عرض مشاركة واحدة
قديم 18-05-14, 03:36 PM   #6
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
افتراضي

وكان متولي كبرها ثلاثة نفر:
1- أَحمد البدعة، النافخ في كير هذه الفتنة، المشؤوم على هذه الأمة رئيس قضاة المأمون: أحمد بن أَبي دؤاد ت سنة (240 هـ)
2- خادمه في بغداد: المصعبي: إسحاق بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب الخزاعي ت سنة (235 هـ) صاحب الشرطة في بغداد، أَيام المأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل.
كان المأمون يبعث له وهو في طرسوس سنة (218 هـ) ، الكتاب يتلوه الكتاب حتى بلغت في هذا العام خمسة كتب،
ساقها المؤرخون منهم ابن جرير الطبري في: " تاريخه: 2/ 112-121 "، وكان ثانيها في شهر ربيع الأول عام 218 هـ.
بدأ بكتابه الأول بدعوة العلماء إلى دار الشرطة ببغداد، وأخذ جوابهم على القول بخلق القرآن، ثم بعث أجوبتهم إليه،
وخص من لهم مناصب من العلماء، وجعل عقوبة من لم يجب العزل من منصبه.
ولم يلتفت لكتابه أَحد من العلماء الأحرار الطلقاء.
فكتب ثانية له ببعث سبعة من المحدِّثين، هم:
محمد بن سعد، كاتب الواقدي، ويزيد بن هارون، وابن معين، وأَبو خيثمة زهير بن حرب وإسماعيل بن داود، وإسماعيل بن أَبي مسعود، وأَحمد بن إبراهيم الدورقي.
وتحت التهديد، والامتحان، أجابوا مكرهين.
فلما علِمَ الإمام أَحمد تمنى أَن لو صبروا، وقاموا لله، لكان الأَمر قد انقطع،
وقال: " هم أَول من ثلم هذه الثلمة " لأَنهم أَجابوا، وهم عيون البلد، فاجْتُرِأَ عَلَى غيرهم.
وكان أَحمد لا يرى التحديث عمن أَجاب في الفتنة، ولَمْ يُصَلِّ عَلَى من أَجاب، منهم: أَبو نصر التمار.
ثم تتابعت كتب المأمون، وكان من الذين أَجابوا: أَبو معمر القطيعي، وكان من شدة إِدلاله بالسنة يقول: لو تكلمت بغلتي لقالت: إِنَّها سُنية.
وأخذ في المحنة، فَأَجَابَ، فَلَمَّا خرج قال: كفرنا وخرجنا.
ثم اشتدت لهجة المأمون في كتبه، فجعل فيها عقوبة من لم يُجِبِ " الحبس "، وأَمر بإحضار علماء بغداد، وامتحانهم على ذلك،
فلم يجب أربعة منهم، وهم:
أَحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، وعبيد الله بن عمر القواريري، والحسن بن حماد، المشهور بلقب: " سجادة "
وقد أَجاب الأخيران بَعْدُ تقية،
وأَصر أَحمد ومحمد بن نوح، على الحق: " القرآن كلام الله غير مخلوق ".
من هنا حُبس الشيخان، وقُيدا، وحُملا على جمل مُتَعادِلَيْن وَبُعِثَ بهما إلى المأمون في طرسوس،
وكان أحمد في الطريق يسأل الله أن لا يرى المأمون، فمات المأمون وهما، في الطريق سنة (218 هـ) .
فَرُدَّا إلى بغداد، ومات محمد بن نوح في الطريق بمحل اسمه: " عانات " فَحُلَّت أقياده، وغُسِّل، وصلى عليه الإمام أحمد،
ودُفِعَ بأَحمد إلى السجن في بغداد.

هذا ولا يشك الدارسون لخبر هذه المحنة، أَن هذه الكتب التي بعث بها المأمون إلى عامله المذكور، من صُنع ابن أبي دؤاد، ونسجه.
3- صحفي الفتنة: فرخ الاعتزال، تلميذ ثمامة بن الأشرس، والنظام: الجاحظ: عمرو بن بحر بن محبوب البصري الكناني،
مولاهم المعتزلي ت سنة (255 هـ) وهو أول من لقب بالجاحظ، ويلقب أيضا بالحدقي.
كان ينشر المناظرة، ويروجها، ويلبس على أنظار الخاصة، والدهماء، وقد أهدى كتابه: " البيان والتَّبَين " لابن أبي دؤاد،
فأجازه عليه خمسة آلاف درهم، وأَخذ ينشر في الناس، مديحه لأَحمد البدعة، ومقادحه في أَحمد السنة.
وكان من العقوبات التي فرضها المأمون على من لم يقل بخلق القرآن، إلزامه القضاة بعدم قبول شهادة من لا يقر بهذه المقالة،
وكان قاضيه على مصر هارون بن عبد الله بن محمد الزهري ثم العوفي، من ذرية عبد الرحمن بن عوف،
قد تسامح في ذلك فَصُرِفَ عن القضاء وولَّى مكانه محمد بن أبي ليلى (1) .

هذه صورة لخطوات الفتنة، فالمحنة، وبينما هي على أَشدها كذلك في عهد المأمون هذا، إِذ ينازعه المرض فَلَمَّا أحس بدنو الأَجل،
كانت وصيته لأَخيه المعتصم الخليفة بعده، أَن يواصل أَمر المحنة على القول بخلق القرآن، وحمل الناس عليه،
ولهذا بلغ البلاء أَشده في عهد المعتصم،
وإليك خبره ...

______________
(1) لسان الميزان: 6/180



توقيع أروى آل قشلان
إن نفترق فقلوبنـا سيضمها *** بيت على سحب الإخاء كبير
وإذا المشاغل كممت أفواهنا *** فسكوتنا بين القلوب سفير
بالود نختصر المسـافة بيننا *** فالدرب بين الخافقين قصير
والبعـد حين نحب لامعنى له *** والكون حين نحب جد صغير
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس