عرض مشاركة واحدة
قديم 16-02-10, 01:27 PM   #2
أم ايمان
|نتعلم لنعمل|
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تفريغ الشريط الأول - تدبر القرآن -


الحمد لله نحمده جلا وعلا ونُثني عليه الخيرَ كله وأشكره على نعيم أفضاله وجزيل إحسانه أن وفقنا وهدانا واختارنا من جميع خلقه، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، أنعم علينا بنعمة الإسلام وكفى بها من نعمة، نسأله جلا وعلا أن يتم علينا هذه النعمة للثبات على الحق حتى نلقاه، نسأله جلا وعلا أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى وأن يأخذ بنواصينا للبر والتقوى وأن يجعلنا جميعا هداة مهتدين
.
اللهم إنا نسألك يا الله أنت الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أن تربط على قلوبنا برباط الحق وأن تعافينا جميعا في أرواحنا و نفوسنا وقلوبنا وأجسادنا وأن ترزقنا الإيمان واليقين وأن ترزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح، الحمد لله رب العالمين.

الحمد لله أن جمعنا في هذه الروضة المباركة، روضة القرآن نسأله جلا وعلا أن يبارك في هذه الساعة التي سنقضيها إن شاء الله تعالى في تدبر كلامه والوقوف على هداياته وأنواره لننتفع بها في ديننا ودنيانا وأصلي وأسلم بعد حمده والثناء عليه على خيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وأزواجه وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، الرحمة المهداة، القدوة صلى الله عليه وسلم، وأن يحيينا على سنته وأن يمتنا على ملته وأن يوردنا جميعا حوضه وأن يسقينا بيده الشريفة من الحوض ومن الكوثرشربة لا نظمأ بعدها إنه جواد كريم.

أخواتي الكريمات

في بداية دروسنا في التدبر، نبدأ نتعرف على ماذا سنفعل مع التدبر؟ ما معنى التدبر؟ مقاصد التدبر ؟ خطوات التدبر ؟ كيف سننظر في السور والآيات وبأي السور سنبدأ؟

من المعلوم أن العلماء لهم كلام كثير في موضوع التدبر لغةً واصطلاحاً، فبودي أن آخذ مقدمة يسيرة عن التدبر في دلالاته اللغوية ودلالته الشرعية وكيف سنوظف التدبر في نفعنا في ديننا ودنيانا.

معنى التدبر:
لغة : هو النظر في عواقب الأمور وما ينجم عن ذلك عند تطبيق هذا الأمر في الحياة بأخذ الحيطة والحذر لألا يقع المرء في المحظور، أو يقع الأمرعلى خلاف أصله وما وُضِع له قدراً ووظيفةً كما خلقه الله سبحانه وتعالى. في الحقيقة، الإنسان وهو ينظر في عاقبة الأمر يريد أن يقع الأمرعلى أحسن الوجوه وأكملها وأن يستثمر صلاحا وإصلاحا ونجاحا وتقدما هذا في دلالته اللغوية.
ثم بعد ذلك استعمل هذا اللفظ أي كلمة التدبر في كل تأمل وتدبر وتفكرونظرعلى الإطلاق وعلى وجه أوسع أو نقول مطلقا
كما قال الكماني : التدبرأن يتصرف القلب بالنظر في العواقب وأن يتذكر بالنظر في الدلائل، هذا التعريف يدخل في هذا المعنى
تدبر الكلام في اللغة العربية سواءا في القرآن أوالحديث أوما صح في كلام العرب الجميل، الحسن، الرائق، البليغ، الجيد، الفصيح ، فالتدبر بصفة عامة بدون تمييز بين كلام وآخرأو في كلام البلغاء عامة عبر الحقب والتاريخ يراد به التفكر والنظر في محتوى الكلام منظوما أو منثورا في المحتوى جملة وتفصيلا لماذا؟ للكشف عن غايات هذا الكلام ومقاصد الكلام وعاقبة العامل بهذا الكلام سواءا كان العمل على الوجه المادي أوالمعنوي، محتوى الكلام يحتاج إلى تطبيق فإذا طُُبق هذا المحتوى أوهذا الحكم أوهذه الدلالة أوهذا التركيب ينظر في عاقبته، عاقبة العمل وعاقبة العامل بهذا العمل في حالة التطبيق، وفي نفس الوقت ينظر في عاقبة المخالف.
لذلك النظر في الكلام أي كلام يجب أن يرتبط بالنفع، النفعية بذلك الكلام، نحن ننظر في الكلام ليس عبثا نريد أن ننتفع من هذا الكلام فنبحث عن أنْفع الكلام في ديننا ودنيانا نبحث عن جيد المنظوم في كلام الناس ولكن أفصح الكلام وأبلغه وأنفعه، فأنفع الكلام ما كان نافعا لنا في ديننا ونفوسنا وقلوبنا وأرواحنا وكل ذرة من ذرات كياننا، وأبلغ الكلام وأفصحه كلام ربنا عز وجل، والقرآن ميسرجعله الله بين أيدينا وجعله في قلوبنا وذلك بفضل الله تعالى ولكن أكثر الناس لا يعلمون، لذلك الله تبارك وتعالى قال{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } يونس 58
" خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ " أي ما يُجمع من حطام الدنيا مع أن الأفضل والأحسن القرآن الكريم هو أفضل ما في الوجود، إذا أردنا النفع بكل معانيه فعلينا أن ننتفع على مائدة القرآن علينا بما في القرآن الكريم.

هذا المعنى العام للتدبر والتفكر في الكلام عامة

لذلك قيل التدبروالتفكرالشامل الواسع الذي يوصل صاحبه إلى معرفة أواخرالدلالات، أواخردلالات الكلمة أو مرامي الكلام، ومقاصده، الغايات القريبة والبعيدة كل ذلك داخل في معنى التدبر.
إذا أردنا معرفة معنى التدبر الحقيقي، التدبر الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى، علينا أن نتدبر أحسن الكلام وأفضل الكلام كما قال الله عز وجل {الله نزل أحسن الحديث}

التدبر المقصود في كلام الله عز وجل

الآيات الثلاث التي ذُكر فيها التدبربلفظ صريح :
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } محمد:24
{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } صّ:29
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} سورة النساء :82

الآية الجامعة للتدبرهي{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } صّ:29

لمذا نتدبر القرآن الكريم ؟ ما معنى التدبر في القرآن ؟

تعريف التدبر الحقيقي في القرآن :
1- التدبر الذي أمرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والذي نسعى إلى تطبيقه هوالتفكر بعمق والتأمل وتدبرألفاظه ومعانيه وأساليبه وآياته حرفا حرفا، كلمة كلمة، وجملة جملة ومقطعا مقطعا وجزءا جزءا، وسورة سورة وقصة قصة ومثلا مثلا وأمرا أمرا ونهيا نهيا في كل موطأ انذاروتخويف وكل موطأ تبشيرووعد وموطأ الإشارة وتكليف وهكذا....
هذا التدبر بعمق من أجل فهم القرآن كما أُنزل ونظرا لضعف لغتنا اليوم، نحتاج إلى معرفة اللغة التي نزل بها لذلك نحتاج إلى تأمل في كلماته وجمله وتراكيبه حتى نستظهرالمعاني خلف التراكيب وننتفع بها.
هذا التأمل في الحروف والمقاطع والأجزاء والسوروالقصص والإنذاروالأوامر والنواهي والإشارة ...
* من أجل فهم معاني القرآن على وجهها والمراد شرعا
* محاولة القرب من المقاصد التي نزل بها القرآن ومن المعنى الذي أراده الله تعالى
* فهم وإدراك مقاصد هذا الكتاب الكريم، مقاصد التشريع
* اقتباس الحكم والمراد منها
* الكشف عن وجوه الإعجاز والبيان في نظمه وتراكيبه وتشريعاته زاد خضوعنا وخشوعنا ويقيننا بالله تبارك وتعالى . هذا ليس كلام بشر، صورالإعجاز ظاهرة في كل حرف وكلمة وفي كل آية

2 - من أجل تدبر وبنية تحصيل العلم النافع ثم العمل به مباشرة
3 - أيضا من المقاصد استشعاروطلب الشفاء والعافية في نفوسنا وأبداننا وعقولنا وصدورنا وقلوبنا بالنظر والتفكر في آيات الله، لأنه الشفاء والعافية كما قال الله تعالى{ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } فصلت 44
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } يونس 57
هوالعافية للنفس والقلب والبدن والجسم وهو غذاء الروح
إذاً نقرأ القرآن ونتدبر فيه ونتأمل فيه من أجل نية الشفاء والتشافي وطلب العافية.
4 - بنية تقوية الإيمان وكسب اليقين: ويكون بالعلم والنظر والتأمل والتفكر الدائم والمستمر
5 - بنية معرفة الله عز وجل حق المعرفة فكلما عرفنا الله تقربنا منه وعبدناه على علم، فإذا عرفناه زدنا خشوعا وذلة لله تعالى، نحن لم نرى الله تعالى ولكنه سبحانه وتعالى أخبرنا عن نفسه بأسمائه وصفاته وآثار أسمائه وصفاته في الكون المشهود، وكل هذا يؤخذ بالتدبر
6 - بنية النفع المطلق الحسي والمعنوي
7- بنية الإصلاح والصلاح، نصلح أنفسنا ومن حولنا ونكون من الصالحين،لانترك غيرنا في الظلام فننفع غيرنا
8- إصلاح كل أشكال الفساد من انحراف في العقيدة والسلوك والأخلاق في الإنسانية نحن نرى الآن الفساد في المجتمع، طرأ التحزب والطرائق في الأمة وكل يدعي معرفة الحق، والحق لابد أن يعرف، معرفة الحق تكون من الكتاب والسنة نعرف الحق بأهله، نعرف أهل الحق بالحق وهكذا
مهم جدا أن نوظف القرآن لإصلاح كل أشكال الفساد المنتشرة في جسم الأمة والإنحرافات العقدية والأخلاقية والسلوكية المنتشرة في الإنسانية ورد الناس إلى النبع الصافي من الكتاب والسنة لتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى كما أمر.
9- بنية البناء واالتعميروالقيام بتكاليف الخلافة كما ينبغي: الله جعلنا خلفاء في الأرض فلابد من بناء الأرض وإعمارها بطاعة الله عز وجل، ونبني حضارة راقية متقدمة، لايسبقنا إليها الكافر، لابد أن يكون لنا أثروبصمة في الوجود وهذا لا يتأتى إلا بمعرفة السنن التي أودعها الله، سنن التعمير والبناء التي أودعها الله تعالى في الوجود والقرآن أشارإليها في مواطن كثيرة منه، والتدبر في القرآن يقودنا إلى هذه السنن ونستثمرهذه السنن في التعمير والبناء ولايمكن للإنسان أن يتقدم وأن ينال العزة والرفعة والمكانة في الدنيا إلا بأخذ الأسباب وهذه الأسباب أشارالله إليها في كتابه الكريم.

-كذلك ينبغي قراءة القرآن أفراد وجماعات، ذكورا وإناثا أن نفكرفي العزة والريادة والخيرية لهذه الأمة في كل ميادين الحياة ونستثمر عطاءات القرآن وأنواره في إنقاذ البشرية لتصحيح الموازين المنقلبة عند الناس، ووضع الموازين الحقيقية لإقامة العدل ونشرالسلام والمحبة في الإنسانية في كل أقطار الدنيا.

إذا المقصد الحقيقة من هذا التدبرحرفا حرفا، كلمة كلمة، مقطعا مقطعا ...لماذا ؟
تحصيل مصالح الدين والدنيا وفي النهاية نفوزبرضوان الله عز وجل، والنجاة من العقاب والفوز بالجنة يوم نلقاه جلا وعلا.
هذه قضايا هامة لذلك يجب أن نضع الهدف الأسمى والأعظم في حياتنا، لماذا نحن نسعى ونكدح ونتعب في الحياة؟ ومن وسائل السعي والبذل والجد والإجتهاد في الحياة أن نطلب الهدايات من القرآن الكريم، هذا عمل وعبادة عظيمة يحبها الله سبحانه وتعالى ونريد أن يترتب على هذا العمل أن نفوز برضا الله عز وجل وأن يدخلنا في عباده الصالحين وأن يدخلنا في عباده المؤمنين وأن يجعلنا من أوليائه المقربين وفي النهاية نفوز بالحسنى والزيادة والحمد لله رب العالمين. هذه هي المقاصد العظيمة الحقيقية التي نريدها من التدبرفي القرآن الكريم.
تلخيص ما تقدم في معنى تدبر القرآن ، التدبر الحقيقي للقرآن ؟
- تأمل معاني الآيات
- العلم والعمل به
- الترغيب والترهيب والتفكر
- تحقيق مصالح الدين والدنيا والأخرة
.....

يتبع إن شاء الله



توقيع أم ايمان
أم ايمان غير متواجد حالياً