ثامنًــــــا ـ أجــر رمــي الجمــار (1)
====================
قـال ابـن الأثيـر فـي كتابـه : النهايـة فـي غريـب الحديـث والأثـر :
جمـر : فيـه : ( إذا اسـتجمرت فأوتـر ) الاسـتجمار : التمسـح بالجمـار ، وهـي الأحجـار الصّغـار ، ومنـه سـميت جمـار الحـج ، للحصـى الـذي يرممـى بهـا . وأمـا موضـع الجمـار بمنـى فسـمي جمـرة لأنهـا تُرمـى بالجمـار ، وقيـل : لأنهـا مجمـع الحصـى الـذي يُرمـى بهـا ، مـن الجمـرة وهـي اجتمـاع القبيلـة علـى مـن ناوأهـا ، وقيـل : سـميت بـه مـن قولهـم أجمـر إذا أسـرع . }
انتهى النقل / من المجلد الواحد / حرف الجيم / باب : الجيم مع الميم / ص : 163 .
* يقـول صاحبنـا :
فـي صبيحـة يـوم النحـر ، وبعـد أداء صـلاة الفجـر ، والإلحـاح علـى الكريـم بالدعـاء بعـد الذكـر والثنـاء عنـد المشـعر الحـرام ، وقبـل الشـروق التـام ، وفـي شـدّة الإسـفار ، يمـمتُ وجهـي للجمـار ؛ عمـلاً بمـا ورد مـن مناسـك فـي صحيـح الأخبـار :
* عـن أبـي الزبيـر أنـه سـمع جابـر بـن عبـد الله ـ رضي الله عنهما ـ يقـول : رأيـت النبـي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرمـي علـى راحلتـه يـوم النحـر ويقـول " لتأخـذوا مناسـككم فإنـي لا أدري لعلـي لا أحـج بعـد حجتـي هـذه " .
صحيح مسلم / كتاب : الحج / باب : استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا وبيان قوله .
* فكنـت أسـلك طريقـي إلـى منـىً خفيـف البـدن ، منشـرح الفـؤاد ، أنظـر لجمـوع الحجيـج حولـي ، يلهـج لسـاني بالذكـر والتكبيـر والتلبيـة ، غيـر متسـرع الخطـوات ، ولا مزاحـم فـي الطرقـات ، متمثـلاً ـ فـي قلبـي ـ تواضـع خيـر الأنـام ـ بأبـي هـو وأمـي ـ فـي هـذا الموضـع شـديد الزحـام :
* فعـن قدامـة بـن عبـد الله العامـري ـ رضي الله عنه ـ قـال : رأيـت النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يرمـي الجمـار علـى ناقتـه ليـس ضـرب ولا طـرد ولا إليـك إليـك .
صححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في : الصحيح المسند / رقم : 1078 .
o فـائــدة :
ــــــــ
( لا ضـرب ولا طـرد ولا إليـك إليـك )
أي تنـح تنـحَ وهـو اسـم فعـل بمعنـى تنـحَ عـن الطريـق .
* وفـي طريقـي جمعـت سـبع حصيـات كحصـى الخـذف بالـذات :
فعـن جابـر بـن عبـد الله ـ رضي الله عنه ـ قـال : ( رأيـت رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرمـي الجمـار بمثـل حصـى الخـذف ) .
صححه الشيخ الألباني في : صحيح الترمذي / رقم : 897 .
* فلمـا وصلـتُ عـن التلبيـة سـكتُّ ، وفـي الحـال رميـت أُكَبـِّر مـع كـل حصـاة :
فعـن عبـد الرحمـن بـن يزيـد : ( أنـه كـان مـع عبـد الله بـن مسـعود فأتـى جمـرة العقبـة فاسـتبطن الـوادي فاسـتعرضها فرماهـا مـن بطـن الـوادي بسـبع حصيـات يكبـر مـع كـل حصـاة قـال فقلـت يـا أبـا عبـد الرحمـن إن النـاس يرمونهـا مـن فوقهـا فقـال هـذا والـذي لا إله غيـره مقـام الـذي أنزلـت عليـه سـورة البقـرة ) .
صحيح مسلم / كتاب : الحج / باب : رمي جمرة العقبة من بطن الوادي وتكون مكة عن يساره .
* مسـتحضرًا حـال رمـي الجمـار قصـة أبـي الأنبيـاء إبراهيـم ، كمـا جـاء فـي :
حديـث عبـد الله بـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : ( لمـا أتـى إبراهيـم خليـل الله المناسـك عـرض لـه الشـيطان عنـد جمـرة العقبـة ، فرمـاه بسـبع حصيـات حتـى سـاخ فـي الأرض ، ثـم عـرض لـه عنـد الجمـرة الثانيـة ، فرمـاه بسـبع حصيـات حتـى سـاخ فـي
الأرض . قـال ابـن عبـاس : الشـيطان ترجمـون ، وملـة أبيكـم إبراهيـم تتبعـون ) .
صححه الألباني في : صحيح الترغيب / رقم : 1156 .
* وفـاض الدمـع ، رغـم اشـتداد الزحـام والجمـع ، وتوجـه قلبـي لربـي بالدعـاء ، اللهـم تجـاوز عـن السـيئات ، وضاعـف لحـاجٍّ فقيـرٍ راجيـك الحسـنات يحدونـي بالاسـتجابة الأمـل ؛ لمـا جـاء فـي صحيـح الأثـر مـن عظيـم أجـر لهـذا العمـل :
* فعـن عبـد الله بـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " أمـا خروجـك مـن بيتـك تـؤم البيـت الحـرام ؛ فإن لـك بكـل وطـأة تطؤهـا راحلتـك يكتـب الله لـك بهـا حسـنة ، ويمحـو عنـك سـيئة . وأمـا وقوفـك بعرفـة ؛ فإن الله عـز وجـل ينـزل إلـى السـماء الدنيـا فيباهـي بهـم الملائكـة ، فيقـول : هـؤلاء عبـادي جاؤونـي شـعثًا غبـرًا مـن كـل فـج عميـق ، يرجـون رحمتـي ويخافـون عذابـي ولـم يرونـي ، فكيـف لـو رأونـي ؟ فلـو كـان عليـك مثـل رمـل عالـج أو مثـل أيـام الدنيـا أو مثـل قطـر السـماء ذنوبًـا غسـلها الله عنـك . وأمـا رميـك الجمـار فإنـه مدخـور لـك . وأمـا حلقـك رأسـك فـإن لـك بكـل شـعرة تسـقط حسـنة ، فإذا طفـت بالبيـت خرجـت مـن ذنوبـك كيـوم ولدتـك أمـك " .
حسنه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع / رقم : 1360 .
* عـن عبـد الله بـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " اجلـس " . وجـاء رجـل مـن ثقيـف ، فقـال : يا رسـول الله ! كلمـات أسـأل عنهـن . فقـال : " سـبقك الأنصـاري " . فقـال الأنصـاري : إنـه رجـل غريـب ، وإن للغريـب حقًـا ، فابـدأ بـه . فأقبـل علـى الثقفـي فقـال : " إن شـئت أنبأتـك عمـا كنـت تسـألني عنـه ، وإن شـئت تسـألني وأخبـرك ؟ " . فقـال : يـا رسـول الله ! بـل أجبنـي عمـا كنـت أسـألك . قـال : " جئـت تسـألني عـن الركـوع والسـجود والصـلاة والصـوم " فقـال : والـذي بعثـك بالحـق مـا أخطـأت ممـا كـان فـي نفسـي شـيئًا . قـال : " فإذا ركعـت فضـع راحتيـك علـى ركبتيـك ، ثـم فـرج أصابعـك . ثـم اسـكن حتـى يأخـذ كـل عضـو مأخـذه ، وإذا سـجدت فمكـن جبهتـك ولا تنقـر نقـرًا ، وصـل أول النهـار وآخـره . فقـال : يـا نبـي الله ! فإن أنـا صليـت بينهمـا ؟ قـال : " فأنـت إذا مصـل . وصـم مـن كـل شـهر ثـلاث عشـرة ، وأربـع عشـرة ، وخمـس عشـرة " . فقـال الثقفـي . ثـم أقبـل علـى الأنصـاري ، فقـال : " إن شـئت أخبرتـك عمـا جئـت تسـألني ، وإن شـئت تسـألني وأخبـرك ؟ فقـال : لا يـا نبـي الله ! أخبرنـي بمـا جئـت أسـألك . قـال : " جئـت تسـألني عـن الحـاج مـا لـه حيـن يخـرج مـن بيتـه ؟ ومـا لـه حيـن يقـوم بعرفـات ؟ ومـا لـه حيـن يرمـي الجمـار ؟ ومـا لـه حيـن يحلـق رأسـه ؟ ومـا لـه حيـن يقضـي آخـر طـواف بالبيـت . فقـال : يـا نبـي الله ! والـذي بعثـك بالحـق مـا أخطـأت ممـا كـان فـي نفسـي شـيئًا . قـال : فـإن لـه حيـن يخـرج من بيتـه أن راحلتـه لا تخطـو خطـوة ؛ إلا كتـب الله له بهـا حسـنة ، أو حـط عنـه بهـا خطيئـة ، فإذا وقـف بـ ( عرفـة ) فـإن الله عـز وجـل ينـزل إلـى سـماء الدنيـا فيقــول : انظـروا إلـى عبـادي
شـعثًا غبـرًا ، أشـهدوا أنـي قـد غفـرت لهـم ذنوبهـم ، وإن كانـت عـدد قطـر السـماء ورمـل عالـج ، وإذا رمـى الجمـار لا يـدري أحـد مـا لـه حتـى يوفـاه يـوم القيامـة ، وإذا حلـق السـماء رأسـه ، فلـه بكـل شـعرة سـقطت مـن رأسـه نـور يـوم القيامـة ، وإذا قضـى آخـر طـواف بالبيـت خـرج مـن ذنوبـه كيـوم ولدتـه أمـه " .
حسنه الشيخ الألباني في : صحيح الترغيب / رقم : 1155 .
* عـن عبـد الله بـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا رميـت الجمـار ؛ كـان لـك نـورًا يـوم القيامـة " .
علق عليه الشيخ الألباني في : صحيح الترغيب والترهيب / رقم : 1157 /
قائلاً : حسن صحيح ، وحسنه في : السلسلة الصحيحة / رقم : 2515 .
* عـن عبـد الله بـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن شـئتما أخبرتكمـا بمـا جئتمـا تسـألاني عنـه فعلـت ، وإن شـئتما أن أمسـك وتسـألني فعلـت . فقـالا : أخبرنـا يـا رسـول الله ! فقـال الثقفـي للأنصـاري : سـل . فقـال : جئتنـي تسـألني عـن مخرجـك مـن بيتـك تـؤم البيـت الحـرام ومـا لـك فيـه ، وعـن ركعتيـك بعـد الطـواف ومـا لـك فيهمـا ، وعـن طوافـك بيـن الصفـا والمـروة ومـا لـك فيـه ، وعـن وقوفـك عشـية عرفـة ومـا لـك فيـه ، وعـن رميـك الجمـار ومـا لـك فيـه ، وعـن نحـرك ومـا لـك فيـه ، مـع الإفاضـة . فقـال : والـذي بعثـك بالحـق ! لعـن هـذا جئـت أسـألك . قـال : فإنـك إذا خرجـت مـن بيتـك تـؤم البيـت الحـرام ؛ لا تضـع ناقتـك خفًـا ، ولا ترفعـه ؛ إلا كتـب ( الله ) لـك بـه حسـنة ، ومحـا عنـك خطيئـة . وأمـا ركعتـاك بعـد الطـواف ؛ كعتـق رقبـة مـن بنـي إسـماعيل . وأمـا طوافـك بالصفـا والمـروة ؛ كعتـق سـبعين رقبـة . وأمـا وقوفـك عشـية عرفـة ؛ فإن الله يهبـط إلـى سـماء الدنيـا فيباهـي بكـم الملائكـة يقـول : عبـادي جاؤنـي شـعثًا مـن كـل فـج عميـق يرجـون رحمتـي ، فلـو كانـت ذنوبكـم كعـدد الرمـل ، أو كقطـر المطـر ، أو كزبـد البحـر ؛ لغفرتهـا ، أفيضـوا عبـادي ! مغفـورًا لكـم ، ولمـن شـفعتم لـه . وأمـا رميـك الجمـار ؛ فلـك بكـل حصـاة رميتهـا تكفيـر كبيـرة مـن الموبقـات . وأمـا نحـرك ؛ فمدخـور لـك عنـد ربـك . وأمـا حلاقـك رأسـك ؛ فلـك بكـل شـعرة حلقتهـا حسـنة ، وتمحـى عنـك بهـا خطيئـة . وأمـا طوافـك بالبيـت بعـد ذلـك ؛ فإنـك تطـوف ولا ذنـب لـك يأتـي ملـك حتـى يضـع يديـه بيـن كتفيـك فيقـول : اعمـل فيمـا تسـتقبل ؛ فقـد غفـر لـك مـا مضـى " .
علق عليه الشيخ الألباني في : صحيح الترغيب والترهيب / رقم : 1112 / قائلاً : حسن لغيره .
* عـن عبـادة بـن الصامـت ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( فإن لـك مـن الأجـر إذا أممـت البيـت العتيـق أن لا ترقـع قدمًـا أو تضعهـا أنـت ودابتـك ؛ إلا كتبـت لـك حسـنة ، ورفعـت لـك درجـة . وأمـا وقوفـك بعرفـة ؛ فإن الله عـز وجـل يقـول لملائكتـه : يـا ملائكتـي ! مـا جـاء بعبـادي ؟ قالـوا : جـاؤا يلتمسـون رضوانـك والجنـة . فيقـول الله عـز وجـل : فإنـي أشـهد نفسـي
وخلقـي أنـي غفـرت لهـم ، ولـو كانـت ذنوبهـم عـدد أيـام الدهـر ، وعـدد رمـل عالـج . وأمـا رميـك الجمـار ؛ قـال الله عـز وجـل : { فَلاَ تَعْلَـمُ نَفْـسٌ مَّـا أُخْفِـيَ لَهُـم مِّـن قُـرَّةِ أَعْيُـنٍ جَزَاء بِمَا كَانُـوا يَعْمَلُـونَ } . سورة السجدة / آية : 17 .
وأمـا حلقـك رأسـك ؛ فإنـه ليـس مـن شـعرك شـعرة تقـع فـي الأرض ؛ إلا كانـت لـك نـورًا يـوم القيامـة . وأمـا طوافـك بالبيـت إذا ودعـت ؛ فإنـك تخـرج مـن ذنوبـك كيـوم ولدتـك أمـك ) .
علق عليه الشيخ الألباني في : صحيح الترغيب والترهيب / رقم : 1113 / قائلاً : حسن لغيره .
* والله يشـهد : أني عنـد الانتهـاء مـن رمـي الجمـار ، يـوم الثالـث مـن ذي الحجـة عنـد الـزوال ، فاضـت العيـن لفراقهـا ، فكأنـي الدهـر ألفتهـا ، وليـس لبضعـة أيـام لرميتهـا ، ودعـوت الله عندهـا ، وشـعرت بألـم الفـراق كأنمـا لعزيـز سـأشـتاق ؛ فطالـت منـي النظـرات لمنـى وتلـك الجمـرات ، ولسـان حالـي ، وأنـا مـن عندهـا منصرفًـا :- هـل يـا تًـرى يرزقنـي الكريـم حجـة خلفـا .
التعديل الأخير تم بواسطة أمــــ هـــانـــئ ; 16-10-09 الساعة 06:28 AM
|