عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-09, 10:37 PM   #32
أم أسماء
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-05-2007
المشاركات: 7,201
أم أسماء is on a distinguished road
افتراضي

تفريغ الدرس الخامس والعشرين:




بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
حياكم الله أيها الأخوة في روضة من رياض الجنة أسأل الله لنا ولكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً وقلباً خاشعاً وإيماناً كاملاً ولساناً ذاكراً وعيناً من خشيته دامعة اللهم ومن ثم الفردوس الأعلى في جناتك جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
كان الكلام في ما تقدم في المرحلة الخامسة هو ما يتعلق بموضوع السورة ووقفنا عند القول الثالث المتوسط بين القول الأول الذي جنح إلى إبطال هذا الأمر وإلى إنكاره إما إنكاراً كلياً أو إنكاراً أغلبياً وإلى القول الثاني الذي جنح إلى إثبات هذا الأمر في كل سورة وأن هناك ترابط بين السور وهناك ترابط كامل أيضاً كذلك بين الآيات لا يمكن أن ينخرم أبداً فإذاًَ سنقف الآن مع القول الثالث الذي رأيت أن هو القول الأقرب والأصوب وهو القول الذي يناسب ما جاء عن الأئمة المحققين في هذا الباب.
قرأ أحد الطلبة:
القول الثالث وهذا القول الثالث هو القول الأقرب، وهي طريقة ابن العربي في تفسيره فقد ذكر أنه ألف كتاباً كبيراً في ذلك ومنهم الرازي في تفسيره أيضاً والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير وقرره أيضاً الزركشي أيضاً في كتابه البرهان في علوم القرآن ويستخدمها شيخ الإسلام بن تيميه وتلميذه ابن القيم وجماعة من المحققين من أهل العلم وبما يراجح هذا القول أنه هو الصواب لما جاء في قوله تعالى ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1].
وقوله تعالى ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِير[النساء:82].
هذه الآيات تدل على أن جميع آيات القرآن محكمة وأنه لا خلاف فيه وهذا مدح لكتاب الله عزّ وجلّ وكمال المدح إنما يتم إذا كانت الآيات متناسبة مع قبلها وما بعدها غالباً وإذا كانت السورة في مجملها تحوي موضوعاً أو مقصوداً واحداً أو عدة مقاصد تدور عليها فإن هذا هو تمام الإحكام وتمام نفي الاقتراب والاختلاف.
أكمل الشيخ:
نعم هذا هو الأمر الأول القرآن محكم، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن هذا الأمر بأنه محكم ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾هذا الكتاب أحكمت آياته ثم فصلت وهذا التفصيل جاء من لدن حكيم خبير سبحانه وتعالى فأيضاً كذلك لما تتأمل مسألة الإحكام تجد أنها من أثر هذا الإحكام أن يكون هناك ترابط وأن يكون هناك وأن يكون هناك تواصل بين هذه الآيات على الأقل يكون أغلبياً لا تكون الآيات مقطعة الأوصال بين كل آية وآية كذلك فيما يتعلق بالسورة الكاملة المتكاملة فإن السورة إنما سميت سورة كاملة لأجل أنها تحوي موضوعاً كاملاً فإذا تكلم عن أمر عظيم أو عن أمور عظيمة وهذه الأمور بينها شيء من الترابط فإذا من دلالة إحكام هذا القرآن أن يكون هناك شيء من الترابط بين الآيات التي دخلت تحت مسمى سورة واحدة من سور القرآن.
إذا هذا هو الدليل الأول الذي استند إليه من قال بوجود هذا التناسب بين الآيات وبين السورة الواحدة من أولها إلى آخرها نعم.
نأتي بعد ذلك إلى كلام قد يكون أوضح قليلا فيما يتعلق بكلام أهل العلم في هذا الباب.
قرأ أحد الطلبة:
ويدل على ذلك أيضاً فعل السلف فإن من تأمل كلامهم في التفسير وجد أنهم يعتبرون بمقاصد السور، ولذا قد لا يفهم المرء وجه تفسير السلف حتى يربط بين كلامهم وبين مقصود السورة التي أنزلت من أجله، وسيأتي أمثلة على ذلك.
أكمل الشيخ:
هذا ما يتعلق بتقرير تفسير السلف بكتاب الله عزّ وجلّ ونأخذ الآن في الأمثلة حتى يتضح النقاط، قد يكون الكلام إلى الآن لم يتضح وضوحاً كاملاً ولكن بالأمثلة أرجو أن يكون الكلام أوضح وأتم بالنسبة للمستمع.
قرأ الطالب:
المثال الأول سورة الفاتحة فإن مقصودها أن تجمع علوم القرآن بحيث تكون كالمقدمة لكتاب الله جلّ وعلا والفاتحة لجميع مقاصده وأغراضه ولذا أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحمد لله رب العالمين أم القرآن وأم الكتاب، والسبع المثاني) .
