الكون كُله يُسبح الله عز وجلّ.
قال تعالي ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾(الإسراء:44) ، في هذه الآية ما هي الجناية التي ارتكبها العبد ، وقلنا حيث توجد صفة الحلم لابد أن يكون العبد مستحقًا للعقوبة ,﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ هذا السقف يسبح ، هذا المكتب يسبح ، هذه الكاميرا تسبح ، هذا الجدار يسبح ، كل شيء يسبح ، إلا الثقلان الإنس والجن الغفلة فيهما ﴿ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ ، أي لا تعرفون كيف تسبح هذه الكائنات .
﴿ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ ، أنت تعرف أين الجناية ؟ ، فيه حديث رواه الإمام أحمد والإمام البخاري في الأدب المفرد بسند قوي عن عبد الله بن عمر بن العاص- رضي الله عنهما- قال:" لما حضرت نوحًا الوفاة في أخر حياة نوح وهو يحتضر دعا ابنه ،_وفي رواية _دعا ابنيه وقال لهما: إني قاصٌ عليكما الوصية ،_ يريد أن يوصيهم ، وأنت تستطيع ببساطة شديدة أن تعرفاهتمامات هذا الرجل في أخر كلمة قالها قبل أن يموت ، ملخص حياة الإنسان الذي يموت تستطيع أن تعرفها بأخر كلمة .
أنظر يعقوب- عليه السلام- آخر كلمة قالها:﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ﴾(البقرة:133)، آخر كلمة ، يطمئن أن أولاده يعبدون الله- سبحانه وتعالى- ، هذا شغله الشاغل النبي- عليه الصلاة والسلام- ، أخر كلمة قالها: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ألا إني أنهاكم عن ذلك ، ألا إني أنهاكم عن ذلك ألا إني أنهاكم عن ذلك ، قالت عائشة- رضي الله عنها- ، فلولا ذاك أبرز قبره ، لكنه خشي أن يتخذ مسجدًا " .
ومن أواخر ما قاله- صلي الله عليه وسلم- " الصلاة ، الصلاة وما ملكت أيمانكم " ، فيه واحد وهو يموت يقول يا بني المصنع ، المتجر ، الأرض الزراعة الموسيقى ، العود ، الكمنجة ، هذا كان اهتمامه في حياته ، فارقب آخر كلام يقوله المرء في حياته ، تعرف ملخص حياته بالكامل .
نوح- عليه السلام- في أخر حياته دعا ابنيه وقال:" إني قاصٍ عليكما الوصية : أمركما باثنتين ، وأنهاكما عن اثنتين ، أمركما بلا إله إلا الله
_ وهذه الوصية الأولى ، الأمر الثاني وهو محل الشاهد _، وأمركما بسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيءٍ وبها يرزق الخلق _
الشاهد : أي أنت ترزق إذا سبحت ، وإذا لم تسبح ؟ لا ترزق
فأنت لا تسبح وترزق ، لذلك قال:﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ ، فكل شيء يرزق لأنه يسبح ، والإنسان الغافل الذي لا يسبح ، الأصل أنه لا يرزق ، لكن حلم الله عن ذنبه وعن غفلته ورزقه,فعرفنا﴿ حَلِيمًا ﴾ لماذا جاءت هنا ؟ بسبب ذنب العبد في ترك التسبيح ومع ذلك يرزقه .
فباب الأسماء والصفات هذا لو تأملته من أوسع الأبواب التي تجلوا قلبك وبكل أسف ليس هناك كتاب جامع في هذا ، فيه كتب نعم تشير إشارات لكن ليست مسهبة ، فأنت تضطر أن تكون لك قراءاتك الخاصة وتبحث في الكتب وتجمع النظير على النظير حتى تصل إلى هذا المعنى الذي أنبه عليه هنا .
إذًا الشطر الأول يا إخواني والكلام في التوحيد واسع جدًا ، ممكن نظل طول العمر نتكلم في التوحيد ، إنما هذه عناوين فقط تدل هذه العناوين على تفصيلاتها , أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمد رسول الله ،.
ما معني وأشهد أن محمد رسول الله ؟
كأن النبي- صلى الله عليه وسلم- لقيك في الطريق ، أرجوا أن لا يكون فيه أحد في هذه القاعة د تورط بلبس شيء من الذهب من الرجال ، يلبس دبله من الذهب أو يلبس خاتم ذهب ، لو أن النبي- عليه الصلاة والسلام- لقيك في الطريق ، وأنت تلبس الذهب وقال لك اخلع هذا فإنه لا يجوز لك ، ماذا تقول له بصراحة ؟ أنا أعرف جواب كل من في القاعة وكل من يصله هذا يقول سأخلع الذهب ، لأنه لا يستطيع أن يقول للنبي: لا ، لأن هذا يكون فسخ العقد الإيمان به .
سبب نزول الآية.
قال تعالى:﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا ﴾(النساء:65) ، فترقى بالعبد على حسب إيمانه ، هذه الآية كان لها سبب نزول ، الزبير بن العوام له أرض وله جار من الأنصار أرضه مجاورة لأرض الزبير ، لكن أرض الزبير في العالي وأرض الأنصار أخفض منها ، ولم يكن قديمًا مواتير تضخ الماء الأنصاري التي أرضه أسفل قليلاً يريد أن يسقي أولاً ، الزبير أرضه أعلى فأنت لو سقيت أرضك ستستوعب الماء كله ولا يصل الماء إلى أرضي ، لأن أرضي في العالي ، فحدث بينهما نزاع ، من الحكم ؟ الرسول- عليه الصلاة والسلام- ,فذهبا أي واحد عادي يحكم لمن ؟ من الذي يسقي أولاً ؟ ، للزبير طبعًا لأن أرضه في العالي ، والماء لما يكون كثير يصعد ويروي الأرض فالنبي- عليه الصلاة والسلام- قال أسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك ، فغضب الأنصاري وقال للنبي-عليه الصلاة والسلام-: أن كان بن عمتك ، لأنه ابن عمتك حكمت له عليَّ ، فتلون وجه النبي- عليه الصلاة والسلام-، كأنما فقيء في وجهه حب الرمان ، فقال له: أسق يا زبير ثم احبس الماء ، لن تسقي أرضك .
تنسب النبي- صلي الله عليه وسلم- إلى الجور وإلى الظلم ، وإلى المحاباة فنزلت الآية:﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ ، وهذه أول درجة ، لا يؤمنون حتى يجعلوا النبي- صلي الله عليه وسلم- حاكمًا عليهم في كل شيء ، ﴿ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ ﴾ لا أتضايق أنه قضى عليَّ وليس ذلك فقط ، إنما﴿ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا ﴾ .
فلما يقول له: اخلع خاتم الذهب ، لا يجوز أن يقول له: لا ، لأنه بذلك يكون قد فسخ عقد الإيمان .
،
ما هو الفرق بين أن يقول لك النبي- صلي الله عليه وسلم- ذلك شخصيًا ، وبين أن يرسل النبي- صلي الله عليه وسلم- رسولاً إليك؟
أن اخلع الذهب ، ما هو الفرق ؟ لا فرق ن لأنك لو اشترطت أن تسمع هذا من النبي- صلي الله عليه وسلم- شخصيًا فيكون الدين انتهى بوفاته - صلي الله عليه وسلم- ، لما أرسل النبي- صلي الله عليه وسلم- معاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري إلى اليمن وقال:" أنك تقدم قومًا أهل كتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فإن هم أجابوك لذلك ، فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله- عز وجل- افترض علي أغنيائهم صدقة ترد في فقرائهم " .
لو أن أهل اليمن قالوا لمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري لا ، لن نؤمن بهذا فما حكمهم ؟ كفار أم لا ؟ كفار عند كل العلماء ، لماذا ؟ لأنه لا فرق بين أن يقول النبي- صلي الله عليه وسلم- هذا مباشرة أو أن يرسل رسولاً ولذلك قامت حجة النبي- صلي الله عليه وسلم- على كسرى وقيصر وهرقل بالكتب التي كان يرسلها إلى الآفاق ، إذاً وجود النبي- صلي الله عليه وسلم- ليس شرطًا .
نرجع إلى بحثنا ، أنا قلت لك كلامًا عن النبي- صلي الله عليه وسلم- لكن أنا معي توكيل صحيح ، ما معنى توكيل ؟ أي أعرف ما قاله مما لم يقله وهذا هو الشرط ، أنت تعرف اليوم لما تعمل لواحد توكيل يستطيع أن يبيعك ويشتريك ، يبيع أملاكك بالكامل بهذا التوكيل ، أي أن التوكيل قائم مقام الموكل ، فأنا عندما أقول لك: قال رسول الله- صلي الله عليه وسلم- كذا وكذا ، من حقك أن تطالبني وتقول بأي صفة تتكلم عن النبي- صلي الله عليه وسلم- ، أقول لك: إني معي توكيل صحيح .
هذا التوكيل من أين أتيت به ؟ أنا لا أتكلم عن نفسي طبعًا ، أنا أمثل بنفسي فقط ، أقول لك: شهد لي أهل العلم بأنني أهل أن أتكلم في الدين ، وأن أبلغ عن النبي- صلي الله عليه وسلم- وهي كانت قديمًا اسمها الإِجازة ، كما قال مالك- رحمه الله -: ما استفضت الفتيا إلا بعدما شهد لي سبعون من أهل المدينة ، من علماء المدينة أنني أهل للفتيا
هذا هو التوكيل ، أقول لك شهد لي العلماء فلان وفلان وفلان أنني أهل أن أتكلم في الدين ، وهذه هي صحة التوكيل ، فإذا ثبت هذا التوكيل فلا يحل لك أن تقول للكلام الذي نقلته لك لا ، فهذه جناية عظيمة على إيمانك وأقول لكم بكل صراحة لا يستطيع رجل أن يتبع النبي- صلي الله عليه وسلم- حق إتباعه إلا إذا كان الحب له سابقًا .
وسأقول لكم شيئًا يدخل تحت منظومة الحساب وأكيد في الجلوس تجار ومحاسبون يفهمون لغة الأرقام ، ونحن في بلد كل الدنيا فيها أرقام ، الفرد فيها رقم ، معك الرقم الفلاني تساوي هذا الرقم ، ليس معك شيء لا تساوي شيء ، فأعتقد أن لغة الأرقام لغة شائعة ومفهومة ودارجة بينكم .
الحسبة التي سأذكرها الآن أخفق فيها معظم أهل الحساب ، بالرغم من أنها حسبة يستعمل فيها الحساب ، لكن كلهم رسبوا فيها إلا من شاء الله ، ونجح فيها أهل المحبة ، قال النبي- صلي الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الشيخان واللفظ لمسلم قال- عليه الصلاة والسلام- ، وأنا أرجو من الأخوة أنهم ينتبهوا تمامًا لهذا الحديث ، إذا كنت سرحان أفق وأنتبه وأسمع ، قال- عليه الصلاة والسلام-:" إن من أشد أمتي لي حبًا رجل يتمني أن يراني بأهله وماله " ، صفقة أغني واحد في العالم الآن كم رأس ماله ؟ ستين مليار دولار هذا أغنى رجل في العالم على حسب ما قرأت في إحصائيات الشهر الماضي أغنى رجل في العالم يمتلك ستين مليار دولار .
سنفترض أن هذا الرجل مسلم وعنده أولاد يملئون هذه القاعة ، أولاده وأحفاده وأولاد الأحفاد ، عنده ألفان ، ثلاثة مثلاً من الأولاد ، وقيل له ما رأيك أن نعقد معك صفقة ، تضحي بالستين مليار هذه والثلاثة ألاف ولد في مقابل أن ترى صفحة وجه النبي- عليه الصلاة والسلام- مرة واحدة ، تنظر إليه فقط ، نظرة ، تكلفة هذه النظرة الستين مليار دولار وأن تفقد أولادك كلهم ، من الذي ممكن أن يعمل هذه المسألة ؟
أنظرة واحدة إلى صفحة وجهه – صلي الله عليه وسلم- تساوى هذا ، فكيف لو كنت تصلى وراءه ، أو أخذته بالحضن مرة ، أو وضع يده علي كتفك ، أو جاورته في مسكن ، أو أن كل يوم الصبح تطالع صفحة وجهه مثلاً ، هذه كم تساوي ؟ ، بلغة الأرقام كم تساوي ، إذا كانت هذه المسألة صعبة فعلاً أن تكون نظرة واحدة إلى صفحة وجهه- عليه الصلاة والسلام- تساوي ستين مليار دولار وبأولادي بالكامل ، هذه صعبة علينا .
هناك أخف من ذلك وهو ألا تخالفه في أمره فقط ، لا نريد أكثر من هذا قال لك: افعل ، تمتثل ، قال لك: قف ، تقف ، أليس هذا في إمكاننا ، من الذي ممكن أن ينفذ هذه المسالة ، من الذي إذا قيل له أن النبي– صلي الله عليه وسلم- ينهاك أن يفعل كذا ، يقول: أمر رسول الله– صلي الله عليه وسلم- على الرأس والعين .
مايدل علي صدق محبة النبي _صلي الله عليه وسلم_ وإتباعه.
في مسند الإمام أحمد بسند مقارب أنه بلغ أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن مصعب بن الزبير يريد أن يعاقب عريفاً من الأنصار ، والعريف من الأنصار موظف قصر في عمله فمصعب بن الزبير هو الوالي أو أميره ، أو الرئيس أراد أن يجلده ، العريف هذا الموظف من الأنصار ، ومصعب بن الزبير مديره في العمل أو رئيسه ، لما بلغ أنس بن مالك أن الزبير يريد أن يضرب هذا العريف الأنصاري ، جمع ملابسه عليه وانطلق ، ودخل على مصعب بن الزبير ، وقال له: ألا تحفظ فينا وصية رسول الله- صلي الله عليه وسلم- ، فقال مصعب وما وصيته ؟ قال:" أحسنوا إلى محسن الأنصار وتجاوزوا عن مسيئهم" حينئذٍ ألقى مصعب السوط من يده ، وألصق خده بالأرض ، وقال أمر رسول الله على الرأس والعين ، وليس مجرد أنه قال: عفوت عنه ، لا ، ألصق خده بالأرض وقال أمر رسول الله على الرأس والعين .
عبدالله بن عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما- في مرة من المرات وكان مريضاً، أولاده يجلسون حوله ، حمزة – بلال – عبد الله – عبيد الله ، فحدَّث عن النبي- صلي الله عليه وسلم- حديثًا وهو" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله "
|