الموضوع
:
صفحـــات خـاصــــة
عرض مشاركة واحدة
02-04-09, 11:12 AM
#
4
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل: 06-06-2006
الدولة: الكــويت
المشاركات: 2,679
دراسة السيرة كفيلة بأن تزرع الوعي في نفس صاحبها ، وتمكنه من النهوض بأمته والعودة بها إلى المرتقي الذي ارتقته أيام التنزيل على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي عاشت فيه قرونا حتى تغافلت عن منابع النبوة وإرشاد التنزيل المبارك فهبطت الهبوط الطويل وغابت عن مسرح الحياة .
ونحن نفهم هذا في ضوء القيمتين العظيمتين اللتين يذكرهما المؤرخون لدراسة التاريخ ، فهم يذكرون أن لدراسة التاريخ قيمتين :
قيمة نفعية وقيمة تربوية .
أما القيمة النفعية فتتمثل في أن
كل إنسان مسؤول عن مسيرة أمته حضارياً
، وهو لا يستطيع أن يقوم بهذا الدور ما لم يتعرف تلك الحضارة، مكوناتها وظروفها والشخصيات التي أثرت فيها والتي رسمت المنعطفات الكبيرة فيها ، والمسلم مسؤول عن ذلك مرتين : مرة أمام الله سبحانه الذي أراد لحضارة المسلم أن تظل الإنسانية براية التوحيد والعبودية لله حين خاطبه سبحانه وتعالى بقوله : (
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله
) [ سورة آل عمران / 110 ] ، ومرة أمام الإنسانية التي تعاني اليوم أقسى ألوان الضياع والشرود عن الله سبحانه وهي تمد يد الاستغاثة ، ولن تكون اليد المنقذة إلا يد المسلم الذي خصه الله دون سواه بذلك الخطاب الكريم ، يقول أحد العارفين بما معناه : إن الإنسانية لتحتج لدى الله تبارك وتعالى ضد المسلم يوم القيامة ، لأنه لم يبلغها نعمة الإسلام.
إن على المسلم ، إذن ، أن يعرف قيمته وأن يعرف أنه ليس كأحد من الناس أبداً، إن الله اختاره منقذا للإنسانية ومرشدا هاديا ،
ولا يجوز له أبداً أن يتنازل عن هذا المقام الرفيع لا رغبة بالزعامة ولا استعلاء
، بل لأن ما يعرفه ويقدر عليه من مداواة الإنسانية المريضة لا يقدر عليه غيره ولا يعرفه ، ومن ثم فإن تخليه عن تلك المرتبة وذلك المقام لا يقل جريمة أبدا عن تخلي الطبيب عن عمله في قرية مرض أهلها جميعاً وليس فيها طبيب غيره .
هكذا لا يجوز للمسلم أن يضّيع حياته سدى متثاقلاً إلى الأرض في مشكلات تافهة أو عمل هزيل ، ولن يسامحه الله سبحانه أن يبذل في خدمة الإسلام التسع والتسعين من وقته وطاقته وهو قادر على بذل المائة ، ويجب أن يعلم المسلم مع ذلك أن هذا أشرف موقع في الحياة وأرفع مقام؛ إنها خلافة النبوة فينبغي أن يعد لها نفسه إعداداً هائلاً : عقديا وثقافيا وروحياً ونفسياً وسلوكياً .
من هذه الوجهة تبدو دراسة السيرة – وهي جزء من التاريخ العربي والعالمي، بل هي أرقى حلقة فيه باعتبارها أكبر حدث غير وجه التاريخ – قادرة على تحقيق تلك القيمة النفعية للمسلم ، إذ تعينه على النهوض بأمته ودفع مسيرتها نحو الخير والارتقاء.
وأما القيمة الثانية لدراسة التاريخ فهي قيمة تربوية،
إذ تكسب صاحبها العادة التاريخية في تناول الحقائق والأسلوب التاريخي في التفكير فيها ، وذلك لأن حقيقة التاريخ ومهمة المؤرخ لا تقف عند جمع الأحداث بل تتعداه إلى دراستها ومقابلتها وموازنتها، ثم فرزها إلى صحيح وزائف ، ثم تصنيفها من حيث كونها سببا أو نتيجة ، وتعين هذه التجربة المتكررة المؤرخ أن يستنبئ من ورائها ما سيقع من أحداث .
والمسلم بهذا الاعتبار أولى الناس طراً بأن تكون لديه هذه العادة التاريخية في مقابلة الأحداث ، فلا يجوز له – وأمته الإسلامية تمر بهذه الظروف الصعبة – أن يقابل الأحداث مقابلة فاترة أو غير مسؤولة فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم
(1)
،
كما لا يجوز له أن يكون ضعيف الوعي غريرا يصدق كل ما يقال وكل ما يلقى إليه من أخبار .
وطالما أن المسلم مسؤول عن أمته وعليه الإسهام في تصحيح مسيرتها ، فأني له أن يفعل ذلك وهو لا يستطيع تقويم ما يجري حوله من أحداث ، ولا يملك قدرة على الاستنتاج أو الاستكشاف لفقدانه الحس التاريخي ، وبالتالي فهو غير قادر على خدمة هذه الأمة ولا على
أن يرسم لها طريق الخلاص والنهوض ؟! .
لقد طال الزمان على المسلم المعاصر وهو يضلل عن الإسلام وأمته ، فقد صار ضعيف الذهن فاسد المحاكمة ، يتقبل للأسف كل ما يقال له ، يستخفه الكبراء فيطيعهم ويضل عن الطريق لأنه جاهل حقيقة الإسلام ، جاهل أبعاد المؤامرة التي تدبر له والتي امتد تدبيرها قروناً من الزمان من أجل إبعاده عن ساحة الحياة ، وهو غافل لا يعرف ماذا تعني تلك الأخبار التي تلقي إليه أو يعرض عليه سماعها ، غير قادر على فرزها ولا على فهمها أو معرفة أصحابها أو دوافعهم إليها ، ومن ثم فهو غير قادر على الاستنتاج والتنبؤ ولا على الخروج بقرار يخدم أمته
.
إن
مشكلة المسلمين
اليوم عميقة الجذور ، متعددة الجوانب ، ولابد لحلها من صياغة المسلم صياغة جديدة واضحة الملامح ، واضحة الهدف ،صافية المشارب ، ناصعة الوعي ،
على نسق الصورة التي صاغ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام صياغة موافقة لوحي السماء
فإذا هم يتدفقون إيمانا ووعيا للقضية ، بني لهم دولة الإسلام ثم سلمهم راية الفتح العالمي ومضي إلى ربه راضيا مرضيا
(2)
.
(1)
-
الحديث أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد
( ج 1/248 ) .
(2)
-
مختصر الجامع في السيرة النبوية
ص 21-22 .
نتــــــاااااابع بحــــول الله وقوتــــه
أختكم أم الخطـــاب
توقيع
أم الخطاب78
كيف يكون هذا الود
؟
وما هي أسباب
ه
؟
وثمرات
ه
؟
http://islam-call.com/records/view/id/1569/
أم الخطاب78
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها أم الخطاب78