أكمل الشيخ:
إذا جاء خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري وهناك أحاديث أخرى أيضا في صحيح مسلم وفى غيره من كتب الحديث وهى أحاديث صحيحة ثابتة هذه الأحاديث أخبرت أن هذه السورة المسماة بسورة الفاتحة هي من تسمياتها أنها أم القرآن ما معني أم القرآن؟ معناها التي تجمع معاني القرآن، الأم في أصلها إنما سميت هذه التسمية في لغة العرب أم بمعني أنها تجمع جامع، تجمع ما يتعلق بشيء من الأشياء فهذه السورة سميت أم القرآن لأنها جامعة لجميع معاني القرآن ولذا أصبحت هذه السورة وجاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل السور فسورة الفاتحة هي أعظم سور القرآن وهي أفضل هذه السور من أولها إلى آخرها فهذه السورة إنما كانت كذلك لأنها جمعت مقاصد القرآن كله من أوله إلى آخره فعندما تقرأ في هذه السورة يجب أن تعلم ذلك فانظر في مقصد السورة في موضع السورة هي فاتحة وإنما سميت فاتحة أيضاً كذلك إضافة إلى تسميتها بأم القرآن إنما سميت فاتحة من أجل ماذا؟ أنها إيش ؟ افتتح بها القرآن العظيم افتتح بها هذا الكتاب العظيم فسميت فاتحة، ومعني أنها فاتحة يعني تفتح لك كل العلوم التي جاءت في كتاب الله سبحانه وتعالى فكل علم في كتاب الله راجع إلى هذه السورة المسماة بسورة الفاتحة.
فهذا ما يتعلق مثلا بسورة الفاتحة وأن من مقاصدها ومن موضوعها أنها جمعت علوم القرآن من أولها إلى آخرها فمن أراد علم القرآن فلينظر في سورة الفاتحة يجد أن أصول علوم كتاب الله عزّ وجلّ قد جمعت فيها، مثال آخر.
قرأ الطالب:
المثال الثاني سورة البقرة مقصدها والغرض منها يدور حول الضرورات الخمسة وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ المال، وحفظ العرض هذا هو المقصد الأكبر.
أكمل الشيخ:
أحسنت بارك الله فيك، الآن سورة البقرة أنت تقرأ في سورة البقرة عندما تقرأ في سورة البقرة وأنت في بالك ما الذي جاءت هذه السورة من أجله فعندئذ تقرأ وأنت تستوعب وتدرك أحكام هذه السورة العظيمة التي جاء فيها بيان لمسائل هي من أهم مسائل هذا الدين هذه السورة جاءت لما يتعلق بالضرورات الخمس وتأمل هذا في كتاب الله عزّ وجلّ تأمله في سورة البقرة الضرورات الخمس التي هي ماذا؟ ضرورات ماذا؟
أولا: أول شيء حفظ ماذا؟ حفظ الدين.
ثانياً: حفظ النفس.
ثالثاً: حفظ العقل.
رابعاً: حفظ المال.
خامساً: حفظ العرض.
نعم فعندنا هذه الضرورات الخمس جاءت سورة البقرة لحفظها وبيانها وتسليط الضوء على أحكامها من أجل أن يتضح الأمر جلياً هؤلاء القارئين لكتاب الله عزّ وجلّ وخصوصاً القارئين لسورة البقرة فيما يتعلق فيما جاءت به هذه السورة ولما تنزلت وما الغرض منها هذه السورة جاءت لحفظ هذه الضرورات الخمس وجاء معها أيضاً ما أشرنا إليه سابقاً فيما يتعلق بالكلام عن ؟
أجاب أحد الطلبة:
في الكلام عن اليهود .
أكمل الشيخ:
في الكلام عن اليهود نعم أحسنت بارك الله فيك، في الكلام عن اليهود وعن كيفية التعامل معهم وعن ما في قلوبهم من الحقد والبغضاء لأهل الإيمان وما يجب على المسلمين تجاه هؤلاء اليهود فإذا هذه السورة تناولت موضوعين الموضوع الأول فيما يتعلق بالضرورات الخمس، والموضوع الثاني فيما يتعلق بمعاملة اليهود الذين هم من أهل الكتاب هذا الأمر فيما يتعلق بأن سورة البقرة جاءت لبيان ما يتعلق بالضرورات الخمس هذا سمعته بنفسي من شيخنا الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله ويقول إني نظرت كثيراً في سورة البقرة وتأملت فيها فمما ظهر لي أن من مقاصد هذه السورة العظيمة ما يتعلق بالضرورات الخمس وحفظ الضرورات الخمس، واضح هذا الكلام، اقرأ المثال الثالث .
قرأ الطالب:
المثال الثالث سورة آل عمران وهي تتمة للضرورات الخمس ففضح للعدو الثاني وهم النصارى.
أكمل الشيخ:
نعم وهذا واضح، تأمل سورة آل عمران أيها المبارك ستجد أن هذا بيّن فيما يتعلق بالضرورات الخمس وفى الكلام عن النصارى بالذات، فضلاً من أن تتأمل اسمها، اسم السورة ما هو؟ سورة آل عمران، فبدأً من مطلع السورة ومن اسمها فأنت تعلم أنها تتحدث عن آل عمران ومن المعلوم أن آل عمران هم ماذا؟ هم من أصل هذه الطائفة وهم النصارى فآل عمران ومريم عليها السلام والكلام عن هذه العائلة المباركة ثم ما حصل بعد ذلك من مولد عيسى عليه السلام ثم نزول الإنجيل وهكذا هذا كله عائد إلى ما يتعلق بدين النصارى.
قرأ الطالب:
المثال الرابع سورة النساء هي تتمة للضرورات الخمس وأضافت مقصودين أضافت فضح المنافقين والكلام عن أحكام النساء .
أكمل الشيخ:
هذا واضح تأملها أيها المبارك تأملها الكلام عن كل مثلاً بما يخصه قد يطيل الكلام قليلاً لكن تأملها بنفسك فستجد هذا ظاهراً بإذن الله نعم.
قرأ الطالب:
المثال الخامس سورة المائدة، ذكر شيخ الإسلام أنها تدور حول الحلال والحرام وبيان الأحكام وحتى القصص التي وردت في هذه السورة لم تأتي للعظة والعبرة وإنما جاءت لاستنباط الأحكام ولم يمكن لهم فهم ذلك أو استنباطه إلا بعد فهم موضوع السورة وأنها نزلت للأحكام.
أكمل الشيخ:
نعم مثلا خذ هذه سورة المائدة، سورة المائدة تعرضت لمسائل الحلال والحرام بل هي من السور الطوال التي جاء فيها بيان المسائل الفقهية فيما يتعلق بأن هذا حلال وهذا حرام بياناً واضحاً شافياً وهو من أواخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذا قالت عائشة إن ما نزل في سورة المائدة محكم وليس بمنسوخ، وهذا مما أخبرت عنه عائشة رضي الله عنها وعن أبيها لكن تأمل هذه السورة سورة المائدة جاء فيها أيضاً ذكرٌ لعدد من القصص جاء فيها ذكر لقصة موسى عليه السلام وجاء فيها إخبار عن بعض أحوال الأمم السابقة العجيب في الأمر أن شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله ذكر أن مما يستنبط منه الأحكام في هذه السورة ما يتعلق أيضاً بالقصص الواردة في قصة موسى عليه السلام الواردة في غيرها من القصص الواردة في هذه السورة وذلك لأن هذه السورة من أولها إلى آخرها جاءت أصلاً ومقصوداً فيها بيان الحلال والحرام فعندما يرد شيء مما يخالف هذا في الظاهر فإن الإمام يعمل ذهنه وفكره ويستنبط من هذه القصص ما يتعلق أيضاً بمسائل الحلال والحرام.
هذا أيضاً كذلك مما يعني ذ كره الأئمة رحمهم الله ومنهم شيخ الإسلام بن تيميه فيما يتعلق بسورة المائدة، نعم أكمل.
قرأ الطالب:
المثال السادس سورة الكهف فهي نزلت لتدور حول الابتلاء وبيان أنواعه تارة يكون بالنعم كذي القرنين، وتارة يكون بالنقم كفتية الكهف وبيان ثمرته.
أكمل الشيخ:
نعم هذه السورة عندما تتأمل فيها فإن مما يظهر للمتأمل والعلم عند الله سبحانه وتعالى أنه يقرأ ما يتعلق بالابتلاء فمن مبدأهم مبدأ السورة كان الكلام عن ماذا ؟ عن فتية الكهف وهم فتية آمنوا بالله عزّ وجلّ وكان من ثمرة هذا الإيمان أنهم إيش؟ ابتلوا وطردوا واحتُبِسوا في كهف من الكهوف سنين عدداً فحصل لهم فتنة وابتلاء ثم تنتقل بعد ذلك إلى بقية السور تجد أن هذا الأمر أيضاً جلي وواضح، فتارة يكون الابتلاء بالنعم كما في سورة الكهف في قصة ماذا؟ قصة ذي القرنين فيها ابتلاء بالنعم مكنه الله عزّ وجلّ في هذه الأرض وهيأ له من كل شيء ماذا؟ سببا، جعل له أسباب يستطيع بها أن يصل إلى ما يريد فهيأ الله سبحانه وتعالى لذى القرنين أسباب في المكنة في هذه الأرض فهذا ابتلاء بالنعم وذاك ابتلاء بالنسبة لقصة أصحاب الكهف بالمحن، فإذا هناك تتأمل سورة الكهف تجد أنها من أولها إلى آخرها عبارة عن ابتلاء.
قال أحد الطلبة:
وأيضاً قصة صاحب الجنتين ابتلاء بالنعم أيضاً.
أكمل الشيخ:
نعم قصة صاحب الجنتين ابتلاه الله عزّ وجلّ بماذا؟
أجاب أحد الطلبة:
بالجنة والنعم والخيرات في الجنة فجحد أمر الله وأنكر البعث وكان ممن فُتنوا بهذه النعمة.
أكمل الشيخ:
نعم أحسنت بارك الله فيك، إذاً فأنت تتأمل هذه السورة كذلك حتى في آخرها في قصة يأجوج ومأجوج وما يتعلق بأخبارهم هذا كله من الابتلاء الذي يبتلي الله به عزّ وجلّ في هذه الحياة الدنيا فإذا من أولها إلى آخرها يعني قصة وقعت في أول الزمان بالنسبة لنا حصلت قديماً قصة أصحاب الكهف ثم في آخر الزمان يكون ما يحصل من مأجوج ومأجوج وهكذا الصورة عندما تتأملها تجدها من أولها إلى آخرها تتكلم عن الابتلاء سواء كان بالنعمة أو بالنقمة، عندما تقرأ هذه السورة وأنت تستحضر هذا المعني ستجد أنك تفقه وتفهم من هذه السورة ما لم تكن فهمته من قبل.
قرأ الطالب:
المثال السابع سورة العنكبوت تدور حول الفتنة بشتى أنواعها وصنوفها وهناك شريط سورة العنكبوت للشيخ صالح آل الشيخ فقد بيّن روابط الآيات في هذه السورة.
أكمل الشيخ:
نعم للشيخ كلام جميل جداً حقيقة في شريط سمعته قديماً فيما يتعلق بمقاصد السور وكان مما ضربه مثلاً في هذا الشريط الجيد الجميل القوي في كل شئونه إذا تأملت إلى الاستنباط إلى الفهم إلى المثل الذي ضربه ضرب مثلاً فيما يتعلق بسورة العنكبوت وأن سورة العنكبوت من أولها إلى آخرها مع تنوع المواضيع التي تكلمت عنها ومع تنوع الآيات والأخبار التي جاءت في هذه السورة إلا أن موضوع الابتلاء من أول السورة إلى آخرها تجد أنه ظاهر بين واضح وتأمل السورة كذلك وإن حصل لك أن تستفيد من هذا الشريط ستجد فيه علماً ليس بالقليل أبداً .
قرأ الطالب:
المثال الثامن سورة الصف نزلت لتدور حول الجهاد.
المثال التاسع سورة الفلق نزلت حول إزالة الشرور الظاهرة وكيفية التعوذ منها فكما أن الله جعل النهار يسبق الليل قادر أن يفلق هذه الشرور الظاهرة ويخرج منها الخيرة.
أكمل الشيخ:
بارك الله فيك، الكلام إذاً في سورة الفلق قد تقدم أليس كذلك؟ تكلمنا عن ما يتعلق بسورة الفلق وهذا ظاهر بيّن فتأمل سورة الفلق تجد أنها من أولها إلى آخرها تدور حول إزالة الشرور الظاهرة، كل الشرور لكن خص الله منها عزّ وجلّ في آخرها الشرور الظاهرة في الآيات الأخيرة الثلاث تجد أنها تتكلم عن الشرور الظاهرة ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [الفلق:1-2]هذا عام، ثم خص سبحانه وتعالى ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ [الفلق:3]الشر المتعلق بالزمان ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:4-5].
الثانية ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾الشرور المتعلقة بالأشخاص ممن فيهم شر .
التي منها الحسد إذا فهذه السورة تتكلم عن الشرور الظاهرة وعن كيفية إزالتها ومن أقوى ما يزيل هذه الشرور الظاهرة ويقشع أثرها ويذهب خطرها ما جاء في هذه السورة العظيمة.
نعم المثال العاشر.
قرأ الطالب:
المثال العاشر سورة الناس حول إزالة الشرور الباطنة وكيفية التعوذ منها وهذه الشرور الباطنة النافذة الاستعاذة برب الناس ملك الناس كلهم.
أكمل الشيخ:
نعم وقد أيضا كذلك سبقت الإشارة إلى ما يتعلق بسورة الناس لأن الله سبحانه وتعالى هو الظاهر من أولها يقول ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ ﴾من شر ماذا ؟ ﴿الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ [الناس:1-5]
فالكلام كله عن ماذا ؟ عن الوسوسة عن الخنوس وعن هذا الشر الذي يكون خفياً على الإنسان فسورة الناس تعيذ الذي استعاذ بها مما يخافه من الشرور الباطنة الخفية التي تأتي من قبل الشياطين فيما يتعلق بالوسوسة ونحوها نزلت هذه السورة لبيان هذا الأمر العظيم بيان هذا الأمر فإذا سورة الناس في الشرور الباطنة وسورة الفلق في الشرور الظاهرة فإذاً قد أعاذك الله عزّ وجلّ من كل الشرور من أولها إلى آخرها من الشرور الظاهرة بسورة الفلق ومن الشرور الباطنة بسورة الناس لكن هناك شرط لابد منه هو ماذا ؟
أجاب أحد الطلبة:
الاستعاذة .
أكمل الشيخ:
الاستعاذة لكن قبل ذلك عندنا ثلاث سور تتعوذ بها أليس كذلك؟ تتعوذ بثلاث سور فسورة جاءت لإزالة الشرور الظاهرة إن كانت موجودة وسورة جاءت لتخلصك من الشرور الباطنة إن كانت موجودة وهاتان السورتان أيضاًَ كذلك جاءتا لحمايتك من الشرور الظاهرة والباطنة ولكن هذا كله بشرط جاء قبلها وهو ماذا ؟
أجاب أحد الطلبة:
هو تحقيق التوحيد.
أكمل الشيخ:
هو تحقيق التوحيد الذي جاء في أي سورة ؟ سورة قل هو الله أحد سورة الإخلاص.
إذاًَ التعلق بالله سبحانه وتعالى بأنه هو الله أحد ثم بعد ذلك تتعوذ به بعد الإيمان الذي استقر في قلبك فعندئذ ستنزل حماية كاملة حفظ كامل كفاية كاملة من الله سبحانه وتعالى ولن يستطيع أي كائن كائنا من كان ولو أتي إبليس بنفسه لكي يضرك بأمر من الأمور لن يستطيع ولو جمع جنوده في البر والبحر لن يستطيع أن يتعرض لك بشيء.
أيها الأحبة فاصل قصير ثم نعود للكلام عن المرحلة الخامسة بإذن الله .


فاصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل تلفزيونـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
حياكم الله أيها الأحبة مرة أخرى في الكلام عن تفسير كتاب الله سبحانه وتعالى وكان الكلام عن المرحلة الخامسة، ويظهر أن آية سورة هود قرأت المر، والآية كما هو معلوم ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾نواصل ما كنا بدأناه فيما يتعلق بالمرحلة الخامسة والآن نريد أن نصل إلى أمر إذا ظهر لنا من جهة ما يتعلق بأن هناك من السور ما لها موضوع محدد معين وأن هذه السور إذا فُهم معناها فعندئذ يكون هناك ظهور فيما يتعلق بالاستنباط وفهم لكتاب الله عزّ وجلّ وقد ذكرت لك أمثلة من كلام الأئمة رحمهم الله في هذا الشأن وفى هذا الباب لكن نريد أن نعرف ما الوسيلة التي يمكن أن نصل من خلالها إلى ما يتعلق بمقصود السورة وأنا أنبه وأكرر أن هذا الأمر لا ينبغي تتكلف فيه إن جاء هكذا، جاء بنظر في كتاب الله سبحانه وتعالى بذكر لأحد من أهل العلم ونحو ذلك أما التكلف في هذه المرحلة فلا تتعنى لأنه لا يناس أبدا وقد يكون من الجرأة على الغيب الذي نُهينا عنه.
فالآن نريد أن نقف عند ما الطريقة التي من خلالها نستطيع أن نستخرج وأن نستظهر موضوع السورة فلعلنا نقرأ في هذا الأمر.
قرأ الطالب:
كيف يمكن أن نستخرج المقصود العام للسورة وهذا يمكن بإحدى ثلاث وسائل أن ينص العلماء من أهل التحقيق على أن مقصود السورة كذا وكذا كما نصوا على أن مقصود سورة الإخلاص هو العلم الخبري بوحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية وأن سورة الكافرون مقصودها هو بيان التوحيد العملي الطلبي وهو المسمى بتوحيد الألوهية.
أكمل الشيخ:
نعم هذا مثل أهل العلم ينصون على هذا وقد نص مثلا بن القيم رحمه الله على هذا الأمر، فنص على أن سورة الإخلاص جاءت في توحيد المتعلق بماذا ؟ بالله عزّ وجلّ ما يجب لله سبحانه وتعالى يعني صفته سبحانه وتعالى ولذا أيضاً ثبت في الصحيح أن الرجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله عن تكرار هذه السورة وقد مر الحديث عنها سابقاً فقال: إنها صفة الرحمن، وإني أحب أن أقرأ بها.
فهذه السورة جاءت في بيان صفة الرب سبحانه وتعالى في بيان الإخلاص له جلّ وعلا في معرفة ما له من العظمة والقدر وما له من أنواع التنزيه والتقديس جلّ في علاه فهذه السورة لها مقصد، عندما ننظر مثلاً إلى سورة أخرى سورة الكافرون فالمقصد هناك مختلف نعم جميعها تتكلم عن التوحيد ولكن هنا الموضوع يختلف والمقصد يغاير المقصد الذي في السورة الأخرى هي متكاملة لكن هذه لها موضوع وتلك لها موضوع، فإذا نظرنا في سورة الكافرون ما الموضوع الذي يمكن أن نقول إن سورة الكافرون تتكلم عنه ؟
أجاب أحد الطلبة:
التوحيد.
أكمل الشيخ:
التوحيد، أي أنواع التوحيد؟
أجاب الطالب:
توحيد الألوهية .
أكمل الشيخ:
الذي هو إيش ؟
أجاب الطالب:
توحيد العبادة.
أكمل الشيخ:
توحيد العبادة الذي هو توحيد ماذا؟ التوحيد الطلبي، يعني العملي ماذا يجب عليك أنت تجاه ربك سبحانه وتعالى أما بالنسبة لسورة الإخلاص فعن ماذا تتكلم؟ توحيد ماذا؟
أجاب أحد الطلبة:
الخبري .
أكمل الشيخ:
الخبري الذي هو ماذا؟ ما يتعلق بإيش ؟
أكمل الشيخ:
بالأسماء والصفات، والكلام عن الخبر عن الله سبحانه وتعالى عن أسمائه عن صفاته، أما بالنسبة لسورة الكافرون فالكلام هنا عن ما يجب عليك أنت تجاه الرب سبحانه وتعالى، واضح الفرق بين السورتين؟ هذه في التوحيد، وتلك في التوحيد لكن هذه في توحيد الإخلاص في التوحيد الخبري في توحيد الأسماء والصفات ولكن تلك في التوحيد العملي الطلبي الذي أنت تتوجه فيه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتوحيد والبراءة من الشرك ونحو ذلك.
قرأ الطالب:
كذلك نصوا أن سورة النحل نزلت في النعم وشكرها، وامتنان الله بها على عبادة.
ثانياً أن يكون موضوع السورة ظاهراً من اسمها أو من أولها أو بهما معاً مثل سورة القيامة من اسمها ومن مطلعها فمقصود السورة هو الكلام عن يوم القيامة لكن عندما تصل إلى قوله تعالى ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ [القيامة:16-17].
فتقول ما علاقة هذه الآيات بموضع السورة ومقصدها، فنقول هذه الآيات لابد لها من رابط بما قبلها وفى هذا إشارة إلى أن مثل هذه السورة لا ينبغي لأي عبد أن يمر عليها مروراً من دون أن يتذكر في هذا اليوم وهو يوم القيامة الذي ورد ذكره في هذه السورة فمن قرأها فلا تعجل بقراءتها.
أكمل الشيخ:
أحسنت بارك الله فيك، الآن نقف قليلاً مع هذا الأمر فعندما تريد أن تستنبط موضوعاً لسورة من السور انظر مثلاً لسورة القيامة سورة القيامة لما تنظر إلى اسمها فإنك تقرأ مباشرة إيش؟ سورة القيامة، تقرأ في مطلعها فإذا هي تتكلم عن يوم القيامة ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [القيامة:1]عندما تقرأ في سورة القيامة فيمر بك الكلام كله الآن عن يوم القيامة هذا ظاهر بيّن ويمر بك قول الله سبحانه وتعالى ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾هذه الآيات هل لها تعلق مباشر فيما يتعلق بيوم القيامة هل لها تعلق مباشر بذكر يوم القيامة وأهوال اليوم الآخر تأمل ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾الكلام عن ماذا ؟ عن جمع القرآن وعن نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرك بهذا القرآن لسانه يستعجل به فإذا فهمت مقصود السورة من مبدأها ومن مطلع السورة فعندئذ سيراودك أمر هل هناك ربط بين هذه الآيات وبين موضوع السورة التي تكلمت عنه وهو ما يتعلق بيوم القيامة هل هناك ربط بين هذا وذاك نعم هناك رابط بينهم ما هو هذا الرابط؟ هو الذي أريدك أن تحرك الذهن قليلاً في محاولة الاستنباط والاستنتاج وقد تكلم عن ذلك أهل العلم فانظر إلى قوله سبحانه وتعالى في حديثه مع نبيه ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾هنا هذه الآية عندما جاءت في هذا الموطن في الكلام عن يوم القيامة لا تحرك به لسانك لتعجل به لما نُهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تحريك اللسان على جهة عجلى بكتاب الله سبحانه وتعالى لما نُهي عن ذلك ما السبب؟
أجاب أحد الطلبة:
وكأن الله يريد منا أن نقرأ في هذه المواضع بتأني وتدبر.
أكمل الشيخ:
نعم هو نُهي بدأً صلى الله عليه وسلم لما؟ ما السبب الذي نُهي عنه النبي صلى الله عليه وسلم من قراءة القرآن على هذا النحو، هذا الكتاب عظيم جليل فلن يقرأه قارئ مهما كان أن يقرأه على جهة يكون فيه استعجال نوع من العجلة لا ينبغي هذا أبداً حتى وإن كان القارئ من هو محمد صلى الله عليه وسلم ولذا جاء التأديب من الله عزّ وجلّ لهذا النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ بعجلة من أجل ماذا ؟ خوفاً من أن يتفلت القرآن فهو من باب الحرص على تبليغ كتاب الله عزّ وجلّ وعلى تمام هذا التبليغ من دون أن يكون هناك أدنى نقص أو تغيير ونحو ذلك فكان يستعجل صلوات ربي وسلامه عليه حفظاً لكتاب الله وخشية أن يتفلت منه وأن يبلغ كما نزل وأن يكون هناك كتابة مباشرة للتنزيل فكان يحرك اللسان صلوات ربي وسلامه عليه حرصا على تبليغ الكتاب كما أنزل.
فهذا الحرص لا يناسب هذا الحرص مع العجلة لا يناسب مقام القرآن ولذا جاء التأديب من الله سبحانه وتعالى بهذا النهي اللطيف من الله عزّ وجلّ ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ما قصدك يا محمد المقصود أن يبلغ القرآن كما أنزل فجاء الخبر من الله عزّ وجلّ بأن القرآن سيبلغ كما أنزل لما إن علينا جمعه في قلبك وفي صدرك وقرأنه ثم أنك تقرأ للناس وتبلغه ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ﴾فأيش ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ ﴾يعني الكلام كله الآن على أن سينزل هذا القرآن على قلبك سيجمع في فؤادك ستبلغه وسيحفظ لك ولن يحصل هناك نقص فالله عزّ وجلّ هو الذي حفظ هذا الكتاب من النقص ومما قد يشوب الكتب الأخرى من الدواخل ونحو ذلك.
إذا أُمن هذا على محمد صلى الله عليه وسلم فالواجب أن تكون القراءة من دون عجله جاء هذا الكلام وهذا الحديث من السورة لأمرٍ وهو ما ذكرته يا إدريس - الطالب - من الكلام عن أن هناك تربية لابد أن نترباها نحن مع كتاب الله عزّ وجلّ خصوصاً في مثل هذه المواطن الكلام الآن عن أمرٍ إيش؟ عن أمرٍ عظيم أمر شديد، الكلام عن يوم القيامة، ويوم القيامة يوم عظيم جليل الذي عظمه هو الله سبحانه وتعالى والذي أخبر عن أهواله هو الله عزّ وجلّ والذي سماه تسميات كثيرة في كل تسمية دلالة على عظمة هذا اليوم أيضا هو الله عزّ وجلّ فسماه تارة إيش؟ القيامة، وسماه تارة ماذا؟ القارعة، وسماه تارة ماذا؟ الحاقة، وسماه أيضاً كذلك الحاقة، وأسماء كثيرة وردت كل اسم هو أشد من الاسم الذي قبله أسماء شديدة جداً لهذا اليوم فالله عزّ وجلّ هنا يتكلم عن يوم القيامة إذا كان الكلام عن يوم القيامة هل يناسب أن تُقرأ السور سريعاً بشكل عجلي لا يجب أن يكون التأني هنا أبلغ وأكثر ويكون التدبر أكبر ولذا جاء هنا لما جاء الحديث عن يوم القيامة جاء الكلام هنا بأنك يا محمد صلى الله عليه وسلم لا تحرك به لسانك لتعجل به خصوصاً في هذه المواطن، ونحن كذلك خصوصاً في مثل هذه المواطن ما يناسب أبداً أن نحرك بالقرآن لساننا على عجل وأن نقرأ القرآن في حال سرعة وهذرمة لكتاب الله سبحانه وتعالى لا، وإنما نتأنى في قراءة كتاب ربنا خصوصاً عندما يكون الكلام عن يوم القيامة فلا تحرك به لسانك أيها المسلم أيها المؤمن لتعجل به، الله قد حفظه وضبطه سبحانه وتعالى وبلغه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم إليك فإياك إياك والعجلة محمد صلى الله عليه وسلم تعجل في بادئ الأمر حرصاً على حفظ هذا القرآن وضبطه وإتقانه وتوثقاً من إملائه كما أنزل عليه وأنت الآن ليس لك عذر مطلقاً، بل قد أزال الله عزّ وجلّ حتى لمحمد صلى الله عليه وسلم فأنت من باب أولى قد حفظ القرآن فإذا قرأت القرآن فلا تعجل ولا تحرك به لسانك سريعاً وإنما خذه شيئاً شيئاً واقرأه حرفاً حرفاً تدبره لتكون قراءتك لمثل هذه السور العظيمة قراءة كما كانت قراءة الفضيل بن عياض قراءة شهية بطيئة حزينة كأنه يخاطب إنساناً هذا الذي ينبغي لك عندما تقرأ مثل هذه السور التي تتكلم عن يوم القيامة واضح المقصود الآن؟
هذا إن أخذناه لما فهمنا موضوع السورة من أولها إلى آخرها تتكلم عن ماذا؟ تتكلم عن يوم القيامة وعما يجري للإنسان بعد الموت مباشرة تأملوا السورة من أولها إلى آخرها هي أبداً حينما ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ * فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى [القيامة:29-32]وهكذا كل الكلام عن ما بعد الموت وعن قيام الساعة وعن هذه الأهوال فجاء الكلام إذاًَ في هذا المقطع من السورة ملحقاً بالكلام عن يوم القيامة على نحو يفهمه من فتح الله قلبه لنور كتابه، واضح.
قرأ الطالب:
ثالثاً الاستقراء، والاستقراء يكون نافعاً عند الأصوليين إن كان كاملاً أو أغلبياً أما الاستقراء الجزئي فلا عبرة به وهذا مثله كما في سورة الصف والمتأمل لهذه السورة يعلم أنها نزلت في الجهاد بالسيف والسنان كذلك سورة الماعون بالاستقراء أنها جاءت لمكارم الأخلاق الواجب على المؤمن التحلي بها ومن انتقص شيئاً منها فقد ترك شيئاً من واجبات الدين ومن اتصف بالصفات التي نهت عنها فقد اتصف بصفات الذين يكذبون بيوم الدين.
