ما آثار تساؤلي... أثناء دراستي.
السلام عليكم ورحمة وبركاته...
شيخي أعتذر عن إثارة تساؤلات تتعلق بالدروس القديمة... فأنا طالبة جديد...استمعت إلى سبعة دروس حتى الآن... ولله الحمد...
ولكن...لقد رزقني الله لسانًا سؤولاً... وأسأله أن لا يحرمني القلب العقول...
لو تعلم يا شيخي كم هو شاق بالنسبة إلى أن أدرس...ويمر علي مالا أفهمه فلا أسأل... ويمر علي ما لا يقنعني فلا أناقش...
أنا لا ابتغي من دراستي حفظًا لمتن... ولا درجة أُمنح... ولا تضيعًا لوقت...أنا أريد الاستفادة... أن استفيد مما اتعلم...لذلك فأنا أحاول التأمل في درسي... فأتأمل وبالتالي أتسأل...
ولقد آثرت عرض تساؤلاتي عليك...فمن سيجيبني عليها إن لم يكن شيخي...
وأعانك الله علي وعلى تساؤلاتي...
قولك : هل المدح يزيد من همة طالب العلم ..؟ نعم يزيد من همته , ويزيد أيضا ً من ورعه وخوفه
ماذا تقول يا شيخ في طالبة علم يزيدها المدح تحطمًا, فقد حدثتني أخت لي في الله فقالت: عندما أُمدح فإنني أتحطم لأني أقارن بيني وبين من يملك الصفة -التي مدحت بها- حقيقة كأن يُقال لي: ما شاء الله لقد فتح الله عليك. فأقارن بيني وبين من فتح الله عليهم في هذا الأمر من طلبة العلم والعلماء فأجد نفسي أمامهم "ولا شيء" عندئذ أتحطم وأحبط.
قولك : ترك العمل خوفاً من الرياء رياء ... لماذا ؟ لأن الباعث على الفعل أو الترك هو الإخلاص لله تعالى فإذا ترك العمل خوفا من الرياء فإنه في هذه الحالة يكون قد ترك العمل لغير الله
لكن ياشيخ حسب ما قلته لنا عن تعريف الرياء : والرياء أن يريهم ما فعل , وهذا هو الواضح من كلمة رياء لأن الرياء مشتق من الرؤية والتسميع مشتق من السماع , فيكون الرياء في الأفعال التي تري وتشاهد مثل : الصلاة , الصدقة ,الجهاد , الحج وغير ذلك من الأعمال التي تُري بالعين.
حسب ذلك التعرف لا تعتبر هذه الحالة من الرياء لأنه لم يري الناس شيئا بل أخفاه.
وكذلك حسب التعريف اللغوي للرياء حيث ذُكر في المعجم الوسيط : راءاه مراءاة و رءاءا ورياءا : أراه أنه متصف بالخير والصلاح على خلاف ماهو عليه.
أتمنى أن يكون مقصودي واضحا لديكم..حيث أنني لا أعترض على الحكم بان من يفعل ذلك فهو مخطئ ويأثم لكنني أعترض على استخدام لفظ "رياء" على تلك الحالة فبإمكاننا أن نستعمل لفظا آخر كقولنا من يترك العمل مخافة الرياء فقد عصى أو أذنب او أخطأ وما شابه ذلك..
إلا إذا اعتبرنا تعريف الرياء بأنه العمل لغير وجه الله.
وشخصيا لا أرى هذا لتعريف مناسبا لأنه فضفاض نوعا ما وبه قد ندخل في الرياء ما ليس منه فالسمعة مثلا تدخل في هذا التعريف...
فوضح لي يا رعاك الله ما استشكل علي...
قولك :هذا فيه سوء ظن، لكن إن تكلمت به أثمت، أما إذا بقي في نفسها ثم دفعته بالاستعاذة بالله عز و جل من الشيطان الرجيم، فإنه لا حرج عليها. فإن ربنا سبحانه و تعالى قد عفا عنا بما تحدثنا به أنفسنا ما لم نتكلم أو نعمل.
ما فهمته هنا أن الإنسان لا يأثم بظنه مالم يتكلم أو يفعل...
نعم لقد قال الله تعالى (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...) (البقرة:286).
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيرها :ولا يؤاخذ أحد بذنب أحد ولا بما لم يكسبه مما وسوست به نفسه.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة...) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
كل ما سبق يدل إلى أن العبد إذا حدثته نفسه بالمعصية فلم يفعلها لا يحاسب عليها...
لكنني يا شيخي أرى أننا لا نستطيع أن نقول أن من أساء الظن - ولم يتكلم به أو يفعل - لا يؤثم ...
لأنه حين يسيء الظن قد ارتكب المعصية لا هم بها ليس كمن يهم بالسرقة أو بالكذب مثلا ثم لا يكذب ولا يسرق هذا لا يحاسب لأنه لم يفعل المعصية أما سوء الظن فهو بحد ذاته معصية حتى لو لم يتكلم أو يفعل...
وهذا ما أفهمه من قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ....) (الحجرات : 12) أي يأثم بمجرد الظن...
وهذا يفهم من التفاسير أيضأ فتفسير هذه الآية من تفسير الجلالين: أي مؤثم وهو كثير كظن السوء بأهل الخير من المؤمنين وهم كثير بخلافه بالفساق منهم فلا إثم فيه في نحو ما يظهر منهم...
ومن تفسير ابن كثير : والظن هو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله فنهى سبحانه عن كثير منه احتياطا لأن بعضه يكون إثما خالصا...
أستاذي هذا فهمته وهذا ما أراه فإن كان فيه من الخطأ شيئا فوجهني للصواب... جزاك المولى خيرا
قول المؤلف : فإن الكبر والحرص والحسد أول ذنب عصى لله به
لم أفهم ما المقصود هنا من الحرص فماذا تعني؟
قولك :مهم جدًا لطالبة العلم أن تحدد ما هي النهاية التي تريد الوصول إليها.... الحديث عن طلب العلم ومراتبه ووسائله وطرقه لا يعنى البتة أن هناك غاية نريد الوصول إليها ثم نقف فان طلب العلم لذة وعبادة…المسألة الثانية أن طلب العلم لا يمكن أن ينتهي ويقف عند سن محدد او كتاب فأن العلم يحتاج إلى متابعة وإعادة وقراءة وتذكر باستمرار .....هو الذي يورث العلم ويبقيه .
شيخي هلا بينت لي مرادكم فقد عجزت عن الجمع بين المعنيين؟
قول المؤلف :وذكر ألفاظ مصطلح عليه في تلك الصناعة، وألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة، كالنوروس، فهذه كلها معوقة عن العلم.
شيخي لم أفهم العبارة السالفة...فما المقصود منها؟
قول المؤلف : وفي حفظها لا الاعتماد على الفهم فحسب، حتى ضاع الطلاب فلا حفظ ولا فهم!
هل أفهم أن الحفظ مقدم على الفهم...
لكني أعتقد أن الفهم أولى...
فالفاهم يستطيع العمل بعلمه حتى ولو لم يحفظه... أما الحافظ فلا يستطيع العمل ما لم يفهم... وقد ذم الله الحفظ من غير فهم وعمل (كالحمار يحمل أسفارًا)...
وطبعًا كلما قرن الفهم بالحفظ يكون أفضل وأثبت... لكن الفهم مقدم..
قول المؤلف : فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون: تقياً، ذكياً، نحوياً، لغوياً، زكياً، حيياً، سلفياً
كل هذه الأمور يستطيع طالب العلم أن يوجدها في نفسه عدا الذكاء...
إذن فماذا يعمل من لم يلقِ الله في جوفه من الذكاء شيئًا يؤهله لأن يقال عنه ذكيًا...
تلقي العلم عن الأشياخ.
ما رأيك شيخنا بـ"صحبة الأستاذ" التي قال الشافعي عليه رحمة الله عنها :
أخي لن تنال العلم إلا بستة *** سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة *** وصحبة أستاذ وطول زمان
وأقصد من سؤالي "صحبة شيخ بعينه : أي ملازمة الشيخ" كما كان أئمة السلف يلازمون شيوخهم حتى قيل أن أحدهم صحب شيخه أربعين سنة...
فهل صحبة الشيخ أفضل أم الأخذ عن شيوخ عدة...
أم العمل بقاعدة "خذ كل شيء عن شيء, وشيئًا عن كل شيء"...
أي يلازم شيخًا يأخذ من علمه بشكل دائم أو بشكل كبير ... وفي نفس الوقت يأخذ من الشيوخ الأخر ويستفيد من علمهم... بقدر أقل من شيخه الأول "الأساس"...إن تعذر عليه الاستفادة من شيخه... كأن يكون الشيخ في ذلك الوقت لا يدرس إلا كتبًا درسها الطالب وانتهى منها فيذهب لغيره ممن يدرس كتابًا لم يدرسه...
أو كما يحصل في الدراسة النظامية في بعض الجامعات التي يستطيع الطالب فيها اختيار شيخه... فيلزم شيخًا معينًا... فإذا حيل بينه وبين شيخه... كأن لم تنزل له مادة يدرسها ذلك الشيخ يذهب لشيخ غيره...
وأيضًا في الجامعات الأخرى التي يلزم فيها الطالب بجدول معين... حيث يستفيد من كل الشيوخ في حدود مناهجهم التي يدرسونها لكن يختار له شيخًا يلازمه فيستفيد منه في حدود منهجه وخارج هذه الحدود فيرجع إليه في كل ما يحتاج من فتوى أو استشارة أو استفسار أو قراءة كتاب أو حفظ متن أو غيرها....
قولك : فإذن ليس لنا اسم ننتسب إليه إلا صفة الإسلام وأيضا نبينا صلى الله عليه اله وسلم أمر أن يقول ولننتبه لهذه الآية العظيمة { قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين * قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } فأمر نبينا صلى الله عليه وسلم بان يقول للناس أنا أول المسلمين فهذا هو الذي ينبغي أن نكون عليه أن نفتخر بهذه النسبة وان نترك الافتخار بالانتساب إلى غيرها والله تعالى اعلم.... فعلينا أن ندعوا إلى الله عز وجل ولا ندعو إلى أسماء وإنما ندعو إلى حقائق دل عليها كتاب ربنا سبحانه وتعالى .
بما أنه من الأجدر بنا أن ننتسب للإسلام... لماذا قال الشيخ كن سلفيًا على الجادة؟ لما لم يقل مثلاً كن إسلاميًَا على الجادة أو كن مسلمًا حقًا أو كما ورد في القرآن حنيفًا مسلمًا أو مستقيمًا أو ما شابه ذلك... وحتى الإمام الذهبي لما نسب الإمام الدارقطني عليهما رحمة الله إلى السلفية؟
نعلم أن الانتساب للسلف جائز لكن الانتساب للإسلام أفضل وأولى وأجد أن ينسب إليه...
قول الشيخ: فتنكب (خوارم المروءة)، في طبع، أو قول، أو عمل، من حرفة مهينة.
ماهو ميزان اعتبار المهنة أشريفة هي أم مهينة؟
فقد كان الأنبياء عليهم السلام يرعون الغنم ومنهم من كان نجارًا ومنهم من كان خياطًا وغير ذلك وقد يتراءى للبعض أنها هذه مهن مهينة....
وماذا يفعل طالب العلم إن لم يجد مهنة شريفة يمتهنها خاصة في هذا الأيام مع قلة الوظائف وانتشار البطالة؟
قولك : أما في العلم فلا يقنع باليسير ولا يرضى به بل يجب أن تكون همته عالية وقوية حتى يصل إلى العلم الحقيقي ، فمن يقنع بالقليل ذهب عنه هذا القليل ،
ياشيخ بعد تخرجي من الثانوية أردت الالتحاق بقسم شرعي لطلب العلم ...وبما أنه لا يوجد قسم نسائي لكلية الشريعة – جامعة الإمام- في فرعهم بالأحساء فقد رفض والديّ كل محاولاتي...فالتحقت بكلية البنات قسم الدراسات الإسلامية... وكما هو معروف شتان بين هذا القسم وذاك... فجامعة الإمام تتفوق على كلية البنات بكثير من ناحية قوة التعليم...
سؤالي: هل يعد التحاقي بالأقل واقتناعي به من باب الرضى باليسير من العلم؟...
فقد أعادت عبارتك نزفًا في فؤادي كاد يندمل خاصة بعد أن قالت لي صديقة حالتها كحالتي سألتها: هل الذين ذهبوا وتغربوا لدراسة العلم الشرعي أفضل منا أجرًا؟ فقالت:لا بل نحن أفضل إن شاء الله لأننا أطعنا والدينا... فما تعليقكم يا شيخنا!
شيخي: إنني أعاني من حالات... تجعلني أفقد همتي في طلب العلم بل لا أستفيد من العلم...
مثلاً إذا ابتليت بدكتور في الدراسة النظامية لم تتقبله نفسي...
كأن يكون ممن لا يحرص على تعليم العلم فيكتفي بالقراءة أو التحديد والتحديف...وطوال المحاضرة أو أغلبها "يسولف" مع الطالبات أو المشرفات... ويحول المحاضرة من "درس علم شرعي" إلى ضحك وسخرية ومزاح مبالغ فيه ربما بلغ به حد الكذب وإن خرج عن هذه الدائرة أخذ يعاتب ويصرخ ويستهزئ ويهزئ... هذا ديدنه. لا أعلم كيف أصبح هذا الرجل "دكتور دين"...مع احترامي الشديد.
وأنا لا تروق لي هذه الأشكال ولا أستطيع تقبلها وبالتالي لا أستفيد منها مثلا لا أتشجع للتدوين في محاضراته مع أنه يذكر معلومات قيمة وجيدة.... بل حتى في اختبار مادته لا أتشجع لمذاكرتها بل كلما فتحت الكتاب يداهمني نعاس غريب فأتركه وأنام وهكذا طوال اليوم.
فكيف أستفيد من المواد التي يدرسني إياها شيوخ من هذه الأشكال؟ وكيف أتعامل معهم بحيث لا أنقص من حقوقهم علي كشيوخ؟
هذه حالة أما الأخرى فهي عكسها تمامًا...
أنا لا أحب المواد التربوية البحتة ويحدث معي كما ذكرت سالفًا...
فأرجوا أن توجهني إلى كيف أتقبل هذه المواد ! وهؤلاء الشيوخ !....
كم يملؤني الخجل وأنا أسطر هذه التساؤلات الكثيرة...
ولولا اعتقادي بأن همك الأكبر إفادتنا وتعليمنا وإفهامنا - ولا أزكيك على الله- لما طرحت كل مافي جعبتي...
أثابكم الله ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل...
|