بقول ابن الجوزي _ رحمه الله _ مخاطباُ العاصي قائلاً:
: ( بالله عليك يا مرفوع القدر بالتقوى لا تبع عزها بذل المعاصي )لأن التقوى هي الرصيد الحقيقي للمرء .
قال تعالي" إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } من الحجرات13
التقوى: أن (تجعل بينك وبين محارم الله وقاية ) .
وقد وصف أبو هريرة رضي الله عنه ذلك لمحدثه عندما سأله عن التقوى قال : (أما مشيت في أرض فيها شوك ؟ قال : أجل . قال : ماذا كنت تفعل ؟ قال : كنت أجنب الشوك لأمشي . قال : هذه هي التقوى )
كما في حديث النعمان بن بشير الذي أخرجه الشيخان الذي أوله : ( الحلال بين والحرام بين )في هذا الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ( ألا إن لكل ملك حمى ألا إن حمى الله محارمه )
وجه الدلالة: لا يحل لك أن تتخطى محارم الله فإذا فعلت تكون قد دخلت إلى العقوبة وإياك إذا تخطت قدماك هذا الحمى أن تغتر بعدم تعجيل العقوبة ( إن الله عز وجل لا يعجل كعجلة أحدكم ،) يمهل العبد إذا رجع وتاب تاب عليه ، لذلك رحمته تبارك وتعالى كانت مائة جزء.
كما قال بعض العلماء :[ إن الله عز وجل لم يستوف غضبه في الدنيا لأنه لو استوفى غضبه في الدنيا ما قبل توبة تائب ، إنما يتم غضبه يوم القيامة فإذا تم غضبه فرقت الرسل وخافت على أنفسها ]
قال تعالي {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ }الحجر49,50 }
وجه الدلالة: أن يحذر الإنسان وهو يتخطي محارم الله أن يغتر ,أنه لا توجد عقوبة عاجلة , إن الله يمهل ولا يهمل ، يمكن للإنسان أن يوغل في المخالفة وإذا أراد الرجوع لا يعرف .
قال تعالي{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ * وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24 .
وجه الدلالة:أن الذي يحييهم طاعة الأوامر والكف عن النواهي . وأن يعلموا أنهم إذا تخطوا الحدود ولم يستفيدوا بما أنزله الله _عزوجل_ علي رسوله من الأوامر والنواهي أن الله يحول بين المرء وقلبه ، فإذا أوغل في المخالفة و أراد أن يتوب لا يُتَاب عليه لأن الله عز وجل لما حال بينه وبين قلبه , فرق , بينه وبين قلبه فلا تجد له قلب مهما كلمته لا يستجب.
يخاطب ابن الجوزي هذا العاصي يقول ( بالله عليك يا من رفعت بالتقوى – تقوى الله – واجتناب محارمه لا تبع العز الذي أحرزته بذل المعاصي )
لأن أصحاب المعاصي :على وجوههم غبرة تجد وجوههم منطفئةً وتجدهم مكروهين دون أن يتركوا لك شئ تجد قلبك يرفضهم .
بخلاف أهل التقوى: تجدهم محبوبين وإن لم يتكلموا وإن لم يسدوا إليك جميلاً، بل يمكن تجد نفسك تعرض عليهم معاونتهم وتقول لهم أني أحبكم في الله بالرغم أنه لا تربطك بهم رابطة.
المعصية ذل : ذل في الدنيا وذل في الآخرة .
قال تعالي {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }آل عمران192هذا هو الخزي . في الدنيا خزي عاجل وهو إنجفال قلب الخلق .
تابعونا ان شاء الله
|