عرض مشاركة واحدة
قديم 13-07-08, 12:54 PM   #1
أم كلثوم
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 23-01-2008
المشاركات: 405
أم كلثوم is on a distinguished road
افتراضي فائدة من سورة الكوثر [ تعظيم الأمر في عبادة النحر ]

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكرت الاستاذة عطاء الخير جزاها الله عنا خير الجزاء في الدرس الماضي عن رؤيتها لمشهد إراقة الدماء في الحج و التعظيم الذي يقع في القلب من جراء هذه العبادة العظيمة ..........

هذه العبادة نغفل كثيرا عن جلالتها في إظهار العبودية للخالق لذلك نجد انه انتشر بين الناس الآن انهم يدفعون المال للجان الخيرية لتذبح بالخارج بدلاً ان يقوموا بذلك بأنفسهم وما يفوتهم من الخير الكثير من ذبحها بأيديهم واستشعار طعم العبودية فيها...

وإن كان الله يؤجر كلاً على نيته : منهم من اراد فعلا نفع إخوانه المسلمين ومنهم من دفعه الكسل والتهاون لذلك..

وهناك من يذبح عدة ذبائح بيده حتى ينهكه التعب ويتلطخ بالدماء في نهار العيد تقربا إلى الله ويجمع اولاده واهل بيته ويربيهم على ذلك .

لذلك إرتأيت إفرادها بمزيد من البحث والعناية فكانت هذه الفقرات أردت مشاركة الاخوات فيها لعلنا ننقل لأبنائنا حقيقة هذه العبادة :

قال شيخ الاسلام في تفسير سورة الكوثر :

وَقَوْلُهُ : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْعِبَادَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ:

وَهُمَا الصَّلَاةُ وَالنُّسُكُ الدَّالَّتَانِ عَلَى : الْقُرْبِ وَالتَّوَاضُعِ وَالِافْتِقَارِ وَحُسْنِ الظَّنِّ وَقُوَّةِ الْيَقِينِ وَطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ إلَى اللَّهِ وَإِلَى عُدَّتِهِ وَأَمْرِهِ وَفَضْلِهِ وَخُلْفِهِ عَكْسُ حَالِ أَهْلِ الْكِبْرِ وَالنُّفْرَةِ وَأَهْلِ الْغِنَى عَنْ اللَّهِ الَّذِينَ لَا حَاجَةَ فِي صَلَاتِهِمْ إلَى رَبِّهِمْ يَسْأَلُونَهُ إيَّاهَا وَاَلَّذِينَ لَا يَنْحَرُونَ لَهُ خَوْفًا مِنْ الْفَقْرِ وَتَرْكًا لِإِعَانَةِ الْفُقَرَاءِ وَإِعْطَائِهِمْ وَسُوءِ الظَّنِّ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ وَلِهَذَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا . فِي قَوْله تَعَالَى { قُلْ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .....

وَأَجَلُّ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ النَّحْرُ وَأَجَلُّ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الصَّلَاةُ وَمَا يَجْتَمِعُ لِلْعَبْدِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ فِي غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ كَمَا عَرَفَهُ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ الْحَيَّةِ وَأَصْحَابُ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ وَمَا يَجْتَمِعُ لَهُ فِي نَحْرِهِ مِنْ إيثَارِ اللَّهِ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ وَقُوَّةِ الْيَقِينِ وَالْوُثُوقِ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَمْرٌ عَجِيبٌ إذَا قَارَنَ ذَلِكَ الْإِيمَانَ وَالْإِخْلَاصَ ...

وقال رحمه الله ( 17/484 ) :

لأن إراقة الدم لله أبلغ فى الخضوع و العبادة له .......

وقال مقررا لهذا المفهوم بعده بمواضع في نفس الصفحة :

و لهذا كان عباد الشياطين و الأصنام يذبحون لها الذبائح أيضا فالذبح للمعبود غاية الذل و الخضوع له
ولهذا لم يجز الذبح لغير الله و لا أن يسمى غير الله على الذبائح و حرم سبحانه ما ذبح على النصب و هو ما ذبح لغير الله و ما سمى عليه غير إسم الله و إن قصد به اللحم لا القربان و لعن النبى صلى الله عليه و آله و سلم من ذبح لغير الله و نهي عن ذبائح الجن و كانوا يذبحون للجن بل حرم الله ما لم يذكر إسم الله عليه مطلقا كما دل على ذلك الكتاب و السنة فى غير موضع .انتهى


ومن اجمل ما قرأت عن هذه العبادة الجليلة ما ذكره الشيخ صالح في شرحه لثلاثة أصول ( وهو من افضل الشروح لهذا الكتاب ) قال حفظه الله :

الذبح والنحر عبادة، المقصود منها إراقة الدم، وإراقة الدم -من حيث هو- لا يكون إلا بتعلقٍ للقلب، فإذا أراق الدم لله جل وعلا تعلق القلب بالله جل وعلا. فالذبح عبادة ظاهرة يتبعها أو يكون معها عبادة باطنة قلبية، فمن ذبح لغير الله وقع في شرك ظاهر؛ لأن هذه عبادة صرفها لغير الله، وكذلك قلبه تعلق بغير الله فصار شركه من جهتين.

ثم قال بعده بموضع :

الذبح كما أنه عمل ظاهر وهو إراقة الدم، والدم الذي بَثَّهُ في أعضاء المذبوح هو الله جل وعلا، وهو علامة الحياة، فلا يُزهق إلا لمن خلَقه، ولمن بثه في أعضاء من به الحياة.

ولهذا قال العلماء إن العبد حال الذبح يجتمع في قلبه أنواع من العبوديات:

* منها الذل لربه جل وعلا.
* ومنها التعظيم له جل وعلا.
* ومنها الرجاء؛ رجاء ما عنده حال ذبحه.
* ومنها طلب البركة؛ لأنه ما ذبح إلا لله.

وهذه كلها عبادات قلبية، فكما أن الذبح عمل ظاهر؛ به تحريك اليد، تحريك اللسان ببعض القول، كذلك يقوم بالقلب حال الذبح أنواع من العبوديات، قد ما يقوم بالقلب شيء البتة، مثل ما يُذبح لضيافة أو نحو ذلك، فهذا يجب أن يكون ظاهرا لله جل وعلا وحده، وإذا اجتمع أن يكون في الذبيحة، أن تكون اجتمعت فيها العبادة الظاهرة والعبادة الباطنة؛ العبادة القلبية، كانت أكمل في رجاء ثواب الذبح، ولو كان في الأمور العادية من ضيافة ونحوها، فيكون الذبح لله جل وعلا ظاهرا لم يُرد بهذا إلا الله جل وعلا، وباسمه لم يذكر إلا اسم الله جل وعلا، ثم يكون بالقلب ذل لله جل وعلا وخضوع وتعظيم ورجاء المثوبة منه وحده، فتجتمع العبادات القلبية وعبادات الجوارح حال الذبح.

لهذا، الذبح من العبادات العظيمة، لكن قد يغفل الناس عن تعلق القلب وفعل الجوارح حين الذبح، وكيف تكون لله جل وعلا، ولهذا على طالب العلم أن يتعلم هذا إن لم يحسنه، يتعلم كيف يكون حال الذبح؛ حال ذبحه لذبيحته للأضحية وهي آكد وآكد وآكد، أو لغيرها، أن يكون موحدا تماما، يرجو في ذبحه أن يكون على غاية من العبودية في لسانه وقلبه وجوارحه:
لأنه فيه حركة لسان للتسمية والتكبير
وفيه عمل القلب بأنواع من العبوديات ذكرت بعضها، وفيه أيضا حركة اليد، وهذا كله مما يجب أن يكون لله جل وعلا وحده.انتهى


قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ)
الحمد لله رب العالمين



توقيع أم كلثوم


إذا سـرّ بالسراء عمّ سرورها *** وإن مسّ بالضـراء أعقبها الأجـــر

وما منهما إلا لـه فيه نــعمة *** تضيق بها الأوهام والبــر والبحــر




التعديل الأخير تم بواسطة أم كلثوم ; 13-07-08 الساعة 01:00 PM
أم كلثوم غير متواجد حالياً