أصل كل الماء ماء واحد وهو ماء المطر سواء كان في الأنهار والعيون والآبار (لقوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: 11]. اللام هنا لام سببية،من أجل أن تتطهرون بهذا الماء، (ولقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: 48]. رحمة الله U بالعباد يرزقهم هذا الماء الطهور من أجل أن يتوضئون به، ويتطهرون به رحمة الله U بالناس أنه أمرهم بالطهارة وجعل لهم الماء وأنزله من السماء من أجل أن يتطهرون به، ولا يلزم أن ينزل عليك النبي r قال: «اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر» فالماء يمكن أن ينزل في أثيوبيا وأنت تتوضأ به دون عناء، كذلك الزراعة تحتاج الماء الله U لم يحرمك أيضا من الماء أنزل ماء لك ولكن من رحمة الله U بالعباد أن الماء الذي في السعودية يشربونه من هنا ، فهناك أنهار جوفية فيه تجري تحت الأرض وكذلك تجري من تحت البحار، ويُقال أن بمصر نهر جوفي في الصحراء الغربية يصل إلى السعودية ،ولذلك النبي r يقول: «الناس شركاء في ثلاثة في الماء، والكلأ، والنار» وهذه من رحمة الله بالعباد.
(ولقول النبيr: «اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد») البرد: الماء الناتج من ذوبان الثلوج، «اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد» حديث صحيح أخرجه مسلم والبخاري ،.
? في الحديث إعجاز علمي: في علم الفيزياء ما يسمى بالتوتر السطحي، فهذا التوتر السطحي قوة جذب الماء فالتقسيم الفيزيائي المادة السائلة، والمادة الصلبة والمادة الغازية النبي r قال: «اللهم اغسلني بالماء» فالماء سائل، ثم لم يكف الماء قال«والثلج» ثم لم يكف الثلج والثلج صلب لكن صلابته ليست قوية بدرجة، لأنه يمكن أن يذوب والصلب أقوى جذبا من السائل لأن توتره السطحي أقوى، لم يكف الثلج قال والبرد فهو أقوي من الثلج والبرد عبارة عن جبال من الثلج مربوطة في بعضها البعض فهذا دليل تدرج النبي r بالماء والثلج والبرد وهذا التدرج تدرج منطقي على أصول الفيزيائيين من التوتر السطحي، اعجازات علمية رغم أننا نأخذ السنة هكذا كما أمرنا النبي r، وكما أمرنا الله U ولو لم نكتشف فيها إعجاز.
كذلك حديث الذبابة قبل ثمان وأربعين عاما كانوا يطرحون عليه «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فلينطله _يغمسه _ثم ليخرجه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء» ثم ضعفه أحد العلمانيين و بعد الاكتشافات الحديثة والأوروبيين من اكتشفوها أن في أحد جناحي الذبابة داء جرثومة، وفي الآخر مضاد لهذه الجرثومة فتجد الذبابة أحيانا عندما تقف وتدعك أرجلها بكلتا جناحيها أي أنها تعالج نفسها فعندما تنتقل هذه الجرثومة في مكان تقوم غسلها بالجناح الآخر وتتقي بالذي فيه الداء فلما يغمسها الإنسان ينزل الداء السم وينزل معه مضاده يقتله، وقالوا سبحان الله النبي r هذا إعجاز وخرس هذا الأفاك الذي كذب على النبي r وقال النبي r هذا الحديث ضعيف، والآن يجعلوها من الأحاديث الأوائل في الأحاديث الإعجازية وأن النبي r ما كان ينطق عن الهوى.
فالحديث صحيح بالقواعد وإن لم يكتشف العلم صحته وإن لم يكتشف العلم الحكمة أو العلة من هذه المسألة.
(ولقوله r عن ماء البحر: «هو الطهور ماؤه، الحِلُّ ميتته»).
كانوا الصحابة يركبون البحر و معهم أواني يشربون منها ويقولون يا رسول الله لو توضئنا منها لعطشنا، وكانوا في البحر فقال النبي rهو الطهور ماؤه، الحِلُّ ميتته» فماء البحر طهور وميتة البحر حلال، و كان فيه خلاف قديم عند الصحابة عن ابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسعيد بن المسيب و حكى الخلاف ابن عبد البر ومال إليه ولكن على الراجح بعد ذلك من أقوال أهل العلم واجتمعت كلمة العلماء على أن الماء البحر يجوز الوضوء منه.
قاعدة:(
ولا تحصل الطهارة بمائع غير الماء)هذه قاعدة أي ضابط. (ولا تحصل الطهارة بمائع غير الماءكالخل) لا يصح وضوءه، (والبنزين) كذلك (والعصير والليمون) وغير ذلك مما ذكره المؤلف أن هذه الأشياء كلها نسميها طاهرة وليست طهور، فالبنزين طاهر، الليمون والعصير طاهر ، فالحكم العقلي طاهر إنما الماء لا اسميه ماء طاهر إنما اسمه مائع طاهر إذا فيه موائع طاهرة.
(وما شابه ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: 6] فالله U جعل إن لم يجد الماء فعليه بالصعيد الطيب.
(فلو كانت الطهارة تحصل بمائع غير الماء لنقل عادم الماء إليهولم ينقل إلى التراب) يريد أن يقول : لو كان هناك شيء غير الماء تطهر لكان الله U قال: فلم تجدوا ماء فبهذا الذي يطهر فقوله الله U ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ معنى ذلك إما ماء وإما تراب فلا بديل عن الماء إلا بالتراب.
النوع الثاني من الماء:الماء إذا خالطته نجاسة فغيَّرت أحد أوصافه الثلاثة -ريحه، أو طعمه، أو لونه- فهو نجس بالإجماع لا يجوز استعماله، فلا يرفع الحدث، ولا يزيل الخبث -سواء كان كثيراً أو قليلاً- أما إن خالطته النجاسة ولم تغير أحد أوصافه: فإن كان كثيراً لم ينجس وتحصل الطهارة به، وأما إن كان قليلاً فينجس، ولا تحصل الطهارة به. وحدُّ الماء الكثير ما بلغ قُلتين فأكثر، والقليل ما دون ذلك.والدليل على ذلك وحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) ، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث).
هذا النوع الثاني من الماء قلنا إن الماء طهور و نجس (الماء إذا خالطته نجاسة فغيَّرت أحد أوصافه الثلاثة) الماء له ثلاثة أوصاف، لا لونه، ولا طعم له ، ولا رائحة له، وهذا من رحمة اللهU مثل الهواء ،لأن كل الناس مشتركون فيه فالماء كذلك لا له لون، ولا طعم، ولا رائحة، هو في الحقيقة له لون شفاف، وله طعم هو طعم الماء تعرف أنه عند الشرب، وله رائحة الماء فكل هذه الأشياء يعتبرها العلماء صفر لأن لا يشترك مع الماء في شيء من هذه الأوصاف شيء اعتبرها غير موجودة مثل الهواء ،الهواء له لون هو الشفاف، وله رائحة الهواء لما تشمها تعرف أنه هواء، وله طعم طعم الهواء ففي الحقيقة له طعم، ولون، ورائحة، فعندما نقول أن الماء ليس له طعم أي ليس له طعم غير الماء فيقول: الماء له أوصاف ثلاثة لا لون له، ولا طعم له، ولا رائحة له، هذا مجاز، لكن لو رأيت الماء تعرف أنه ماء ، كيف عرفت؟من أوصافه التي رأيته بها، فهذه الأوصاف لو تغيرت خرج عن وصف الماء فهو نجس بالإجماع مثاله كوب ماء ووضعت عليها نقط من البول تغير لونه صار أصفر فهذا نجس بالإجماع لأنه تغير لونه، (لا يجوز استعماله، فلا يرفع الحدث، ولا يزيل الخبث) بل هو خبث في نفسه خبث لو وقع على ثوبك تغسله ،فأصبح نجسا( سواء كان كثيراً أو قليلاً - أما إن خالطته النجاسة ولم تغير أحد أوصافه: فإن كان كثيراً لم ينجس وتحصل الطهارة به، وأما إن كان قليلاً فينجس، ولا تحصل الطهارة به)
[ا لماءُ]
1- كثير متغير بالنجاسة 2- كثير غير متغير بالنجاسة
1- قليل متغير بالنجاسة 2- قليل غير متغير بالنجاسة
فالماء قسمين: كثير وقليل، والكثير قسمين، كثير متغير بالنجاسة، وكثير غير متغير بالنجاسة، والقليل قسمين: قليل متغير بالنجاسة، وقليل غير متغير بالنجاسة.
