عرض مشاركة واحدة
قديم 29-11-09, 10:16 AM   #4
أثر الخير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

يتبع
أحياناً الأم مثلاً علشان يُطيعها ابنها في مرة من المرات تُعطيه حلوى ويُطيعها ،ومرة ثانية أيضاً تُعطية مثلاً حلوى ويُطيعها ، ويبدأ لا يُطيعها إلا عندما تُعطيه ذلك الحلوى ، هي تعرف أن الحلوى أرتبط عنده بالطاعة نتج سلوك الطاعة لكن لفترة معينة ، ولو نظمت هذه العملية بإسلوبٍ معين لاستمر سلوك الطاعة خصوصاً عندما تُدعِّم السلوك بالأساليب الأُخرى التي أشرنا إليها.
فإذن استغلال الأشياء الموجودة بين يدينا من المكافآت ومن الممارسات المرغوبة لدى الطفل ومن الأُعطيات وغير ذلك من أجل أن نبني أخلاق معينة للطفل ،أن نبني اتجاهات معينة عند الطفل ، أن نُكوِّن شخصية الطفل ،هذا أمر ممكن ومفيد ،وفائدتُهُ عندما تُنظَّم وتُرتب بحسب يعني برنامج معين تكون في كثير من الأحيان أجدى حتى من الأسلوب الثاني الذي أشرت إليه.

الإسلوب الرابع والأخير : و الذي أريد أن أكد عليه وأشير إليه هو أسلوب (( التربية بالملاحظة و التقليد )):
هذا الأسلوب يتم أثرهُ بشكل تلقائي وبشكل عفوي في كثير من الأحيان ، الابن يرى سلوك أبوه يُقلِّدُه ، الابن يرى سلوك الأم يُقلِّد الأم ،البنت نفس الطريقة ،وهذا الأسلوب يعني له أثر تراكمي يعني بمعني انه مادام هذا السلوك سلوك سلوك ثابت في الأب فمن المعلوم مادام ما في مؤثرات خارجية فسوف ينشأ عليه الابن ، إذا كانت الأم تكذب وهو سلوك ثابت عندها يعني ليس هو يَمُر مرة واحدة فقط فإن الابن يمكن أن يتخرج كذاب ، إذا كانت الأم تغش وتخادع ،إذا كانت الأم أيضاً أو الزوجة مثلاً وخصوصاً أيضاً هذه أيضاً قضية مهمة لا تُطيع الزوج أمام الأبناء مثلاً هذه تُؤثِّر على سلوكيات الابن والبنت ، وهذا الأسلوب قلت أن لهُ أثرُه التراكمي التلقائي ،لا يُمكن أي واحد من الجالسين هنا أن يقول أن هذا ماله أثر على أبنائه أو على إخوانه أبداً ، لأنه هذا هو الأسلوب الذي يعيش معه الطفل طوال 24 ساعة ،مادام الأم لها سمات معينة وطريقة معينة وأخلاقيات معينة فإنّ الأبناء سيتأثرون بذلك ،ولذلك قلت انه أخطر أسلوب ومن أشد الأساليب تاثيراً على الأطفال ، ولابد من ضبط السلوكيات الموجودة في البيت بحيث تتلائم وتتناسب مع توجيهات الإسلام فإذا حدث هذا الشيء كان هناك أثرٌ تلقائي تراكمي بطريقة غير متعبة للأبوين، والله يا إخوان إذا كان مثلاً إذا كانت الأم من يوم يأذن بالصلاة إلا هي فارشة السجادة وجالسة تصلي بخشوع وهذا شيء ثابت في سلوكها من يوم يأذن إلا هي فارشة السجادة وبنتها تشوف عمرها مثلاً سبع أو ثماني سنوات يعني بدون شك أعظم مؤثر على البنت - إذا ما كان هناك أيضاً مؤثرات أُخرى- هي أمها ،إذا الأم كانت ذات وِرد] من القرآن[ معين يومي تقرأه بنفسها أو تقرأه هي وأولادها في بعض الأيام هذا مؤثِّر ، سلوك يومي تشوفه البنت، إذا كانت الأم لا تكذب وعندما ترى الذين يكذبون تُأنبهم وتشوفها البنت تتأثَّر البنت بهذا السلوك ،إذا كانت تنضبط الأم بهندامها ولباسها وحجابها لِمَ لا يُؤثِّر على البنت؟سيُأثِّر ، قل نفس الشيء عن الأب .

إذن مُشكلاتنا في سلوكياتنا ، ونحن نعيش ازمة في التناقض بين أقوالنا وبين أفعالنا ،وما ذنب هؤلاء الأطفال؟ ماذنبهم إذا كانوا ينشأون في بيئةٍ لا تلتزم بالإسلام ثم نقول هؤلاء الأطفال لم يلتزموا بالإسلام !

والتأثير بالتقليد والملاحظة لا يقتصر على الأبوين ،إذا كنا واقعيين فلا نقصِر التأثير بالتقليد والملاحظة على الأبوين ،لأن التقليد هو تقليد، يتم أيضاً للأبوبين باعتبار يقضي الطفل معهم وقت أكبر ،ويتم أيضاً التقليد للمُدرِّس بالمدرسة ، ويتم التقليد للزميل في الصف ، إذن نحن محشورون صراحةً بالنسبة لأسلوب التقليد من جميع الجهات ،فإذا جاءت الجهة الرابعة والتي سحبت البساط كما أشرنا فيما سبق وهي وسائل الإعلام حدثت الطآمة الكبرى ،الأبوان يسلكان غير سوي أو جيد ، الصُحبة سيئة ،أجهزة الإعلام ، المدرسة لاتقوم بدورها ،ماذا نتصور؟!
إذن أسلوب الملاحظة والتقليد له أثر بعيد جداً في إفساد السلوك .. في تربية الطفل ، في تربية الطفل له أثر فعال جداً التربية بالملاحظة والتقليد ،وعلى الآباء وعلى الأمهات ان يرعَوا أولادهم الرعاية الحقيقية ، عليهم أن يتذكروا أنهم موقوفون بين يدي الله –سبحانه وتعالى- وانهم مُحاسبون على هذه الرعية، مُحاسبون! ، سيقفون بين يدي الله –سبحانه وتعالى- وسيُسألون عما أؤتُمِنوا عليه !فلابد أن ينتبهوا لهذا الأمر الجَلل وهذا الأمر العظيم! الذي نجد تنبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم له في حديث قصير يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فيمارواه الإمام أحمد قال: <<من قال لصبيٍ هاك ثم لم يُعطِه فهي كذبة>> [1] فهي كذبة ،سيتعود على الكذب بهذا الشيء، انت تُعوده على الكذب بهذا الشيء.

ونفس ايضاً القضية فيمارواه أبو داود والبيهقي عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال :" دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت: هاك تعال أُعطك ، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :ماأردتِ أن تُعطيه ؟،قالت:أردتُ أن اعطيه تمرا ،قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم<< أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة >> [2].
تتصور!،تصور كيف أنت مسئول عن سلوكياتك الدقيقة ، والله عندما تكذِب أمام الأطفال ، وعندما تعصي الله سبحانه وتعالى أمام الأطفال ، وعندما لا تتخلَّق بأخلاق الإسلام أمام الأطفال، فأنت مسئول سؤالين :
مسئول أولاً لأنك خالفت بنفسك ، ومسئول ثانياً لأنهم أقتدَوا بك.
مسئولية!، ومن ضمن هذه المسئولية ، المسئولية التي تتعلق بأثر وسائل الإعلام ، أبناؤنا اليوم وبناتُنا صراحةً يتتلمَذُون عن طريق المُلاحظة والتقليد على الأفلام والمسلسلات والتمثيليات والبرامج الترفيهية وبرامج الغناء والرقص!، يتخَّج عندنا الأبناء والبنات في المجتمع الإسلامي للأسف الشديد يعرِف من هم من يُسَمَّونَ رجالات ، رجالات الفن! ونساء الفن! والرياضيين!نجوم الرياضة وأبطال الرياضة!،هؤلاء هم الذين إذا نظرتَ إلى سُلوكهم وجدته في الحضيض! في أشكالهم وهيئاتهم وفي سلوكياتهم وتصرفاتهم وفي تعاملهم مع الناس ومع المجتمع، هؤلاء هُمُ الأبطال الذين يتمثلُ بهم الأبناء عن طريق مشاهدة الأفلام في التلفزيون أو الفيديو أو غيرها.

فأرجو أن أكون بهذا قد وضحت ما استطعت هذا الموضوع الخطير والمهم ، وأن يجعلَ الله –سبحانه وتعالى- فيه خيراً للجميع وأن يجعلنا ممن يستمعونَ القول فيتبعونَ أحسنه ، إنه وليُ ذلكَ والقادرُ عليه .
وصلى اللهُ وسلمَ على نبينا مُحَمَّد وعلى آله وصحبهِ وسلم.

####
منقول
***

[1]لفظ الرواية الصحيح :عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال <<من قال لصبي تعال هاك ثم لم يعطه شيئا فهي كذبة>> رواه أحمد وابن أبي الدنيا كلاهما عن الزهري عن أبي هريرة ولم يسمع منه.
قال الشيخ الألباني: (حسن لغيره) انظر صحيح الترغيب والترهيب/الجزء3 ،حديث رقم 2942.

[2]لفظ الرواية الصحيح :عن عبد الله بن عامر أنه قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأنا صبي قال فذهبت أخرج لألعب فقالت أمي يا عبد الله تعال أعطيك، فقال رسول الله :وما أردت أن تعطيه ، قالت: أعطيه تمرا، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم<< أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة >>
تخريج الشيخ الألباني :( صحيح )،انظر السلسلة الصحيحة /الجزء2 – ص373 ،حديث رقم748.
أثر الخير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس