين .
*الطريق الأول : مداره على عبد العزيز أبن الحصين ، وعبد العزيز أبن الحصين هذا ضعّفهُ أهل العلم في الرواية ، حتى قال الأمام مسلم صاحب الصحيح قال عنه : ذاهب الحديث ،
*والطريق الثاني : وهو عن عبد الملك بن محمد الصنعاني وهذا أيضا لا يحتج بحديثه كما قال ذلك الأئمة النقاد .
*والطريق الثالث : مداره على الوليد بن مسلم الدمشقي .والوليد أين مسلم الدمشقي معروف بالتدليس . الحديث ضعّفه أهل العلم من جهات متعددة ، تكلموا عليه من جهة المتن ، وذكروا أموراً قادحة ’ أما الاختلاف بين الروايات والاضطراب بينها فهذا حاصل بين الطرق الثلاثة– التي فيها سرد الأسماء الحسنى – فلم تتفق روايتان على الأسماء المذكورة اتفاقا كاملا بل تفاوتت ، ولهذا ذكر بعض أهل العلم أن هذا السرد في رواية الوليد أبن مسلم أنها من جمعه هو هو الذي جمع هذه الأسماء وكان سردها بعد رواية الحديث فتارةً يتغير اجتهاده فيذكر بعض الأسماء بدلاً مما ذكره في مقام آخر فجاءت متفاوتة .
الشاهد أن هذه الأسماء المسرودة الراجح أنها ليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي مدرجة . #ومعنى مدرجة : أنها جاءت بعد صياغة الحديث أي بعد رواية الحديث من غير فاصل يبين أنها ليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم . أي كحديث أبي هريرة رضي الله عنه مثلاً المشهور في الوضوء لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن أمته يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء )) قال فمن أستطاع منكم أن يطبل غرته فليفعل . هل هذا القول من أبي هريرة أو من قول النبي صلى الله عليه وسلم ؟ بعض أهل العلم قالوا هذا مدرج من قول أبي هريرة رضي الله عنه هو الذي فهم هذا ولذالك كان يغسل اليد حتى الإبط والقدم حتى الركبة ,وهذا الفهم رده عامة أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم ، كالحافظ أبن القيم رحمه الله , أما الاختلاف بين الروايات والاضطراب بينها فهذا حاصل بين الطرق الثلاثة– التي فيها سرد الأسماء الحسنى – فلم تتفق روايتان على الأسماء المذكورة اتفاقا كاملا بل تفاوتت . فإ ن سرد الأسماء الحسنى بعد الحديث المخرج في الصحيحين هي مدرجة وليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا تصح عنه صلى الله عليه وسلم ولا تعتمد هذه الأسماء على أنها من أسماء الله وإنما ينبغي أن تجرى عليها القواعد التي ذكرت في ضوابط الأسماء على اختلاف في بعض الضوابط .
ثامنا : مضان الأسماء الحسنى ::
إذا كان هذا الحديث الذي فيه السرد لا يثبت أين نجد هذه الأسماء الحسنى ؟
الجواب : أن تطلب في الكتاب والسنة فهي مخبوءةٌ فيها كما يقول أبن العربي المالكي رحمه الله : (( كما خبئت الساعة التي في يوم الجمعة وليلة القدر في شهر رمضان من أجل الاجتهاد في طلبها وهكذا ))
|