عرض مشاركة واحدة
قديم 24-02-10, 08:49 PM   #16
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

قلنـــــــــا:

كانت سنة نبينا هي التعبير بصدق عما تكن صدورنا من إحساس ، نخرج عن هذا الأصل أحيانا لمصلحة
تأليف بين من نعاشر من أهل ونــاس .
وبقيت لنا بعض الأمثلة النبوية في مخالطته عليه السلام لأهله و الناس ، نضربها لنتأمل ونتعلم كيف نعبر عن
طيب المشاعر ورائق الإحساس .

(1) كيف عبّر عليه السلام عن حبه لأمّه أمام جمع من الأنام ؟


- ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏ : { ‏زار النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال ‏ ‏استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت ‏} ‏ صحيح مسلم / رقم : 1622
- قال النووي في شرحه : { قوله : ( فبكى وأبكى من حوله ) قال القاضي : بكاؤه صلى الله عليه وسلم على ما فاتها من إدراك أيامه , والإيمان به } انتهى ...صحيح مسلم بشرح النووي / كتاب : الجنائز / باب : استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في / رقم : 1622

** حول بعض المعاني نطوّف :

كانت أم نبينا الكريم من أهل الكفر وكذا ماتت عليه ، ولو استحقت الإيمان لهداها الله بحكمته إليه
ولذا لم يأذن الله لنبينا أن يسأل لها مغفرة لديه ، فما كان لمؤمن أن يسأل مغفرة الله لكافر وإن عزّ عليه
هكذا بكى الحبيب شفقة على أمه وفاضت بالدمع عينيه ، فاستأذن أن يزور قبرها لفطرة أودعها الله بين جنبيه
وصرّح الحبيب لأصحابه بلسانه ودمع عينه ، أنه محب شفوق على أمه رغم موتها على غير دينه
فعلمهم أن محبة بعض الخلق والتعبير عنها من خلق الله في الفطر، لا تعارض ولاءًا ولا براءًا جاءنا به شرعنا و أمر

* اسقاطات حياتية و تطبيقات عملية :

الأحاديث والآيات نتدين بمعرفتها ، وعند اللزوم يتعين علينا اجترارها ، والأوجب بل الغاية من نزولها من الله على خلقه أن يتعبدوا له بممارستها ، وفي مواقف حياتنا نعمل على تطبيقها ، ولن يتسنى لنا ذلك إلا بفهم معانيها ، ومحاولة استشعار ما هو مراد الشارع بما جاءنا
فيها ، ومثالنا هذا الحديث الذي يغلب ذكره في كتب فقه الجنائز ، يُساق هنالك ليتعلم الناس أن زيارة القبور في شرعنا جائز ، وأن من يداوم على زيارتها للموت لا ينفك ذاكر ، و كذا تعلمنا أن طلب الرحمة أو الاستغفار لا تصح لكافر ، وإن كان الحبيب من ربّه هو الطالب ... ومن هذا الحديث نتعلم كيف أن الشفوق على كافر لا يأثم ، خاصة إذا كان من أهله وذوي القربة والله بخلقه أعلم

فمالنا لا نشفق على ذوينا من أصحاب المعاصي ، نأنفهم ونعاديهم دون أن نبدي ولو قليلا من الحرص على هداهم
فنعمد إلى التعبير لهم عن ذلك بلسان الحال وتكرار القال : كما فعل الحبيب عند مرض عمه أبي طالب في سياقة الموت وقبل الاحتضار :

-عن ‏سعيد بن المسيب ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏قال ‏:- { لما حضرت ‏ ‏أبا طالب ‏ ‏الوفاة جاءه رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فوجد عنده ‏ ‏أبا جهل ‏ ‏وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ‏ ‏فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ يا عم ‏ ‏ قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله فقال ‏ ‏أبو جهل ‏ ‏وعبد الله بن أبي أمية ‏ ‏يا ‏ ‏أبا طالب ‏ ‏أترغب عن ملة ‏ ‏عبد المطلب ‏ ‏فلم يزل رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يعرضها ‏ ‏عليه ويعيد له تلك المقالة حتى قال ‏ ‏أبو طالب ‏ ‏آخر ما كلمهم هو على ملة ‏ ‏عبد المطلب ‏ ‏وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فأنزل الله عز وجل :‏
( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ‏ )

وأنزل الله تعالى في ‏ ‏أبي طالب ‏ ‏فقال لرسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏
( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين )‏ } صحيح مسلم / رقم : 35

** انظرن كيف [ يدعوه بيا عم ] متوسلا بحنانه إليه ، وثنى فكرر ذلك كثيرا كثيرا عليه ، و ثلث فأقسم بعد موته كافر ليستغفرن ما لم يُنه لشفقة ومحبة مبعثها فطرة بين جنبيه ، لـعم له قد ضمه صغيرا يتيما أنشأه و أحبه وربّاه ، وبذل وسعه يحميه فيدعو الحبيب إلى دين سيده مولاه ،
ثم انظرن كيف أن الرحمن لم ينهه عن حبه ولا لامه على شفقة له في قلبه ، بل وصف حاله في القرآن بقوله (... من أحببت ..) رغم وصفه لذلك المحبوب أنه :( من أصحاب الجحيم ).....

** والسؤال : كيف هي حالنا مع ذوينا العصاة -وكأننا معصومون !!!- هل نترحم على من مات منهم ونطلب له المغفرة ؟ هل نبدي حرصنا على هداهم بشفقة وحنان ولين جانب ومعاملة جميلة آسرة ؟
- وما حال تعبيرنا عما تكن صدورنا لعشيرتنا الأقربين ، ولو بدمعة عين أو دعاء بصلاح أمام قوم لنا سامعين ...؟
متمثلين قول الحبيب في حضور قوم أو في مغيب :

‏ (( ‏اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ‏)) (1)



____________________________________________________

(1) كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ، ضربه قومه فأدموه ، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) .
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3477
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


يُتبــــــــــــــع .
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس