جزاكن الله خيراً اخواتي ..
عذراً على تأخري ..
أتابع بإذن الله..
حديث اليوم
لا يقولن أحدكم عبدي و أمتي . كلكم عبيدالله . وكل نسائكم إماء الله . ولكن ليقل :
غلامي و جاريتي وفتاي و فتاتي
رواه مسلم من حديث أبى هريرة
الشرح
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي ، كلكم عبيد الله ، وكل
نسائكم إماء الله ، ولكن ليقل : غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي ) وفي رواية : ( ولا يقل العبد ربي ،
ولكن ليقل : سيدي ) وفي رواية : ( ولا يقل العبد لسيده مولاي ؛ فإن مولاكم الله )
وفي رواية ( لا يقولن أحدكم اسق ربك ، أو أطعم ربك ، وضئ ربك ، ولا يقل أحدكم : ربي ، وليقل :
سيدي ومولاي ، ولا يقل أحدكم : عبدي ، أمتي ، وليقل : فتاي ، فتاتي ، غلامي )
قال العلماء : مقصود الأحاديث شيئان : أحدهما نهي المملوك أن يقول لسيده :
ربي ؛ لأن الربوبية إنما حقيقتها لله تعالى ، لأن الرب هو المالك أو القائم
بالشيء ولا توجد حقيقة هذا إلا في الله تعالى .
فإن قيل : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة : " أن تلد الأمة
ربتها أو ربها " فالجواب من وجهين :
أحدهما أن الحديث الثاني لبيان الجواز وأن النهي في الأول للأدب ، وكراهة التنزيه ، لا التحريم .
والثاني أن المراد النهي عن الإكثار من استعمال هذه اللفظة ، واتخاذها عادة شائعة ، ولم ينه عن
إطلاقها في نادر من الأحوال .
ولا نهي في قول المملوك : سيدي لقوله صلى الله عليه وسلم " ليقل سيدي " لأن
لفظة السيد غير مختصة بالله تعالى اختصاص الرب ، ولا مستعملة فيه
كاستعمالها . حتى نقل القاضي عن مالك أنه كره الدعاء بسيدي ، ولم يأت تسمية
الله تعالى بالسيد في القرآن ، ولا في حديث متواتر . وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم : " إن ابني هذا سيد " و " قوموا إلى سيدكم " [ ص: 409 ] يعني سعد بن
معاذ . وفي الحديث الآخر " اسمعوا ما يقول سيدكم " يعني سعد بن عبادة . فليس
في قول العبد : سيدي إشكال ولا لبس ، لأنه يستعمله غير العبد والأمة ، ولا بأس
أيضا بقول العبد لسيده : مولاي ، فإن المولى وقع على ستة عشر معنى سبق
بيانها ، منها الناصر والمالك .
وأما قوله في كتاب مسلم في رواية وكيع وأبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة رفعه " ولا يقل العبد لسيده مولاي . فقد اختلف الرواة عن الأعمش
في ذكر هذه اللفظة ، فلم يذكرها عنه آخرون ، وحذفها أصح . والله أعلم .
الثاني يكره للسيد أن يقول لمملوكه : عبدي وأمتي ، بل يقول ، غلامي وجاريتي ،
وفتاي وفتاتي ، لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى ، ولأن فيها تعظيما
بما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة
في ذلك ، فقال : " كلكم عبيد الله " فنهى عن التطاول في اللفظ كما نهى عن
التطاول في الأفعال وفي إسبال الإزار وغيره .
وأما غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي فليست دالة على الملك كدلالة عبدي ، مع أنها
تطلق على الحر والمملوك ، وإنما هي للاختصاص . قال الله تعالى : وإذ قال
موسى لفتاه وقال لفتيانه " وقال لفتيته " قالوا سمعنا فتى يذكرهم وأما استعماله
الجارية في الحرة الصغيرة فمشهور ومعروف في الجاهلية والإسلام ، والظاهر أن
المراد بالنهي من استعمله على جهة التعاظم والارتفاع لا للوصف والتعريف .
والله أعلم .
صحيح مسلم بشرح النووى