عودا حميدا يا أمة الله
نبدأ مستعينين بالله
باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم الغلو
وقول الله عز وجل "
يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم "
وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى "
وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا " قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح لما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا لهم أنصابا في مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها وسموها بأسمائهم ، ففعلوا ولم تعبد فلما هلك أولئك ونسي العلم عبدت .
وقال ابن القيم : قال غير واحد من السلف : لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم لما طال عليهم الأمد عبدوهم .
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"
لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله " أخرجاه ، وقال "
إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ".
ولمسلم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"
هلك المتنطعون " قالها ثلاثا .
باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف بمن عبده
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى اله عليه وسلم كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها من الصور فقال :"
أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا ووضعوا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله " ، ولهما عنها قالت : لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها فقال وهو كذلك :"
لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ، يحذر ما صنعوا ولولا ذلك أبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجدا .
ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول :"
إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل ، فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ".
فقد نهى عنه في آخر حياته ثم إنه لعن - وهو في السياق - من فعل ذلك ، والصلاة عندها من ذلك وإن لم يبن مسجد وهو معنى قولها "ولكن خشي أن يتخذ مسجدا " فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا مسجدا حول قبره فإن كل مكان قصدت فيه الصلاة فقد اتخذ مسجدا بل إن كل مكان يصلى فيه يسمى مسجدا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :"
جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " .
ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود مرفوعا "
إن من شرار الخلق من تدركهم الساعة وهم أحياء ومن يتخذون القبور مساجد " رواه أبو حاتم في صحيحه .
باب ما جاء في أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله
روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"
اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ".
ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد "
أفرأيتم اللات والعزى " قال : كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره ، وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس : كان يلت السويق للحجاج .
ولابن عباس رضي الله عنهما قال : "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ". رواه أهل السنن .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم