عرض مشاركة واحدة
قديم 16-06-09, 07:45 PM   #5
د.سهيرالبرقوقي
نفع الله بك الأمة
افتراضي حديث سلمان الفارسيّ عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق.

َإِنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.....أما بعد.

نتابع معًا:

[frame="7 80"]
"حديث سلمان الفارسيّ ""

عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق"

بتعليقات:

الشيخ " حسين بن عَودِة العوايشة" في كتابه " من مواقف الصحابة"
[/frame]



فنبدأ مستعينين بالله :

المتن:< وكنت احب خلق الله اليه >

لابد أن يكون هذا ثمرة الطاعة والسلوك الطيب من الولد .

ألا ليت الدعاة وأبناء المساجد يعتبرون بهذا !

كم سمعنا من شكاوى الأباء من أبنائهم؛ ممن يسعون لتزكية أنفسهم , والتخلق بخلق الإسلام !

وكم سمعنا من شكاوى النساء على أزواجهن ؛ ممن يتصدرون الدعوة إلى البر والتقوى !

إنه لمن الغريب أن يكون الرجل كتله ملتهبة من النار فى بيته , وأما فى غير ذلك فهو حبيب طيب وديع

لذلك رأيت الداعى قليل التاثير في أهل بيته وهم أحق بذلك .

فأين نحن أذن من قوله تعالى :

" "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ " (الشعراء214)

إن أول خطوة نخطوها للإنذار والتبليغ , أن يسعى المنذر ليكون ذا خلق طيب ,- لأن سوء الخلق يعيق الاستجابة -

وبهذا لانبعد عن قوله –صلى الله عليه وسلم- :

"خيركم خيركم لاهله وأنا خيركم لأهلى "(1)

يا حبذا لو أننا نتعامل مع أهلينا كأنهم غرباء فى ضبط الأعصاب واللسان !

نستحى منهم كما نستحى من الغرباء , ونحترمهم كمانحترم الغرباء

لقد جعل ابنه ملازمًا النار !

ثم ابك على حال أمتنا وهم يهملون أبناءهم الا من رحم الله و قليل ماهم :
انشغال فى التجارة /
انشغال فى المال /
انشغال فى الدنيا /

والأبناء يفعلون ما يشتهون !

الأبناء يتربون فى الشوارع والملاهى وفى نوادى شياطين الإنس والجن !

وكان من ثمرة متابعة أبيه أنه كان قَيِّم النار التى يوقدها , فلم يسكن أوارها(2) ولم يخمد لهيبها ,

ولكن قدر الله أن ينشغل الأب فى بنيان له يوما , فيأمر ابنه أن يُشرِف على بعض الأمور ,

فيمر بكنيسة من كنائس النصارى , ويسمع أصواتهم فيها وهم يصلون ,

وكان منظرا غريبًا لحبيس بيت لم يسبق له أن رأىمثل هذا


* * * *

المتن قال سلمان : < فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم ؛ دخلت عليهم أنظر مايصنعون .>

قال :< فلمارأيتهم ,أعجبتنى صلاتهم ورغبت فى أمرهم ,

وقلت : هذا والله خير من الدين الذى نحن عليه .>


تفكر وتدبر وعدم تعصب فكر نَيِّر متجرد , لايتقيد بفكر غيره

ما أشد حاجتنا نحن المسلمين إ لى عدم التعصب !

لقد أردانا التعصب الحزبى /

لقد أودى بنا التعصب المذهبى

إنهما تعصبان قد اهلكانا , وأبلغانا كل هوانٍ وضعفٍ وذل :

- تعصب للشيخ /
- تعصب للمربى /
- تعصب للداعى /
- تعصب للجماعة /
- تعصب للحزب /


فاين هؤلاء من حب الله تعالى ؟

أين هؤلاء من حب النبيّ-صلى الله عليه وسلم-

أين هؤلاء من التمسك بما دعا إليه السلف من التجرد والإخلاص لله تعالى ؟

* * *
المتن : < فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس >

رقة فؤاد وشفافية قلب

اندفاع للدين وحماس له جلد وصبر

ما أمس حاجة الكثير من أبناء المساجد لمثل هذا

إن صدورهم لتضيق من تسبيحات فى ركوع أو سجود يزيدها الإمام على ماألفوه !

إنه ليضيق ذرعهم من محاضرة أو درس أو موعظة !

إنه لايهدأ بالهم ولاتقر أعينهم حتى يخرجو من المسجد !


* * * *

المتن: < وتركت ضيعة أبى ولم أتها >


لقد فرَّغ نفسه للحق الذى اعتقده. /

لقد ودع الدنيا وأشغالها وارتبطاتها /

كم يبكينا هذا الأمر ونحن نسمع أفاضل الناس ؛يوطنون أنفسهم على فعل الخير والإقبال على الله تعالى ولكن بعد إنهاء أشغال و أعمال هامة !

إن كلمة(-سوف-) –مطية الشيطان- قد جىء بها ليخدع بها أمثال هؤلاء

إنهم يؤجلون ويؤخرون حتى تدركهم المنايا وهم مشغولون .

إن انشغالهم بالدنيا لم يقطعه إلا الموت .

* * * *
المتن: فقلت لهم : < أين أصل هذا الدين ؟ قالوا : بالشام . >

لقد سال عن الأصل والنبع . إنه فى هذا منهوم لايشبع

.....أين أصل هذا الدين ؟
إن الأصل فيه كامل الهداية والسداد والرشاد .

ما أشد قناعتنا بالقليل من الجواب؛ دون السؤال عن الدليل والبرهان وأقوال أهل العلم !

يسأل السائل عن حلال أو حرام فيكتفى بأن يسمع ممن يُفتيه (يجوز) ,( لايجوز ) ,(حلال ),( لابأس) ,

وبدا لى فى مثل هذا أن أقول :

يجوز ولا يجوز ومستحب
وهذا عندنا لا بأس به

كذا قد قالها من غير نص وقال القوم ياله من فقيه !

ويحتج من يتعصبون للمذاهب والأحزاب بقولهم :

إن أصل تلقيهم كله عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- !
فكأن الاختلاف والشقاق والنزاع مختومًا بخاتم النبوة !!!

وأستغفر الله مما يقولونه بلسان حالهم

* * * *

المتن:
قال :< ثم رجعت الى أبى , وقد بعث فى طلبى , وشغلته عن عمله كله ,

قال :فلما جئته قال :

اى بنى ! اين كنت؟ ألم أكن عهد ت اليك ماعهدت ؟

قال : قلت : ياأبت ! مررت بناس يصلون فى كنيسة لهم ,

فاعجبنى مارأيت من دينهم , فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس >


بعث الأب فى طلب ابنه , وأخذ يعاتبه على مافعل ويذكره بما أمره

لقد كان صادقًا مع والده ,

فقد أخبره بما كان من أمره .

المتن:

قال : < اى بنى ! ليس فى ذلك الدين خير , دينك ودين آبائك وأجدادك خير منه .

قال : قلت : والله ؛ انه خير من ديننا.

قال : فحافنى؛ فجعل فى رجلى قيدا , ثم حبسنى بيته .>


...ليس فى هذا الدين خير

تعصُّب للباطل وتمسُّك بالشر

أسلوب من أساليب الصد عن الحق يذكرنا بقول الله تعالى فى حق المشركين :

" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ " (فصلت :26)

وسبب انعدام الخير المزعوم من ذلك الدين ؛ تعارضه مع دينه ودين أبائه وأجداده

هكذا يُقدم دين الأباء والأجداد على دين الله تعالى !!

إنها عبرة لنا ألانتأثر بما عهدنا عن أبائنا وأجدادنا من أمور العبادات ؛

حين نسمع أدلة ثابتة تنقضه أو تعارضه

فلاتقولن كما قال المشركون من قبل :

" وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ" ( القصص :36)

ولا تقولن "....بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا " ( لقمان :21)


ولا تقولن :" إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ " (الزخرف : 22)

قد قال مثله الكثير من المسلمين ,

- قالوه حين قيل لهم ليس للمؤذن أن يضمن أذانه الصلاة على النبى-صلى الله عليه وسلم-
- قالوه حين قيل لهم : " ان هذا الحديث مفترى على النبى –صلى الله عليه وسلم-
- وقالوه حين نهوا عن التعصب لمذهب من المذاهب ,
- قالوه حين نهو ا عن مصافحة من لاتحل لهم مصافحتهن من النساء .
- قالوه فى مواطن ومواطن ,


لابد من نقض هذه القاعدة ما تعارضت مع الدين

ولا نتبع الأباء والأجداد إلا إذا كانوا على الحق والصواب .


"أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " ( البقرة :133) * * * *


المتن: قال : قلت : < كلا والله إنه خير من ديننا >

كم يحب أباه ولكن لم يجامله .

المتن: < كلا والله إنه خير من ديننا !!!>


إنه لايداهن فى سبيل الحق , ولو مع أحب الناس إليه

تجرد تفتقر إليه الدعوات والجماعات / تجرد يفتقر إليه العلماء وطلاب العلم /

إنك ترى أصحاب الدعوات – مع الأسف- يعتقدون قلة الخير أو انعدامه فى غير دعوتهم

كل دعوة تدعى شمول فهمها للإسلام ,ونقص ذلك عند غيرها .

ترى العَالِم ينبذ من ينبذ من العلماء-حسدًا وحقدًا- ويوظف لسانه وقلمه فيهم .

.ترى الكثير من أبناء الدعوة الواحدة قد انشقوا ,فشغلوا ألسنتهم وأقلامهم ضد بعضهم ,

وملأوا أوقاتهم ومجلسهم فى الغيبة والقدح والذم ؛زعما منهم أنهم يتقربون من الله تعالى !!!

فكيف الشأن مع الدعوات الأخرى ؟ /

وكيف الشأن مع أبناء الإسلام ؟

لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان فى القلب إسلام وإيمان

* * * *
المتن: قال : < فخافنى , فجعل فى رجلى قيدا ثم حبسنى(3) بيته >

حبس الأب فلذة كبده

فلاتعجب إن تفنن أعداء الله تعالى فى تعذيب الأولياء والمتقين !!

وهكذا لم تأخذه رأفة فى دينه وباطله ولم تحجزه محبة ابنه عن فعله لِما فعل

وهكذا يحارب أهل الحق ويُكاد لهم ,

ويضيق عليهم فى كل زمان ومكان .
)

يُتْبَعُ
--------
الحاشية:

(1) رواه الطحاوى فى "مشكل الاثار" من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما- وروى الحاكم منه الشطر الاول, وقال : "صحيح الإسناد" , ووافقه الذهبى . وله شواهد من حديث عائشة-رضى الله عنها –اخرجه ابو نعيم فى" الحلية" , وهو عند الدرامى نحوه , وانظر تفصيل تخريجه فى "اداب الزفاف " (ص269 ) .

(2) الأوار: حر الشمس والنار
" الوجيز ص 29 "
(3) الظاهر أن هناك سقطا كما هو واضح من نص الحديث المذكور ص305
حيث جاء فى متن الحديث :"ثم حبسنى فى بيته "

* * * *



توقيع د.سهيرالبرقوقي
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}
http://www.tvquran.com/


{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }

د.سهيرالبرقوقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس