والسابع من الثمرات :هو تزكية النفوس
وهذا الدين أيها الأحبة يهدف إلى صلاح الإنسان ,وإنما يكون صلاحه بإقامة العبادة على قاعدة العبودية الحقة وعلى طريقها الذي شرّعه الله تبارك وتعالى..
وكان المفتاح لذلك والجادة التي يسلكها من أراد أن يصلح قلبه و حاله ونفسه هو النظر في آيات الله عز وجل التي تحدثنا عن المعبود جل جلاله وأسمائه وصفاته وتربط القلوب به وبهذا تتجه القلوب والوجوه إلى الرب المالك المعبود سبحانه وتعالى..
وقد كان الأصل والمحور الذي يدور حوله القرآن هو الحديث عن الله عزوجل وصفاته وفعله في الكون
((الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)) .. فالعلم بأسماء الله عزوجل وصفاته - أيها الأحبة - هو العاصم بإذن الله عزوجل لهذه النفوس عن الخطأ والزلل والانحراف وهو المقيل من العثرة وهو الفاتح لباب الأمل
إن اسم الله تبارك وتعالى { الــــلــــــــه } إذا تمكن من القلب طرد منه كل شرك وبدعة.. لأن الله هو المألوه أي المعبود, فلا تتوجه النفوس إلى عبادة غيره ,, وإنما يكون تألهها وتعبدها له وحده لاشريك له, وبهذا يكون العبد قريب من ربه مطيعاً له ممتثلاً مستجيبا .
الثــامن من هذه الثمـرات : تحقيق السعادة .
فالعلم بالأسماء والصفات والتعبد بها هو قطب السعادة ورحى الفلاح والنجاح فبها الأنس كله والأمن كله وما راحة القلوب وسعادته إلا بها لأنها تتعلق بمن طبُّ القلوب بيديه وسعادتها بالوصول إليه وكمال إنصباب القلب إليه.. ولهذا قال النبي "صلى الله عليه وسلم" : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ) وعرفنا أن أعلى منازل الإحصاء هو :التعبد , فهذا كما يقول ابن القيم "رحمه الله" : (هو قطب السعادة ومدار النجاح و الفلاح فالسير إلى الله -كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله "- عن طريق الأسماء: ( والصفات شأنه عجيب وفتحه عجب , صاحبه قد سيقت له السعادة وهو مستلقي على فراشه غير تعب ولا مكدود ولا مشتت عن وطنه ولامشرد عن سكنه ) .
والتعرف على الله بالأسماء والصفات -أيها الأحبة- هو من أعظم السبل الموصلة للأنس لله والتعظيم لشأنه جل وعلا , وهذه هي العبودية الحقة التي قال عنها شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية "رحمه الله" (من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية )
التـاسع من هذه الثمرات :وهو التلذذ بالعبادة .والتلذذ بالعبادة -أيها الأحبة- من أعظم المنح الربانية , كثير من الناس يسمع عن هذه اللذة ولا يعرف حقيقتها ولم يجد طعمها .. إنما حظه منها السماع فحسب .
الكثيرين ممن عرفوا الله عزوجل يجدون اللذة في ليلهم ونهارهم طيلة العام.. في صلاتهم وصيامهم وفي قراءتهم وفي دعائهم وفي تقلباتهم, استشعر أن الله عز وجل يراه وأنه يراقبه وأنه يرى عمله وأنه يجازيه وأن الله يحب عابديه ومن ينيب إليه ومن يقبل عليه.. فيستشعر هذه الأمور جميعاً...
فالمقصود أن من وجد هذه اللذة صارت العبادة هي راحة نفسه , وطرب قلبه , فيكون لسان حاله {أرحنا بالعبادة يابلال} كما كان النبي "صلى الله علي وسلم " يقول : ( قم يا بلال فأرحنا بالصلاة)..
العــاشر من هذه الثمرات :هو أن العبد إذا عرف هذه الأسماء والصفات سعى إلى الإتصاف والتحلي بها على ما يليق به.ومن المعلوم أن المُحِبْ يحب أن يتصف بصفات محبوبة كما أن المحبوب يحب أن يتحلى محبه بصفاته
وقد عرفنا من قبل أن الاتصاف بموجب أسماء الله تعالى
مقيد بشرط: وهو أن بعض أسماء الله تبارك وتعالى إنما تكون كمالاً في حقه فحسب كالمتكبر فإن الكبر لا يكون ويصلح في حال من الأحوال للمخلوق فمثل ذلك لا يطلب الاتصاف به وإنما يكون صالحاً للعبد على ما يليق به ويناسب مرتبته.. فهذا القيد لابد من مراعاته.
|