للفاضلة أم هانئ
كيف عبّر عليه السلام عن : جميل حلمه ، وعظيم حبّه ، ورائق تفهمه لحاجة عرضت لزوجــه أمام جيش من صحبه الكرام.. ؟!!!
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : {خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، حتى إذا كنا بالبيداء ، أو بدأت الجيش ، انقطع عقد لي ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه ، وأقام الناس معه ، وليسوا على ماء ، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق ، فقالو : ألا ترى ما صنعت عائشة ؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ، وليسوا على ماء ، وليس معهم ماء ، فجاء أبو بكر ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام ، فقال : حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ، وليسوا على ماء ، وليس معهم ماء ، فقالت عائشة : فعاتبني أبو بكر ، وقال ما شاء الله أن يقول ، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي ، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء ، فأنزل الله آية التيمم فتيموا ، فقال أسيد بن الحضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر ، قال : فبعثنا البعير الذي كنت عليه ، فأصبنا العقد تحته . } صحيح البخاري / رقم : 322---- وفي رواية في الصحيح أيضا : (( أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت ))
- قال الحافظ ابن حجر في كتابه : فتح الباري بشرح صحيح البخاري تعليقا على هذا الحديث :
[ قوله : ( وليسوا على ماء , وليس معهم ماء ) .... وفيه اعتناء الإمام بحفظ حقوق المسلمين وإن قلت , فقد نقل ابن بطال أنه روي أن ثمن العقد المذكور كان اثني عشر درهما , ويلتحق بتحصيل الضائع الإقامة للحوق المنقطع ودفن الميت ونحو ذلك من مصالح الرعية , وفيه إشارة إلى ترك إضاعة المال . ] انتهى / كتاب : التيمم / باب : وقول الله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا / رقم : 322
** حول بعض المعاني نطوّف :
كم من عميق معان حواها ذلك الحديث ، ففيه جميل خلق و رفق وحلم رائق نفيس .
انظرن : كيف أخبرت عائشة زوجها الهادي الأمين ، بضياع عارية لها عقد أختها غير الثمين ؟
ثم انظرن : كيف رق عليه السلام لحالها ؟ وأرسل من يبحث عن عقدها ، حابسا جيشا في فلاة
بلا ماء لأجلها ،صبورا حنونا حليما غير عاتب ولا مؤنب ولا محتقرا لمصابها ، بل زاد فنام عليه
السلام مطمئنا على حجرها ...
يعلم القوم الصبر و الحلم والأناة ، وحسن عشرة ورائق خلق يحبه سيده و مولاه !!!
هل قرأتن هذا الحديث متأملات ، ولدقيق معانيه عاقلات شاعرات ؟
والسؤال :
كيف نتعبد إلى الله بما جاء في هذا الحديث ؟ وكيف نتخلق بكريم خلق نبينا العالي النفيس ؟
* اسقاطات حياتية و تطبيقات عملية :
قلنــــــــــــا :
الأحاديث والآيات نتدين بمعرفتها ، وعند اللزوم يتعين علينا اجترارها ، والأوجب بل الغاية من نزولها من الله على خلقه أن يتعبدوا له بممارستها ، وفي مواقف حياتنا نعمل على تطبيقها ، ولن يتسنى لنا ذلك إلا بفهم معانيها ، ومحاولة استشعار ما هو مراد الشارع بما جاءنا
فيهـــــــــا ... هلم نطبق على حديثنا هذا ...
- هل تصبر إحدانا على أولادها ، إذا أخروها متعللين بعذر تراه واه عندها ..؟ هل تغيير لأجلهم خططها ..؟
- هل تتنزلين لقدرهم ، مظهرة تفهم لحاجاتهم المناسبة لحداثة سنهم ..؟
- هل ترفقين بحالهم ، تراعين خاطرهم وما يهمهم .. ؟
- هل ترقين صبرا أم تتميزين غيظا من عجوز أو قريبة تمسكت بحاجة عندك حقيرة تافهة واهية ، ولكنها عندها عظيمة طاغية.. ؟
- هل تحلمين إذا أخلف أحدهم وعدا ؟ أم تهبين متوعدة له أمرا ؟ لا تريدين أن تسمعي له عذرا ..؟
ليست المحبة محض تعبير بألفاظ و كلمات ، ولكنها مواقف تُعاش تُعاين فيها مشاعر حسان رائقات ، يتبادل فيها الخلق فيما بينهم فيض من الرحمات
من موضوع إذا قرح القلب دمع العين
للفاضلة أم هانئ
يُتبع بإذن الله
مع مواقف النبي صلى الله عليه وسلم
مع زوجه