اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام سعد الجزائرية
السلام عليكم شيخنا الفاضل
أود أن أسأل عن أمر في المتن - باب المبتدأ والخبر-
وجدتُ في متن عندي لفظة : نحوَ قولِك زيدٌ قائمٌ -
فنحوَ -بالفتح - وقولِك - اللام مجرورة - وفي نفس البابِ موجود نحوُ قولُكَ - بضم الواو - في نحوُ واللام في قولُك
فأيهما أصح ؟
أن نقولَ : نحوَ قولِك أو نحوُ قولُك أو نحوُ قولِك
وجزاكم الله خيرا
|
المسألة أختي بارك الله فيك وقع فيها خلاف بين أهل العلم من النحويين
والذي أراه راجحا فيها هو ما ذكره أخونا أبو قصي في ملتقى أهل الحديث حيث قال :
لـ ( نحو ) ، و ( مثل ) وشبهِهِما حالتانِ :
الأولى : أن تأتيَ بعد تمامِ الكلامِ .
الثانية : أن تأتيَ قبلَ تمامِ الكلامِ .
* فإن جاءت بعدَ تمامِ الكلامِ ، كقولِك : ( الفاعل مرفوعٌ ؛ نحو " ذهبَ الرجلُ " ) ، فيجوزُ فيها الوجهانِ : الرفعُ ، والنصبُ .
= أما النصبُ ، فلأنَّها كلمةٌ واقِعةٌ في جملةٍ مكمِّلةٍ لجملةٍ قبلَها . وما كان كذلكَ ، جازَ نصبُه، سواءٌ كانَت الجملةُ توكيديَّةً ؛ نحوَ : ( هذا ابني حقًّا ) . ومنه قوله تعالى : (( وعدَ الله لا يخلف الله وعدَه )) ، وقوله : (( صنع الله الذي أتقن كلَّ شيء )) ،
أو تشبيهيةً ؛ نحوَ قولِ امرئ القيس بنِ حُجْرٍ الكِنديِّ :
نطعنُهم سلكَى ومخلوجةً *** كرَّك لأمينِ على نابلِ
وكقولِ عُروةَ بنِ الورْدِ العبْسيِّ :
وإن بعُدوا لا يأمنون اقترابَهُ *** تشوُّفَ أهلِ الغائبِ المتنظَّرِ
أو تمثيليةً .
ويدخُلُ في التمثيليةِ موضِعُ المسألةِ ( نحو ) ، و ( مثل ) .
وتُعرَبُ في هذه الأنواعِ مفعولاً مطلَقًا ، عاملُه فِعلٌ محذوفٌ حذفًا واجبًا ، وتقدِّرُه من جنسِ المصدرِ ؛ فعلى هذا تقدِّره في موضِع المسألة ( ينحو ) .
وهذه الأنواعُ يجمعُ بينَها أنَّها تفصيلٌ لكلامٍ مجمَلٍ قبلَها ، فيهِ دَليلٌ عليها ، ولو باللزومِ . ألا ترَى أنَّك لو سمعتَ قائلاً يقولُ : ( الفعل المضارع يُجزم إذا دخلت عليه " لم " ) ، ثم سكَتَ ، أمكنكَ أن تستخرجَ لذلكَ مِثالاً ؛ وإن لم يكن لك بذلك سابقُ علمٍ = إذا عرفتَ معنَى الجزْمِ . فإذا قالَ بعدَها : ( نحوَ : لم يذهبْ ) لم يزِد إلى علمِك علمًا ؛ ولكنَّه أطنبَ ، وفصَّلَ ، ودرأ الرِّيَبَ ، وحملَ عنك مئونةَ النظرِ في اللوازمِ ؛ فلذلكَ امتنعَ ذِكر الفعلِ فيها ؛ إذ كان ذكرُه لغوًا .
ويجوزُ أن تعربَه حالاً ، وتُؤوِّله بمشتقٍّ نكرةً ، كما أولتَه في قولِك : ( مررتُ برجلٍ مثلِك ) ؛ أي : مماثلٍ لكَ .
أما إعرابُها مفعولاً بهِ لفعلٍ محذوفٍ تقديرُه ( أعني ) ، فلا يصِحُّ ، لأنَّه تقديرٌ غيرُ جارٍ على كلامِ العربِ ، ولا موافقٍ أقيستَها . ولو أجزناه ، لجاز أن يقال : ( جاء رجلٌ محمدًا ) على تقديرِ ( أعني محمدًا ) .
= وأما الرفعُ ، فعلى أن تعربَه خبرًا لمبتدأ محذوفٍ ، تقديرُه ( وذلكَ ) أو ( وهذا ) . وإنما جازَ حذفُ المبتدأ هنا للقرينةِ المقاليَّة ، لأنَّ في ما تقدَّم من الكلامِ دَليلاً عليهِ . وقد قرئ : (( ذلك عيسى بن مريم قول الحقِّ )) برفعِ (( قول )) ونصبِهِ ؛ فالرفع على أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف ، والنصبُ على أن يكون مفعولاً مطلَقًا لفعلٍ محذوفٍ . وقرئ أيضًا : (( صبغة الله )) برفع (( صبغة )) ونصبها . وقرئ أيضًا : (( وابن السبيل فريضة من الله )) برفع (( فريضة )) ونصبها . كلُّها على التقدير المتقدِّمِ .
* فإن جاءت قبلَ تمام الكلامِ ، فإنك تعربُها بحَسَب موقِعِها ؛ تقولُ : ( الاسمُ مثلُ زيدٍ دالٌّ على ذاتٍ ) ؛ فتعربُ ( مثل ) نعتًا لـ ( الاسم ) وإن كانَ غيرَ موافقٍ له ؛ إذ ( مثل ) ، و ( غير ) ، و ( نحو ) من الكلمات الموغلة في الإبهامِ ؛ فلا يُشترَط فيها ذلكَ ؛ ألا ترى أنك تقولُ : ( مررت برجال مثلِك ) ، و ( رجلين مثلِك ) على تأويلِها بمشتقّ نكرةٍ موافقٍ . وحكى سيبويه من الصفةِ : ( ما يحسن بالرجلِ مثلِك أن يفعلَ ذاك ) . وتؤوِّلُه بالمعرفةِ المشتقّة ؛ أي : بالرجلِ المماثلِ لكَ . ومنه قوله تعالى : (( صراط الذين أنعمتَ عليهم * غيرِ المغضوبِ عليهم )) . ويجوز أن تجعلَه بدلاً من ( الاسم ) ، ويجوز أيضًا أن تجعلَه حالاً على تأويلِه بالنكرةِ .
وتقولُ أيضًا : ( هذا الشيءُ مثلُ ذلك الشيء ) ؛ فتعربُ ( مثل ) خبرًا . وتقولُ : ( سرتُ نحوَ البيت ) ؛ فتعربُ ( نحو ) ظرفَ مكانٍ . وعلى هذا القياسُ .
والله أعلم .