اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهــرة
والنية محلها القلب والله على كل شيء قدير فالله سبحانه أقدرهم آى جعلَهم قادرينَ على الإطِلاع على ما فى القلب
سواء هم بحسنه أو سيئة
وقد نصت نصوص الشرع على عمل القلب المستقر
مثلاً " إذا إستقر الحسد فى القلب ولم تجاهديه إطلاقااً فإنه يُكتب عليكِ وهناك دليل من القرآن
(((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
/
هل هذا يتعارض مع الحديث إذا هم العبد بسيئة ولم يعملها كتبت له حسنة ,أليس الهم هنا نتيجة أستقرار العمل فى قلبه حيث نتج عنه فعل ولكنه لم يقوم به أم هى مرحلة ما بين النية والفعل ؟وهل المقصود بإستقرار النية فى القلب أن ينتج عنه وقوع فعل؟
|
قال الإمام النووي شارحا لما في باب :
تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر
من كتاب الإيمان في صحيح مسلم
"فقال الإمام المازري رحمه الله : مذهب القاضي أبي بكر بن الطيب أن من عزم على المعصية بقلبه , ووطن نفسه عليها , أثم في اعتقاده وعزمه , ويحمل ما وقع في هذه الأحاديث وأمثالها على أن ذلك فيمن لم يوطن نفسه على المعصية , وإنما مر ذلك بفكره من غير استقرار , ويسمى هذا هما ويفرق بين الهم والعزم ."
ثم قال:
"قال القاضي عياض - رحمه الله - : عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين على ما ذهب إليه القاضي أبو بكر للأحاديث الدالة على المؤاخذة بأعمال القلوب , لكنهم قالوا : إن هذا العزم يكتب سيئة وليست السيئة التي هم بها لكونه لم يعملها وقطعه عنها قاطع غير خوف الله تعالى والإنابة . لكن نفس الإصرار والعزم معصية فتكتب معصية فإذا عملها كتبت معصية ثانية , فإن تركها خشية لله تعالى كتبت حسنة كما في الحديث : " إنما تركها من جراي " فصار تركه لها لخوف الله تعالى ومجاهدته نفسه الأمارة بالسوء في ذلك وعصيانه هواه حسنة . فأما الهم الذي لا يكتب فهي الخواطر التي لا توطن النفس عليها , ولا يصحبها عقد ولا نية وعزم .
وذكر بعض المتكلمين خلافا فيما إذا تركها لغير خوف الله تعالى , بل لخوف الناس . هل تكتب حسنة ؟ قال : لا لأنه إنما حمله على تركها الحياء . وهذا ضعيف لا وجه له . هذا آخر كلام القاضي وهو ظاهر حسن لا مزيد عليه , وقد تظاهرت نصوص الشرع بالمؤاخذة بعزم القلب المستقر ومن ذلك قوله تعالى : { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم } الآية وقوله تعالى : { اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم } والآيات في هذا كثيرة . وقد تظاهرت نصوص الشرع وإجماع العلماء على تحريم الحسد واحتقار المسلمين وإرادة المكروه بهم وغير ذلك من أعمال القلوب وعزمها والله أعلم . "
وللنووي كلام رائع في كتابه الأذكار:
"" اعلم أن سوء الظن حرامٌ مثل القول ، فكما يحرم أن تُحَدِّث غيرَك بمساوئ إنسان ، يحرم أن تحدث نفسك بذلك وتسيئ الظن به ، قال الله تعالى : ( اجتنبوا كثيرا من الظن ) ، وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ) ، والأحاديث بمعنى ما ذكرته كثيرة ، والمراد بذلك عقد القلب وحكمه على غيرك بالسوء ، فأما الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء ؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه ، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه ، وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل )
قال العلماء : المراد به الخواطر التي لا تستقر . قالوا : وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره ، فمن خطر له الكفر مجرد خطر من غير تعمد لتحصيله ، ثم صرفه في الحال ، فليس بكافر ، ولا شئ عليه .
وسبب العفو ما ذكرناه من تعذر اجتنابه ، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه ، فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما ، ومهما عرض لك هذا الخاطر بالغيبة وغيرها من المعاصي ، وجب عليك دفعه بالإعراض عنه ، وذكر التأويلات الصارفة له عن ظاهره " انتهى
أرجو أن تكون الفكرة قد اتضحت