عرض مشاركة واحدة
قديم 06-06-11, 08:46 PM   #12
ام محمد الظن
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 06-02-2010
المشاركات: 280
ام محمد الظن is on a distinguished road
افتراضي

الدرس الرابع (الحديث الرابع)
إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا أعمالنا وسيئات أعمالنا، فإنها من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
أما بعد.
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وإن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اليوم بفضل الله ومنه مازلنا مع هذه الأربعين المباركة لهذا السيد الحصور الإمام النووي ووصلنا بفضل من الله ومنه إلى الحديث الربع: عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ r -وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ-: «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٍّ أَمْ سَعِيدٍ؛ فَوَ اَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا. وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا».
هذا الحديث أصل عظيم من أصول هذا الدين فالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يبين في هذا الحديث كيفية خلق الإنسان الذي كرمه الله U من بين مخلوقاته وهذا الحديث كما ترون يذكر فيه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الركن السادس من أركان الإيمان الذي لا يتم إيمان عبد إلا به وهو القضاء والقدر.
صحابي الحديث
أما الصحابي فكما ذكر لكم عن أبي عبد الرحمن هذه كنيته، كنيته أبو عبد الرحمن وأما اسمه فهو عبد الله بن مسعود t، وعبد الله بن مسعود t، يلتقي نسبه مع نسب النبي rفي مدركة بن إلياس بن مُضر، وعبد الله بن مسعود هو سادس ستة في الإسلام ، شهد بدرا والمشاهد كلها، وبيعة الرضوان وكان يشبه النبي r في هديه ودله وسمته، وتلقى من النبي r سبعين سورة، توفي t سنة ثنتين وثلاثين أو ثلاث وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة رضي الله عنه وأرضاه، وكان ملازما كما تعلمون للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذا أراد النبيr أن يلبس نعليه ألبسهما إياه ابن مسعود، فإذا خلعهما وضعهما في ذراعيه t، وهو من حفاظ القرآن كما تعلمون، وكان النبي r يقول له ابن أم عبد وهو المقصود بابن مسعود t وكان نحيفا جدا وكان الصحابة يتعجبون من دقة ساقيه، والنبي r يقول: «تضحكون من دقة ساقيه أنهما لأثقل في الميزان من جبل أحد» وكان قصير القامة جدا أيضا -رضي الله عنه وأرضاه- ليعلم الناس أن الرجال لا يقاسون بالأوزان، ولا بالأطوال، ولا بالأشكال، إنما ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13]. فبمقدار علم الإنسان لهذا الدين، وبمقدار عمله، وبمقدار بذله وتضحيته لخدمة هذا الدين يقاس الرجال.
معاني الكلمات الغريبة.
يقول حدثنا رسول الله r وهو( الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ )، هذه أول كلمة تقابلنا في الحديث ، الصادق مأخوذة من الصدق، موافقة كلام المتكلم للواقع الذي يخبر عنه هذا معنى الصدق، الصادق: هو المخبر بالصدق عن الواقع، مثلا: إنسان يقول الآن أنا في مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية، هذا أخبر بما يوافق الواقع، فنقول هذا صدق، وهو صادق في كلامه لأنه قال قولا موافقا للواقع، وأما(الْمَصْدُوقُ )،: فهو اسم مفعول بمعنى المصدّق -أي أنه أوحي إليه بالصدق، ولما أخبر أتى خبره على وفق الصدق، يبقى حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو الصادق المصدوق،.
«إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ» كلمة يجمع بمعنى يُضم، والمعنى أي تُضم مادة خلقه وتُحفظ في الرحم، يُجمع الماء الذي هو مادة خلق الإنسان المني وماء المرأة فيُجمعان ويُوضعان في الرحم، كلمة نطفة «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً»( نُطْفَةً: تطلق على الماء الصافي قل أو كثر، والجمع نطاف، ويعبر عن ماء الرجل بها فيقال للمني نطفة، وسيأتي طبعا لماذا سمي بهذا الاسم.
(علقة): وهي قطعة دم غليظة لم تيبس، سميت علقة لعلوقها بيد الممسك بها وكما سيتبين أنها تعلق في الرحم، هذه النطفة تتحول إلى قطعة دم غليظة تعلق في الرحم، ولذلك سميت علقة.
(مضغة): أي قطعة لحم بقدر اللقمة التي تمضغ، وهي فعلا شبيه بقطعة اللحم إذا مضغت إذا وضعها الإنسان تحت أضراسه فمضغها هذه صورة المضغة التي يخلق منها الإنسان، .
«إلَّا ذِرَاعٌ» يطلق أيضا على قدر معين من الشيء هذا يختلف في المذاهب، أقرب المذاهب الذي هو مذهب الشافعي والحنابلة قالوا أنه واحد وستين وثمانمائة أربع وثلاثين من ألف ،عند الحنفية له طول آخر، عند المالكية له طول آخر، والذراع هنا في الحديث كناية عن شدة القرب ليس المقصود هو المسافة هذه التي هي واحد وستين سم، إنما المقصود هو قرب الشيء كناية عن شدة القرب.
قال: (وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَع كَلِمَاتٍ ِ) كلمات هنا بمعنى قضايا مقدرة فإن كل قضية تسمى كلمة .
ام محمد الظن غير متواجد حالياً