عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-11, 03:11 PM   #2
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي




أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى ، وبادروا أعماركم بأعمالكم ، وحققوا أقوالكم بأفعالكم ، فإن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله ، وإن الكيس - أيها المسلمون - : ( الكيس من دان نفسه . أي : حاسبها وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمني على الله الأماني ) ، اذكروا - أيها المسلمون - : ( أنكم إذا متم تبعكم ثلاثة : أهلوكم وأموالكم وأعمالكم ؛ فيرجع اثنان ويبقى واحد ! يرجع الأهل والمال ، ويبقي العمل قرينا الإنسان إلى يوم القيامة ) ، اللهم اجعل أعمالنا صالحة ، واختم لنا بحسن الخاتمة يا رب العالمين .



عباد الله : لقد يسر الله لكم سبل الخيرات ، وفتح أبوابها ، ودعاكم لدخولها ، وبين لكم ثوابها ، فهذه الصلوات الخمس آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين : ( هي خمس في الفعل وخمسون في الميزان ) ، من أقامها كانت كفارة له ونجاة يوم القيامة ، شرعها الله لكم وأكملها بالرواتب التابعة لها ، وهي: ( اثنتا عشرة ركعة : أربع قبل الظهر بسلامين ، وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، وركعتان قبل الفجر ، من صلاهن بنى الله له بيتًا في الجنة ) ، وتختص راتبة الفجر بخصائص منها : ( أنها خير من الدنيا وما فيها ) ، كما صح ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومنها : المحافظة عليها في الحضر والسفر ، ومنها : ( أنها تخفف ) ، ومنها : أنه يقرأ فيها بآيات معينة أو سور معينة . يقرأ فيها في الركعة الأولى : قل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية : بسورة الإخلاص بعد الفاتحة ، أو يقرأ فيها : ﴿ قُولُوا آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ﴾ . [ البقرة : 36 ] إلى آخر الآية في سورة البقرة ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾ . [ آل عمران : 64 ] . في آل عمران الأولى في الركعة الأولى والثانية في الركعة الثانية .



وهذا الوتر سنة مؤكدة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله ، أما فعله : فكان - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يجعل آخر صلاته بالليل وترا ، وأما قوله ؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( من خاف : أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ، ومن طمع : أن يقوم من آخر الليل فليوتر آخر الليل ؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل ) ، فالوتر سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان تركه ، حتى أن أهل العلم اختلفوا في وجوبه فمنهم من أوجبه ومنهم من أكده ، وقال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - : ( من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة ) .



وأقل الوتر : ركعة ، وأكثره : إحدى عشرة ركعة ، ووقته : من صلاة العشاء الآخرة ولو مجموعة جمع تقديم إلى المغرب إلى طلوع الفجر ، ومن فاته في الليل قضاه في النهار شفعًا ، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث فنسيه في الليل أو نام عنه صلاها في النهار أربع ركعات ، ففي " صحيح مسلم " عن عائشة - رضي الله عنها - : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ) ، وهذه الأذكار خلف الصلوات المكتوبة كان النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ( إذا سلم من صلاته المكتوبة استغفر ثلاثة وقال : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) ، ( ومن سبح الله دبر كل صلاة ثلاث وثلاثين ، وحمد الله ثلاث وثلاثين ، وكبر الله ثلاث وثلاثين ، فتلك تسع وتسعون ، وقال : تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ) .



وهذا الوضوء ! ( من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين . فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ) .



أما النفقات المالية ؛ فإنها لا تزال مشروعة إلى الموت على مدار السنة : الزكوات ، والصدقات ، والمصروفات على الأهل والأولاد ، بل المصروفات على نفس الإنسان صدقة ، ( ما من مؤمن ينفق نفقة يبتغي بها وجه الله إلا أثيب عليها ) ، ( وإن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها ) ، ( إذا أكلت فسمِّ الله في أول الأكل ) ، واحمد الله في آخره ، وإذا شربت فسمِّ الله في أول الشرب واحمد الله في آخره ، ( وإن الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالصائم لا يفطر والقائم لا يفتر ) ، والساعي على الأرملة : هو الذي يسعى برزقهم ويقوم بحاجتهم ، وعائلة الإنسان الصغار والضعفاء الذين لا يستطيعون القيام بأنفسهم هم من المساكين ، فالسعي على عائلته كالجهاد في سبيل الله ، أو كالصيام الدائم والقيام المستمر ، يا لها من نعمة وفضل أنعم الله بها على عباده ، فنسأل الله - تعالى - أن يرزقنا شكرها ، وأن يزيدنا منها بمنه وكرمه .



عباد الله : إن طرق الخيرات كثيرة فأين السالكون ؟ وإن أبوابها لمفتوحة فأين الداخلون ؟ وإن الحق لواضح لا يزيغ عنه إلا الهالكون ! فخذوا - عباد الله - من كل طاعة بنصيب ، فقد قال الله - عز وجل - : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ . [ الحج : 77 ] ، واعلموا - أيها الإخوة - أنكم مفتقرون لعبادة الله أشد من افتقاركم إلى الطعام والشراب والهواء والنوم ، إنكم مفتقرون لذلك في كل وقت ، وليست العبادة فقط في رمضان ، وليست العبادة في رمضان فقط ؛ لأنكم تعبدون الله والله حي لا يموت .



أيها الإخوة : إنه سيأتي اليوم الذي يتمنى الواحد فيه زيادة ركعة أو تسبيحة في حسناته ، ويتمنى نقص سيئة أو خطيئة في سيئاته ، فبادروا - أيها الإخوة - بادروا الزمن بالأعمال الصالحة ، إنه لا يتعب الإنسان أن يذكر الله - تعالى - بلسانه ، أو يقرأ كتابه بلسانه ؛ لأن هذا أمر سهل يمكنك أن تذكر الله - عز وجل - ؛ كما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( لأن أقول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس ) ، في كل وقت قائمًا وقاعدًا وماشيًا ، ولقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان . سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ) ، أينا يعجز أن يقول : سبحان الله وبحمده دائمًا وأبدًا ، إن هذا لأمر يسير ، ولكنه يسير على من يسره الله عليه ، اللهم يسر ذلك علينا بمنك وكرمك .



أيها المسلمون : تذكروا قول الله - عز وجل - : ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ . [ المؤمنون : 99 - 100 ] ، إنه لا يقول : ارجعون لعلي أتمتع قليلاً في أهلي ومالي ، ولكنه يقول الله - عز وجل - عنه : ﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ . ولكن ذلك بعد فوات الأوان ؛ ولهذا قال الله - عز وجل - : ﴿ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ . [ المؤمنون : 100 ] .



اللهم أمتنا على أحسن الأعمال ، اللهم أمتنا على أحسن الأعمال ، وابعثنا على خير الخلال يا ذا الجلال والإكرام ، وفقني الله وإياكم لاغتنام الأوقات ، وعمارتها بالأعمال الصالحات ، ورزقنا اجتناب الخطايا والسيئات ، وطهرنا منها بمنه وكرمه إنه واسع الهبات ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

منقول من منتديات الإمام الآجري


عن منتديات مكتبة المسجد النبوي







توقيع طالبة الرضوان
سبحان الله،والحمد لله،ولا إله إلا الله،والله أكبر ..

التعديل الأخير تم بواسطة طالبة الرضوان ; 06-09-11 الساعة 03:44 PM
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس