عرض مشاركة واحدة
قديم 03-05-10, 12:24 PM   #66
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

يقول الشيخ بكر أبو زيد _رحمه الله_ :
وقد كان عبد الله بن المبارك إذا ذُكر أخلاق من سلف ينشد:
لا تعرضنَّ بذكرنا مع ذكرهم ................... ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
شرح الشيخ ابن عثيمين _رحمه الله_ :
صحيح.
45- زكاة العلم:
أدِ زكاة العلم, صادِعا بالحق، أمَّارا بالمعروف, نهَّاء عن المنكر، موازنا بين المصالح والمضار، ناشرا للعلم، وحب النفع، وبذل الجاه، والشفاعة الحسنة للمسلمين في نوائب الحق والمعروف.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي _ صلى الله عليه وسلم_ قال :"إذا مات الإنسان انقطع عمله، إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". رواه مسلم وغيره.
قال بعض أهل العلم: هذه الثلاث لا تجتمع إلا للعالم الباذل لعلمه، فبذله صدقة ينتفع بها، والمتلقي لها ابن للعالم في تعلمه عليه.
فاحرص على هذه الحلية، فهي رأس ثمرة علمك, ولشرف العلم، فإنه يزيد بكثرة الإنفاق، وينقص مع الإشفاق، وآفته الكتمان.
ولا تحملك دعوى فساد الزمان وغلبة الفساق وضعف إفادة النصيحة عن واجب الأداء والبلاغ، فإن فعلت فهي فعلة يسوق عليها الفساق الذهب الأحمر، ليتم لهم الخروج على الفضيلة ورفع لواء الرذيلة.
شرح الشيخ ابن عثيمين _رحمه الله_ :
هذه زكاة العلم, تكون بأمور:
الأمر الأول: نشر العلم, هذه من زكاته, كما يتصدق الإنسان بشيء من ماله, فهذا العالم يتصدق بشيء من علمه, وصدقة العلم أبقى, وأبقى دواما, وأقل كلفة ومئونة, أبقى دواما لأنه رُبَّ كلمة من عالم تسمع ينتفع بها أجيال من الناس, ومازلنا الآن ننتفع بأحاديث أبي هريرة رضي الله عنه, ولم ننتفع بدرهم واحد من الخلفاء الذين كانوا في عهده, وكذلك العلماء ننتفع بكتبهم وعلومهم, فهذه زكاة, وأي زكاة, وهذه الزكاة لا تنقص العلم بل تزيده.
يزيد بكثرة الإنفاق منه ………………………….…. وينقص إن به كفًّا شددت
تزيده وتنميه, هذه من زكاة العلم.
ومن زكاة العلم أيضا: العمل به, لأن العمل به دعوة إليه بلا شك, وكثير من الناس يتأسون بالعالم في أخلاقه وأعماله, أكثر مما يتأسون بأقواله, وهذا لا شك زكاة, زكاة, وأي زكاة, لأن الناس يشربون منها ويردون إليها فينتفعون.
ومنها أيضا ما قاله المؤلف: أن يكون صداعا بالحق, وهذا من جملة النشر, لكن النشر قد يكون في حال السلامة وحال الأمن على النفس, وقد يكون في حال الخطر, فيكون صداعا بالحق.
ومنها _أي من تزكية العلم_ وهو الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا شك أنه من زكاة العلم, لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عارف بالمعروف وعارف بالمنكر, ثم قائم بما يجب عليه نحو هذه المعرفة, وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
يقول _ رحمه الله وعفا عنه_: (أدِ زكاة العلم, صادِعا بالحق، أمَّارا بالمعروف, نهَّاء عن المنكر، موازنا بين المصالح والمضار) , ولا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أول من يُطالَب به هم أهل العلم, لأن الله تعالى حمَّلهم العلم, والعلم لابد له من زكاة. والمعروف: كل ما أمر الله به ورسوله. والمنكر: كل ما نهى الله عنه ورسوله. موازنا بين المصالح والمضار: أي مصالح الأمر ومضاره, لأنه قد يكون من الحكمة ألا تأمر, و قد يكون من الحكمة ألا تنهى, حسب ما تقتضيه المصلحة, فالإنسان ينظر إلى المصالح والمضار.
وقوله (ناشرا للعلم وحب النفع) يعني تنشر العلم بكل وسيلة للنشر, من قول باللسان, وكتابة بالبنان, وبكل طريق. وفي عصرنا هذا سهَّل الله سبحانه وتعالى الطرق لنشر العلم, فعليك أن تنتهز هذه الفرصة, من أجل أن تنشر العلم الذي أعطاك الله إياه, فإن الله تعالى أخذ على أهل العلم ميثاق أن يبينوه للناس ولا يكتمونه, ثم ساق المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الإنسان إذا مات "انقطع عمله، إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له", والشاهد من هذا الحديث قوله " أو علم ينتفع به ".
يقول الشيخ بكر أبو زيد _رحمه الله_ :
قال بعض أهل العلم: هذه الثلاث لا تجتمع إلا للعالم الباذل لعلمه، فبذله صدقة ينتفع بها، والمتلقي لها ابن للعالم في تعلمه عليه.
شرح الشيخ ابن عثيمين _رحمه الله_ :
هذا قصور, والصواب خلاف ذلك, المراد بالصدقة الجارية صدقة المال, وأما صدقة العلم فذكرها بعدُ بقوله " أوعلم ينتفع به أو ولد صالح " المراد به الولد بالنسب, لا الولد بالتعليم. فحمل الحديث على أن المراد بذلك العالم يُعلم فيكون صدقة ويبقى علمه بعد موته فينتفع به ويكون طلابه أبناء له, فهذا لا شك أنه تقصير في تفسير الحديث. والصواب: أن الحديث دل على ثلاثة أجناس مما ينتفع به الإنسان بعد موته, وهي الصدقة الجارية المستمرة, لأن الصدقة إما جارية وإما مؤقتة, فإذا أعطيت فقيرا يشتري طعاما, فهذه صدقة لكنها مؤقتة, وإذا حفرت بئرا ينتفع به المسلمون بالشرب, فهذه صدقة جارية.
عمادة إشراف معهد العلوم الشرعية العالمي غير متواجد حالياً