أكمل الشيخ:
نعم هذه هي الوسائل التي يمكن أن نستعين بها لاستخراج مقصود السورة نعيدها سريعاً عندنا ثلاث وسائل نستخدمها من أجل أن نستنبط موضوع السورة من أجل أن نفهم ما موضوع السورة التي جاءت من أجلها فعندنا الوسيلة الأولى ما هي ؟ الوسيلة الأولى؟
أجاب أحد الطلبة:
وصف المحققين من أهل العلم على ذلك.
أكمل الشيخ:
نعم أن ينص محقق من أهل العلم على ذلك من الأمثلة أن ينص محقق من أهل العلم على هذا الأمر، هل عندكم أمثلة مر بنا أمثلة على هذا، كما نص من مثلا؟
أجاب أحد الطلبة:
كما نص شيخ الإسلام بن تيميه على أن مقصود سورة المائدة أنها تتعلق بالأحكام والأوامر والنواهي.
أكمل الشيخ:
أحسنت بارك الله فيك، أنها تتكلم عن الحلال والحرام وما يتعلق بذلك هذا جيد وجميل، الوسيلة الثانية ما هي؟
أجاب أحد الطلبة:
أن يكون موضوع السورة ظاهر جلي كأن يكون اسمها مثلا متعلق بموضوع معين وضربنا مثلاً بسورة القيامة من اسمها يدل على موضوعها.
أكمل الشيخ:
أحسنت يعني نظرنا في اسم السورة ثم نظرنا في مبدأ السورة الاسم والمبدأ وختام السورة كلها تتكلم عن موضوع واحد، الوسيلة الثالثة؟
أجاب أحد الطلبة:
الاستقراء الكامل، أما الاستقرار الجزئي فلا عبرة به .
أكمل الشيخ:
نعم الاستقراء الكامل أو الاستقراء الأغلبي كلاهما حجة ولا شك أن الاستقراء الكامل أقوى ولكن أيضاً الاستقراء الأغلبي في مثل هذه المواطن يكفي فعندنا استقراء كامل واستقراء جزئي استقراء كامل واستقراء أغلبي هذا هو المعتبر أما الاستقراء الجزئي فلا عبرة به.
سأل أحد الطلبة:
ما معني كلمة الاستقراء؟
أجاب الشيخ:
الاستقراء أن تأتي في هذا الموطن، دعني أضرب لك مثلا في هذا الموطن أن تأتي إلى سورة من السور تستقرأ هذه السورة آياتها من أولها إلى آخرها فتنظر هي تتكلم عن ماذا فتنظر إذا كانت الآية جميعاً تتكلم عن موضوع محدد معين فعندئذ يكون هذا الاستقراء كامل إذا نظرت في هذه الآيات وجدت أنها لا تتكلم كلياً عن موضوع واحد وإنما أغلبياً أغلب هذه السورة تتكلم عن موضوع واحد فإذاً بقية الآيات بالإمكان أن تتبع لهذه الآيات الغالبة على السورة .
سأل أحد الطلبة:
شيخ هل يمكن أن نقول السياق أو السباق واللحاق ؟
أكمل الشيخ:
لا السباق واللحاق قد يكون جزئياً في عدد من الآيات السباق واللحاق عندما فرقنا بينهم السباق واللحاق قد يكونا في جزء من السورة وهذا هو الفرق بينهما يعني قد يأتينا سباق ولحاق يدل على معني آية من الآيات من دون أن يدل على معني السورة كلها من أولها إلى آخرها لكن الكلام هما عن سورة من أولى آية فيها إلي آخر آية هذا هو الفرق يعني المرحلة الخامسة قريبة من المرحلة الرابعة ولكن الفرق بينهما أن المرحلة الرابعة تتكلم عن آية وقبلها سباق وبعدها لحاق وهذا السباق واللحاق يكون الموضوع فيها واحدا، لكن الآن الكلام على ما هو أوسع من هذا وهو أن تكون السورة من أولها إلى آخرها تتكلم عن موضوع محدد معين تصور سورة المائدة من أولها إلى آخرها سورة طويلة جداً ومع هذا هي من السبع الطوال ومع هذا يقول مثل هذا الإمام أنها تتكلم عن مسائل الحلال والحرام خذ أمثلة كثيرة سورة العنكبوت تتكلم عن الابتلاء ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ[العنكبوت:2]عن الفتنة من أولها كلها عن الفتنة من أولها إلى آخرها وعن فتنة الناس وعن ابتلاء المؤمن وابتلاء الكافر ونحو ذلك تأمل سورة الصف أيضاً من أول آية إلى آخر آية تتكلم عن الجهاد وهذا ظاهر وبيّن وواضح عن الجهاد عموماً، وخذ ما شئت يعني لو تأملت ما سبق من الكلام عن المعوذات تجد هذا ظاهراً في السورة من أولها إلى آخرها أما بالنسبة للسباق واللحاق فيكون في مجموعة الآيات لا يلزم أن يكون في سورة من أولها إلى آخرها واضح، بقي شيء؟
ننتقل بعد ذلك إلى المرحلة السادسة.



توقيع أم أسماء
قال ابن القيم رحمه الله:
(القلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة والحمية
ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر
ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى
ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة)
أم أسماء غير متواجد حالياً