الماء الكثير المتغير بالنجاسة:(نجس) ، مثاله: ماء المجاري ماء كثير ولكن كله نجس متغير أحد أوصافه الثلاث أوصاف واللون، والطعم والرائحة بالنجاسة، هذا نجس بالإجماع.ماء كثير ولم يغيره النجاسة: (طاهر) مثاله بال في بحر،لم تغير ماء البحر .
القسمة الثانية: ماء قليل تغير بالنجاسة: (نجس )من باب أولى.
ماء قليل وقعت فيه نجاسة ولم تغيره: خلاف بين أهل العلم (والراجح أنه طهور ).
(أما إن خالطته النجاسة ولم تغير أحد أوصافه: فإن كان كثيراً لم ينجس وتحصل الطهارة به، وأما إن كان قليلاً ينجس، ولا تحصل الطهارة به) الفيصل الماء القليل الذي وقعت فيه النجاسة ولم تغيره، يقول هنا أنه نجس و قلنا : الراجح أنه طاهر كما هو فكل القسمة على قسمتين: ماء كثير أو قليل وقعت فيه نجاسة وغيرته فهو نجس لم تغيره فهو طاهر .
يقول (وحدُّ الماء الكثير ما بلغ قُلتين فأكثر)، القلة سموها قلة لأنها تقلي الأيدي أي تحمل ، لكن القلة التي كانت عندهم لم تكن مثل قلتنا قلتنا كانت زير كبير اسمها قلة حدها: (وحدُّ الماء الكثير ما بلغ قُلتين فأكثر) في الهامش يقول: القلة هي الجرة، جمعهِا قُلل وقِلال. وهي تساوي ما يقارب 93.075 صاعاً يعني = 160.5 لتر من الماء، والقلتان خمس قرب تقريبا.
وفي الحقيقة أن تقسيم القلة اختلف الفقهاء في تفسيرها في الصورة المعاصرة فالقلتين 93.075 صاع وهو يفسرها 160 لتر لكن هذا تفسير معجم الفقهاء، المعاصر الشيخ ابن منيع قطع الشريط 204 لتر، وقال آخر هي حوالي 307 لتر، والكردي قال 217 لتر فالعلماء اختلفوا في تحديد القلتين ، أقل واحد قال 160 وأكثر واحد قال 307 تفسيرهم يقول هنا 93 صاع، صاع القمح اثنين كيلو ومائة وخمسة وسبعين جرام
93.75 × 2.175 = 200 لتر تقريبا، خمس متر مكعب تقريبا ، فيه تقسيمة ثانية عند الفقهاء ستجد في منار السبيل يقول خمسمائة رطل عراقي، والرطل تسعين مثقال فالرطل تسعين مثقال، والمثقال حوالي أربعة وربع جرام، 4.25× 90 × 500= 200 فالقلتين يساوي لتر تقريبًا.
(والدليل على ذلك حديث أبي سعيد ألخدري t قال: قال رسول الله r: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء»، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث»).
يستدل به على مذهب القلتين وقول النبي r «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» منطوق، والمنطوق هل يخصص بالمفهوم ام لا؟ خلاف بين الأصوليين، هذا المفهوم هنا لا يخصص المنطوق العام «أن الماء طهور لا ينجسه شيء»، الراجح هو أن الماء القليل إن لم يتغير فهو طهور كأصله.
واسأل الله U أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، والحمد لله رب العالمين.
انتهى الدرس الأول نسألكم الدعاء أختكم أم محمد الظن