عرض مشاركة واحدة
قديم 01-08-12, 02:32 PM   #9
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الثالث :

الدعاوى والبينات


"الدعاوى" جمع دعوى.

وهي اسم مصدر من ادّعى شيئاً إذا زعم أن له حقاً أو باطلاً.

"والبينات" جمع بينة وهي الحجة الواضحة، سميت الحجة بينة لوضوح الحق وظهوره بها.


عن ابن عباس رضي اللّهُ عنهُما أنَّ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "لو يُعطى النّاسُ بدَعْواهم لادَّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأَموالهم، ولكن اليمينُ على المدَّعى عليه" مُتّفقٌ عَليَهِ، وللبيهقي بإسناد صحيح "البيِّنةُ على المدَّعِي واليمين على مَنْ أَنكَرَ".


(عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: "لَوْ يُعطَى الناسُ بدعواهم لادعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالهمْ ولكن اليمين على المدعى عليه" متفق عليه وللبيهقي) أي من حديث ابن عباس (بإسناد صحيح: "البينةُ على المدعي واليمين على منْ أنكر").


وفي الباب عن ابن عمر عند ابن حبان، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عند الترمذي.

والحديث دال على أنه لا يقبل قول أحد فيما يدعيه لمجرد دعواه، بل يحتاج إلى البينة أو تصديق المدّعى عليه، فإن طلب يمين المدّعى عليه فله ذلك، وإلى هذا ذهب سلف الأمّة وخلفها.

قال العلماء: والحكمة في كون البينة على المدّعي أن جانب المدعي ضعيف، لأنه يدّعي خلاف الظاهر، فكلف الحجة القوية وهي البينة فيقوى بها ضعف المدّعي، وجانب المدعى عليه قوي لأن الأصل فراغ ذمّته فاكتفي منه باليمين، وهي حجة ضعيفة.


-----------------------

وعنْ أبي أُمامةَ الحارثي رضي الله عنْهُ أنَّ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "من اقتطعَ حَقَّ امْرىءٍ مُسلمٍ بيمينه فَقدْ أَوْجب الله لَهُ النار وحرَّمَ عليه الجنّة" فقالَ لهُ رجلٌ: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول اللّهِ؟ قال: "وإن كان قضيباً من أراك" رواه مُسلمٌ.

الحديث دليل على شدّة الوعيد لمن حلف ليأخذ حقاً لغيره أو يسقط عن نفسه حقاً، فإنه يدخل تحت الاقتطاع لحق المسلم، والتعبير بحق المرء المسلم يدخل فيه ما ليس بمال شرعاً، كجلد الميتة ونحوه.

وذكر المسلم خرج مخرج الغالب، وإلا فالذمي مثله في هذا الحكم،

قيل: ويحتمل أن هذه العقوبة تختص بمن اقتطع بيمينه حق المسلم لا حق الذمي وإن كان محرماً فله عقوبة أخرى، وإيجاب النار وتحريم الجنة مقيد بما إذا لم يتب ويتخلص من الحق الذي أخذه باطلاً، ثم المراد باليمين: اليمين الفاجرة وإن كانت مطلقة في الحديث


-------------------------

وَعَنْ جابرٍ رضي اللّهُ عنْهُ أَنَّ رسولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "مَنْ حلفَ على منْبري هذا بيمين آثمة تبوَّأَ مقعده من النار" رواهُ أحمدُ وأبو داودَ والنسائي وصحّحهُ ابنُ حِبّان.
وأخرجه النسائي برجال ثقات من حديث أبي أمامة مرفوعاً "من حلف عند منبري هذا بيمين كاذبة يستحل بها مال امرىءٍ مسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً".

والحديث دليل على عظمة إثم من حلف على منبره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كاذباً.

واختلف العلماء في تغليظ الحلف بالمكان والزمان هل يجوز للحاكم أو لا؟ والحديث لا دليل فيه على أحد القولين إنما فيه عظمة إثم من حلف على منبره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كاذباً.

وذهب الهادوية والحنفية والحنابلة: إلى أنه لا تغليظ بزمان ولا مكان وأنه لا يجب على الحالف الإجابة إلى ذلك.

وذهب الجمهور: إلى أنه يجب التغليظ في الزمان والمكان قالوا: ففي المدينة على المنبر، وفي مكة بين الركن والمقام، وفي غيرهما في المسجد الجامع، وكأنهم يقولون في الزمان ينظر إلى الأوقات الفاضلة كبعد العصر وليلة الجمعة ويومها ونحو ذلك.


احتج الأولون بإطلاق أحاديث "اليمين على المدعى عليه" وبقوله: "شاهداك أو يمينه".
واحتج الجمهور بحديث جابر وحديث أبي أمامة وبفعل عمر وعثمان وابن عباس وغيرهم من السلف. واستدلوا للتغليظ بالزمان بقوله تعالى: {تحبسونها من بعد الصلاة} ( المائده 106 ) قال المفسرون: هي صلاة العصر.

وقال آخرون: يستحب التغليظ في الزمان والمكان ولا يجب. وقيل: هو موضع اجتهاد للحاكم إذا رآه حسناً ألزم به.


---------------------


وعن أَبي هريرة رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ثلاثة لا يُكلمهم اللّهُ يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهمْ ولهمْ عذابٌ أَليمٌ: رجُلٌ على فَضْل ماءٍ بالفلاةِ يمْنَعُهُ من ابن السّبيل، وَرَجُلٌ بايعَ رَجُلاً بسلعةٍ بعْد العصر فحَلف له بالله لأخذَها بكذا وكذا فَصَدقَهُ وَهُوَ على غير ذلكَ، ورجُلٌ بايعَ إماماً لا يُبايعُهُ إلا للدنيا فإن أَعْطاه منها وفّى، وإن لمْ يُعْطِهِ مِنْها لمْ يَفِ" مُتّفقٌ عليهِ.


(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: "ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم) هذا كناية عن غضبه تعالى وإشارة إلى حرمانهم من رحمته (ولا يزكيهم) أي لا يطهرهم عن أدناس الذنوب بالمغفرة (وله عذابٌ أَليمٌ: رجلٌ على فضل ماءٍ بالفلاة يمنعُهُ من ابن السّبيل، ورجلٌ بايع رجلاً بسلعة بعدَ العصر فحلف لهُ بالله لأخَذَهَا بكذا وكذا، فصَدَّقَهُ، وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إماماً لا يبايعهُ إلا للدنْيا فإن أَعطاهُ مِنْها وفى وإن لمْ يُعْطِهِ منها لمْ يَفِ" متفق عليه).


قوله: "على فضل ماء" أي على ماء فاضل عن كفايته، فهذا منع ما لا حاجة إليه من هو محتاج له، وتقدم الكلام عليه في كتاب البيع. وقوله "وصدقه" أي المشتري وضمير "هو" للأخذ مصدر قوله لأخذها لدلالة فعله عليه مثل {اعدلوا هو أقرب للتقوى} ( المائده 8 ) أي والأخذ على غير ما حلف عليه فهذا ارتكب أمرين عظيمين الحلف بالله والكذب في قيمة السلعة. وخص بعد العصر لشرف الوقت، وهو من أدلة من غلظ بالزمان.

وقوله: "بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا" أي لما يعطيه منها. والوعيد يحتمل أنه لمجموع ما ذكر من المبايعة لأجل الدنيا، فإنها نية غير صالحة، ولعدم الوفاء بالخروج عن الطاعة وتفريق الجماعة.

والأصل في بيعة الإمام أن يقصد بها إقامة الشريعة ويعمل بالحق، ويقيم ما أمر الله بإقامته، ويهدم ما أمر الله بهدمه.

ووقع في البخاري "ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم" فيكون من توعد بهذا النوع من الوعيد أربع.

وفي مسلم مثل حديث أبي هريرة قال: "وشيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر" وأخرج أيضاً من حديث أبي ذرّ مرفوعاً "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا منّة، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره" فحصل من مجموع الأحاديث تسع خصال إن جعلنا المنفق سلعته بالحلف الكاذب والذي حلف بعد العصر لقد أعطي كذا وكذا: شيئاً واحداً، وإن جعلناهما شيئين كما هو الظاهر، فإن المنفق سلعته بالكذب أعم من الذي يحلف لقد أعطي ــــ فتكون عشراً.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس