فقد روي الترمذي عَنْ عِكْرِمَةَ عن ابنِ عبّاسٍ قالَ : قالَ أَبُو بَكْر رضي الله عنه: "يَا رَسُولَ الله قَدْ شِبْتَ. قالَ: شَيّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالمُرْسَلاَتُ و {عَمّ يَتَسَاءَلُونَ} و {إِذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ}".
وروى القرطبي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : سمعت أبا علي السري يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله! روي عنك أنك قلت: (شيبتني هود). فقال: (نعم) فقلت له: ما الذي شيبك منها؟ قصص الأنبياء وهلاك الأمم! فقال: (لا ولكن قوله: فاستقم كما أمرت).
فهذه الآية هي السبب في إسراع الشيب إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قال الحافظ المناوي في شرح كتاب فيض القدير :
.
(شيبتني هود) أي سورة هود (وأخواتها) أي وأشباهها من السور التي فيها ذكر أهوال القيامة والعذاب والهموم والأحزان إذا تقاحمت على الإنسان أسرع إليه الشيب في غير أوان قال المتنبي:
والهم يخترم الجسم نحافة *** ويشيب ناصية الصبيّ ويهرم .
ولما فيها من ذكر الأمم وما حل بهم من عاجل بأس اللّه فأهل اليقين إذا تلوها انكشفت لهم من ملكه وسلطانه وبطشه وقهره ما تذهل منه النفوس ، وتشيب منه الرؤوس ، فلو ماتوا فزعاً لحق لهم لكن اللّه لطف بهم لإقامة الدين.
وقال ابن عباس: ما نزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم آية كانت أشق ولا أشد من قوله تعالى {فاستقم كما أمرت} ولذلك قال صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه حين قالوا أسرع إليك الشيب قال: شيبتني هود إلخ.
فالفزع يورث الشيب قبل موعده فهذه السورة اشتمل على الوعيد الهائل ، والهول الطائل الذي يفطر الأكباد ، ويذيب الأجساد قال تعالى : {يوماً يجعل الولدان شيباً} وإنما شابوا من الفزع.
فريق النقاء
|