باب النهي عن سب الريح
عن أبي ابن كعب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به.)) صححه الترمذي
باب : قول الله تعالى {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله}
وقوله تعالى
{الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء}
قال ابن القيم في تفسير الآية الأولى: فسر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله وأن أمره سيضمحل، وفسر بأن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله، وأن يظهره الله على الدين كله. وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح. وإنما كان هذا هو ظن السوء لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق. فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره بحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فذلك ظن الذين كفروا
{فويل للذين كفروا من النار}
وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسمائه وصفاته، وموجب حكمته وحمده.
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء، ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتاً على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا. فمستقل ومستكثر. وفتش نفسك، هل أن سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة ... وإلا فإني لا أخالك ناجيا
باب ما جاء في منكر القدر
قال ابن عمر: والذي نفس ابن عمر بيده، لو كان لأحدهم مثل أحد ذهباً ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
((الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)). رواه مسلم.
وعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه أنه قال لابنه: يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك. يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إن أول ما خلق الله القلم، فقال: اكتب. قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة.)) يا بني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((من مات على غير هذا فليس مني)).
وفي رواية لأحمد:
((أول ما خلق الله القلم، فقالك اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة)).
وفي رواية لابن وهب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره، أحرقه الله بالنار)).
وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي قال: أتيت أبي ابن كعب فقلت: في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي، فقال: لو أنفقت مثل أحد ذهباً ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار.
قال: فأتيت عبد الله ابن مسعود، وحذيفة ابن اليمان، وزيد ابن ثابت، فكلهم حدثني بمثل ذلك عن روسل الله صلى الله عليه وسلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.