عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-11, 03:38 AM   #3
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

نكمل وقفتنا بحول الله وقوته :

تأملت قوله رحمه الله :
ومن علم أنه مسئول فليعد لل
سؤال جوابا
فبكى الرجل وقال ما الحيلة ؟؟
قال الفضيل : يسيرة
قال وماهى يرحمك الله ؟
قال : تُحسن فيما بقى ، يغفر الله لك ماقد مضى وما بقى
فإنك إن أسأت فيما بقى أُخذت بما مضى وما بقى "


يانفس ..
تجهزي بجهاز تبلغين به *** يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثاً
وحاذري سقطة الذل وانكسري *** باب كريم كم هدى وعفا
واخشي حوادث صرف الدهر في مهل *** واستيقظي لا تكوني كالذي سقطا
في هوة الذل كان فيها قطع مدته *** فوافت النفس سعيها كما سلفا



تراكمت في نفسي أسئلة كثيرة وتزاحمت وقفت أمامها مشدوهة ؛ كيف يا ترى سيكون اللقاء .. ؟؟
ناجيتها : يا نفس ماذا أعددت ليوم الحساب ؟؟
أين زادك الذي تزودت به ليوم اللقاء ؟؟
أين أنا وأين أنت أختي من محاسبة النفس ؟؟
فلنقف وقفة نجول في رحابها ، ولننتبه من غفلتنا ، ولنوقظ أرواحنا التي بين جنباتنا ، علنا بمحاسبة أنفسنا .. نسلك مسلك الناجين من عذاب الله .. الفائزين برضاه ...
وقفة محاسبة للنفس ..
يقول جل وعلا : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.يقولُ ابنُ كثيرٍ – رحمه الله – في تفسيرِ قولِه تعالى : { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } : (( أي حاسبوا أنفسَكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادخرتُم لأنفسِـكم من الأعمالِ الصالحةِ ليومِ معادِكم وعرضِـكم على ربِكم ، واعلموا أنه عالمٌ بجميعِ أعمالِكم وأحوالِكم ، لا تخفى عليهِ منكم خافيه )) انتهى كلامه رحمه الله .


كم يا نفس غفلت .. وكم يانفس أخطأت وأذنبت .. وكم زللت وعصيت .. كم أطعتك .. وكم طاوعتك ..

إذا ما أطعت النفس في كل لذة *** نسيت إلى غير الحجا والتكرم
إذا ما أجبت النفس في كل دعوة *** دعتك إلى الأمر القبيح المحرم


ألا فتنبهي يا نفس من غفلتك ، وقومي من رقدتك .. ولا تبقي سادرة في غيك .. أنسيت يوم العرض على الله :
قال تعالى { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ }الحاقة: 18
قال الفضيل بن عياض: من حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه وحضر عن السؤال جوابه وحسن منقلبه ومأبه ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته وأكيس الناس من دان نفسه وحاسبها وعاتبها وعمل لما بعد الموت واشتغل بعيوبه وإصلاحها .
وقال الحسن – رحمه الله - : " إن المؤمنَ واللهِ ما تراهُ إلا يلومُ نفسهُ على كلِّ حالاته ، يستقصرها في كل ما يفعل ، فيندمُ ويلومُ نفسَهُ ، وإنّ الفاجرَ ليمضي قُدُمـاً لا يعاتبُ نفسَه " .
وهاهو عمربن الخطاب يخاطب نفسه كما يقول أنس أني سمعته وبيني وبينه جدار وهو يحاسب نفسه ويقول (عمربن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ والله لتتقين الله أوليحاسبنك الله ويكررها )
وكان الأحنفُ بن قيسٍ يجيءُ إلى المصباحِ فيضعُ إصبَعهُ فيه ثم
يقول : يا حُنيف ، ما حمَلَكَ على ما صنعتَ يومَ كذا ؟ ما حمَلَكَ على ما صنعتَ يومَ كذا ؟
وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يقول: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم"

كيف بك يا نفس إذا ما وقفت بين يدي الله ذليلة خاضعة متحسرة على كل ما قدمت وأسلفت ...

" لكن رجائي في عفو ربي يبدد مخاوفي ويَحسُن به ظني "

حاسبت نفسي لم أجد لي *** صالحاً إلا رجائي رحمة الرحمن
ووزنت أعمالي فلم أجد *** في الأمر إلا خفة الميزان
التوبة طريق النجاة
تأملي قوله ـ رحمه الله ـ
قال : تُحسن فيما بقى ، يغفر الله لك ماقد مضى وما بقى
فإنك إن أسأت فيما بقى أُخذت بما مضى وما بقى "


يالرحمة الله ويالعطفه .. مهما شكرته يا نفس فلن تؤديه حقه في الشكر والثناء عليه ...
قال تعالى :{ ياأيها الذين آمنوا توبوا إى الله توبة نصوحا } [التحريم:8]،
وقال أيضا : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:31].


تذكرت الحديث القدسي في قوله تعالى : لله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من الأم بولدها "
وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح – "
واسمعي يا نفس إذا ما جاءك طائف الشيطان ليحبطك ، وليوسوس لك بأنك كثيرة الذنوب والسقطات ...
قيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود , ثم يستغفر ثم يعود , فقال : ود الشيطان لو ضفر منكم بهذه , فلا تملوا من الاستغفار
أقبلي يا نفس فإن الله يحب من تاب إليه :
قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ } [البقرة:222].
يا نفس إن منادي الله يناديك فهل ستجيبين ؟؟
{ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:74].
واستمعي إلى هذا النداء الرباني الذي يفيض رحمة:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53].
فماذا تنتظرين بعد هذا؟ ما عليك يانفس إلا أن تقلعي وتندمي وتعزمي على عدم العودة، واطرقي باب مولاك:
قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) [ البقرة:186].
أذرفي دموع الندم، واعترفي بين يدي مولاك، وعاهديه على سلوك سبيل الطاعة
وقولي كما قال القائل:
أنا العبــد الــذي كسب الذنوبا و صـدتــه الأمـاني أن يتـوبَ
أنا العبــد الذي أضحى حزينــاً علـى زلاتــــه قـلـقـاً كـئيبـــا
أنا العـبد الــذي سطــرت عليه صحـائف لم يخف فيهـا الرقيبا
أنا العبــد المســيء عصيت سراً فمـا لي الآن لا أبــدي النحيـبا
أنا العبــد المفرط ضــاع عمري فلـم أرع الشـبيـبة و المشيــبـا
أنا الـعـبد الغـريـق بلــج بحـر أصيــح لربمــا ألقى مجيـــبــا
أنا العبـد السقيــم من الخطــايا وقــد أقبلـت ألتــمس الطبيبـــا
أنا العبــد المخـلف عـن أنــاس حووا من كل معـروف نصيبـا
أنا العبـد الشــريد ظلمت نفسـي وقـــد وافــيـت بابكــم مـنـيبــا
أنا العبــد الفقــير مـددت كفي إليكـم فادفعــوا عني الخطــوبـا
أنا الغدار كم عاهــدت عهــداً وكنت على الوفــاء به كــذوبـا
أنا المقطوع فارحمـني و صلـني و يسـر منك لي فرجــاً قريبــا
أنا المضطر أرجـو منك عفـواً و من يرجو رضاك فلن يخيبــا
وتذكري قول الله عز وجل: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (طـه:82)
وأخيرا فهذه وقفة وقفتها مع النفس الأمارة بالسوء من خلال كلام التابعي الجليل عسى أن ينفعني الله بها وإياكن فلا تنسوني من صالح دعائكن وإلى وقفة أخرى مع كلام آخر ......



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس