21-06-09, 02:21 AM
|
#7
|
نفع الله بك الأمة
|
مازلنا نتابع معًا :
[frame="7 80"]
(مقدمة كتاب
" صحيح الترغيب والترهيب "
للشيخ الألبانى
– الجزء الأول- من (ص47 إلى ص67) )
[/frame]
(17)
ما ذكره المنذرى من تساهل العلماء فى الترغيب والترهيب, والجواب عليه
فإن قيل :
لم هذا التفصيل والتشديد فى رواية الحديث الضعيف ؛ والمنذرى –رحمه الله-قد ذكر فى مقدمة كتابه"
" أن العلماء أساغوا التساهل فى أنواع من الترغيب والترهيب ؛ حتى إن كثيرا منهم ذكروا الموضوع ؛ ولم يبينوا حاله " . وجوابا عليه أقول
إن التساهل الذى أساغوه يحتمل وجهين:
# الأول:
( ذكر الأحاديث بأسانيدها ):
فهذا لابأس به ؛ كيف لا وهو صنيع جميع المحدثين من الحفاظ السابقين الذين كان أول أعمالهم فى سبيل حفظ السنة وأحاديثها ؛ إنما هو جمعها من شيوخها بأسانيدهم فيها ؛ ثم من كان منهم على علم بتراجم رواتها من جميع الطبقات , ومعرفة بطرق الجرح والتعديل ؛ وعلل الحديث , فإنه يتمكن من التحقيق فيها ؛ وأن يميز صحيحها من سقيمها {هذا دفاعًا عن مؤلفي أمهات الكتب وإحسان الظن بهم وتقديرًا لهم حق تقدير}
وإلى هذا وذلك أشاروا بقولهم المعروف :
" قمش ثم فتش "
فهو إذن من باب " ما لايقوم الواجب إلا به فهو واجب " .
ملحوظة:
قمش: أي اجمع الأحاديث من التقمش.
فتش : أي فتش عن صحة كل حديث (صحة لأحاديث)
وعلى هذا الوجه ينبغى أن يحمل قول المنذرى المذكور عن العلماء :
= إحسانا للظن بهم أولا ؛
= ولأنه هو الذى يدل عليه كلام الحفاظ ثانيا ؛
= بالإضافة إلى ما ذكرناه مما جرى عليه عملهم .
فهذا هو الإمام أحمد يقول :
"إذا جاء الحلال والحرام شددنا فى الأسانيد ؛ وإذا جاءالترغيب والترهيب تساهلنا فى الأسانيد "
(1){= مجموع الفتاوى " لشيخ الإسلام ابن تيمية ( 18/ 65 ) }
فهذا نص فيما قلنا ؛
ومثله قول ابن الصلاح فى"علوم الحديث " (ص113 )
< ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل فى الأسانيد , ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرها؛ وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال ؛ وسائر فنون الترغيب والترهيب , وسائر ما لاتعلق له بالأحكام والعقائد > .
فتأمل فى قوله :
" التساهل فى الأسانيد" يتجلى لك صحة ما ذكرنا . والسبب فى ذلك أن من ذكر إسناد الحديث فقد أعذر وبرئت ذمته ؛ لأنه قدم لك الوسيلة التى تمكن من كان عنده علم بهذا الفن من معرفة حال الحديث صحة أو ضعفا بخلاف من حذف إسناده ولم يذكر شيئا عن حاله ؛ فقد كتم العلم الذى عليه أن يبلغه . _____
(18) الأدب فى رواية الحديث الضعيف عند ابن الصلاح
من أجل ذلك عقب ابن الصلاح على ما تقدم بقوله :
" إذا أردت رواية الحديث الضعيف بغير إسناد فلا تقل فيه: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: كذا وكذا ؛ وما أشبه هذا من الألفاظ الجازمة بأنه –صلى الله عليه وسلم- قال ذلك ؛
وإنما تقول فيه:روى عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كذا وكذا ؛ أو بلغنا عنه كذا وكذا ..
وهكذا الحكم فيما تشك فى صحته وضعفه .
وإنما تقول : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ..فيما ظهر لك صحته"(2)
{(2) = قلتُ : تأمل هذا ؛ يتبين لك خطأ المنذرى فى اصطلاحه المتقد }
(19) لابد من التصريح بالضعف
قلت : فثبت أنه لابد من بيان ضعف الحديث فى حال ذكره دون إسناده ؛ ولو بطريق ما اصطلحوا عليه مثل
( روى ) ونحوه .
ولكنى أرى أن هذا لايكفى اليوم لغلبة الجهل ؛ فإنه لايكاد يفهم أحد من كتب المؤلف , أو قول الخطيب على المنبر :" روى عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أنه قال:كذا وكذا .." أنه حديث ضعيف ؛
فلابد من التصريح بذلك كما جاء فى أثر على-رضى الله عنه- قال:
" حدثوا الناس بما يعرفون ؛ أتحبون أن يكذب الله ورسوله ". أخرجه البخارى (3)
{ (3)= رقم (83 –مختصر البخارى- الطبعة الجديدة ) } ؛
ولنعم ما قال الشيخ أحمد شاكر –رحمه الله- فى " الباعث الحثيث " ( ص 101)
" والذى أراه بيان الضعف فى الحديث الضعيف واجب فى كل حال ؛ لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح ؛ خصوصا إذا كان الناقل من علماء الحديث الذين يرجع إلى قولهم فى ذلك وأنه لافرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها فى عدم الأخذ بالروية الضعيفة ؛
بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من حديث صحيح أو حسن " .
# قلتُ:
والوجه الآخر الذى يحتمله كلام المنذرى المتقدم إنما هو :
{ ذكر الأحاديث الضعيفة بدون أسانيدها ودون بيان حالها حتى الموضوع منها } :
فهذا فى اعتقادى مما لا أتصور أن يقوله أحد من العلماء الأتقياء ؛ لما فيه من المخالفة لما تقدم فى كلام الإمام مسلم من نصوص الكتاب والسنة فى التحذير من الرواية من غير العدول ؛
لا فرق فى ذلك بين أحاديث الأحكام والترغيب والترهيب وغيرها ؛ وكلام مسلم صريح فى ذلك .
# ( صحيح الترغيب والترهيب -1-ص 37- رقم 4- ) :
قال المصنف :
< ......وعلى هذا حض الإمام مسلم على طرح الأحاديث الضعيفة , فقال فى مقدمة "صحيحه" ص6 :
" ... واعلم وفقك الله تعالى – أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها , وثقات الناقلين لها من المهتمين؛ أن لايروى منها إلا ما عرف صحة مخارجه والسِّتارة فى ناقليه , وان يتقى منها ماكان منها عن أهل التهم , والمعاندين من أهل البدع ....
والدليل على أن الذى قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه قول الله جل ذكره :
{ يا أًيُّها الذين آمنوا إن جَاءَكُم فاسِقٌ بنبأٍ فتَبَينُوا }.... وقال جل ثناؤه :
{ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ } ...وقال :
{ وأَشْهِدوا ذَوَىَ عَدْلٍ مِنْكٌم }..
فدل على ماذكرنا من الآى :
= أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول ,
= وأن شهادة غير العدل مردودة ,
= والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة فى بعض الوجوه فقد يجتمعان فى أعظم معانيهما ,
إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم كما أن شهادته مردودة عند جميعهم ....
ودلت السنة على نفى رواية المنكر من الأخبار كنحو دلالة القرآن على نفى خبر الفاسق , وهو الأثر المشهور عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :
{ مَن حدثَ عنى بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين } . "
نتابع معًا بإذن الله تعالى
|
|
|