من باب الصلاة
ينبغي للمصلي أن يحضر قلبه عند كل شيء من الصلاة ، فإذا سمع نداء المؤذن فليمثل النداء للقيامة ويشمر للإجابة ، ولينظر ماذا يجيـب ، وبأي بدن يحضر .
وإذا ستر عورته فليعلم أن المراد من ذلك تغطية فضائح بدنه عن الخلق ، فليذكر عورات باطنه وفضائح سره التي لا يطلع عليها إلا الخالق ، وليس لها عنه ساتر ، وأنها يكفرها الندم ، والحياء ، والخوف .
وإذا استقبل القبلة فقد صرف وجهه عن الجهات إلى جهة بـيت اللَّه تعالى ، فصرف قلبه إلى اللَّه تعالى أولى من ذلك ، فكما أنه لا يتوجه إلى جهة البـيت إلا بالانصراف عن غيرها ، كذلك القلب لا ينصرف إلى اللَّه تعالى إلا بالانصراف عما سواه .
وإذا كبّرت أيها المصلي ، فلا يُكَذّبَنَّ قلبك لسانك ، لأنه إذا كان في قلبك شيء أكبر من اللَّه تعالى فقد كذبت ، فاحذر أن يكون الهوى عندك أكبر بدليل إيثارك موافقته على طاعة اللَّه تعالى .
فإذا استعذت ، فاعلم أن الاستعاذة هي ملجأ إلى اللَّه سبحانه ، فإذا لم تلجأ بقلبك كان كلامك لغوًا ، وتفهم معنى ما تتلو ، وأحضر التفهم بقلبك عند قولك : الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، واستحضر لطفه عند قولك : الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، وعظمته عند قولك : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، وكذلك في جميع ما تتلو .
واستشعر في ركوعك التواضع ، وفي سجودك زيادة الذل ، لأنك وضعت النفس موضعها ، ورددت الفرع إلى أصله بالسجود على التراب الذي خُلقت منه وتفهم معنى الأذكار بالذوق .
و أن أداء الصلاة بهذه الشروط الباطنة سبـب لجلاء القلب من الصدأ ، وحصول الأنوار فيه التي بها تتلمح عظمة المعبود ، وتطلع على أسراره وما يعقلها إلا العالمون .
فأما من هو قائم بصورة الصلاة دون معانيها ، فإنه لا يطلع على شيء من ذلك بل ينكر وجوده ، انتهى من (( مختصر منهاج القاصدين ))( ) .
اللهم اغفر لى تقصيرى .....واعنى علىطاعتك وحسن عبادتك
|