_وفي لفظ_:" إذا استأذنت أمة أحدكم أن تذهب إلى المسجد فلا يمنعها " ، فقال واحد من أبناء عبد الله قال: "والله لنمنعهن يتخذنه دغلا ."
والدغل: مفرد أدغال ، والأدغال هي الغابات .
ماذا يريد أن يقول ؟
يتخذنه دغلا: أي يتخذن الخروج إلى المسجد حيلة ، كالذي يختبئ وراء شجرة في غابة ، تريد أن تذهب لصاحبتها من ورائك ، فتقول لك أنا سأذهب لصلاة الظهر وتصلي الظهر وتذهب إلى صاحبتها ، ابن عبد الله بن عمر يقول: لا ، أنا لابد أن انتبه ، إذا كانت تريد أن تتخذ الذهاب إلى المسجد حيلة ، لا أنا أنتبه وأنا لا أخدع ، لكن ماذا قال ؟ قال: والله لنمنعهن والنبي- عليه الصلاة والسلام ماذا قال ؟ قال: لا تمنعوهن ، فكيف يقول النبي: لا تمنعوهن ، وواحد يقول: لنمنعهن ، كيف ذلك مهما كان قصده ؟ .
عبدالله بن عمر: عندما سمع ابنه يقول هذا الكلام لم ينظر إلى قصده ولا نيته ، إنما حصبه بحجارة وطرده خارج المجلس وسبه سبًا سيئًا ما سبه أحد قبل ذلك ، وقال: أقول لك قال رسول الله-صلي الله عليه وسلم- لا تمنعوا إماء الله ، وأنت تقول لنمنعهن ، يقول الراوي: "وما أذن له أن يدخل عليه حتى مات "، تصور لم يأذن لهذا الولد أن يخل عليه مرة أخرى حتى مات عبد الله بن عمر ، لماذا ؟ لأنه عارض النبي- عليه الصلاة والسلام- قال: لا ، خالف قوله- صلى الله عليه وسلم ,وهذه مسألة ما كان السلف الأول يطيقها أصلاً وهذه أحد أسباب الذل والعار الذي لزمتنا في هذا العصر وفي العصور السابقة ، وهي بمنتهى البساطة مخالفة قول النبي- صلى الله عليه وسلم- .
أئمتنا القدامى الذين تدور عليه الفتوى كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد
وقبل ذلك الثوري والأوزاعي ، وبعد ذلك الأئمة البخاري ومسلم وسائر الأئمة كان لهم كلمة يقولونها بلسان المقال والحال ،" إذا صح الحديث فهو مذهبي "
رجل قال للشافعي- رحمه الله- يا أبا عبد الله ألئن جاءك حديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أتأخذ به ؟ فغضب الشافعي ، وقال تراني في كنيسة تراني ألبس في وسطي زُنارًا ، أشهدكم أنه إذا قال النبي- صلي الله عليه وسلم حديثٌ ولم آخذ به فقد ذهب عقلي ، لأنه لا يتصور أن يأتي عن النبي- صلي الله عليه وسلم حديث ثم أقول له لا وهناك منظومة جميلة في هذا المعني نظمها بعض العلماء المتأخرين وهو يتكلم عن قول علماء الإسلام: إذا صح الحديث فهو مذهبي ، يقول:
وقول أعلمِ الهدى لا يعملُ
بقول ما بدون نص يقبلُ
فيه دليلُ الأخذ بالحديثِ
وذاك في القديمِ والحديثِ
قال أبو حنيفةَ الإمامُ
لا ينبغي لمن له إسلامُ
أخذًا بأقواليَّ حتى تعرضَ
على الحديثِ والكتابِ المرتضى
ومالكٌ إمامُ دارِ الهجرةِ
قال وقد أشارَ نحو الحجرةِ
كل كلامٌ منه ذو قبولِ
ومنه مردودٌ سوى الرسولِ
والشافعيُ قال إن رأيتمُ
قولي مخالفاً لما رويتمُ
من الحديث فاضربوا الجدارَ
بقوليَ المخالف الأخبارَ
وأحمدٌ قال لهم لا تكتبُ
ما قلته بالأصل ذاك فاطلبُ
فانظر مقالة الهداةِ الأربعة
واعمل بها فإن فيها منفعة
لقمعها لكل ذي تعصبِ
والمنصفون يكتفون بالنبي
عليه الصلاة والسلام ، هذه المنظومة أرجوزة نظمها بعض علمائنا المتأخرين للدلالة على أن الأئمة الأربعة وجماهير أصحابهم يأمرون بإتباع حديث النبي- صلى الله عليه وسلم- ولا يحل لك أن تعارضه لا بقول ولا برأي ٍ ولا بقياسٍ أو أي شيءٍ من هذا .
عندما أسمع قول المؤذن يقول: أشهد أن محمد رسول الله ، قدِّر وقت أن يصلك أي حديث عن النبي- عليه الصلاة والسلام- أنه شخصياً- عليه الصلاة والسلام- هو الذي بلغك هذا الكلام ، أ
في الصحيح أن رجلاً كان يجلس مع النبي- عليه الصلاة والسلام- يلبس خاتم من ذهب فنزعه النبي- صلي الله عليه وسلم- من يده نزعاً شديدًا وطرحه أرضاً، وقال:" يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده " ، ثم انفض المجلس ، والرجل قام من المجلس وترك خاتم الذهب ، فقال له بعض الجلوس: خذ خاتمك ، قال له : ما كنت لآخذه وقد طرحه رسول الله ، طالما أنه أخذه ورماه من يدي أنا لا يمكن أن آخذه ما أنت ممكن تعمله كنز ممكن تبيعه ، ممكن تعطيه لامرأتك ، لكنه عظَّم هذا الذي فعله النبي- صلي الله عليه وسلم- وقال: ما كنت لأخذه وقد طرحه رسول الله-صلي الله عليه وسلم- .
الكلام الحقيقة كثير جدًا في مثل هذه المعاني ، إنما أردت أن أضع عنوانًا للأذان الذي نسمعه خمس مرات في اليوم ، أو الذي على الأقل قبل أن نصلي في بيوتنا ، أو نصلي في متاجرنا ، واحد منا يؤذن ، فهل فقهنا معنى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله .
أسأل الله تبارك وتعالي أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما جهِلنا , وأن يجعل ماقلتُهُ لكم زاداً إلي حُسنِ المصيرِ إليه , وعتاداً إلي يُمنِ القدومِ عليه, إنه بكل جميلٍ كفيل , وهو حسبُنا، ونعم الوكيل, وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين.
نسألكم الدعاء بالإخلاص والقبول(أختكم أم محمد الظن)
_________________________________________