عرض مشاركة واحدة
قديم 19-12-09, 11:19 AM   #40
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث التاسع والعشرون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ‏:‏ ‏(‏(حق المسلم على المسلم ست))‏‏ قيل‏:‏ وما هنّ يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ((إذا لقيته فسلّم عليه‏،‏ وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشَمِّته‏،‏ وإذا مرض فعُدْه، وإذا مات فاتْبَعه‏)‏) [رواه مسلم]‏.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث التاسع والعشرين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((حق المسلم على المسلم ست)) ست خصال وبالاستقراء في النصوص نجد أن الحقوق كثيرة، والحصر في هذه الست لا شك أنه للعناية بها، ولا يليق بمسلمٍ أن يقول مثلما قال بعضهم في حديث: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) يقول: في هذا الحصر نظر، وهو ينظّر في كلام من؟ كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم ثبت أنه تكلم أكثر من ثلاثة؛ لكن هذا سوء أدب مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، في الوقت الذي تكلم به النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يخبر إلا بهؤلاء الثلاثة؛ لأنه لا يعلم الغيب، ثم أخبر بعد ذلك بغيرهم، وهنا نقول: أن الحقوق كثيرة من أهمها هذه الست، التي تجمع خير الدنيا والآخرة، وتجلب الألفة والمودة بين المسلمين، ((لا تدخل الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)) ولهذا قال في الخصلة الأولى: ((حق المسلم على المسلم ست)) قيل: يا رسول الله وما هن؟ فتصور أن واحد من الصحابة يسمع حق المسلم على المسلم ست ثم يخرج ما يعرف هذه الست، ما يمكن، لا بد أن يسأل، ولا بد أن يتثبت، ولا بد أن يستفصل، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيته فسلم عليه)) هذا هو الذي ينشر المودة والمحبة بين المسلمين، إذا لقيته فسلم عليه، في بلاد المسلمين الأصل في الناس الإسلام، في البلدان المختلطة على حسب ما يغلب على الظن، إن غلب على ظنك أن هذا مسلم ابدأه بالسلام، أما إذا بدأك بالسلامة فلا مندوحة لك عن الإجابة، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [(94) سورة النساء] لا، إذا ألقى عليك السلام تجيب، فإن غلب على ظنك أنه مسلم تقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإن غلب على ظنك أنه ليس بمسلم تقول: وعليكم، الجواب لا بد منه، إذا لقيته فسلم عليه، السلام له آداب والتوجيه الشرعي جاء بالأولى بالبداءة، الصغير يسلم على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على الجالس، والعدد القليل على الكثير، وهكذا؛ لكن إذا حرم الأولى مرّ شخص كبير وشخص صغير ما سلم الصغير، نقول: خيرهما الذي يبدأ بالسلام؛ لأن بعض الناس تأخذه العزة بالإثم يقول: لا، الحق لي، وهذا يستعمله تستعمل في الأقارب بكثرة، تجد هذا أكبر من هذا يقول: لا أنا ما أزوره الحق لي، تجد هذا عمه وهذا ابن الأخ العم ما يزور ابن أخيه يقول: لا الحق لي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)) ((إذا لقيته فسلم عليه)) السلام سنة مؤكدة عند أهل العلم، ورده واجب، {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] فإذا قال المسلم: السلام عليكم يقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله، إن زاد وبركاته في كل جملةٍ عشر حسنات، يخير المسلم بين التعريف والتنكير، فيقول: السلام عليكم، أو يقول: سلام عليكم، هذا بالنسبة في السلام على الحي، يخير بين التعريف والتنكير، السلام على غير المسلم، بداءته بالسلام، السلام الذي هو السلام المشروع في حق المسلمين لا تجوز بدائتهم بالسلام؛ لكن إذا سلم عليه بمثل ما جاء في القرآن والسنة، السلام على ما اتبع الهدى، هذا هو الأصل، ورد السلام ينبغي أن يكون بالأحسن، أو أقل الأحوال بالمثل، قال: السلام عليكم تقول: وعليكم السلام، والأحسن أن تقول: ورحمة الله وبركاته، ولا يجزئ عن هذا غير هذه الجملة، فإذا سلم فقال: السلام عليكم بعض الناس يقول: صباح الخير، بعض الناس يقول: أهلاً وسهلاً، كثير من الناس يقول: أهلاً وسهلاً، أو يقول: مرحباً، وثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أم هانئ جاءت وسلمت عليه، وأيضاً فاطمة ابنته، أم هانئ تقول: السلام عليك يا رسول الله فقال: من أنت؟ قالت: أم هانئ، قال: مرحباً بأم هانئ، وما نقل أنه رد السلام بلفظه، فمن أهل العلم من يرى أن الرد يجزئ بمثل هذا مرحباً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رد بهذا، ويسقط به الواجب، والجمهور على أنه لا يسقط الواجب بمرحباً فقط، ولو لم تنقل للعلم بها، ما نقلها الرواة للعلم بها، ما نقلها الرواة للعلم بها؛ ولأنها وردت في أحاديث كثيرة.
((إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه)) نعم، تجبر خاطره، تجيب دعوته، إذا لم يكن عليك مشقة أو ضرر أو يكن ثم منكر لا يمكن تغييره، لا سيما ما يتعلق بوليمة العرس، وقد أوجب الإجابة إليها أهل العلم؛ لكن شريطة أن لا يكون هناك منكر لا يستطاع تغييره، كثير من الأعراس في زماننا تشتمل على منكرات يوجد بعضها عند الرجال، وأكثر هذه المنكرات عند النساء، ومع الأسف الشديد أنه يوجد من نساء المسلمين وبنات المسلمين من يحضر مثل هذه الاجتماعات، كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كاسيات عاريات)) وما يحصل من المنكرات والجرائم، وأمور لا تخطر على البال يعرفها إخواننا أهل الحسبة، فهذه مصائب يجر بعضها إلى بعض، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، ويحتاط لأهله، إجابة الدعوة مستحبة عموماً، متأكدة، أوجبها أهل العلم بالنسبة لوليمة العرس، ((وإذا دعاك فأجبه)) ((إذا دعا أحدكم أخوه فليجبه، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل)) إن كان صائماً فليصل، يعني يدعو، الصلاة اللغوية، وإن كان قال بعضهم أن المراد به الصلاة الشرعية يصلي ركعتين وينصرف، على كل حال إجابة الدعوة إذا لم يكن هناك منكر وإلا فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وأيضاً إذا كان الداعي ماله حلال، أما إذا كان ماله وكسبه حرام، فمثل هذا لا ينبغي إجابة دعوته، وإذا دعاك فأجبه، الصحابة -رضوان الله عليهم- دعا بعضهم بعضاً وأجابوا، ورجع بعضهم بسببٍ يسير، في أعيننا لا شيء، وجد ستاير على الجدران، سلمان وأبو الدرداء دعاهم ابن عمر فلما دخلوا وجدوا ستاير على الجدران، فرجعوا، ما كانوا يظنون بمثل ابن عمر الزاهد بزهده وورعه يضع ستائر على الجدران، وش ذا المنكر ذا الذي في عرفنا إيش يصير هذا؟ فيما نسمع وما نرى من منكرات يتداولها الناس من غير نكير، والله المستعان.
((وإذا استنصحك فانصح له)) تقدم في حديث الدين النصيحة ما يغني عن كثرة الكلام في كل الجملة، على كل حال إذا استنصحك طلب منك النصيحة، أراد أن يدخل في مشروع علمي وإلا تجاري وإلا أي... تنصحه، تمحضه النصيحة، إذا أراد أن يستشيرك في مصاهرة فلان، أو التزوج من فلانة أو ما أشبه ذلك يجب عليك أن تمحضه النصيحة، وأن تحب له ما تحب لنفسك.
((وإذا عطس فحمد الله فشمته)) إذا عطس، العطاس معروف، تخرج معه الأبخرة من الدماغ التي لو تراكمت لأضرت بالإنسان، فهذه نعمة، العطاس نعمة، العاطس يحمد الله شكراً على هذه النعمة ويستحق أن يشمّت، فإذا عطس فقال: الحمد لله يشمت فيقال: يرحمك الله، ويجيب العاطس: يهديكم الله ويصلح بالكم، فهذه دعوات يتبادلها المسلمون، تدعو إلى الألفة والمحبة والمودة، وتجلب الأجور؛ لأن الإنسان إذا دعا لأخيه ثبت لهم من الأجر مثله.
((وإذا مرض فعده)) زيارة المريض وعيادته تظافرت بها النصوص، إن كانت زيارته وهو سليم ليس بحاجةٍ إليك من أفضل الأعمال، فكيف بعيادته إذا مرض اطمئناناً على صحته، وتأنيساً له، وتذكيراً له؟! ونقل النووي الإجماع على أن عيادة المريض سنة؛ لكن الإمام البخاري ترجم في قوله: باب وجوب عيادة المريض، وهنا الأمر صريح ((وإذا مرض فعده)) فعيادة المريض متأكدة لا سيما في حق من له عليك حق من الأقارب، والمعارف والأصهار وأهل الخير والفضل، ومن تريد أن تسدي له نصيحة في مثل هذا الظرف، عله أن يتدارك ما فات، فالأجور تتضاعف بما يحتف بها، ((وإذا مرض فعده)) ويعاد المريض ولو كان لا يعي، بعض الناس يقول فلان بالعناية جيت وإلا ما جيت ما في فرق، عدناه وإلا ما عدناه هو ما يدري عنا، وزيارة المغمى عليه سنة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- زار جابراً وهو مغمىً عليه، المقصود أن مثل هذا ينبغي أن تفطن له، ولا يحرم الإنسان نفسه، تجد كثير من الناس تمر عليه السنة ما زار المستشفيات، ولا زار المقابر مثلاً، القبور واتعظ وتذكر، ودعا لإخوانه، ولا عاد زار أقاربه ولا تبع جنازة، هذا حرمان، ونجد من بعض المسلمين من يتتبع الجنائز، ويصلي عليها، ويتبعها للأجر الثابت في ذلك، فيعود المرضى، ويحافظ على الواجبات، ويأتي بجميع ما ندب إليه من المستحبات، أو بجلها أو كثيرٍ منها، ويقرأ ويعلم، وهو أيضاً في عمله يعني البركة ما لها نهاية، ويوجد من المسلمين من يداوم الدوام الكامل، وله نصيب وافر من قراءة القرآن، ويدرس في كل يوم في آخر النهار، ويزور القبور، ويزور المرضى، ويجيب الدعوات، وله نصيب من قيام الليل، ومن التأليف، بعض الناس يقول: وش نلحق؟ تلحق يا أخي، بس مرن نفسك على برنامج معين، وانتهى الإشكال.
((وإذا مات فاتبعه)) تصلي عليه تحصل على القيراط وشيّعه، شارك في دفنه لتحصل على القيراط الثاني، لا يفرط في مثل هذه الأجور إلا محروم، والله المستعان.




توقيع أم الخطاب78
كيف يكون هذا الود؟ وما هي أسبابه؟ وثمراته؟

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس