عرض مشاركة واحدة
قديم 29-04-10, 12:06 AM   #22
أم ايمان
|نتعلم لنعمل|
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

المجلس السادس لتدبر القرآن

اللهم صلي و سلم على محمد و على آله و صحبه أجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا مما علمتنا و زدنا علما.
رب اشرح لي صدري و يسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهه قولي، اللهم آمين اللهم اجعل خير قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النورواجعلنا هداة مهتدين اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين و الدنيا و الآخرة و نسألك العفو و العافية في أهلنا و مالنا و في أسماعنا وأبصارنا و في قلوبنا اللهم من علينا بالهدي و الإيمان و اهدي قلوبنا و اهدنا و يسرالهدى لنا و اجعلنا جميعا هداة مهتدين اللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاك مؤمنين موحدين صادقين قانتين انك جواد حكيم.
أخواتي الكريمات عودة أخرى إلى روضة من رياض الجنة مع هذه السورة العظيمة سورة الجاثية و كنا قد تحدثنا في دروس سالفة عن بعض الهدايات و العبروالعضات.

أخواتي الكريمات و كما وعدناكن بهذا الدرس إن شاء الله تعالى، سأترك المجال لكن جميعا كل واحدة منكن كما اتفقنا سنبدأ إن شاء الله في درس التدبر من الآية اتفقنا عليها فيما أظن الآية الحادي والعشرين على ما أظن الآن نبدأ باسم الله تعالى النظر في الآية الكريمة و لا بأس نعم نذكر مجموعة من القضايا المهمة في رحاب التدبروالنظر والتأمل والتفكر.
فالسورة الكريمة نستحضر النية الخالصة لله تبارك و تعالى وأن نقبل على القرآن بقلوب مليئة بالإيمان بحب الله تبارك و تعالى بخشوع و ذلّ وانكسار بين يديه نطلب منه جلّ وعلا، نبدأ على بركة الله قلت نذكر مجموعة من القضايا استحضارالنية والإخلاص لله تبارك وتعالى والجلوس إلى مائدة القرآن بذل وانكسار وطلب من الهو سبحانه وتعالى الفاتحة و الهداية إلى الخير و
أن يفتح علينا فتوح العارفين وأن يلهمنا جميعا النور المبين حتى نستضيء به معالم الطريق لله تبارك و تعالى ويملأ الله جلّ قلوبنا نورا وهُدى من هذا الكتاب العظيم.
فالسورة كما قلنا مكية وعليه فالقضايا الكبرى التي تتحدث عليها السورة كما قدمتُ آنفًا :
* تعرف الناس بالله تبارك و تعالى بأسمائه و صفاته و كماله وآثارأسمائه وصفاته في خلقه سواءً كان كبيرا أو صغيرا، بعيدا أو قريبا.
* و تحث على الإيمان بالله تبارك وتعالى والصدق والإيمان بالعلم واليقين لا بالإتباع والتقليد.
* الأخذ بالإيمان بقوة عن علم ووعي ودراية وإذا المسلم استبصر معالم الطريق، وعرف الحق وعليه أن يتمسك به ولايترك هذا الحق الذي أضاء جوانب نفسه وأن يتمسك به بقوة حتى يلقى الله تبارك و تعالى.
*والسورة العظيمة تتحدث أيضا عن حال الفريقين الظالمين المؤمنين الكافرين المحسنين والمسيئين المؤمنين والكافرين؛ أنحاء هؤلاء وهؤلاء في الحياة الدنيا و في الآخرة وأنه لا يمكن أن يستوي حال هؤلاء وهؤلاء وإن استوى الظاهر في الأمر المادي لكنهم حتما وقطعا يختلفون فيما يتعلق بأمر القلوب والأرواح في الحياة الدنيا و هم لا محال سيفترقون وسيختلفون في الآخرة في الجزاء والثواب و العقاب حينما يرجعون إلى الله تبارك و تعالى و عند الله سبحانه و تعالى يُقتّص من الظالم للمظلوم و يقام العدل هناك بين الناس فلا تظلم نفس شيئا فالحمد لله ربّ العالمين.
* كذلك من القضايا المهمة في هذه السورة العظيمة أنّ الله تبارك وتعالى يقرر قضية البعث والنشورالتي خاصم وجادل فيها الكفار كثيرا في وقت البعثة وجهاد النبي صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة
كانت قضايا كبيرة التي جادل فيها الكفار وخاصم فيها الكفار كثيرا قضية البعث و النشور ولذلك السورة تنشغل بهذا الأمرو تُأكد أن النّاس لا محال سيرجعون إلى الله سبحانه و تعالى و أن سيبعث الناس ويحاسبهم على الكبيروالصغير والنقير والقطمير، والله سبحانه و تعالى قد حفظ على الناس جميعا أعمالهم و أحصاها عليهم وسيوفيهم جزاء أعمالهم يوم يرجعون إليه سبحانه و تعالى، هذه القضية كبيرة ومهمة جدا في الموضوع .
* كذلك السورة الكريمة تذكر الناس بنعم الله تبارك وتعالى عليهم في الظاهرو الباطن فنعم الله تترى على الناس والله سبحانه وتعالى يذكر الناس على فضله إحسانه على الخلق في أول سورته و في آخرها و كل نفس ستجزى بما عملت ( كل نفس بما كسبت رهينة)
كسب الإنسان أو كسب الناس جميعا مرهون بهم، كل إنسان سيلقى جزاء عمله خيرا فخيرا أو إن شرا فشر.
* وأيضا تميزالجزاء الذين يستكبرون عن ذكر الله وعن طاعة الله وعن آيات الله تبارك و تعالى يرونا و يبصرون ثم لا يتعظون بها ولا يأخذونا الفائدة منها إيمانا و تصديقا و يقينا وعملا لله تبارك و تعالى وهؤلاء خاسرون لا محالة و قد توعدهم الله سبحانه و تعالى بالجزاء العظيم والعذاب المقيم في الحياة الدنيا والآخرة لما قال تعالى : (وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٧﴾ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا)

نبدأ على بركة الله ننظر في الآيات، الآية الحادي والعشرين إلى آخرالسورة كل واحدة من الأخوات تعطينا تنظر في هذه الآية وتعطينا فائدة ثم بعد ذلك نتناقش سويًا في هذه الفوائد، فنمضي على بركة الله طبعا إذا أردتم أن نترك المجال مفتوح للأخوات جميعا، كل أخت كريمة تعطينا فائدة من هذه الآية و لا مانع ممكن أن نقسم الآيات بيننا الآن الأخت أم اليمان ثلاث آيات والأخت عابرة سبيل تأخذ الآيات التي بعدها و هكذا أو آيتين، المهم نسمع الفوائد من كل الأخوات الكريمات و تترك التعليق و المداخلة للجميع.
نعم استنكار بين مجترحي السيئات و فاعلي الحسنات سواءً في الحياة أو في الممات.نعم
الآن الله جل ّوعلى يقررأمراً على جانب كبير من الأهمية وأنه لا يمكن أن يستوي أهل الحسنات وأهل السيئات من كسب الحسنة و كسب السيئة فهذه قضية كبيرة و مهمة نريد أن نقف عندها فنرى حال الناس اليوم وهم يتفاخرون في الأمورالمادية نجد أنّ الكفار قد وهبهم الله وأعطاهم النعم الكبيرة والعظيمة فهم يتمتعون بمتع الحياة الدنيا الظاهرة فلديهم الأنهاروالأطياروالأشجاروالأموال والزينة في الحياة الدنيا وأهل الإيمان ربما يعيشون في فقروفاقة وعوز وحاجة هذا في الحياة الدنيا و الله تعالى يقول :
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)
كيف نرد على هؤلاء ؟؟ نسمع الأخوات الكريمات
- منزلة يقين في الدين و إن لكل مسلم الهدى والشفاء بقدرالإيمان و اليقين ، نعم هذه فائدة عظيمة ،نعم، نعم
- صفتي العدل والحكمة لله تبارك و تعالى، اللهم نعم
و هذا أيضا، ماذا أيضا يا أخواتي؟
- تذكير الإنسان بأصل خلقه، و أنه خلق من طين و من ماء مهين
من أين أخذت هذه الفائدة؟؟ أي آية؟ نعم. السابعة و الثامنة ؟ أي سابعة و ثامنة؟ نعم.
- تقريرعقيدة الجزاء ؟؟
إذا استنبطنا الفائدة نريد أن نربطها بالآية الفائدة مرتبطة بالآية الكريمة نقول آية مثلا الخامسة والعشرون فيها كذا من الفوائد حتى نتدرب و نتعلم كيف يمكن لنا أن نستنبط الفوائد والهدايات من الآية الكريمة لو امسكنا مع الآيات آية آية، حتى لانتفرق في النظريكون أفضل فلنبدأ بالآية الحادية والعشرون أفضل
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) ننظر في الآية كلمة كلمة، كما قلنا أن الله جلّ وعلا يبن أنه لا يمكن أبدا أن يستوي أهل الإيمان وأهل الكفر وأهل الحسنات وأهل السيئات لا في الحياة و لا في الممات لو وقفنا عند قوله جلّ و علا: اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ
ماذا نستفيد من قوله جل و علا :" اجترحوا السيئات" ؟؟
اجترحوا بمعنى اكتسبوا السيئات أو كسبوا السيئات، اقترفوا السيئات، هذا التعبير ماذا نستفيد منه؟ " أم حسب الذين اجترحوا السيئات" يعني كسب
الكسب في الجوارح بمعنى أن الكسب مرتبط بالجارحة. نعم
هذا صحيح، استعملوا جوارحهم فيما يغضب الله تبارك و تعالى. نعم
ماذا أيضا، السرفي استخدام اجترحوا دون اكتسبوا أو كسبوا أو اقترفوا
كما قلنا هذا الأمر مرتبط بالجارحة (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)
هل من آية أخرى في كتاب الله تعضد هذا المعنى؟ معنى الإجتراح و الكسب المربوط بالجارحة؟
نستحضر الآيات الكريمة ; في آية في سورة الأنعام، سورة عظيمة (وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ) [الأنعام:60]
بنياتي لا بد أن نتواصل سويا بسرعة، نريد آيات تعضد معنى الكسب بالجارحة، قلنا في آية في سورة الأنعام.
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا) الجاثية
(وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ) الأنعام
هنا اجترحوا وهناك جرحتم، سبحان الله
الليل وقت النوم والراحة والأمن والنهار وقت العمل والكسب والجد، الكسب والعمل ؛ و لذلك ينبغي أن تعمل الجارحة فيما يرضي الله تبارك و تعالى وتكسب الخير وأخذ الحلال وصاحبها ينبغي أن يحفظ جارحته من أن تقع في الحرام أو أن تتصل بحرام، حفظ الجوارح أمر مهم في الإسلام.
ينبغي على المسلم أن يحفظ جوارحه من أن تلج إلى أذًى أو شر أو منكرأو باطل أو فاحشة، والجوارح تتمثل في اللسان وفي البصروفي السمع وفي اليد وفي الرجل، كل هذه الجوارح يجب على الإنسان أن يصونها وأن يحاسب عليها وأن يستعملها في الخير لأن الله تبارك و تعالى سيحاسبه على كسب جارحته ولذلك جلّ الله تبارك و تعالى في آيات كثيرة من كتاب الله عز و جل ينسب العمل إلى ما كسبت أيديكم (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى:30]

فينسب الكسب إلى الأيدي و الكسب يكون من اليد ومن غيرها لكن الغالب عمل الكسب باليد، ويطلق الجزء من الكل، بما كسب الإنسان، نسب الكسب إلى اليد و المراد به صاحبه. فالجارحة مهمة جدا في حياة المسلم، يحتاج المسلم أن يحفظ جوارحه و لذلك النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث:" من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين فخذيه، أو كما قال عليه الصلاة و السلام, أضمن له الجنة".
فاللسان من أشد الجوارح أذى للإنسان و ليس هنالك شيء يحتاج إلى طول سجن من اللسان، إذا من أشد الجوارح فتكا بالإنسان اللسان، و لذلك يحتاج الإنسان أن يحفظ لسانه، قل خيرا أواصمت، من أشد ما يؤذي الإنسان وعمله في الآخرة اللسان
الإنسان يحتاج إلى حفظ، فالإنسان الذي يحفظ لسانه فلا ينطق إلا بخيرولا يتحدث إلا بمعروف كما قال عز و جل :
(لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 114]

(الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ) إذا السيئات هنا "ال" الجنسية، جنس السيئات، كل ما يطلق عليه سيئة فهو داخل في التحذير (أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) طبعا هذا الأمر يتعلق بحال المؤمنين والمسلمين وحال الكافرين والمشركين ولا يستوي الطائع المستقيم المنيب الذي يعمل الصالحات ويحافظ على العبادات ويتزود بالنوافل، نوافل الطاعات، لا يستوي ومن يقصر في حق الله تبارك وتعالى في الطاعات والعبادات، لا يستوي هذا وهذا.
الإستواء ليس فقط بين دائرة الإسلام ودائرة الكفر في الدائرتين بل حتى في دائرة الإسلام في ذاتها، لا يستوي المحسن والمقصروهناك آيات كثيرة تشير إلى مثل هذا المعنى إذا أمكن أن تذكرني أخت بأية كريمة أنّ أهل الإيمان يتفاوتون في أعمالهم التي فيما بينهم في الحياة الدنيا والآخرة، في الدرجات، درجات الدنيا ودرجات الآخرة، نريد ما يدل على هذا المعنى؟؟؟
في سورة فاطر يقول الله عزوجل: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴿٣٢﴾ )
لا يستوي من يتزود بالطاعات والعبادات، بالحسنات والدرجات والفوز والنصرة والتأييد، لذلك الله تبارك وتعالى جعل قاعدة مهمة في ما تقدم من الآيات، قال جل وعلا في الآية 19 من سورة الجاثية : (إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا ۚ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۖ وَاللَّـهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)
الإنسان يجب أن يترقى في درجات الله عز وجل حتى يكون من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فهؤلاء الذين تولوا الله عز و جل ورسوله والمؤمنين وكانوا في كنف الله تعالى ورعايته وحفظه و في عينه، فهؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
فهؤلاء لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة والله تعالى منهم قريب ولهم ناصرولهم مؤيد ولهم حافظ دائما وأبدا لماذا؟ لأنهم تقربوا إليه بالطاعات والعبادات وأكثروا من التزود من العبادات حتى وصلوا إلى درجة من الإحسان والإيمان، إنهم يستحقوا من الله تعالى النصرة والتأييد والحفظ وإن لم يملكوا شيئا من حطام الدنيا.
يقول تعالى : (كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)

وكذلك الله تعالى قال (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )
الآن أبدينا تقرير أن الله عز وجل هوالخالق للسموات والأرض وأن خلق السموات والأرض متلبس بالحق وأن جزاء كل نفس بما كسبت.
ما الوجه الرابط بين المعنيين؟؟
(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) [البقرة:253] الرسل وهم أفضل الخلق والقدوات في حياة البشر يتفاوتون كذلك في الدرجات، فكيف بنا نحن ؟
فعلينا أن نجد حتى نترقى في الطاعات والعبادات لنصل إلى درجة من العبودية تحقق لنا السعادة والأمن وتحقق فينا قول الله عز وجل : ( إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7] الله سبحانه وتعالى منا قريب وناصر ومؤيد وهو راض عنا جل وعلا فينزل علينا الرحمة والرضا والإحسان كما قال جل وعلا :
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ) [الجاثية :30]
طبعا الرحمة هنا الحسنى وأيضا يمكن معنى آخر
ومعنى لآخر أن جل وعلا يدخل هؤلاء الذين آمنوا وأخلصوا العبادة لله عز وجل وتزودوا بأنواع الطاعات والعبادات فحق لهم أن يكونوا في كنف الله تعالى و معيته الخاصة كما قال تعالى(ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولا هم يحزنون) وكما قال تعالى في أكثر من آية على لسان نبيه (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأعراف: 151] فأولئك الذين أدخلهم الله عز وجل في رحمته يكون لهم المدد من الله على الدوام، مدد نصرة والتأيد والحفظ على الدوام و لا أدل على ذلك من حال يوسف عليه السلام وقت المحنة وقت الكربة كان الله له ناصرا ومؤيدا جل وعلا وكما قال تعالى (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿٢٣﴾ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:23-24 ]
يجب علينا نحن أبناء الإسلام ذكورا وإناثا أن نكون من المُخلَصين ونكون من المُخلِصين، هؤلاء هم الذين يكونون في كنف الله جل وعلا و في رحمته وإحسانه فنريد أن نترقى في درجة العبودية لله جل وعلا حتى يدخلنا الله جل وعلا في عباده الصالحين ويدخلنا الله جل وعلا في رحمته وهو أرحم الراحمين، فإذا الله عز وجل أدخلنا في رحمته نلنا الفوز في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
هنا بنياتي لنا وقفة مع قوله تعالى :
(وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )

ما وجه الربط بين قضية الخلق للسموات والأرض بالحق وبين جزاء كل نفس بما كسبت ؟؟؟
طالبة - محبة الجنة - : تحقيق العدل
الشيخ : اللهم نعم وماذا أيضا ؟
طيب لوعدنا إلى آيات كريمة في غير هذه السورة لأن القرآن يفسربعضه بعضا كما قلنا،
الله تعالى يقول: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [البقرة:29]
الأرض وما فيها خلقها الله عز وجل للإنسان، تكون مزرعة للآخرة
خلق الله تعالى السموات والأرض، كل ما في السموات وكل ما في الأرض للإنسان والدليل في السورة نفسها (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) الجاثية: 13
هذا التسخير وهذا الخير وهذا التفضيل وهذا الإحسان والتكريم من الله تبارك وتعالى للإنسان ، من أنزله إلى الأرض وجعل الأرض مستقرا له إلى حين وهيأ له فيها من الأسباب للسعادة، أسباب الرزق وأسباب الفلاح وأسباب النماء وأسباب الظهور وأسباب البناء، وأسباب ما يستحق الله جل وعلا الشكرعليها.
هذه الدنيا مزرعة للآخرة والإنسان مكلف وهو يعمل على المنهج الرباني وربما حاد على المنهج ربما ظلم نفسه وظلم غيره وأفسد في الأرض فيقع الفساد ويقع الظلم في الأرض والإنسان مكلف أن يعمر هذه الأرض لطاعة الله تعالى.

(هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [هود:61] خلقنا من الأرض وجعلنا في الأرض لنعمرالأرض بطاعة الله عز وجل، فالمسلم مطلوب منه البناء، يبني الأرض وأن يعمرها بالمنهج الرباني القويم فلا ينبغي أن نتوانى بالقيام بهذه الوظيفة.
الله عز وجل استخلفنا في الأرض، جعلنا خلفاء في الأرض، هذه الخلافة من لوازمها :
أن نقوم بالتكاليف المنهج الرباني على أحسن ما يكون فلا نتخلف على أداء الواجب الذي كلفنا به من عمارة الأرض على المنهج الرباني.
الناس في مشارق الأرض ومغاربها وعلى اختلاف نحلهم و أجناسهم وبقاعهم أحوج ما يكون إلى ديننا، أحوج ما يكونون إلى إسلامنا، أحوج ما يكونون إلى أخلاقنا فيجب علينا نخرج الناس من الظلمات إلى النور.
وكل دعوة يدعيها ممن ينتسبون إلى الإسلام من أبناء الإسلام أو من غيرهم، قضية التقارب بين الأديان وقضية المساواة بين الأديان خاصة الأديان السماوية على أن هؤلاء مؤمنون وأنهم على الحق وأنهم مثلنا وأنهم أحسنوا في دينهم سيجازون بالجنة هذا الكلام لا يمكن أبدا أن يقبل وهو كلام غير صحيح ومصادم للدقائق التي نفهمها من الكتاب والسنة، ليست هناك هواة بين المسلم وغيره من الملل الأخرى وإن كانت في الأصل سماوية، وإن كانت سماوية ولكنها محرفة ولذلك الله تبارك وتعالى كلما أرسل رسولا وزوده بالآيات والبينات والمعجزات وبالمنهج الشريعة حتى يقوم الناس بهذه الشريعة ويسعدوا بهذه الشريعة، يسعدوا ويسعدوا من حولهم ويقيموا حشدا قويما يسعد بها الناس جميعا فإذا انحرفوا عن المنهج الرباني ولم يقوموا بتكاليف الشريعة على ما ينبغي، على الوجه الذي أمرالله جل وعلا به، فحرفوا وبدلوا إتباعا للهوى ورغبة وطمعا في كسب الحياة الدنيا وزخارفها ليشتروا به ثمنا قليلا، ليحافظوا على المناصب وعلى المكاسب الدنيوية فهؤلاء لا محالة خاسرون فغيروا المنهج وبدلوا وحرفوا وتوفى الله عز وجل رسوله وبعد أمة وبعد زمان وبعد دهور حصل انحراف عن المنهج فالله سبحانه وتعالى أنزل كتابا أخر ليرد الناس للمنهج القويم.
كلما ذهبت أمة بعث الله عز وجل في أمة أخرى رسولا آخر يدعوإلى الله سبحانه وتعالى بالحسنى ليردوا الناس إلى المنهج.
كل الرسل من نوح عليه السلام إلى محمد عليه الصلاة والسلام، كلهم دعوا إلى الله تبارك وتعالى،دعوا الناس إلى توحيد الله جل وعلا جاءوا بالإسلام، كل هؤلاء الرسل دينهم الإسلام من نوح عليه السلام إلى محمد عليه الصلاة والسلام، كل هؤلاء مسلمون وأتباع هؤلاء مسلمون فالحمد لله أن سمانا الله بالمسلمين.
وعليه لما انحرف اليهود عن المنهج وبدلوا وغيروا بعث الله لهم عيسى عليه السلام، ولما عيسى عليه السلام رفعه الله جل وعلا إليه حصل انحراف في بني إسرائيل، في أتباع عيسى عليه السلام بعث محمد عليه الصلاة والسلام.
وما من رسول جاء إلى قومه إلا وبشر بمحمد عليه الصلاة والسلام، بأحمد عليه الصلاة والسلام بشربه نبيا ورسولا للناس أجمعين وأخذ الميثاق والعهد على قومه أنه إذا بُعث عليهم أن يصدقوه وأن يتبعوه وأن ينصروه ولكن هؤلاء حرفوا وبدلوا وغيروا، فهؤلاء الذين بدلوا وغيروا الشريعة فالله تعالى جاء بالشريعة الكاملة التامة المستوفية المستوعبة لكل الأحكام السابقة في الشرائع السابقة، فأنزل الله القرآن كلامه جلّ وعلا مهيمنا على جميع الكتب السابقة.
الرسل جميعا متفقون في الثوابت والأسس التي تقوم عليها الحياة في أمور التوحيد والأخلاق وما يصلح شأن الإنسان في الحياة .
جميع الرسل متفقون في إقامة العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونهي الفواحش وحفظ النسل وحفظ كليات الخمس كل الرسل جاءوا بأمر الحفاظ عليها ولا خلاف بينهم، الخلاف بينهم في الفرعيات ولكن في الأسس والثوابت متفقون جميعا ومحمد عليه الصلاة والسلام لما جاء بالشريعة المهيمنة الحاكمة بعد ذلك على جميع الأديان والشرائع وجميع النحل، فلا يمكن أبدا أن تعتقد مسلم أو مسلمة بالمساواة بين دين الإسلام وبين الأديان ، هذا لايمكن أبدا في دين الله عزوجل، فقد نسخ الله عزوجل جميع الشرائع السابقة ولم يبقي إلا شريعة واحدة هي دين الإسلام ولذلك يجب علينا أبناء الإسلام أن نقوم بما كلفنا به من نشر دعوة الحق ونشر دين الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ورد الناس إلى الحق الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام.

يتبع بإذن الله تعالى



توقيع أم ايمان
أم ايمان غير متواجد حالياً