عرض مشاركة واحدة
قديم 26-08-06, 11:43 PM   #10
أم هشام
نفع الله بك الأمة
افتراضي

الخامس :قوله (المفيد) يتعلق به أشياء ثلاثة :
الأول : معناه في اللُّغَة
حَيْثُ إِنه : ما ترتب عليه فائدة ، ولها معانٍ منها : ما استفيد من علم أَوْ مال . وكلمة (المفيد) اسم فاعل من : فَيَدَ .
الثاني :
معناه في الاصطلاح ؛ حَيْثُ إِنه : كل ما أفهم معنى يَحْسُنُ السكوت عليه كـ (قام زَيْدٌ) خلافاً لـ (إن قام زَيْدٌ) فلا يًحْسُنُ السكوت عليها .
ثم هل المراد سكوت الْمُتَكَلِّم عن التكَلُّم ، أَوْ السامع عن طلب الازدياد ، أَوْ هما ؟ أقوال ؛ أرجحها : الأول ؛ لأن السكوت خلاف التكَلُّم ، والثاني صفة الْمُتَكَلِّم اتفاقاً ، فكذلك السكوت .
صفته :وهل يشترط إفادة المخاطب شيئاً يجهله ؟ قولان :
• أحدهما : اشتراط ذلك ، وبه جزم ابن مالك وآخرون .
• والثاني : عدم اشتراطه ، وصححه أبو حيان والصبان وآخرون .
وليُعْلم أن محل الخلاف السابق : إِذَا ابتدئ به ؛ لا إِذَا كان في درج الكلام وثناياه .
ومثال البدء :
قولك لعاقل : النار حارة تحرق . خلافاً ما إِذَا كانت الجملة نفسها في درج حديث مفيد أوله .
الثالث : الاحتراز به
• قَيْد (المفيد) احترز به : عن كل لفظ مركب لا يفيد الفائدة الموصوفة آنفاً .
السادس :
قوله : (بالوضع) يتعلق به أشياء ثلاثة :
الأول : معناه في اللُّغَة
حَيْثُ إِنه : يدل على خفض الشيء وحطه ، تقول : وضعت الكتاب على الأرض ؛ إِذَا حططته . وكلمة : (بالوضع) جار ومجرور متعلق بـ(المفيد) ، والباء في كلمة : (بالوضع) تحتمل معان ، ومنها : المصاحبة ، أي : الكلام هو اللفظ المركب المفيد إفادة مصحوبة بالوضع .
الثاني : معناه في الاصطلاح
هو : جعل اللفظ دليلاً على معنى ، وفق الاستعمال العربي . وهذا الوضع العربي يشمل اللفظ على جهة الانفراد والنظم . فأما الانفراد فتكون الكلمة المراد بها معنى ما قد استعملها العرب للمعنى نفسه . كـ(زيد) ؛ فإنه لفظ عربي جعلته العرب دالاً على معنى ، وهو ذات وضع عليها لفظ : (زيد) .
وكذلك يُقَال في نظم الكلام وضم بعضه إِلى بعض ؛ إِذْ لابد من صحة تركيبه وعَوْد ضمائره وما إِلى ذلك .
ثم هل الوضع يُرَاد به - أَيْضاً - القصد ؛ أَيْ : أن يكون الكلام مقصوداً ؟ قولان .
• أحدهما : إثبات ذلك ، وبه قطع ابن مالك وخلائق ، وعليه جمهور شرَّاح المتن .
• الثاني : نَفْيُ ذلك ، ورجَّحه أبو حَيَّان .
ومِنْ ثَمَّ يكون لكلمة : (بالوضع) معنى يتضمّن شيئين :
• الأول : الوضع العربي .
• والثاني : القصد ، على الصحيح .
الثالث : الاحتراز به
قَيْد (الوضع) - بمعنييه السابقين - احترز بالأول منهما : عن الكلام الموضوع وضعاً غير عربي ، كالكلام الأعجمي . واحترز بالثاني : عن كلام غير القاصد - ولو كان موضوعاً وضعاً عربياً - ، كالمجنون .
السابع :في كون حَدّ الكلام اصطلاحاً يشتمل على قيود أربعة وهي : اللفظ ، والتركيب ، والإفادة ، والوضع .
وهذا الْحَدّ بقيوده الأربعة ذكره جماعة قَبْل ابن آجروم - يرحمه الله - ، ومنهم : الإمام الْجُزُولي - نسبة إِلى جُزُولة ، بطن من بطون البربر بالمغرب - ، قاله الأزهري .
الثامن :اعترض على حدّ الْمُصَنِّف للكلام باعتراضين :
أحدهما :
أن قَيْد : (التركيب) و(الوضع) : يغني عنهما قَيْد : الإفادة ؛ لأن المفيد الفائدة التي يحسن السكوت عليها ؛ يستلزم أن يكون مركباً وموضوعاً .
ولكن أجيب عن ذلك بجوابين :
الأول : أن دلالة اللزوم مهجورة في التعاريف عند أولى النظر ؛ ولذا أَثْبت الْمُصَنِّف - يرحمه الله - قَيْد : التركيب والإفادة . ثم إن المقصود من التعريف شرح الْمُعَرَّفِ بيان أجزائه وقيوده ، فلا يكفي دلالة اللزوم .
• الثاني : أن تعريف الشيء بذكر قيوده وأجزائه بعيداً عن دلالة اللزوم ؛ هو المناسب للمبتدئين ؛ إِذْ إِنَّهم غالباً لا يَعْقلون دلائل اللزوم ، والمقدمة الآجرومية إنما كان للمبتدئين ؛ فحصل التناسب .
الثاني :
أن هناك قَيْداً لابد منه في التعريف ، وهو : اتحاد الناطق ، فلو اصطلح رجلان على أن يَذْكر أحدهما فعلاً ، والآخر فاعلاً ؛ لم يُسَمَّ ذلك كلاماً . ومِنْ ثَمَّ تعيَّن إضافة قَيْد : (اتحاد الناطق) في التعريف .
ورُدَّ هذا الاعتراض بأن قَيْد : اتحاد الناطق مُخْتلَف فيه ، بل صحَّحَ الأئمة كابن مالك وأبي حيان عدم كونه قَيْداً ، إلحاقاً بحقيقة : (الْخَطّ) ؛ إِذْ يُسَمَّى الخط خطاً ولو اختلف الكاتب ، فكذلك الكلام



توقيع أم هشام
من العجائب ، أن البركات التي تنزل على العلم ، تنزل على المجتهد حتى الذي اجتهد في تقليب صفحات الكتاب !!

******************************************
إذا حدّثت ففتش ، وإذا كتبت فقمِّش
******************************************
أم هشام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس