عرض مشاركة واحدة
قديم 20-02-11, 11:33 PM   #1
سارة
ما كان لله يبقى
 
تاريخ التسجيل: 09-04-2006
المشاركات: 79
سارة is on a distinguished road
افتراضي عائشة جمعة والرحيل بصمت

دخلت البيت صباح اليوم على بكاء زوجتي الحار وتساقط دموعها على الأرض، وعندما استعلمت منها عن الميت وهل هي أمها، ردت بإخباري بوفاة المربية الفاضلة عائشة جمعة صباح السبت 19 /2/ 2011، وانتقالها للرفيق الأعلى مع أذان صلاة الفجر، من فوق سرير المرض في مركز الحسين للسرطان، بعد أن عانت وتألمت وصبرت، وبقيت في ذكر وصبر واحتمال على الرغم من الآلام الشديدة التي وقعت تحت وطأتها، وعندما كانت تذكّرها بعض الزائرات بالله، ترد باطمئنان وبكلمات معدودة: ومن لنا سواه؟!
من أواخر مواضيعها التي نشرتها مقال بعنوان (على أبواب الستين)، فرحلت وما تجاوزت الستين، وبقيت إلى ما قبيل مرضها الأخير في حركة ودعوة وكتابة ونصح وعمل ومواعظ وتدريب، وهي في نشاطها تعتبر نموذجا للمرأة المسلمة الداعية المربية التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم وتعمل على تغييرهم، وهي تحمل بين جنبيها نفسا لطيفة تحسن التعامل مع الناس ونصحهم وتقويمهم بخلق ومداراة واحتمال ودون انفعال أو غضب أو حدة.
في شبابها كانت معلمة في التربية والتعليم في السعودية وكانت ناجحة متميزة، وفي الأردن عملت متطوعة محتسبة في مجالات واسعة عديدة تغبطها عليه الشابات المتحمسات، فهي تشرف على مركز ناعور القرآني، ولها فيه درس أسبوعي للنساء يوم الاثنين تقوم فيه بتعليمهن وتدريبهن وتقويم سلوكهن، وإن رأت متميزة عليها مخايل النبوغ، أخذتها ونصحتها ووجهتها، لتطور مواهبها أو تكمل دراستها لـتأخذ مكانها المناسب في ميدان الإسلام الواسع.
عملت كمستشارة في جمعية العفاف الخيرية، وكانت تكتب محتسبة في صحيفة السبيل، ولها مدونة على الشبكة العنكبوتية في (مكتوب) بعنوان (بنات الأفكار)، وتكتب في مواقع أخرى على الشبكة، وتقوم بإلقاء محاضرات للطالبات والنساء في مدارس وأماكن عديدة.
والخلاصة أن الإسلام ونصرته شغلها الشاغل، والسعي نحو رضا الله ونيل محبته هو أسمى أمانيها.
أهم صفة تحملها طيبة القلب، واحترام الناس ورحمتهم واحتمال أخطائهم، والصبر على أذاهم، وعدم الغضب أو الانفعال من ردود فعلهم، وهذا كله نابع من شدة معرفتها بالله وحسن علاقتها به وعمق اطلاعها على النفس الإنسانية وتعقيداتها، كما قال الله تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)، أو كما قالوا في الحكم: (النهر الأعمق أكثر هدوءا ولا يحدث ضجة)، (الحكيم يدخر وقته وأقواله).
نعم، كانت عائشة جمعة رحمها الله في مسيرتها الطويلة من عباد الرحمن، تتعامل مع النساء بهدوء ولطف وهون وتتحرك بتواضع وصمت وتتعامل مع الجميع برحمة وعفو وصبر، وتحاول أن ترفع من حولها إلى الأعلى من القيم وإلى الأسمى من الأخلاق وإلى الأفضل من السلوك.
وبذلك كان وداعها ممن يعرفها وداعا حزينا بدموع العيون وبألم القلوب ودعاء الألسنة بالرحمة واللقاء في جنة الله.
يقبض الله برحمته وحكمته الدعاة الصادقين والمربين المصلحين بشهادة عظيمة أو بمرض خارق محرق، ويخرجهم من الدنيا غير آسفين أو نادمين، ويرفعهم عنده ويعليهم في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

بقلم : أكرم السواعير



توقيع سارة



سارة غير متواجد حالياً