عرض مشاركة واحدة
قديم 15-03-10, 02:16 PM   #1
أم جويرية الأثرية
|نتعلم لنعمل|
n2 سلسلة أحكام القرآن من سورة البقرة ::: للشيخ أبي ريان البحراوي

الدرس الأول

مقدمة ممهدة في آيات الأحكام


المقصود بآيات الأحكام:
هذا راجع إلى معرفة المقصود من الحكم. قال الناظم
الُحْكْمُ في الشَّرْعِ خِطابُ رَبِّنا… اْلمُقْتَضِي فِعْلَ الْمُكلَّفِ افْطُنا
هذا تعريف أهل الأصول أي أن الحكم هو نفس خطاب الله تعالى وعند الفقهاء أثره، فيقولون: مقتضى خطاب الله تعالى مثاله:
(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32)
أي: تحريم الزنى، فالأول راجع إلى الله تعالى والثاني إلى فعل المكلف.
فالفقيه يعتني بالجانب العملي الفقهي.
والحكم في لغة العرب: القضاء والمنع
وقال الفيومي: الحكم : القضاء وأصله المنع.
وفي اصطلاح أهل الأصول: إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه، فيشمل الحكم العقلي والحكم العادي والحكم الشرعي.
وهنا الخطاب المستند إلى الشرع
وفي الشرع" خِطابُ رَبِّنا " والخطاب توجيه الكلام نحو الغير لإفهامه
وأما خطاب الله فهو: أمره ونهيه ونحو ذلك من خبر وغيره
فيدخل ما أوحاه الله تعالى من سنة نبيه، ويدخل فعله صلى الله عليه وسلم.
ودلت الإضافة إلى إخراج خطاب غير الله تعال فلا يسمى حكما لقوله تعالى: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ )(الأنعام: من الآية57)
و"اْلمُقْتَضِي فِعْلَ الْمُكلَّفِ"
أي: ما تعلق وارتبط بفعل المكلف ليشمل القول والعمل والاعتقاد فالكل داخل في فعله، كاعتقاد الدين ونية العبادة.
قال الناظم:
فعلُ المكلف هنا القولَ شمِلْ....وعملا والاعتقادَ المكتملْ
فيكون المعنى من آيات الأحكام: هي "الآيات التي تبين الأحكام الفقهية وتدل عليها نصا، أو استنباطا".

حقيقة آيات الأحكام:
قال ابن العربي أحكامه: وما كان من آيات الأحكام فالمراد به الامتثال له والاقتداء به.
قال ابن سعيد الغرناطي في التسهيل لعلوم القرآن:
وأما أحكام القرآن فهي ما ورد فيه من الأوامر والنواهي والمسائل الفقهية.
هل آيات الأحكام محصورة في عدد؟
اختلف أهل العلم في ذلك فذهبت طائفة إلى حصرها في عدد:
قال الزركشي: قال الغزالي وابن العربي: وهو مقدار خمسمائة آية، وحكاه الماوردي عن بعضهم وكأنهم رأوا مقاتل بن سليمان أول من أفرد آيات الأحكام في تصنيف وجعلها خمسمائة آية.اهـ وقال بعضهم‏:‏ مائة وخمسون، وقيل غير ذلك.
وذهبت طائفة أخرى إلى عدم الحصر:
قال ابن مسعود: ما من حرف أو آية، إلا وقد عمل بها قوم، أو لها قوم سيعملون بها.
قال عز الدين بن عبد السلام في كتاب الإمام في أدلة الأحكام‏:‏ معظم آي القرآن لا تخلو عن أحكام مشتملة على آداب حسنة وأخلاق جميلة.
وقال القرافي:فلا تكاد تجد آية إلا وفيها حكم،وحصرها في خمسمائة آية بعيد.
وقال ابن سعيد الغرناطي في التسهيل لعلوم القرآن:
وقال بعض العلماء إن آيات الأحكام خمسمائة آية وقد تنتهي إلى أكثر من ذلك إذا استقصى تتبعها في مواضعها.
قلت: ولعل وجه من قال بالحصر راعى فعل المكلف العملي الفقهي أو كما قال الزركشي: وكأنهم رأوا مقاتل بن سليمان أول من أفرد آيات الأحكام في تصنيف وجعلها خمسمائة آية, وإنما أَراد الظَاهرة لا الحصر.اهـ
أو "قصدوا بذلك الآيات الدالة على الأحكام دلالة أولية بالذات لا بطريق التضمن والالتزام".
وأما من لم يجعل لها عددا معلوما:
فقد راعى اختلاف الدلائل:
قال ابن دقيق العيد: هو غير منحصر في هذ العدد، بل هو مختلف باختلاف القرائح ةالأذهان وما يفتحه الله على عباده من وجوه الاستنباط.

أقسام آيات الأحكام في القرآن:
آيات الأحكام إما أن تكون صريحة في الحكم مثل:
(وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ )(الأنعام: من الآية151)
(وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ)(الأنعام: من الآية152)
(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)(الاسراء:32)
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(البقرة: من الآية183)
وإما أن تكون مستنبطة مثل:
كاستنباط صحة صوم من أصبح جنبا، من قوله تعالى: { فالآن بَاشِرُوْهُنَّ وَابْتَغُوْا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوْا وَاشْرَبُوْا حَتَى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } [ البقرة: 187 ].
وكاستنباط صحة أنكحة الكفار من قوله (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)(المسد:4)
وقوله: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ)(القصص: من الآية9)
وهذا التقسيم يوافق من ذهب إلى عدم الحصر فالقرائح تختلف وفضل الله تعالى عظيم.

كيف نستدل على الأحكام؟
لأهل العلم طرائق في هذا الباب منه:
يستدل على الأحكام تارة بالصيغة وهوظاهر وتارة بالأخبار مثل "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ" (المائدة:3) وتارة بما رتب عليها في العاجل أو الآجل من خير أو شر أو نفع أو ضر. والنصوص في هذا كثيرة وانظر الاتقان في علوم القرآن للسيوطي ففيه مزيد فائدة.

التصانيف في آيات الأحكام:
أول كتاب خاص في تفسير آيات أحكام القرآن، لمقاتل بن سليمان الخرساني ( ت / 150هـ ) وكان تفسيرا بالمأثور، في الدرجة الأولى، مع إعمال مقاتل للرأي أحيانا أخرى.
ثم تتابع العلماء وممن ألف فيه:
محمد بن إدريس الشافعي ( ت / 204 ) هـ؛ فقد ألف كتابا في أحكام القرآن ، جمعه البيهقي
أبو بكر ابن الجصاص (أحكام القرآن)
ابن العربي المالكي( أحكام القرآن).
إلكيا الهراسي الشافعي( أحكام القرآن)
صديق خان القنوجي (نيل المرام في تفسير آيات الأحكام).
مناع القطان (تفسير آيات الأحكام).
محمد علي السايس(تفسير آيات الأحكام)
أحمد الحصري(تفسير آيات الأحكام)
والتصانيف في آيات الأحكام كثيرة مختلفة المناهج بين موسع ومقتصر وبين صاحب مذهب لم يخرج عن آراء إمامه وبين متجرد مستدل ناظر في الأقوال مرجح لصواب القول.

_________________________________________
الموضوع الأصلي : .:هـــنـــا:. | المصدر : موقع منزلة المرأة في الإسلام
أم جويرية الأثرية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس