عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-09, 04:33 PM   #33
أم جهاد وأحمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

الحديث الرابع والعشرون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏(الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر‏)‏) [رواه مسلم]‏.‏
((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة)) الصلوات الخمس التي تتكرر في كل يوم وليلة، والجمعة التي تتكرر في كل أسبوع، ((ورمضان إلى رمضان)) الذي يتكرر في كل سنة ((مكفرات لما بينهما)) وجاء أيضاً: ((العمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر)) وفي لفظٍ: ((ما لم تغش كبيرة)) فالكبائر لا بد لها من التوبة، أما الصغائر فتكفرها الصلوات الخمس، تكفرها صلاة الجمعة إلى الجمعة، يكفرها صيام رمضان إلى رمضان، مجرد اجتناب الكبائر كفيل بتكفير الصغائر، {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [(31) سورة النساء] يعني الصغائر، وهذا من فضل الله -جل وعلا-، وإلا لو كانت هذه الأمور لا تكفر الصغائر، والإنسان يزاول من الذنوب والمعاصي من الصغائر الشيء الذي لا يخطر له على بال، ولا يلقي له بال يتساهل فيه ويتسامح؛ لكن هذه الأمور من فضل الله -جل وعلا- أنه جعل هذه الحسنات والأعمال الصالحة تكفرها ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)) هذه حسنات مكفرة، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [(114) سورة هود] وقصة من جاء بعد أن ألم بشيءٍ من الصغائر، وصلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((صليت معنا؟)) قال: نعم، قال: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [(114) سورة هود] ولا يعني هذا أن الإنسان يسترسل في الصغائر، ويقول: أنا بصلي وتروح، لا يا أخي أنت إذا نظرت إلى قدر من عصيت ما أقدمت على معصية، ولا شك أن الاستخفاف بالمحرمات ولو كانت صغائر قد يجعلها عظائم؛ لأنك لا بد أن تنظر إلى من عصيت، فليحذر المسلم من هذه المعاصي، يبقى النظر في هذه العبادات المكفرة، هل الصلاة المكفرة لهذه الذنوب والجمعة المكفرة والصيام المكفر أي صلاة؟ وأي صيام؟ يعني هل هي الصلاة المسقطة للطلب؟ هل هي الصلاة التي ليست للمصلي إلا عشرها هذه تكفر شيء؟ نأخذ النص يعني بعمومه وننظر إلى خفايا الأمور، نغفل عن خفايا الأمور، شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى يقول: "هذه الصلاة التي لم ينصرف صاحبها من الأجر بشيء أو بالعشر مثلاً هذه أن كفرت نفسها بركة" فلننتبه لمثل هذا، لا نقول: الحمد لله صلينا وانتهينا، وبعض الناس يسترسل في الجرائم والمنكرات في الفواحش والموبقات ويقول: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [(114) سورة هود] يا أخي وما يدريك أن حسناتك مقبولة؟ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] ولا شك أن هذا من تلبيس الشيطان، لا شك أن الاستدلال بالنص هو الأصل؛ لكن يبقى أن النصوص لها ما يحتف بها، وتؤخذ النصوص مجتمعة لا نأخذ بنصٍ يرضينا ونترك نص يحكم علينا، لا بد أن ينظر إلى الأمور بشمول، الذي قال: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[(114) سورة هود] الله -جل وعلا-، والسيئات لا تقضي على الحسنات إلا عند الإحباطية من الخوارج والمعتزلة، وهذا من فضل الله -جل وعلا- يعني الحسنة على ما سيأتي بعشر أمثالها مضاعفات وأضعاف كثيرة، وتبقى أن السيئة سيئة لا تضاعف؛ لكن يبقى أن يكون الإنسان خائفاً وجلاً فإذا كان حال الصحابة أنهم يأتون بالحسنات وبالطاعات، ومع ذلك يخافون من عدم القبول {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [(60) سورة المؤمنون] خائفة، تقول عائشة: "أهم الذين يزنون ويشربون ويسرقون؟" قال: ((لا يا ابنة الصديق هم الذين يصلون ويصومون ويحجون لكنهم وجلون يخافون أن ترد عليهم أعمالهم)) فعلى الإنسان أن يخاف في مثل هذه الأمور، ولا يقدم على السيئات باعتبار أن الصلوات تكفر والجمعة تكفر، أولاً: الاستخفاف بالمعاصي شأنه عظيم، والأمر الثاني: أنه لا بد من اجتناب الكبائر لتكفر الصغائر، بقي أن الحديث فيه إشارة إلى أن الذنوب متفاوتة بدءً مما يخرج من الملة إلى المحقرات، فهي متفاوتة، والحديث يدل على أن هناك كبائر وهناك صغائر، والكبائر متفاوتة من الموبقات ومنها ما دون ذلك، والصغائر أيضاً متفاوتة، وأهل العلم يختلفون اختلاف كبير في الحد والضابط الذي يضبط الصغيرة من الكبيرة، فمنهم من يرى أن الكبيرة: ما رتب عليه حد الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو غضب أو لعن أو تعود عليه بنار، أو قيل فيه: "ليس منا" أو لا يدخل الجنة، أو لم ير رائحة الجنة، هذه في حيز قسم الكبائر، وما دون ذلك فهي صغيرة، يقول ناظم الكبائر الحجاوي في منظومة الكبائر لما ذكر القيد هذا قال :
وزاد حفيد المجيد أو جاء وعيده *** بنفي لإيمانٍ أو بلعن مبعدِ
بنفي لإيمان –لا يؤمن أحدكم-، المقصود أن أهل العلم تكلموا في هذا كلاماً طويلاً، منهم من يفرق بين الكبائر والصغائر يجعل الكبائر فيما كانت تحريمه تحريم غايات ومقاصد، ويجعل الصغائر ما كان تحريمه من باب تحريم الوسائل، ويبقى أن هذا ليس بضابط؛ لأن ما يعتبر وسيلة عند قوم هو غاية عند آخرين، ويختلفون في تحديد الوسيلة والغاية، وجاءت نصوص قوية جداً في بعض الوسائل، فمثلاً التصوير جاء: ((أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)) هل نستطيع أن نقول: التصوير صغيرة؟ لا يمكن، ومع ذلكم يقرر أهل العلم أن التصوير يعني ما هو لذاته، لما فيه من مضاهاة خلق الله، وخشية أن تعبد؛ لأنها هي السبب الأول لانتشار الشرك، ويبقى أنها محرمة لذاتها، كما دل على ذلك النص.



توقيع أم جهاد وأحمد
اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل
أم جهاد وأحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس