عرض مشاركة واحدة
قديم 14-08-08, 01:14 PM   #11
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
Icon59 تابع الشريط الثالث --الوجه الأول

الفصل الثاني

كيفية الطلب والتلقي



المتن :



كيفية الطلب ومراتبه:


“من لم يتقن الأصول، حرم الوصول”[1]، و”من رام العلم جملة، ذهب عنه جملة”[2]، وقيل أيضاً:”ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم”[3].


وعليه، فلا بد من التأصيل والتأسيس لكل فن تطلبه، بضبط أصله ومختصره على شيخ متقن، لا بالتحصيل الذاتي وحده، وخذاً الطلب بالتدرج.


قال الله تعالى:


(وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً).


وقال تعالى:


(وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً).


وقال تعالى:


(الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته).



شرح الشيخ


نعم حلية الطلب , وهذه أيضا مهمة , يبني الانسان طلبه على أصول ولا يتخبط خبط عشواء ,


يقول : من لم يتقن الاصول حرم الوصول , وقيل بعبارة أخرى : منفاته الأصول حرم الوصول , والأصول هي العلم والمسائل كأصل الشجرة وأغصانها , إذا لم تكن الأغصان على أصل جيد فإنها تذبل وتهلك , فلا بد للانسان أن يبني علمه على أصول .


فماهي الأصول ؟ هل هي الأدلة الصحيحة ؟ أو هي القواعد والضوابط ؟ أو هذا وهذا ؟


الثاني هو المراد , تبني على أصول من الكتاب والسنة , وتبني على قواعد وضوابط مأخوذة بالتتبع والاستقراء من الكتاب والسنة ,وهذه من اهم ما يكون لطالب العلم .


مثلا المشقة تجلب التيسير , هذا أصل من الأصول مأخوذ من الكتاب والسنة


يقول تعالى : وما جعلنا عليكم في الدين من حرج


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين :


صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب


وقال : إذا ما أمرتم بأمر فآتوا منه ما استطعتم .


لو جاءتك ألف مسألة بصور متنوعة لأمكنك أن تحكم على هذه المسائل بناء على هذا الأصل , لكن إن لم يكن عندك هذا الأصل وتأتيك مسألتان لأشكل عليك الأمر .


يقول : من رام العلم جملة ذهب عنه جملة , إذا أراد الانسان أن يأخذ العلم جميعا فإنه يفوته العلم جميعا , لابد أن تأخذ العلم شيئا فشيئا , كسلم تصعد عليه من الأرض الى السطح , فليس العلم مأكولا كتبت فيه العلوم تأكله وتقول خلاص هضمت العلم , العلم يحتاج الى مرونة وصبر وثبات وتدرج .



وقيل أيضا ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم , يعني كثرة ما تسمع من العلوم توجب أن تضل في فهمها , فالانسان إذا ملئ سمعه وبصره مما يقرأ ربما تزدحم العلوم عليه ثم تشتبه و يعجز عن التخلص منها


يقول : وعليه، فلا بد من التأصيل والتأسيس لكل فن تطلبه، بضبط أصله ومختصره على شيخ متقن...


فالشيخ المتقن أعلم منك بقليل , لأن بعض الناس إذا رأى طالبا من الطلبة يتميز عنه بشئ من التميز جعله شيخه وعنده شيوخ أعلى بهذا بكثير ولكن يجعل هذا الصغير شيخه لأنه أفاده بمسألة من المسائل , وهذا غير صحيح , بل اختر المشايخ ذوي الإتقان


وأيضا نضيف الى الاتقان وصف آخر , وهو الأمانة , لأن الاتقان قوة والقوة لا بد لها من أمانة , ( إن خير من استأجرت القوي الأمين ) , ربما يكون عالم عنده قاتقان وسعة علم وعنده قدرة على التقسيم والتفرق وعنده كل شئ لكنه ليس عنده أمانة فيضلك من حيث لا تشعر .


قوله : ، لا بالتحصيل الذاتي وحده، وخذاً الطلب بالتدرج.


: أي لا تأخذ العلم بالتحصيل الذاتي , يعني أن تقرأ الكتب دون أن يكون لك شيخ معتمد , ولهذا قيل : من دليله كتابه خطؤه أكثر من صوابه , أو غلب خطأه صوابه .


وهذا هو الأصل . من اعتمد على التحصيل الذاتي في قراءة الكتب يجد بحرا لا ساحل له , ويجد عمقا لا يستطيع التخلص فيه , أما من أخذ عن شيخ فإنه يستفيد فوائد عظيمة :


الأولى : قصر المدة , والثانية : قلة التكلف , والثالثة : أن ذلك أحرى للصواب .


لان هذا الشيخ تعلم ورجح وفهم فيعطيك الشئ ناضجا وإذا كان عنده أمانة فإنه يمرنك على المطالعة والمراجعة.


أما من اعتمد على جهوده لا بد أن يكرس جهوده ليلا ونهارا , ثم إذا طالع الكتب التي يقارن فيها بين أقوال العلماء,فما الذي يدله على ان هذا أصله , فيبقى متحيرا , ولهذا نرى أن ابن القيم عندما يناقش قولين لأهل العم , فانه إذا ساق أدلة هذا القول وعلله , فتقول خلاص هذا هو القول الصواب , ولا يجوز العدول عنه بأي حال من الأحوال, ثم ينقض ويأتي بالقول المقابل ويذكر أدلته وعلله فتقول هذا هو القول الصواب ,


الأول ما عنده علم لكن لا بد أن تكون قراءتك على شيخ متقن وأمين .


قال : وآخذا الطلب بالتدرج ثم استدل بالآيات :


قال الله تعالى:


(وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً).


وقال تعالى:


(وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً).


قوله" لولا نزل عليه القرآن جملة واجدة "


المعروف كلمة ( نزّل ) لما ينزل شيئا فشيئا , وأن ( أنزل ) لما نزل جملة واحدة , فلم وردت كلمة نزّل وليس أنزل ؟


يقول : قالوا ذلك باعتبار واقع القرآن , أنه منزل شيئا فشيئا , وقوله ( كذلك ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف والتقدير أنزلناه كذلك , وجملة ( نثبت ) تعليل متعلق بالفعل المحذوف ,


وقال تعالى :


" الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به "


ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ,


الذين آتيناهم الكتاب : أي أعطيناهم إياه , وأنزلناه إليهم , يتلونه حق تلاوته ,


والتلاوة هنا تشمل التلاوة اللفظية والتلاوة الحكمية .


التلاوة اللفظية : أن يقرؤوه بألسنتهم , التلاوة الحكمية : أن يصدقوا بأخباره ويلتزموا بأحكامه ,


وقوله : ( حق تلاوته ) من باب إضافة الصفة الى الموصوف ,




[1] -”تذكرة السامع والمتكلم”(ص144).

[2] - “فضل العلم” لأرسلان (ص144).

[3] - “شرح الإحياء”(1/334).


يتبع الوجه الثاني >>>>>



توقيع إيمان مصطفى عمر

التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 14-08-08 الساعة 01:17 PM
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس