عرض مشاركة واحدة
قديم 02-11-09, 02:49 PM   #4
أم عبد البر ومصعب
|طالبة في المستوى الثاني1 |
افتراضي

الحلقة الثالثة

لمحات من كتاب التعالم
للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

-أمثلة من السير والتاريخ-


مفتي الخنفشار: في كتب المحاضرات أن رجلا كان يفتي كل سائل دون توقف فلحظ أقرانه ذلك منه، فأجمعوا أمرهم لامتحانه، بنحت (1)كلمة ليس لها أصل هي "الخنفشار" فسألوه عنها، فأجاب على البديهة: بأنه نبت طيب الرائحة ينبت بأطراف اليمن إذا أكلته الإبل عقد لبنها، قال شاعرهم اليماني(3):


لقد عقدت محبتكم فؤادي 000000000000كما عقد الحليب (2) الخنفشار


وقال دود الأنطاكي في "تذكرته" كذا، وقال فلان وفلان.... وقال النبي صلى الله عليه وسلم، فاستوقفوه وقالوا كذبت على هؤلاء، فلا تكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وتحقق لديهم ان ذلك المسكين: جراب كذاب، وعيبة(4) افتراء في سبيل تعالمه، نسأل الله الصون والسلامة.

ومن الخنفشاريين: خبير النعنع، ففي ملح(5) التاريخ كما ذكر السخاوي: ان جُهَنيا كان في ندماء المهبلي، وكان يأتي بالطامات(6) فجرى مرة حديث في النعنع فقال: في البلد الفلاني نعنع يطول حتى يصير شجرا ويعمل من خشبه سلالم، فثار منه أبو الفرج الأصبهاني صاحب (الأغاني) فقال: نعم عجائب الدنيا كثيرة ولا ينكر هذا، والقدرة صالحة، وأنا عندي ماهو أغرب من هذا: أن زوج الحمام يبيض بيضتين فآخذهما وأضع تحتهما سنجة مائة، وسنجة خمسين -السنجة كفة الميزان- فإذا فرغ زمن الحضانة انفقست السنجتان عن طست وإبريق، فضحك أهل المجلس، وفطن الجهني لما قصد به أبو الفرج من "الطنز"(7)، وانقبض عن كثير من حكاياته اهـ

ومنهم الهروي: شمس ابن عطاء الرازي المتوفي سنة 887 هـ، كان من أعوان تيمورلنك، وكان عريض الدعوى في الحفظ،فاستعظم الناس ذلك، فجعل له مجلس لإمتحانه وكان من جملة ماسئل عنه حينئد: هل ورد النص على المغرب تقصر في السفر؟ فقال نعم، جاء ذلك في كتاب "الفردوس".
لأبي الليث السمرقندي، فلما انفصلوا ورجعوا على كتاب أبي الليث لم يجدوا فيه ذلك، فقيل له في ذلك ؟ فقال: الحديث في الكبرى، ولم تدخل الكبرى في هذه البلاد، فاستُشعر كذبه من يومئذ، وقد ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في ترجمته له، هكذا فليكن كذب المتعالمين.

ومنهم الجوباري: أحمد بت عبد الله الجوباري إذ بلغ من كذبه وتغفيله أنه لما ذكر له إختلاف المحدثين في سماع الحسن البصري من أبي هريرة رضي الله عنه ساق بإسناده قوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمع الحسن من أبي هريرة !
وصدق الزهري إذ يقول: الكذب شر غوائل(8) العلم..."
ومنه: تعالم مكي بتأويل الشعر قال ذات يوم: ما سمعت بأكذب من بني تميم زعموا أن قول القائل(9):


بيت زرارة محتب (10)بفنائه00000000000 ومجاشع وأبو الفوارس نهشل

أنه في رجال منهم ، قيل له: فما تقول أنت فيهم؟ قال البيت بيت الله وزرارة الحجر ، قيل فمجاشع ؟ قال زمزم جشعت بالماء ، قيل فأبو الفوارس ؟ قال أبو قبيس ، قيل له فنهشل ؟ قال نهشل أشده ، وفكر ساعة ثم قال نهشل مصباح الكعبة لأنه طويل أسود فذلك نهشل,هكذا ذكرها العلامة البارع الشيخ محمد الخصر حسين رحمه الله ثم رأيتها في" مجلة العرب " نقلا عن " تاريخ مكة الفكاهي " في خبر مصباح زمزم.

وهذا مقاتل بن سليمان المتوفي سنة 150 هـ: فإنه من علمه ابتلي بشي من ذلك فقد قيل أنه قال:سلوني عما دون العرش فقالوا: أين أمعاء النملة ؟ فسكت، وسألوه: لما حج آدم، من حلق رأسه ؟ فقال: لاأدري. ولهذا قال الذهبي رحمه الله "أجمعوا على تركه " اهـ.

وفي "الصباحي "قال مؤلفه ابن فراس: بعد أن قرر القول بوقف لغة العرب: (ثم الأمر قراره، فلا نعلم لغة من بعده حدثت، فإن تعمل(11) اليوم متعمل، وجد من نقاد العلم من ينفيه ويرده وقد بلغنا عن أبي ولقد بلغنا عن أبي الأسود الدؤلي أن امرء كلمه ببعض ما أنكره أبو الأسود فسأله أبو الأسود عنه(12) فقال هذه لغة لم تبلغك فقال له يابن أخي إنه لا خير لك فيما لم يبلغني فعرفه بلطف أن الذي تكلم به مختلق(13) ) اهـ.

ومن قصص التعالم المشتهرة على الألسن: قصة الطالب الشافعي، الذي تفقه ولم يدرك، فاحتاج أهل بلده مفتيا لهم، ولم يجدوا سواه، فتردد، حتى استشار شيخا له فأشار عليه يجيب سائليه بوجود قولين عند الشافعي في المسألة، ليراجع بعد،ففعل، لكن أهل بلده لاحظوا إكثاره من هذا،فسأله أحدهم: أفي الله شك؟ فقال بمثل ذلك ففتضح.
وهذه القصة لم يتم الوقوف عليها في مصدر موثوق، والذي يظهر والله أعلم انها من تحطط (14)الحنفية على الشافعية, فإن بينهم من العداء المذهبي مالا يخفى. اهـ

----------------------------------------------------------------------------
1- نحت الكلمة : أخذها وركبها من كلمة أو كلمتين
2- عقد الحليب : أي جعله يغلظ
3- البيت من بحر الوافر
4- عيبة : وعاء جمعه عيب وعياب
5- مُلح :جمع ملحة وهي الشيء الحسن الظريف
6- الطامات : جمع طامة وهي الداهية ,والمقصود الأكاذيب المعتمدة
7- الطنز : السخرية
8- الغوائل جمع غائلة: المصيبة والداهية
9- البيت من بحر الكامل
10- محتب بفنائه : الإحتباء أن يجلس الرجل على إليته ويضم فخديه وساقيه إلى بطنه إما بذراعيه أو بثوب يديره على ساقيه وظهره ليستند .وفناء البيت ساحته
11- تعمل : اختلق شيئا لم يسمع من العرب
12- لعلها "عليه" لأنه يقال : أنكر عليه ولايقال أنكرعنه
13- مختلق : مكذوب مفترى
14- تحطط: ذمهم واحتقارهم والعياذ بالله



توقيع أم عبد البر ومصعب

التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد البر ومصعب ; 02-11-09 الساعة 02:55 PM
أم عبد البر ومصعب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس